عمر الطفل الأنسب للتنافس

ما هو العمر الأمثل ليبدأ الطفل ألعاباً تنافسية؟ لماذا يقول العلماء أن المنافسة بين الأطفال لا يجب أن تكون قبل سن معينة؟ ما هي العوامل التي تحدد استعداد الطفل للتنافس؟
عمر الطفل الأنسب للتنافس

عمر الطفل الأنسب للتنافس

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

تحدثنا في مقالات سابقة حول أهمية التربية التنافسية في تنمية الطفل، ومعايير التنافس الصحي والبناء التي تساعد الطفل على تنمية مهاراته..
لكن ما هو العمر الأنسب ليبدأ الطفل ألعاباً تنافسية؟ وما هي العوامل التي تساعدك في تحديد أي من الألعاب التنافسية على طفلك خوضها؟ كيف تراعي رغبة طفلك وشغفه في خوض منافسة ما أو تكوير مستواه في لعبة؟ وماذا يقول العلم حول سلبية وإيجابية المنافسة في تنشئة الطفل؟.. هذا ما سنناقشه خلال السطور التالي.. 
 

محتويات المقال (اختر للانتقال)
  1. أفضل عمر للمنافسة
  2. الطفل المنافس

العمر المناسب ليبدأ الطفل المنافسة
في حين أن الآباء والأمهات الذين يسجلون أطفالهم في البرامج الرياضية يكون لديهم نوايا حسنة، فإن دراسة أسترالية جديدة تشير إلى أن دفع الطفل للمشاركة في ألعاب تنافسية؛ منذ وقت مبكر للغاية قد يضرّ أكثر مما ينفع، ويشير الباحثون إلى أنه بدلاً من إرسال الأطفال إلى الملعب في سن الرابعة أو الخامسة، يجب على الآباء الانتظار حتى يبلغ عمر أطفالهم ست سنوات على الأقل، لضمان عدم فقدانهم للاهتمامات في السنوات القادمة، حيث يجب أن يكتسب الأطفال الصغار جداً المتعة ويطورون المهارات الحركية الأساسية وهم يلعبون رياضة غير منظمة بقوانين وساعات محددة، لأن الصغار قد يشعرون بالملل قبل أن يكونوا جاهزين لمنافسة النادي في حوالي الثامنة من العمر، فإما سيبدلون الأنشطة أو يُسقطون الرياضة تماماً من اهتماماتهم.

كيف حدد الباحثون العمر الأنسب للطفل المنافس؟
حيث تابع الباحثون الاستراليون 14000 فتاة في أعمار بين4-10 سنوات لمدة أربع سنوات، ضمن برامج رياضية محددة، تم تعديلها لتتناسب مع قدرات الأطفال، كما تهدف إلى تطوير المهارات الحركية الأساسية والمهارات الرياضية المحددة بدلا من المنافسة.. وكانت نتائج الدراسة مذهلة؛ "ففي حين أن غالبية الفتيات بنسبة 59 %، انتقلن من البرنامج الرياضي المعدل إلى منافسة للنادي الصغير، سواء أكانت تستمر باللعب أم لم يتم الاعتماد على العمر الذي بدأت فيه الفتاة، كما أن من بين من بدأن في سن الرابعة أو الخامسة؛ انخفضت نسبتهم 60 % في غضون أربع سنوات، وعلى النقيض من ذلك فإن نسبة 30 % فقط ممن بدأن بين سن السابعة والتاسعة توقفوا عن المشاركة.
وأشار الباحثون في النتائج التي توصلوا إليها بالقول: "أولئك اللاتي بدأن في سن السادسة وما فوق كانوا أكثر ترجيحاً للمتابعة بشكل كبير.. من الأطفال الذين يبلغون من العمر أربع سنوات، كما أن احتمالية الانتقال إلى رياضات أخرى كانت من سن السادسة إلى الذروة في سن التاسعة، قبل أن تنخفض هذه الاحتمالية في عمر عشر سنوات، ووجد الباحثون أن الملل هو من أكثر الأسباب التي دفعت الصغار للتسرب من متابعة المنافسة"، واقترح الباحثون: "أن العديد من الأطفال الصغار لن يكونوا متحمسين للمشاركة في نفس البرنامج الرياضي المعدل لمدة أربع إلى خمس سنوات قبل أن يكونوا مؤهلين للعب منافسة النادي في حوالي سن الثامنة"، ولاحظوا أنه "من المرجح أن يشعر الطفل بالملل ويختبر رياضة أخرى أو يتخلى عن الرياضة كلها".

لا تفرضوا على أطفالكم خوض المنافسات قبل عمر الست سنوات
قد يكون الوالدان اللذان يحرصان على منح أطفالهما ميزة تنافسية على أقرانهم هو السبب في تخلي الطفل عن الرياضة، ولذا يوصي الباحثون في الدراسة الاسترالية أنه: "من أجل تعزيز المشاركة المستمرة، يجب أن تأخذ القوانين الرياضية والتطورات الاستراتيجية بعين الاعتبار إمكانية؛ ألا يكون استهداف الأطفال الصغار جداً لتطويعهم الرياضي الأمثل في حد ذاته استراتيجية، وذلك لتعزيز الاستمرار في المشاركة الرياضية والمنافسة البناءة كما أكدت نتيجة الدراسة".
تقول اختصاصية وخبيرة سلوك الأطفال مارتين أوغليثورب (Martine Oglethorpe): " "في بعض الأحيان يؤدي بدء الأطفال في الرياضة المنظمة في عمر مبكر جداً، إلى إبعادهم عن ممارسة رياضة جماعية مستمرة عندما يتم استبعاد عامل المتعة، خاصة إذا يتم اختيار اللعبة من قِبل أولياء الأمور ليس بهدف اهتمامات أطفالهم بهذه الرياضات بشكل طبيعي".
وتضيف مارتين: "إننا نرغب بالتأكيد وهدفنا الاحتفاظ بالشباب في مجال الرياضة الفتية إن أمكن، لذلك يجب على الأطفال الصغار قضاء وقت ما قبل المدرسة في الانخراط في مجموعة من الأنشطة، حيث لا يزال بإمكانهم تطوير المهارات البدنية، لكن بطريقة تحافظ على المتعة والاستمتاع بدلاً من التركيز على القواعد والإنجازات أو الفوز".

