أنواع الحيل والآليات الدفاعية في علم النفس وأهميتها

ما هو مفهوم الحيل الدفاعية؟ ما هي أبرز الحيل الدفاعية وكيف نستخدمها؟ لماذا نلجأ إلى الحيل والآليات النفسية الدفاعية؟
أنواع الحيل والآليات الدفاعية في علم النفس وأهميتها
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

من الممكن أن تكون قد قرأت أو سمعت عن مصطلح الحيل الدفاعية من قبل، لكن هل سألت نفسك من قبل إن كنت تمارس هذه الحيل في حياتك؟ وكيف تؤثر على طبيعة علاقاتك وعلى صحتك النفسية؟.
في هذا المقال سنتكلم عن مفهوم الحيل الدفاعية وأهمية اكتشافها، ونستعرض أهم الحيل الدفاعية أو الآليات النفسية الدفاعية، وكيف نستخدمها ولماذا؟

تعريف الحيل الدفاعية في علم النفس (بالإنجليزية: Defense Mechanisms) هي إحدى الوسائل التي يستخدمها الفرد من أجل دفع بعض المشاعر مثل القلق والتوتر، وهي مجرد حيل لا شعورية يلجأ إليها الفرد لتكسبه الراحة والهدوء، مبتعداً عن الطرق الواقعية في حل المشكلة، فيلجأ إلى استخدام طرقٍ لا شعورية تقيه القلق الناجم عن الأزمة حتى لا يختل توازنه النفسي.
فهي كالعقاقير المسكنة أو المخدرة إن سح التعبير؛ تخفف الإحساس بالألم الناتج عن المرض، لكنها لا تعالج جذور المرض نفسه!

يرجع اكتشاف الحيل الدفاعية إلى مؤسس مدرسة التحليل النفسي سيجموند فرويد حيث حدد بعض الحيل وعرَّفها، وقد قامت آنا فرويد بتطويرها هي وغيرها من علماء مدرسة التحليل النفسي، ولذلك تسمى الآليات الدفاعية الفرويدية (Freudian Defense Mechanisms)

animate

تستخدم الحيل الدفاعية أو آليات الدفاع النفسي من قبل الكبار والصغار، كذلك من قبل الأسوياء ومضطربي الشخصية، وقد يرى البعض أنها حيل فطرية، ويرى الكثير من المحللين النفسيين أنها أساليب يكتسبها الفرد عن طريق المحاولات والأخطاء اللاشعورية، أو عن طريق المحاكاة لسلوك الناس من حوله، ويبدأ هذا من الطفولة وكلما أصبحت مؤثرة في الدفاع والتهدئة وتقليل حدة التوتر كلما تكرر استخدامها؛ فتصبح سلوكاً لا شعورياً أو آلياً يلجأ إليه الفرد عندما يتعرض لموقف ضاغط أو محبط.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن استخدامنا للحيلة الدفاعية بصورة معتدلة قد يقينا ويحفظ توازننا النفسي، لكن الإسراف في استخدامها يؤدي إلى مشكلات حقيقية تنعكس على نمو الشخصية والتطور في مجالات الحياة، وقد تؤدي إلى المرض النفسي كما سنرى في هذا المقال ونحن نعدد آليات الدفاع النفسي.

  1. التبرير (Rationalization)

