كيف تستفيد من قراءة قصص النجاح؟

لماذا ينصح مدربو التنمية البشرية بقراءة السيرة الشخصية للناجحين؟ ما الذي يمكن أن تستفيد منه في قصص النجاح؟ وكيف ترسم ملامح قصتك الخاصة؟
كيف تستفيد من قراءة قصص النجاح؟
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

الناس يبحثون عمَّن يشبههم، من يمر بظروف مثل ظروفهم، لكنهم يكونون أكثر سعادة عندما يجدون من كان يشبههم وأصبح ثرياً وناجحاً، هذا يمنحهم الأمل ويجعلهم ينظرون إلى ظروفهم الصعبة كمقدمة للنجاح.
لكن هل يمكن تعميم تجربة النجاح الشخصية؟ بمعنى هل يمكن أن تكون تجربة النجاح الشخصية مفيدة لمن يحاولون الوصول إلى الثروة والنجاح؟ لماذا ينصحنا مدربو التنمية البشرية بقراءة قصص النجاح؟ وكيف يمكن أن نستفيد من نجاح الآخرين؟.

أصبحت الدعوة لقراءة السيرة الذاتية للأشخاص الناجحين جزءاً لا يتجزأ من كورسات التنمية البشرية ونصيحة أساسية في سبيل تطوير الذات وشق الطريق نحو الأهداف والطموحات، لكن كما جرت العادة؛ عندما يتم تسليط الضوء على سلوك أو عادة أو نصيحة بشكل مبالغ به غالباً ما تفقد قيمتها وتتحول إلى مجرد ممارسة غير واعية وغير هادفة مع أقل قدر من الفائدة.
لذلك وجدنا أن الحديث عن فوائد قراءة قصص النجاح ومعرفة السيرة الذاتية للرائدين والناجحين حديث مهم وفي محله ووقته.

  1. الإلهام والتحفيز
    لم يكن النجاح يوماً تجربة سهلة، لطالما عايش الناجحون فترات صعبة وخاضوا تجارب عسيرة في سبيل الوصول إلى أهدافهم، وعند الاطلاع على تفاصيل هذه التجارب والصعوبات التي تمكَّن الشخص الناجح من تجاوزها تترك لدينا دافعاً وحافزاً قوياً للتحدي ومواجهة الصعوبات وتجاوزها.
    وعادةً ما تعلق في ذاكرتنا قصص معينة أو حوادث معينة رواها الناجحون نجدها تتردد في عقلنا عند مواجهة مشكلة ما، وبعضنا يميل إلى تحديد شخصية ملهمة تكون صديقته طيلة مسيرته نحو النجاح، فكلما زلت قدمه أو شعر باليأس يجد قرينه الملهم يدفعه إلى الأمام.
  2. تغيير نظرتنا للواقع
    التسليم للأمر الواقع والرضوخ لما تفرضه علينا الظروف قد يكون من أبرز أسباب الفشل والتراجع، فعندما ننظر إلى الناجحين بوضعهم الحالي نفكر لا شعورياً أن الوصول إلى مستواهم بعيد المنال، فنحن فقراء وغير مؤهلين ولا نملك الفرصة، لكن عندما نقرأ سيرة الناجحين وقصة حياتهم، ونعلم أن منهم من أتى من بيئة أكثر فقراً من بيئتنا، ومنهم من كان أقل تأهيلاً وتعليماً منَّا، ومنهم من كان يتيماً أو يعاني من مشاكل صحية خطيرة....إلخ، تتغير نظرتنا للواقع، ونفهم أكثر أن الظروف لا تعيق أحداً بل الرضوخ للواقع وعدم المحاولة أو المحاولات الخجولة هي التي تعيق تحقيق النجاح.
  3. تقليد الناجحين والتعلُّم منهم
    التعرف على تفاصيل مسيرة نجاح حقيقية قد يدفعنا إلى تجربة مشابهة، فإذا كنت تمتلك اختراعاً وتبحث عمَّن يتبنى اختراعك قد تستفيد من تجربة شخص ناجح في تسويق مشروعه وإيجاد المستثمر، إذا كنت تبحث عن خيارات استثمارية لا بد أن سيرة رجال الأعمال الناجحين ستعلمك الكثير من المهارات المهمة في سبيل الحصول على خيارات استثمارية جيدة.
    تقليد الأشخاص الناجحين لا يعني استنساخ أو تقمص شخصياتهم، ولكن فهم طريقة تفكريهم، التعرف إلى الأمور التي أعاقتهم وكيف تغلبوا عليها، محاكاة نظرتهم إلى النجاح، واستثمار تجربتهم في تجربة خاصة فريدة.
  4. الاستفادة من النصائح المباشرة والرسائل الخفية
    هناك أنماط عديدة من السيرة الذاتية، منها ما يقوم على سرد الأحداث التي مرَّت بحياة الشخصية الملهمة فقط، ومنها ما يحتوي على رسائل مبطنة تحتاج للتحليل والتدقيق، وبعضها يحتوي على نصائح مباشرة.
    والهدف الأساسي من قراءة سيرة النجاح هو اكتساب الخبرة، فهم عوامل النجاح، وتحليل التجربة الناجحة للاستفادة منها، لذلك يعتبر الاهتمام بالنصائح المباشرة التي يقدمها الناجحون والرسائل الخفية التي يجب استخلاصها من مسيرتهم عاملاً مهماً من عوامل الاستفادة من تجاربهم.
  5. ما هي العوامل المشتركة بين الناجحين؟
    لتحقيق الفائدة القصوى من تجارب الأشخاص الناجحين لا بد من مقاطعة تجارب مختلفة مع بعضها البعض، في مقال سابق تحدثنا عن كيفية تربية الأطفال الفقراء ليصبحوا من أصحاب الثروات، وكانت الدراسة الأساسية التي قدمت لنا السمات التربوية للأطفال المليونيرات تقوم على التقاطعات التربوية بين 177 مليونيراً خرجوا من بيئة فقيرة، ومقارنتها بالبيئة التربوية لمجموعة من الفقراء الذي ورثوا الفقر عن آبائهم وحافظوا عليه، ليصل الباحث إلى 10 عادات تربوية كانت مؤثرة في حياة 177 طفلاً فقيراً جعلت منهم أصحاب ملايين، تعرف إلى هذه العادات من خلال هذا الرابط.
animate

