طرق استيعاب واحتواء الطفل وصبر الأهل بالتربية

ما هي أهمية الصبر في تربية الأبناء؟ كيف تكون صبوراً في تعاملك مع أبنائك؟ ولماذا يفقد الآباء الصبر في تربية الأبناء؟ نصائح لاحتواء الطفل والصبر في التربية
طرق استيعاب واحتواء الطفل وصبر الأهل بالتربية

استيعاب الطفل وصبر الأهل في التربية

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

لماذا يدفعك أطفالك للشعور بالفشل في تربيتهم؟ كيف تعمل المقارنة بين جهودك لتربية أبنائك، وجهود الآخرين؛ إلى إغفال النقاط الجيدة فيما تقوم به؟ ما قيمة الصبر والقدرة على التحكم بالإجهاد، في تعزيز قدرتك على احتواء سلوكيات طفلك واستيعاب مشكلاته؟

هل أنت واحد من أولياء الأمور الفاشلين مع أطفالهم؟
هل لديك شعور دائم بالعار لأنك تعتبر نفسك أباً أو أماً فاشلاً؟ وهل تنظر إلى الأهالي الآخرين وتشعر بأن كل شخص آخر؛ قادر على ممارسة دوره بشكل صحيح وأنت مخطئ؟ فقد لا ترغب في مشاركة إخفاقات الأبوة والأمومة مع أشخاص آخرين، لأنك على يقين من أنهم سيطلقون عليك الأحكام، كونك من أولياء الأمور الفظيعين!.. حيث أن هناك العديد من الأسباب، التي تجعلك تعيش ذلك كله:

- تربيت في ظل أبوة وأمومة فاشلة: فليس لديك أي فكرة عن ماهية الوالدية الطبيعية، مثلاً قد لا تعرف معنى الصبر بشكله الاعتيادي أو ماهية الانضباط، وقد تتساءل عما إذا كان رفع صوتك على أطفالك سيؤذيهم! أو إذا كان فقدان أعصابك في كل مرة.. قد يصيبهم بالصدمة، حيث يمكنك تكرار بعض ما فعله والديك، ثم يلي ذلك الشعور بالارتباك والذنب، فلا تعرف كيف تصلح الخطأ، كما تبالغ في تقدير تأثير نوبة الصراخ التي تنتابك (نادراً ربما..) على أطفالك، ولا تكف عن مقارنتها بتربيتك، حيث كان الغضب هو القاعدة والأساس الذي نشأت في ظله.

- المثالية والقلق: فأنت مثالي وقلق ولديك معايير عالية جداً لنفسك، رغم أنه يبدو بأن أي شخص آخر يقوم بدوره كأحد الوالدين أفضل منك! حيث تتجاهل دون وعي منك الأدلة على أن لديهم سلبياتهم في تربية أطفالهم أيضاً، وبدلاً من ذلك تقوم بالتركيز المفرط على مسؤوليتك، كأنك أنت فقط من أنجب أطفالاً إلى هذا العالم! خاصة إذا كنت من الأشخاص الذين لديهم معايير عالية ومثالية؛ حول أنفسهم وأطفالهم أيضاً، أو أنك تتأثر بما تربيت عليه؛ فمن المحتمل أنه كان حال التقييمات الذاتية لدى والديك!

- الاكتئاب: بالنسبة لكثير من الناس، يظهر الاكتئاب في نوبات هياج وزجر على أطفالهم، فراقب نفسك؛ إذا كانت هذه هي حالتك.. أنت فعلاً تفقد أعصابك أكثر من الآباء الطبيعيين، لكنك تشعر بالذنب لأنك لا تعلم لماذا تتصرف بهذه الطريقة مع أطفالك، في الوقت الذي لا تريد ذلك وترفضه في الأساس.

- التعاسة: أنت غير سعيد في حياتك الزوجية بشكل عام، فقد لا تكون مصاباً بالاكتئاب مثلاً، لكن التعاسة الزوجية أو عدم الرضا أو المستويات العامة من التوتر؛ قد تسبب استيقاظك كل يوم مع شعور بالحصار واليأس، وهذه المشاعر يمكن أن تجعلك فظاً مع أطفالك، بالتالي يتولد لديك ذلك الشعور المرعب عن نفسك، والذي يتغذى على التوتر في حلقة مفرغة لا تستطيع الخروج منها.

- ليس لديك أصدقاء مقربين.. ممن لديهم أطفال: قد يكون لديك معارف وأقارب، لكن لا أحد مميز بما فيه الكفاية للثقة به! لذلك لا تعرف أن كل أب وأمّ في هذا العالم؛ يفقد أعصابه بسبب أطفاله في كثير من الأحيان، ويتجاوز مفهوم الأبوة والأمومة بشكل منتظم! فقد تتخيل أيضاً بأن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، التي تمثل السعادة المثالية للأهل مع أطفالهم.. هي ما يجسد الواقع فعلاً! بينما لا تعكس إلا نسبة 3% ربما عما يجري خلف الكاميرا!