    • يعد التبرير من الحيل الدفاعية شائعة الاستخدام بين الأفراد، ويلجأ الفرد إلى اختلاق أسباب وأعذار تبدو مقنعة في حين أنها ليست هي الأسباب الحقيقية وراء ما يصدر منه من سلوك خاطئ أو ما يتبناه من قناعات وآراء أو عواطف.
    • فيبرر بعض الآباء عقابهم العنيف لأطفالهم بأنه في صالحهم ومن أجل تربيتهم، والأحباء يبررون سلوك محبيهم بأسباب مقبولة حتى وإن كان السلوك خاطئ؛ فيبرر التبذير على أنه كرم والتنازل عن الحقوق بأنه تسامح، كما يبرر الفرد تواكله على أنه توكل وقناعة، ويبرر الطالب رسوبه بأنه نتاج خلاف بينه وبين المدرس وهكذا.
    • والتبرير ليس كذبا؛ فالكاذب يدرك حقيقة سلوكه الخاطئ ويحاول بكذبه خداع الغير، أما التبرير فهي محاولة لا شعورية لخداع الضمير ومخادعة الذات.
    • وقد تتطور حيلة التبرير لما يطلق عليه أسلوب " الليمون الحلو" فتجد من يقبل الواقع المر ويرضى به مبرراً ذلك بأنه قدر لا مفر منه، ورافضاً بذل أي جهد ليغير به ما بنفسه من فتور للهمة والكسل حتى يغير واقعه المر!
    • فالتبرير إذاً حيلة يخدع بها الفرد نفسه ويتبرأ بها من عيوبه كي يريح ضميره من الإحساس بالعجز والفشل والشعور بالذنب، والإسراف في التبرير يؤدي إلى نشوء بعض الأعراض التي تشترك في الأمراض العقلية مثل الضلالات والاعتقادات الباطلة ويرجع هذا إلى أن الفرد قد اعتاد تبرير عيوبه وأخطائه وبذل الجهد في البرهنة على أنها ليست عيوباً وأخطاءً بالفعل.
  2. الإسقاط (Projection):

    يختلف الإسقاط عن التبرير في أن التبرير يعد اعتذار ودفاع، لكن الإسقاط هو إتهام واعتداء، ويعد الإسقاط من الحيل الدفاعية الانسحابية التي تؤدي إلى نشوء العدوان على الغير كما يعتبر أساس للهلوسة السمعية والبصرية التي يعاني منها المرضى العقليين، ويتخذ الإسقاط مظهرين:
    • النوع الأول من الإسقاط: هو أن ينسب الفرد عيوبه إلى الغير في محاولة منه لتخفيف الشعور بالخجل والذنب!، فنرى الكاذب المخادع والأناني والمتعصب ينسب هذه الصفات إلى الغير ولا يعلم بوجودها في نفسه.
      فقد ترى زميلاً لك في العمل يشكو إليك ويغالي في شكواه من زوجته أو أولاده ويتهمهم بالإهمال في واجباتهم، وتتعجب أنت من شكواه منهم في حين أنك تعلم مدى إهماله في العمل.. فتلك محاولة لإسقاط إهماله على الغير لكي يتجنب رؤية ذاته ويخفف من شعوره بالذنب.
      وقد نرى من لديهم أخطاء أخلاقية يهتمون بأخبار الجرائم والفضائح وتصيد الأخطاء ونشرها، ونلاحظ أنهم يهتمون على وسائل التواصل الاجتماعي بنشر فضائح المشاهير؛ فشعورهم بأن الآخرين يذنبون ويخطئون يخفف من شعورهم بالذنب تجاه أخطائهم.
    • والنوع الثاني من الإسقاط: هو إلقاء اللوم على الغير وعلى الظروف أو على اعتقاد ما كالحسد، وذلك للتحايل على الشعور بالفشل وسوء التخطيط، فيبدأ بإلقاء اللوم مثلاً على المواصلات والزحام المروري في حالة التأخير عن موعد ما؛ واللوم على سوء الحظ في حالة الفشل في مشروع ما، وإلقاء اللوم على مدى إغراء امرأة وطريقة ملبسها في حالة عدم القدرة على التحكم في الذات وضبط النفس.
  3. الكبت (Repression)