السؤال الذي يطرح نفسه هنا؛ هل يمكن أن تكون قراءة قصص النجاح ذات مفعول سلبي؟ هل يعقل أن تكون محاولة اكتشاف تجارب الناجحين عاملاً للفشل بدلاً من النجاح؟!.
بطبيعة الحال فإن قراءة قصص النجاح على الرغم من أهميتها لا يمكن اعتبارها طريقاً للنجاح، لا يمكن الاعتماد عليها كوسيلة عملية لتحقيق الأهداف، ربما يصح تسميتها خطوة من خطوات تطوير الذات في سبيل تحقيق النجاح، أو وسيلة من وسائل فهم معركة تحقيق الطموح  وإدراك متطلباتها.
وعندما تتحول قراءة سيرة النجاح إلى مجرد عادة روتينية من العادات التي نتباهى بها أمام الآخرين، وإلى محاولة يائسة لسد الذرائع "على الرغم أني قرأت قصة ستيف جوبز؛ لم أستطع تأسيس ماكنتوش ثانية!"، أو حتى عندما يكون الهدف من قراءة سيرة الناجحين اقتباس بعض الجمل ومشاركتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لحصاد اللايكات؛ فلا بد أن يكون دور قصص النجاح سلبياً في هذه الحالة، وهذا ليس لعلة بقصص النجاح نفسها، وإنما لسوء فهمنا واستغلالنا لفرصة التعرف إلى التجارب الناجحة، ومن أجل هذه النقطة بالتحديد كتبنا هذا المقال.