- لا تعرف كيف تربي أطفالاً: قد لا تكون لديك أي فكرة عن كيفية تربية أطفالك، خاصة في عالم اليوم حيث التركيز المفرط على الطفل! وقد لا تدرك أن العديد من الأشخاص لديهم نفس شعورك بالعجز عن ممارسة دورهم كوالدين أيضاً، لأننا لا نتحدث عادة وبسهولة؛ أن أهالينا لم يكونوا (أبوين جيدين)، بالتالي تعلمنا منهم القليل جداً عن كيفية تربية الأطفال!

- المقارنة الخاطئة: قد تقارن بينك وبين أحد الوالدين الذين لديه عدد أقل من الأطفال، أو يمثلان شريكي حياة ناجحين وقادرين على دعم بعضهما البعض بجدارة، أو لديهم دعم الأجداد والأقارب أكثر منك في تربية أطفالهم، ثم قد تقارن نفسك بشخص لا يعاني من الاكتئاب أو القلق، أو يمكنه تحمل تكاليف روضة أطفال ممتازة، أو لديه خبرة أكثر مع الأطفال، بالنتيجة.. إذا كنت تقارن نفسك بطريقة غير مناسبة مع الآخرين؛ من المحتمل أن يكون لديك العديد من التفاصيل الجيدة التي تغفلها في أدائك لدور أحد الوالدين.

في المحصلة.. إذا وجد أي من هذه الأسباب الصدى لديك... في طريقة تعاملك مع طفلك؛ فلا تخجل من نفسك واستعد لكي تعلّم نفسك دور الوالدية الأفضل، من خلال الحصول على المشورة المتخصصة، أو بالعمل على تدريب نفسك وتعلّم أفضل الطرق لتكون أباً أو أماً أفضل لأطفالك، ولا نبالغ إن وصفنا الأمر: "تربي وتتربى مع أطفالك!".. تذكر أن ممارسة دور الوالدين ليس للأشخاص الضعفاء، فهي أمر صعب جداً، يحتاج منك بذل جهد إضافي، وتحمل مسئوليات لم تتخيل يوماً أن تتحملها!
 

animate

هل يرتبط نفاذ الصبر بالأبوة والأمومة؟
من الصعب تحقيق معادلة الوالدين المثاليين، كما تختلف استجابة الأطفال لنفس النمط التربوي في الأسرة نفسها، فيكون الطفل الكبير مثلاً أكثر مرونة مع القواعد الوالدية والانضباط الذاتي من الطفل الأصغر! مع ذلك يستفيد كل الأطفال مع الأبوة والأمومة الصبورة، على الرغم من ارتباط نفاذ الصبر بالوالدين أكثر من الأشخاص الذين لا يقومون بتربية الأطفال [1]، حيث يستطيع الطفل إخراجك عن طورك في أكثر الأحيان، فتفقد صبرك أو تصرخ أو تقول شيئاً قاسياً للطفل، ثم تتمنى أن تتراجع عنه بعد فوات الأوان! وقد لا يؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر بعلاقتك مع طفلك فحسب، بل يؤثر على احترام طفلك لذاته أيضاً.
بالتأكيد.. من الصعب الحفاظ على الصبر مع أطفالك في جميع الأوقات، لكن عليك أن تحاول قدر الإمكان التسامح وإدارة الإجهاد والغضب (وتلك المشاعر السلبية الصعبة، التي تقود لنفاذ الصبر على الطفل)، فما هي المهارات اللازمة لتصبح أكثر صبراً؟ وعليك أن تضع في اعتبارك أنك لن تصبح أكثر صبراً بين عشية وضحاها [2]:

- الاهتمام بالنفس والرعاية الذاتية: بحيث تكون أكثر رضا ومرونة على احتمال عوامل الإجهاد والتعامل مع سلوكيات الطفل، التي تساهم في نفاذ صبرك.
- التوقعات المعقولة: لا ترفع توقعاتك من طفلك بشكل مبالغ فيه، فإذا كانت توقعاتك مناسبة لعمر طفلك، بالنتيجة ستكون أقل عرضة لخيبة الأمل بسبب أطفالك، بالتالي لنفاذ الصبر.
- تحكّم برد فعلك: لا تستجب لسلوك الطفل أو الموقف المستفز مباشرة.. خذ نفساً عميقاً، أو جرب العد إلى 10، وحاول التحكم بعواطفك وإدارة غضبك بفعالية.
- طلب المساعدة: يمكنك دائماً أن تجد من هو مستعد لتقديم يد العون إليك، سواء من الأقارب والأهل أو الأصدقاء المقربين.
- اعتذر من طفلك: إذا غضبت أو فقدت أعصابك وصبرك على أطفالك؛ بادر بالاعتذار منهم، كي يتعلموا منك؛ كيفية إدارة عواطفهم والتحكم بالمشاعر الصعبة.
 

