فوائد الكتابة لتحسين الإنتاجية والحياة

كيف تساهم الكتابة في تحسين نمط الحياة؟ كيف يمكن أن يساعدك تدوين أفكارك على تقديم أفضل ما لديك كل يوم؟ هل يستقر تفكيرك إذا حددت قائمةً بما ستفعله غداً؟
فوائد الكتابة لتحسين الإنتاجية والحياة

فوائد الكتابة لتحسين الإنتاجية والحياة

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

عندما لا يكون عقلك مشغولاً بأي شيء.. يمكنك تقديم الأفضل فيما تقوم به، وغالباً ما أسمع من البعض بأن تنظيم قائمة بما سيفعله غداً.. "أمر لا فائدة منه"، هذا غير صحيح، دعنا نعرف أهمية تدوين أفكارك فيما ستفعله غداً من خلال هذا المقال، ودور ذلك في مساعدة دماغك على التركيز للعمل وعيش الحياة بطريقة أفضل.

عقلنا قلق؛ بسبب المهام التي لم نكملها أكثر من تلك الناجحة
عبّرت عالمة النفس الألمانية وأحد مؤسسي علم النفس التجريبي بلوما زيجارنيك (Bluma Zeigarnik): "نميل إلى التمسك بالأشياء في أذهاننا، خاصة إذا لم ننتهي مما بدأناه، هذا يجعل من الصعب إتمام مهمة واحدة عن قصد دون الانحرافات الذهنية"، حيث توصلت زيجارنيك خلال عشرينات القرن الماضي، من خلال دراساتها على الذاكرة فيما يتعلق بالمهام غير المكتملة وتلك الكاملة، إلى أن "المهام غير المكتملة أسهل في التذكر من المهام الناجحة"، وهو ما يُعرف الآن بـ(تأثير زيجارنيك).
هذا ما يزيد صعوبة القيام بمهمة واحدة دون وجود هذه الانحرافات العقلية، التي ستشتت قصدك عن إتمام المهمة التي تقوم بها، وتهدئة عقلك المرهق للتركيز بشكل أفضل.. وعندما يتم بتدوين الأشياء، ستحرر بذلك عقلك من القلق؛ بشأن ما نسيت أو ما تحتاج إلى تذكره.

عادة تدوين الأفكار وكتابة الأشياء تحرر عقلك من القلق
إذا أمكنك استخدام هذه التقنية البسيطة كعادة؛ فستغير طريقة تفكيرك وتنجز الأشياء بشكل أفضل، حيث تؤدي كتابتها وتدوينها إلى تغيير جيد في عملك وحياتك اليومية، خاصةً إذا كان عملك يعتمد على إيجاد أفكار وأساليب جديدة لحل المشكلات، وأنت تعلم أن الأفكار تأتي وتذهب بشكل عشوائي في أكثر الأوقات، لكن إذا كنت تهتم عن كثب بهذه الأفكار العشوائية وتقبل عادة الكتابة، فلن يفوتك أي تقدم تحققه لنفسك.
إن تدوين الأفكار والأشياء التي تود القيام بها؛ هي وسيلة قوية لتسجيل أي شيء وكل ما يلفت انتباهك، يقول الخبير في تطوير وتنظيم الإنتاجية الشخصية؛ ديفيد آلان (David Allen): "مهمة عقولنا امتلاك الأفكار وليس تخزينها"، لذا يمكن أن يساعد تدوين الأشياء في ترتيب فوضى أدمغتنا من خلال تحديد الأولويات، التي يجب أن نركز عليها، حيث سيكون لكتابة أهدافك وأولوياتك ونواياك؛ فوائد نفسية قوية جداً، وعندما تكون هذه الأشياء مكتوبة؛ تصبح ملموسة وموجودة أمامك في العالم المادي وليس فقط في رأسك، بحيث يمكنك الآن تقييمها وتحديد متى يتردد صداها وكيفية تحقيقها.

animate

فوائد كتابة أفكارك والأشياء التي تهتم بها
تُظهر الأبحاث أن "تدوين الأشياء التي تحتاج إليها، يمكن أن تهدئ عقلك وتساعدك على الاسترخاء"، فعندما لا يكون عقلك مشغولاً في تذكر كل شيء، يمكنه معالجة أي شيء بشكل أفضل، ومن فوائد التدوين والكتابة للدماغ:

