أسباب وأعراض التوحد والعلاجات المتوفرة له

ما هي أعراض اضطراب التوحد؟ كيف تختلف بين الأطفال والكبار؟ وما هي الوسائل الممكنة لعلاجه والمراكز المعتمدة في الدول العربية؟
أسباب وأعراض التوحد والعلاجات المتوفرة له
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يعرف التوحد (Autism) في الطب النفسي بأنه مجموعة متشابهة من الاضطرابات في عملية التطور العاطفي والاجتماعي للطفل، مما ينتج عنه صعوبة في الاندماج والتأقلم مع العالم الاجتماعي المحيط، بالإضافة إلى بعض الاضطرابات الحسية مثل الانزعاج الشديد من الأصوات التي قد تبدو طبيعية للأشخاص الآخرين، وقيام الطفل بتكرار نمط معين من الحركات الرتيبة مثل هز الرأس أو تكرار بعض المفردات خصوصاً عند الشعور بالخوف والتوتر.
في المقال التالي سنتحدث عن الأعراض والعلامات التي تدعو إلى الشك بالتوحد في المراحل العمرية المبكرة، بالإضافة إلى ميزات الشخصية المتوحدة لدى الشخص البالغ.
 

هل يمكن أن تظهر علامات التوحد قبل أن يبدأ الطفل بالكلام والتواصل الحقيقي؟
عادة ما تظهر العلامات المشيرة إلى التوحد خلال السنوات الـ 3 الأولى من العمر، يمكن أن يبدأ التطور النفسي والاجتماعي بشكل طبيعي لدى الطفل ثم يتدهور ويتحول إلى النمط الانعزالي والمتوحد، ومن الأعراض التي نشاهدها خلال الطفولة المبكرة:
- الحركات النمطية المتكررة مثل هز الرأس والتأرجح في المكان.
 -البكاء والصراخ عند محاولة التقرب من الطفل.
- التأخر في النطق واكتساب المهارات اللغوية.
- ترديد أصوات أو كلمات أو جمل معينة.
- تجنب النظر بشكل مباشر إلى أعين المخاطبين.
- عدم الاستجابة للنداء أو إلى أصوات الوالدين التي يجب أن تكون مألوفة.
- التأخر في الإشارة إلى الأشياء حتى أكثر من عمر سنة.
- اضطراب الاستجابة العاطفية للمواقف الاجتماعية المختلفة فهو لا يبتسم عندما يحصل أمامه موقف مضحك مثلاً.

لا يمكن لعرض واحد من الأعراض السابقة أن يشير إلى التوحد أو ينفيه بشكل مطلق، فتكرار الكلمات والأصوات قد يكون طبيعياً إلى حد ما خلال سنوات تعلم اللغة، وعدم الاستجابة للنداء قد تشير إلى مشكلة في السمع..
 

animate

ميزات وعلامات التوحد خلال سنوات تعلم الكلام
هذا العمر هو المرحلة التي تظهر فيها علامات التوحد بوضوح لدى معظم المصابين، تتسم هذه المظاهر بطابع تأخر الكلام والقدرة على ممارسة النشاطات التي يقوم بها الأطفال في نفس العمر، ومن هذه الأعراض:
- التأخر في لفظ الكلمات حتى سن 16 شهراً أو أكثر (بداية نطق الكلمات تكون عند اكتمال العام الأولى ولا يجب أن تتأخر عن 15 شهراً).
- فقدان المهارات اللغوية وتأخر اكتساب القدرة على تركيب جملة مفيدة.
- لا يفهم الطفل المصاب عملية الإشارة فلا يوجه نظره إلى المكان المطلوب عندما يشير أحد إلى شيء ما.
 