  1. استثمر بنفسك: أنجح استثمار يمكن أن تقوم به هو الاستثمار بنفسك، حافظ على تطوير خبراتك بشكل مستمر، ابحث دائماً عن فرص جديدة لاكتساب خبرات ومهارات جديدة، لا تهدر وقتك على أشياء لن تكون جزءاً تعتز به من مسيرتك نحو النجاح، اجعل استثمار قدراتك واكتساب المهارات هدفاً أساسياً.
  2. لا تبدأ من الصفر: لا أحد يبدأ من الصفر لأن النجاح تجربة تراكمية، حتى عندما تخسر الكثير من المكتسبات فإنك لن تبدأ من الصفر، لأن تجربة الفشل بحد ذاتها نقطة انطلاق جديدة.
  3. خطط أهدافك: جميعنا نملك أهدافاً؛ لكن لسنا جميعاً نخطط أهدافنا ونحددها ونراقبها ونسعى إليها بالقدر المطلوب، لا يكفي أن تعرف ما الذي تريد تحقيقه، لا بد أيضاً أن تضع خطة وتسعى وتراقب إنجازك بعناية.
  4. ضع رسالة: إذا كانت الأهداف هي ما نريد تحقيقه ونرغب بالوصول إليه؛ فإن الرسالة هي التي تدفعنا إلى تحقيق الأهداف، الرسالة هي الإجابة عن السؤال الصعب "لماذا نريد أن نصل إلى حيث نريد، وما الذي نريد أن نثبته؟"، والرسالة هي أمّ الأهداف وأصل الطموحات وأسُّ الدوافع.
  5. كن مرناً: ما هو أسوأ من الوقوع في الخطأ هو الاستمرار بالخطأ، وما هو أسوأ من فشل الخطة هو الإصرار على تنفيذها، فالمرونة التي هي شرط من شروط النجاح تقتضي علينا أن نعيد النظر دائماً بخطواتنا نحو الهدف، وأن نكون قادرين في أي لحظة على الانعطاف المناسب والتغيير السلس.
  6. اهتم بالعلاقات: لا يمكن الوصول إلى تجربة نجاح مثالية دون إنشاء علاقات مميزة مع الآخرين، فاختيار الأوساط الاجتماعية التي نريد أن ننتمي إليها، وفتح خطوط التواصل مع الجهات التي نعتقد أنها ستساعدنا على تحقيق أهدافنا، والحصول على علاقات شخصية مستقرة؛ كل ذلك يعتبر جزءاً من تكتيك النجاح.
  7. كن متعاوناً: يوماً بعد يوم تنخفض فرص النجاح الفردي بدون تضافر، وتزداد حالات النجاح الجماعي، لذلك فإن التعاون مع الآخرين في تحقيق نجاح جماعي يعتبر طريقاً لتحقيق المجد الشخصي والنجاح الباهر للفرد.
  8. تعلم اغتنام الفرص: لتتعرف أكثر إلى معنى الفرص وأسباب تفويت الفرصة وفن اغتنام الفرص يمكنك مراجعة مقالنا عن هذا الموضوع من خلال النقر هنا.
  9. حافظ على عادة القراءة: القراءة عموماً من العادات الجيدة التي يجب أن نواظب عليها، فالقراءة مهما كان نوع الكتاب الذي تقرأه تنقل لك عشرات الخبرات والتجارب التي احتاجت من المؤلف سنيناً طويلة حتى تبلورت، إن الكاتب يوفر على القارئ الكثير من المشقَّات، ويعطيه الخلاصة من التجربة.
  10. اكتب قصتك الخاصة: على الرغم أن بعض الشخصيات المشهورة لجأت لكتابة السيرة الذاتية في سبيل تحقيق المزيد من الأرباح أو لتخليد الذكرى أو غيرها من الأهداف، لكن أهم ما في السيرة الذاتية هو نقل الخبرة والتجربة للآخرين، وحتى إن لم تكن تتخيل أنك ستكتب سيرتك الذاتية يوماً ما لا بد أن تحاول في كل فرصة نقل خبرتك للآخرين وإعطاءهم المفاتيح التي وجدتها، أو تعليمهم طريقتك الخاصة في البحث عن مفاتيح الأبواب المقفلة.

أخيراً... لا نعتقد أن تجربة النجاح قابلة للاستنساخ بشكل كامل، ولا نعتقد أن مجرد قراءة قصص النجاح كفيلة بتحقيق الذات، لكن لا بد أن التعرف إلى التجارب الأخرى مع تحقيق الاستفادة المرجوة من هذه التجارب سيجعل من التقدم على سلم النجاح أكثر فاعلية وسهولة.