    • هو من أهم آليات الدفاع النفسي والتي يلجأ إليها الفرد للتخفيف من القلق، وهو الاستبعاد الإرادي للدوافع والانفعالات ومنعها من التعبير عن نفسها.
    • وترجع المدرسة التحليلية الكبت إلى مرحلة الطفولة؛ فالطفل قليل الحيلة ولا يستطيع التفكير للخروج من موقف صعب، ولا يستطيع الانتظار حتى تلبى حاجاته، فيلجأ إلى كبتها، ولا يقتصر الكبت على الدوافع المكروهة أو على كبت الذكريات الأليمة فقط؛ وإنما يتم كبت بعض الدوافع الطبيعية السليمة لوجود رابط بينها وبين المشاعر المكبوتة، فنرى من لا يحب لفظ ما أو لازمة لفظية ويتجنبها لأنها كانت تصاحب أبيه أو مدرسه الذي كان يعنفه في الصغر ولا يقوى على الدفاع عن نفسه.
    • ونرى مثلاً فتاة لا تثق في الرجال ومعرضة عن الزواج لأن أبيها كان يعدها ولا يفي بوعوده معها، وتسمى بظاهرة "تعميم الكبت"، فالكبت حيلة لاشعورية لها فوائدها ولها أضرار أكيدة على الفرد، فهي تمزق الشخصية وتستهلك من طاقة الفرد ومن روحه.
  4. التسامي أو الإعلاء (Sublimation)

    • وهو أن يرتفع الفرد بالدوافع التي لا يقبلها المجتمع إلى مستوي أعلى يستطيع من خلاله التعبير عنها بوسيلة مقبولة؛ فالفرد هنا يسمو بهذه الرغبة ويحاول تلبيتها والتنفيس عنها بطريقة مقبولة اجتماعياً كي يتجنب كبتها.
    • فنجد مثلا من يُقدم على توجيه ميوله العدوانية إلى رياضة من الرياضات العنيفة مثل الملاكمة؛ ونرى من يعبر عن مشاعره ورغباته الجنسية التي لا يمكن إشباعها في إطار يتقبله المجتمع ويسمو بهذه الرغبات عن طريق التعبير عنها بالرسم أو كتابة الشعر، ونرى من لم يتسنَ لها الزواج أو الإنجاب تتجه إلى مهنة التدريس أو التمريض كي تشبع دوافع الأمومة الغريزية لديها.
    • ويعتقد فرويد أن التسامي كحيلة يعد علامة على النضج الذي يجعل الفرد يطلق رغباته بطرق مقبولة اجتماعياً.
  5. التعويض (Compensation)

    • وينتج التعويض من إخفاق في شيء ما، ويستخدم الفرد هنا المبالغة في شيء آخر بديلاً عن إخفاقه، أو كي يقوم بتغطية صفة ما بشخصيته لا ترضيه أو لا يرضى عنها المجتمع.
    • والأمثلة كثيرة على حيلة التعويض؛ فنجد شخصاً لا يرضى عن تكوينه الجسماني الضعيف فيقوم بتعويض هذا برفع صوته بطريقة مبالغ فيها؛ أو نرى فتاة تفتقر إلى الجمال فتحاول تعويضه بخفة الظل وإضفاء البهجة بين رفيقاتها، ونجد من فشل دراسياً يقوم بتعويض هذا الفشل بتفوق رياضي.
  6. التعميم (Generalization)

    • وهو تعميم تجربة معينة على كل التجارب المشابهة لها أو القريبة منها، وتعد حيلة التعميم حيلة لا شعورية يلجأ إليها الفرد كي لا يكرر تجربة أليمة فيقوم بتعميم التجربة على كل ما يشبهها من تجارب لاحقة، إذ يقوم باستثناء فئة معينة من التعامل أو يمتنع عن الذهاب لبلد أو منطقة معينة حدث له فيها تجربة سلبية.
    • وتعد آلية دفاعية غير سوية وغير مفيدة وتمنع الفرد من تجارب لاحقة قد تكون ذات منفعة له.
  7. التكوين العكسي (Reaction Formation)