  • عندما تكتب يركز عقلك وينشغل بالكامل وتفكر بوضوح أكبر، وطالما تعوّد نفسك على تنظيم أفكارك، سيؤدي هذا إلى معالجة أعمق.
  • يمكن أن تساعد هذه العملية في تحسين وتنظيم أفكارك بطريقة مفيدة.
  • توقف الكتابة عقلك عن القلق حول ما يجب تنظيمه في غضون الساعات القادمة أو يوم غد، يوضح عالم الأعصاب دانييل ج. ليفيتين (Daniel J. Levitin): "عندما تشعر بالقلق حيال شيء ما ويخشى عقلك.. نسيانه، فهذا يشمل مجموعة من مناطق الدماغ التي يشار إليها باسم (rehearsal loop) بمعنى إثارة الذاكرة السمعية، التي تتعرض للانحطاط السريع، بالتالي تستمر في القلق، والحل هو كتابة أفكارك ووضع خطة ليوم الغد، مما يؤدي إلى إيقاف تشغيل هذه البروفة المفصلية في دماغك"، بالتالي تحرر عقلك من القلق.
  • القيام بتدوين الأفكار يُعدّ عقلك للتفكير بالأمور الأكثر أهمية، وقد تحدثنا بإسهاب عن مكافحة عوامل التشتت لمساعدتك على التركيز؛ في حال كنت تعاني من هذه المشكلة، وتود الاستفادة مما نعرضه في مقال اليوم وأثر كتابة وتدوين الأشياء، التي تود القيام بها وفوائدها على الدماغ.
  • عندما يكون لديك الكثير من الأشياء التي تشغل عقلك، لا يمكن أن يكون تفكيرك فعالاً، ويؤدي تدوين هذه الأشياء إلى مسح كل الفوضى من دماغك، بحيث يمكنك التركيز بشكل أفضل، كما أن جمع المعلومات وتطويرها وإعادة النظر فيها؛ يوسع من إمكاناتك الإبداعية، لأنك تستطيع أن تستمد من حاصل جمع كل ما تمثله حياتك، وليس فقط من الأفكار العابرة السريعة، لذا من المفيد التفكير على الورق، وعند كتابة شيء ما؛ يمكنك "تحرير عقلك من مهمة الاضطرار إلى تذكره"، هذا ما أظهرته العديد من الدراسات، حيث يساعدك تدوين الملاحظات على استخلاص المعلومات وتذكرها بشكل أفضل.. مما لو كنت سمعتها أو قرأتها للتو.

تفريغ الدماغ من الأفكار للتركيز على فكرة واحدة فقط 
إن تنظيف الدماغ.. هو عملية إخراج كل الأفكار من رأسك؛ حتى تتمكن من التركيز على فكرة واحدة في كل مرة تقوم فيها بعمل ما، إنه في الأساس وقت لسيطرة عقلك على كل شيء؛ همومك وأسئلتك واحتياجاتك ورغباتك ومهامك المهمة والعاجلة وكل شيء يشغل مخك، حيث تتعثر هذه الأشياء في عقلك بمرور الوقت، بالتالي تشتت انتباهك بانتظام عن الأشياء، التي تحتاجها وتحتاج القيام بها بشكل ضروري.
الهدف من تفريغ الدماغ هو استيعاب الصورة الكاملة لكل ما تحتاجه وتريد القيام بها، ويقول المنتج والمخرج السينمائي الكندي بارنيت باين (Barnet Bain): "إن تنظيف وتفريغ الدماغ هو نقطة انطلاق خصبة لأي مشروع إبداع، كما يُعد أحد الطرق المهمة العديدة لتهدئة عقلك في حالات الإجهاد والقلق، ويمكن القيام به في غضون دقائق.. إنها أداة قوية يمكن أن تجعلك تتحكم بحياتك".
إذا كنت تميل إلى إبقاء كل أفكارك في رأسك، فسوف يستمر عقلك في طرحها مراراً وتكراراً، مما يجعلك تشعر بالإرهاق وأنت لا تريد ذلك.. خاصة إذا كنت تبغي أن يركز عقلك بوضوح على أهم الأشياء كل يوم، لذا أزل المفاهيم المبعثرة من عقلك واجعل سيطرتها تنخفض، ثم قم بالتنظيم والمتابعة بكل سهولة، وخذ عبء عقلك بعيداً.. لأنه وقت الاسترخاء.

كيف يمكن أن تساعدك الفلسفة في تنظيم وقتك كل يوم؟
تعلمنا من الفلاسفة القدماء.. إن الوقت محدود، ومع ذلك نملأ وقتنا بالتشتيت وقلة التركيز، ولا نسأل أبداً ما إذا كانت هذه الأشياء مهمة، أو ما إذا كنا سنجدها ذات قيمة فعلية، ربما نكتشف ذلك بعد فوات الأوان، حيث لا بد أن تدرك أهمية تجاهل كل شيء يصرف انتباهك عن الاستفادة القصوى من الحياة، قال سقراط ذات مرة: "احذر قحط الحياة المزدحمة"، حيث أنه ليست كل الأشياء تستحق نفس القدر من وقتك واهتمامك، ولا بد أن تختار المهام بحكمة، لذا يمكن أن نستعرض أهم النصائح التي تساعدك في ذلك:

  • السيطرة على انتباهك: الاهتمام والتركيز نادران للغاية في العصر الرقمي الحالي، ويمكنك فقط القيام بعمل فعال ومنتج، إذا كنت تعرف أفضل طريقة لإدارة طاقتك ووقتك واهتمامك، فالانتباه يعمل كعضلة.. استخدمها وطورها لأنها تنمو، يقول عالم النفس دانييل جولمان (Daniel Goleman): "الشخص الناجح هو الشخص العادي.. لكنه يركز".
  • اعتبر العقبات أمام العمل؛ محفزاً للإنجاز: يقول مدرب مهارات الحياة برايان تريسي (Brain Tracy): "كل ما لا تريد القيام به؛ يجب عليك فعله.. للانتقال إلى مهمتك التالية، فالمهام الصعبة غير مريحة ومجهدة ويمكن أن تكون مخيفة، لكن عليك معالجة أهم شيء في قائمة مهامك الصباحية، وهو الأمر الأكثر تحدياً وأهمية، وبمجرد أن تصبح هذه العقبة خارج طريقك، ستكون مرتاحاً للتغلب على بقية عقباتك خلال اليوم"، وكل عقبة تواجهها هي طريقة لتقدمك في مهمتك المقبلة.
  • ركز على ما يمكنك التحكم به: إن الفكرة الأساسية للتركيز على الإجراءات والمهام الموجودة ضمن سيطرتك... قديمة منذ الأزل، ويجب أن تنتبه طوال اليوم إلى عالم صغير نسبياً.. يمكنك التحكم به، ومن المفيد معرفة ذلك، والتوقف عن القلق بشأن كل شيء لا يمكنك تغييره أو فعله، لأن الانضباط مع التركيز؛ يخلق مزيداً من الوقت للقيام بالأمور التي تهمك.
  • أحرز تقدماً مهما كان صغيراً: بناء عادات أفضل أمر صعب.. والحفاظ على العادات الجيدة أصعب؛ التفاصيل الصغيرة التي تقوم بها بشكل مستمر تؤدي إلى نتائج، بحيث لا يمكن للكثير من الناس متابعة الأمور التي يريدون تحقيقها في الحياة، لأنهم مهووسون بالصورة الكبيرة للهدف النهائي؛ بدلاً من مراقبة التفاصيل اليومية بالغة الأهمية، فلا بد أن تتبنى فكرة أن العمل المتسق مع الوقت يضمن تقدماً دائم، كما أن أبسط استراتيجية لتحقيق نجاح أكبر، هي تقسيم الهدف النهائي، إلى تدابير ومهام واضحة المعالم يمكن تحقيقها، بمعنى شيء يمكنك القيام به يومياً.
  • تحكم بوقتك وابدأ في توزيعه بشكل صحيح: ابدأ بمراجعة روتين يومك، وتتبع أنشطتك اليومية لبعض الوقت لترى بوضوح أين تقضي وقتك، وأين يحدث التشتت الذي يثير اهتمامك باستمرار!

كن على استعداد لغدك منذ اليوم
هناك الكثير من النصائح، التي يمكنك من خلالها تنظيم عملك بتدوين أفكارك أولاً، كما يمكنك أن تستعد ليوم غد من خلال:

  • قضاء آخر 20 دقيقة من يوم عملك الحالي في التأمل، وتحليل وكتابة وتحديد الأولويات لليوم التالي، لتبدأ غداً دون إضاعة الوقت.
  • اكتب كيف تريد قضاء صباح الغد، إذا قمت بذلك.. ستستيقظ وتعرف بالضبط ما عليك القيام به لجعل يومك ناجحاً.
  • إذا لم تكن مستعداً لليوم التالي، أو لا تستطيع تعويد نفسك على هذا الروتين، تخيل ما يمكن أن يحدث، فلن تضيع صباحك في التفكير فيما يجب فعله.

ستصبح أكثر فاعلية وإنتاجية، لأنك جاهز وكل شيء في متناول يديك، ويوصيك أستاذ علوم الكمبيوتر كول نيوبورت (Cal Newport): "بإتباع طقوسٍ.. تأخذ فيها الوقت الكافي لإغلاق أعمال اليوم والاستعداد ليوم غد"، حيث يقدم هذه النصائح المبتكرة أيضاً، لإغلاق أفكارك المشتتة:

  • خذ لحظة واسرد كل ما لديك في عقلك. 
  • إن التدوين واحتضان عادة الكتابة، عادة وروتين يومي مهم جداً.
  • لا تهدر تفكيرك في محاولة تذكر كل شيء.

في النهاية.. لا يجب أن تكون الكتابة عادة صعبة، بحيث يمكن أن تكون ملاحظات سريعة أو فكرة أو قائمة بالأشياء، التي يجب القيام بها في أوقات معينة من اليوم أو الأسبوع أو الشهر، فما رأيك..؟ شاركنا من خلال التعليقات.