كيفية احتواء الطفل واستيعاب تصرفاته الخارجة عن سيطرتك
لا يمكن التخلي عن دورك في فرض السيطرة على أطفالك، ومن مهارات ذلك؛ المحافظة على قدرتك في استيعاب الطفل واحتواء تصرفاته المثيرة لاستفزازك، ومفتاحك لنجاح ذلك؛ تأسيس ووضع قواعد للطفل في المنزل، بالطبع لا يمكنك أن تكون في رأسه الصغير، كي تفهم ما الذي يريده تماماً، أو ما هو المقصود من تصرف ما يحاول الطفل من خلاله لفت انتباهك إليه، وتكمن الصعوبة في التعامل مع الطفل الحساس أولاً وذاك الطفل الذي يعاني من فرط الحركة وضعف التركيز أيضاً، لذا يمكن أن تكون محاولة الإصغاء أولاً من قبل الطفل ومن قبلك سلاح سرّي في يدك [3]، في محاولة لدفع الطفل للالتزام بالقواعد، واستيعاب تصرفاته بالدرجة الأولى، ويمكن أن تدفع الطفل للإصغاء والتفكير بعواقب السلوك أو عدم الإصغاء إليك، من خلال دفع الطفل للتفكير، وليس من خلال توجيه الأوامر إليه؛ وبخطوات بسيطة هي:

- اختيار الوقت الصحيح للتحدث مع الطفل: لا تحاول دفع الطفل للتفكير بطريقة صحيحة بعد حدوث سلوك غير مرغوب به أو خطأ ما، حيث ستكون خلال ذلك متضايقاً بدلاً من أن تكون هادئاً وإيجابياً، وسيكون طفلك مستاء أيضاً، وربما غاضب ومتمرد، فالوقت المناسب هو عندما لا يكون الطفل أو أحد الوالدين مشغولاً أو منزعجاً، حيث يمكنك النظر إلى طفلك والانتظار، ثم ابتسم له حتى تحظى باهتمامه الكامل.

- اسأل طفلك ولا تقل له الإجابات: هناك عدة أسئلة رئيسية حول السلوك، الذي تريد أن ترى الطفل يقوم به، وتذكر أن طفلك يعرف بالفعل القاعدة (حول ضرورة إنهاء غدائه قبل مشاهدة برامج الأطفال مثلاً)، لذا لا تكرر القاعدة فهو يعرفها، وقم بصياغة أسئلتك بحيث يمكن الإجابة عليها بنعم أو لا، مثل: هل تحب مشاهدة برامج الأطفال بعد الغداء؟

- يستفيض الطفل في التفاصيل: كي يخبرك بما عليه فعله، كلما كانت استجابة طفلك أكثر تفصيلاً، زاد رسوخها في ذاكرته، لذلك اطرح عدداً من أسئلة المتابعة، يمكنك أن تجيب الطفل عندما تكون إجابته غير كاملة أو غير دقيقة، في هذه الحالة قم بتوضيح ما تعنيه، واطرح بعض الأسئلة الإضافية، حتى تتأكد من أن طفلك يفهم القاعدة أو الروتين، مثلاً: هل تعتقد أن ساعة واحدة أمام شاشة التلفاز؛ ستؤذي عيونك؟ ويمكن أن تتابع بأسئلة: ما الذي علينا القيام به بدلاً من الجلوس طويلاً أمام شاشة التلفاز؟ هل تحتاج إلى ترتيب ألعابك قبل أن تشاهد التلفاز، لكن بعد انتهاءنا من وجبة الغداء؟.. وهكذا.

في النهاية.. استيعاب الطفل واحتواء طريقة تفكيره، من أصعب المهام الوالدية على الإطلاق، نظراً لارتباطها بالقدرة على الصبر وتكرار القواعد (دون إعادة قولها صراحة)، التي يجب على الطفل الالتزام بها، لكن الهدوء والمحاولة والتكرار رغم مساوئه؛ من الأمور الجيدة لتعويد نفسك أولاً على احتواء الطفل، والسيطرة على محاولاته المتكررة لاستفزازك! شاركنا رأيك من خلال التعليقات.
 

[1] دراسة Yuanyuan Liu، "تأثير الأبوة والأمومة على نفاذ الصبر" 2018، منشورة على موقع frontiersin.org، تمت المراجعة في 02/07/2019
[2] مقال دكتور Barbara Greenberg، "ليس بالأمر السهل أن تكونا والدين صبورين"، منشور على موقع usnews.com، تمت المراجعة في 03/07/2019
[3] مقال Noël Janis-Norton، "كيف تدفع طفك العنيد والمتذمر للإصغاء إليك؟" منشور على موقع additudemag.com، تمت المراجعة في 03/07/2019