    • ويقوم الفرد هنا بسلوك معاكس تماماً لما يضمره بداخله من سلوك أو أفكار مقلقة ولا يقوى على التصريح بها حتى أمام نفسه، ويتسم السلوك العكسي بصفة المبالغة دائماً .
    • فنجد مثلاً أن المبالغة في التأدب وإظهار اللطف الزائد قد يطوي في باطنه عداوة لا شعورية تتخذ من اللطف تحايلاً لإخفائها ، كما ترى المدرسة التحليلية أنَّ التشدد الديني والمغالاة قد يكون فيه تكوين عكسي لرغبة في التمرد على القيم الدينية وإتيان النواهي.
    • وعلى الجوانب البسيطة في حيلة التكوين العكسي تجد الفرد الخائف داخلياً يغالي في إظهار سلوك الشجاعة! وترى المهموم منكسر القلب يتخذ من النكات والضحك المستمر حيلة دفاعية يدرأ بها شعوره بالحزن.
    • كذلك نجد من تبالغ في إظهار الحياء ومن يبالغ في التأفف والاشمئزاز كلما طُرح موضوع الجنس؛ كل هذا يعتبر تكوين عكسي لرغبات جنسية مكبوتة.
  8. التقمص أو الدمج (Identification)

    • وهو اندماج الشخص في شخصية الآخر، وتبدأ مع الطفولة في تقمص الطفل شخصية والده ليشعر بالقوة؛ وقد يتحد مع شخصية والده ويتقمص أفكاره ومشاعره وسلوكه؛ فإن كان الأب يولي اهتماماً بالعمل والكد يشب ابنه على ذلك وإن كان مزهواً بنفسه يشب ابنه على ذلك أيضاً.
    • كما أن التقمص كظاهرة تكون مميزة لمرحلة المراهقة، عندما يتقمص المراهق شخصية لنجم أو لاعب رياضي أو أحد المدرسين والذي يرى المراهق في شخصيته جانباً يفتقده، فيحاول بتقمص شخصيته أن يغطي جوانب الضعف التي تثير قلقه؛ فنراه يتحدث ويمشي ويتصرف بطريقة هذا النجم السينمائي أو هذا اللاعب... وعلى جانب آخر من الممكن أن يكون التقمص لجماعة ما أو لفريق ويتباهى بهذا ويشكل شخصيته بأفكار تلك الجماعة ويسلك سلوكياتها.
    • ويعد التقمص حيلة إيجابية لو اتخذها المراهق عاملاً لتطوير شخصيته، لكنه يعد خللاً في الشخصية في مراحل عمرية متقدم إذا لم يستطع المراهق تطوير شخصية مستقلة.
    • حيث يجب التفريق بين التقمص كحيلة دفاعية لا شعورية وبين أسلوب " النمذجة السلوكية" الذي يطبق على مستوى شعوري كي يكسب الفرد نفسه عادة جديدة أو يستخدم من قبل معالج سلوكي لإكساب الفرد ما يعد تطويراً لأداء أو تغييراً في سلوك .
    • وعلى مستوى آخر يكون التقمص سلوكاً مرضياً يستوجب العلاج النفسي في حالة مثل التقمص بالمعتدي؛ وأيضاً في حالات المرض العقلي يظهر التقمص واضحاً جلياً كمن يتقمص شخصية نابليون وهتلر ويرتدي مثل ثيابهم ويتحدث مثلهم ويعيش في شخصية غير شخصيته.
  9. الإزاحة (Displacement)

    هي حيلة كثيراً ما نمارسها؛ وهي حيلة يتبعها الفرد نتيجة انفعالات محبوسة لا يستطيع التعبير عنها، فيعيد توجيهها إلى أشخاص آخرين، فقد ترى امرأة توجه غضبها غير المبرر إلى البواب أو السائق لا لشيء سوى أنها غاضبة من زوجها ولا تقوى على التعبير عن انفعالها تجاهه؛ فتقوم بإعادة توجيه الانفعال نحو شخص آخر.
  10. التفكيك أو العزل (Dissociation)