ما هي المشاكل التي يعاني منها الطفل الكبير المصاب بالتوحد؟
في هذه المرحلة يكون الطفل غالباً قد اكتسب المهارات الأساسية للكلام والإشارة، أما الصعوبات الاجتماعية والعاطفية فهي تمثل العائق الأكبر أمام المصاب في هذه المرحلة والمراحل اللاحقة من الحياة، ومن الأمثلة على ذلك:
- عدم القدرة على التحدث بشكل طبيعي حتى لو كان تركيب الجملة سليماً، إذ يبقى حديث المتوحد وحيد النبرة كأنه صوت آلي.
- صعوبة إنشاء علاقات الصداقة مع الأقران.
- تجنب النظر المباشر في أعين الآخرين (حتى الوالدين).
- الكثير من المرضى يملكون مستوى ذكاء طبيعي لكن المتوسط العام لمعدل الذكاء (IQ) بين المصابين بالتوحد أصغر من القيمة الطبيعية بقليل (لا يعتبر التوحد تأخراً عقلياً إنما هو مشكلة نفسية عاطفية بشكل خاص).
 

هل يصيب التوحد البالغين؟ وما العلامات المميزة للتوحد عند الكبار؟
عادة ما يتم الحديث عن التوحد باعتباره من الاضطرابات الخاصة بالطفولة لكن الحقيقة هي أن التوحد يمكن أن يصيب الجميع وهو لا يختفي تلقائياً عندما يصبح الطفل بالغاً، يمكننا أن نعزو هذا التحيز في تقديرنا للفئة العمرية إلى بداية الاضطراب في عمر مبكر والتشخيص خلال الطفولة المبكرة في معظم الحالات، بالإضافة إلى اكتساب البالغين لبعض مهارات التأقلم التي تجعلهم قادرين على تدبير أمورهم إلى حد ما، ومن الأعراض المشيرة إلى إصابة البالغ بالتوحد:
- تجنب المناسبات الاجتماعية واللقاء مع الغرباء: وهو أهم أعراض التوحد لدى البالغين.
- عدم فهم المعاني غير المباشرة للكلام: مثل المبالغات المجازية والتعابير الساخرة.
- الاهتمامات المحدودة والشديدة: عادة ما يبدي المتوحد البالغ اهتماماً بعدد قليل من المواضيع، لكن اهتمامه بهذه المواضيع تحديداً يكون شديداً ويصل إلى حد الهوس.
- عدم القدرة على فهم المشاعر التي يشعر بها الشخص ذاته: يصيب هذا الاضطراب أقل من 10 في المئة من السكان بشكل عام، لكنه شائع جداً لدى المتوحدين إذ يصيب حوالي 85% منهم.
- الاكتئاب والقلق المزمنان: يحمل التوحد خطورة إضافية لتطور الاكتئاب والقلق وانفصام الشخصية والأرق واضطراب نقص التركيز وفرط النشاط لدى الأطفال.
- الإصرار على الروتين: يصعب على المتوحد تقبل التجديد ويصر على إبقاء كل شيء كما هو.
- مشاكل في لغة الجسد: مثل عدم النظر إلى عيني المحدث، والحديث بشكل وحيد الوتيرة دون استخدام التعابير الصوتية وحركات اليدين الطبيعية.
- عدم السيطرة على المشاعر: إذ تحدث لدى المصاب نوبات مفاجئة من الحزن أو الغضب بدون سبب.

لا يمكننا حصر أعراض وعلامات التوحد لدى الشخص البالغ بشكل كامل لأنها عديدة وقد تكون غير واضحة للوهلة الأولى، حتى أن كل مصاب يمكن اعتباره حالة فريدة ومميزة من ناحية مجموعة الأعراض الموجودة لديه وشدتها.
 

ما هو سبب التوحد؟ وما هي عوامل الخطر التي تزيد احتمال حدوثه؟
لا يوجد سبب واحد معروف لحدوث التوحد عند بعض الأطفال دوناً عن الآخرين، خصوصاً أن الاضطراب معقد بشكل كبير وأعراضه تختلف من مصاب إلى آخر، أما الأسباب المحتملة فهي:
- الوراثة: يبدو أن عدداً من المورثات (الجينات) تلعب دوراً في اضطراب التوحد، منها ما يسبب أمراضاً وراثية، أما بعضها الآخر فيؤثر على تطور خلايا الدماغ والآلية التي تتواصل بها هذه الخلايا مع بعضها البعض، كما أن شدة التغير الوراثي قد تتناسب طرداً مع مدى سوء الأعراض في التوحد.
- العوامل البيئية: هناك عدد كبير من الافتراضات التي اقترحها العلماء بخصوص ارتباط العوامل الخارجية المختلفة مع التوحد لدى الأطفال، من العوامل المقترحة نذكر الإصابات الفيروسية، تلوث الهواء، الأدوية أو المضاعفات خلال الحمل والمخاض.

ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية عدد من الإشاعات والادعاءات التي تشير إلى ارتباط التوحد بأنواع معينة من التطعيمات مما أثار حملات معادية للتطعيم اكتسبت زخماً حتى في البلدان المتطورة صحياً مثل الولايات المتحدة الأميركية، لكن الأمر المعروف والمؤكد حالياً هو عدم وجود أي دليل حقيقي أو منطقي لأي علاقة ما بين اللقاحات والتوحد، حتى أن خطر الحملات المضادة للقاحات على الصحة العامة والمتمثل في عودة انتشار الأوبئة التي سبق وتغلبنا عليها بالتطعيم قد يكون أكبر بكثير من أي مشكلة قد يسببها التوحد.

من عوامل الخطر التي تزيد من احتمال حدوث التوحد:
- جنس الطفل:
عدد الأطفال الذكور المصابين بالتوحد يصل إلى ضعف عدد الإناث.
- التاريخ العائلي: يزداد احتمال إصابة الطفل بالتوحد في حال تشخيص إصابة لدى طفل آخر في العائلة القريبة.
- عمر الوالدين: يبدو أن هناك ارتباط بين العمر المتقدم للوالدين وازدياد فرصة حدوث التوحد، لكن هذه العلاقة تحتاج إلى المزيد من الأدلة من أجل إثباتها.
- الولادة المبكرة جداً: أي ولادة الطفل قبل اكتمال 26 أسبوع من الحمل (الحمل الطبيعي يستمر حوالي 40 أسبوعاً).
 

بعض المراكز العلاجية التي يمكنك طلب الاستشارة منها
يحتاج التعامل مع الطفل المصاب بالتوحد إلى الكثير من الصبر والعناية، كما أن الوالدين يحتاجان في المرحلة المبكرة إلى الكثير من المساعدة والنصح سعياً للوصول إلى أفضل الوسائل لعلاج الطفل وإزالة العقبات أمام تطوره النفسي والعاطفي، في هذا المقال نذكر بعضاً من المراكز المختصة بعلاج التوحد في بعض الدول العربية مع عناوينها وأرقام الهاتف الخاصة بها:
 

نصائح أساسية لتربية الطفل التوحدي والعناية به
لا يمكنك التعامل مع طفلك المصاب بالتوحد كما تتعامل مع أي طفل آخر، إذ يجب الأخذ ببعض الاعتبارات الخاصة بشخصيته وأعراضه الخاصة، ومن النصائح التي قد تكون مفيدة لك في رحلتك للتعايش مع الاضطراب:
- تشجيع الطفل على التعامل واللعب مع الأقران من فئته العمرية.
- محاولة إشغال الطفل عند قيامه بالحركة المتكررة التي يقوم بها عند الانزعاج أو الغضب.
- محاولة إيجاد نشاطات وألعاب مفيدة قد يجدها الطفل ممتعة، وتشجيعه على ممارستها.
- تشجيع الطفل على التفاعل البصري والكلامي عند الحديث.
- مراعاة مشاعر الطفل والابتعاد عن الأحداث التي قد تسبب له الإزعاج مثل سماع أصوات معينة أو الذهاب إلى بعض الأماكن.
- تدريب الطفل على تحمل المسؤولية عن طريق إعطائه بعض المهام البسيطة بشكل تدريجي ومكافأته عند القيام بهذه المهام.

وفي الختام.. نجد أن رحلة العلاج والتعايش مع التوحد طويلة وقد تكون مرهقة ومتعبة نفسياً وجسدياً وعاطفياً لذلك على الوالدين أن يتعاونا ويعملا سوية سعياً إلى منح الطفل حياة صحية وسعيدة وطبيعية.