    • و هي حيلة يجمع فيها الفرد بين سلوكيات متناقضة ولكنه يعزل كل سلوك بعيداً عن الآخر؛ فتشعر وكأنه إنسان مزدوج الشخصية، تراه يؤدى عباداته على أكمل وجه ومع ذلك يخدع ويغش في تجارته أو عمله؛ والطفل الذي يتصرف بسلوكيات عدوانية تجاه زملائه في المدرسة تجده في البيت لطيفاً مع إخوته، ومن البالغين من يجمع بين رغبات سن الراشدين وسلوكياتهم في بعض المواقف ومواقف أخرى تبرز اتجاهات طفولية ورغبات حمقاء.
    • ويعد العزل دليلاً على عدم تكامل الشخصية وانتظام سماتها في وحدة منسجمة الأجزاء، والعزل يشبه الكبت في كونهما خداعاً للذات ولكن الفارق أن الفرد يدرك وجود السلوكيات المتباينة داخله ولا يدرك ما بينهما من تناقض.
  11. الانسحاب (Withdrawal)

    • من الحيل الانسحابية عندما يتخذ الفرد موقفا هروبياً؛ فيبتعد عن كل موقف محبط أو مقلق تجنباً للفشل بدلاً من مواجهة المواقف وخوض التجارب.
    • ويظهر الانسحاب في مواقف عدة منها إحجام شاب أو فتاة عن الحب أو الزواج تجنباً للفشل في العلاقة العاطفية؛ أو يكبت إعجابه بفتاة تجنباً وتخوفاً من رفضها لحبه وجرح مشاعره.
    • وقد تجد زوجاً يكثر من السهر أو السفر تجنباً للتواجد مع زوجته التي بات لا يكن لها أي مشاعر حب ولا يقوى على التعبير عن ذلك.
    • وتعد الخطورة في الانسحاب عندما يضطر الفرد للخوض في التجربة؛ فالطالب الذي يخشى الرسوب والفشل ولا يريد إكمال دراسته تضطره الظروف لإكمالها، وهنا ينسحب من أقرانه ويعيش إلى جوارهم وليس معهم، فلا يشاركهم شيء وينزوي عنهم، كذلك العامل والموظف الذي لا يرضى عن واقعه والمريض الذي فقد الأمل في العلاج أو أحس باقتراب الأجل؛ هؤلاء يتخذون من عدم الاكتراث واللامبالاة مهرباً لهم وتعبيراً عن موقفهم الانسحابي؛ كذلك نجد من يتخذ من أحلام اليقظة أو الإقدام على تناول المخدرات مهرباً له من عدم قدرته على مواجهة ظروفه وتعبيراً عن الانسحاب من الموقف الضاغط، وليس هذا كل شيء فهنالك ظاهرة قد يراها بعض الناس سلوكاً حسناً مثل الطالب الذي يذاكر ليلاً ونهاراً أو الرجل الذى يهرب بالإسراف في العمل للهروب من واقعه وتسمى هنا بـ "ظاهرة الاحتماء بالعمل".
    • والشخصيات الانسحابية يصعب تكيفهم مع المجتمع؛ وإكسابهم المهارات الاجتماعية البسيطة اللازمة لانخراطهم في المجتمع، وعلى عكس الآباء يعتبر النفسانيون السلوك الانسحابي هذا أخطر وأصعب في التعديل من السلوك العدواني.
  12. الاحتماء بالمرض الجسدي:

    • يعد الاحتماء بالمرض الجسدي حيلة دفاعية متعددة الجوانب فهي حيلة هروبية وتبريرية واستعطافية في آن واحد!
    • فإن عجز الفرد عن بلوغ هدفه بعد بذل الجهد فهو بطريقة لا شعورية اعتادها الجسد يصطنع المرض كي يستدر عطف من حوله ويهرب من لوم نفسه ولوم الناس والإسقاط عليهم.
    • وتتكون هذه الحيلة من عهد الطفولة لما يتبعها من عطف الأهل والمبالغة بالاهتمام بالطفل المريض؛ فيختزنها العقل ويلجأ إليها كي تريحه من مواجهة المواقف الضاغطة وتعفيه من تحمل المسؤولية وتجلب إليه تعاطف من حوله.
    • فالطالب الذى لم ينتهِ من مراجعة مادة ما قد يصاب بصداع شديد وألم في عينيه ليلة الامتحان، أو أن يصاب المطرب متوسط الأداء بالتهاب في الحلق قبيل لقاء تلفزيوني سيطلب منه فيه الغناء بدون آلات تحسين الصوت.
    • وقد تطول فترة المرض أو فترة النقاهة لدى شخص يرى أن الألم الجسدي والمرضي أقل ضرراً وأكثر احتمالاً لديه من مواجهة الواقع المؤلم.
  13. أحلام اليقظة (Daydreaming)

    •  يلجأ الكثيرين إلى أحلام اليقظة هروباً من الملل، فهي حالة من التفكير بعيداً عن الواقع غير مقيدة بمنطق أو ضوابط اجتماعية، حيث يهرب بها الفرد من واقعه ويحيا فيها خيالاً عاطفياً وانفعالياً يصعب تحقيقه في الواقع.
    • ويطور الفرد من هذه الحيلة لتجنب القلق الناجم عن الرغبات والاحتياجات المكبوتة والمحبطة؛ فالضعيف يحلم بالقوة والفقير يحلم بالثروة والمراهقون يحلمون بفتاة وفارس الأحلام. 
    • وهي حيلة غير ضارة إذا كانت بمقدار، وهي نشاط ذهني عادي في الطفولة والمراهقة؛ لكنها إذا ما تمكنت من الفرد تكون دليلاً على عدم اكتمال الشخصية ومؤشر على وجود أزمة نفسية.
    • كما أن اللجوء إلى أحلام اليقظة كثيراً والإسراف بالأحلام قد يؤدى إلى التباس الواقع بالخيال فلا يستطيع الفرد التفريق بينهما، أو على الأقل تكون بديلاً يلجأ إليه لتعفيه من مواجهة مشكلاته وتنفيذ طموحاته التي يحلم بها.

على الرغم أن معظم الآليات الدفاعية تعتبر جزء من تكوين النفسية الإنسانية نتبعها جميعاً في مواقف مختلفة وتنشط في فترات عمرية محددة أكثر من غيرها، وعلى الرغم أن الهدف من الآليات والحيل الدفاعية هو الحفاظ على التناغم النفسي والاستقرار ومعالجة المشاعر المكبوتة؛ إلا أن السحر قد ينقلب على الساحر عندما نفقد السيطرة على هذه الحيل ونستخدمها بإفراط.

فسلوك الانسحاب مثلاً سيجعلنا بلا شك أقل قدرة على التطور والتقدم، وحيلة التسامي قد تجعلنا أقل قدرة على فهم الدوافع الحقيقية للسلوك الإنساني وأقل قدرة على الاندماج في العالم الواقعي لأننا خلقنا عالماً سامياً موازياً، كذلك التقمص قد يؤثر بشكل كبير على بناء شخصية ذات سمات خاصة ومستقلة.

سردنا في هذا المقال أهم الحيل الدفاعية النفسية، فإن كنت قد انتبهت عزيزي القارئ إلى سلوك ما تسلكه باستمرار وبشكل مبالغ به ويندرج تحت هذه الحيل؛ فلا تتردد في استشارة أخصائي الصحة النفسية كي يساعدك على الحد منه ويرشدك إلى الطريقة المثلى التي تناسب طبيعة شخصيتك وبيئتك للتخلص من هذا السلوك والتمتع بالصحة والسلامة النفسية والاستمتاع بجودة الحياة.

المراجع