animate

عوامل تساعدك على اختيار المنافسة المناسبة لطفلك
إذا أظهر طفلك اهتماماً أو موهبة في الرياضات التنافسية، فسيتبادر لك السؤال: "هل حان الوقت لتسجيله في فريق رياضي تنافسي (أو للمنافسة الفردية)؟ تختلف الإجابة اعتمادا على الطفل، بعض الأطفال أكثر ملائمة للضغط العالي الذي تحمله المنافسة، لذلك فكر في هذه العوامل عندما تتخذ قرارك:

أولاً: هل طفلك في عمر يناسب مشاركته في الألعاب التنافسية؟
كما عرفنا من خلال الدراسة الأسترالية المذكورة أعلاه؛ فإن الخبراء يتفقون على ارتباط كل من الرياضة الشبابية وتنمية الطفل، إلا أن الأطفال ليسوا على استعداد للمنافسة حتى يبلغوا 8 سنوات من العمر على الأقل، قبل ذلك لا يمكنهم التعامل مع ضغوط الفوز والخسارة كذلك القياس والتسجيل بناء على أدائهم، فبالنسبة للأطفال دون سن الثامنة، يجب أن تكون الرياضة حول النشاط البدني والاستمتاع، بالإضافة إلى تعلم مهارات جديدة ووضع الأساس للروح الرياضية الجيدة.
إلا أن هذا لا يعني أن جميع الأطفال سيكونون مستعدين للرياضات التنافسية بمجرد أن يبلغوا عمر الثامنة، حيث أن العديد من الأطفال حتى عمر 10 سنوات سيصبح بمقدورهم فهم بعض الفروق الدقيقة المتأصلة في المنافسة، كما أنه من الصعب عليهم إدراك أنه في بعض الأحيان، تخسر حتى عندما تحاول أفضل ما لديك.
ومن الناحية التطويرية، يحتاج الأطفال الذين يلعبون بشكل تنافسي إلى أن يكون لديهم انضباط ذاتي كافٍ وسرعة بديهة جيدة، كذلك يجب أن يكونوا ناضجين كفاية للاستماع إلى المدرب واحترام أوامره، فضلاً عن معايير العمل واللعب ضمن فريق، مثلاً إذا كان طفلك متحمسا للغاية للعب كرة القدم، لكن ليس لديه الصبر للانضباط وفق تمارين التدريب المتكررة؛ فقد لا يكون مستعداً بعد للانضمام إلى فريق تنافسي، بالإضافة إلى أهمية تخفيض خطر الإصابة، حيث يجب ألا يلعب الأطفال ضمن فريق كرة القدم مثلاً، حتى يكونوا على الأقل قد بلغوا سن 11 أو 12، فهنالك خطر التعرض للإصابة المفرطة إذا كان طفلك متخصصاً في موقع معين من اللعبة في سن مبكرة.

ثانياً: هل لدى طفلك المهارة الكافية لخوض لعبة تنافسية؟
لا يمكن أن نساوي الشغف بالكفاءة دائماً، قد يعشق طفلك كرة السلة مثلاً، ولكن ينتهي به الأمر إلى الجلوس على مقعد الاحتياط؛ إذا انضم إلى فريق متقدم للغاية بالنسبة لعمره وكفاءته، حيث تركز الفرق الرياضية التنافسية بشكل طبيعي على الفوز، وهو ما يعني أن الرياضيين الأقل موهبة لا يحصلون دائماً على فرص اللعب.
يدعو المدير التنفيذي لتحالف التدريب الإيجابي (PCA) (التعليم عن طريق الرياضة) جيم تومسون (Jim Thompson)؛ الوالدين إلى البحث عن المدربين والفرق التي تؤكد على الإتقان لا على الفوز بأي ثمن، حيث يمكن للاعبين التحكم في جهودهم الخاصة والتعلم والاستجابة للأخطاء، لكنهم لا يستطيعون التحكم فيما إذا فازوا أو خسروا، ويقول تومسون: "في عمر الثامنة والتاسعة كذلك العاشرة؛ يريد الأطفال أن يعرفوا كيف يؤدون دورهم مقارنة بالآخرين؟ هل هم أفضل من غيرهم؟.. كما أن أفضل طريقة للتنافس هي التركيز على الإتقان، وأفضل طريقة للفوز هي الفوز على فريق أدنى".

ثالثاً: هل يريد طفلك بالفعل خوض الألعاب التنافسية؟
قبل أن تضع طفلك ضمن فريق رياضي تنافسي أو أي لعبة تنافسية أخرى، كن على يقين ومتأكد تماماً أنه يريد ذلك من كل قلبه، فهل يريد الانضمام إلى فريق لمجرد أن أصدقائه موجودين فيه؟.. أو لأنكما أنتما والديه (ودون وعي منكما ربما)؛ تدفعانه إلى ذلك؟.. وإذا ما كان الطفل يريد التطور في لعبة ما إلى مستوى أعلى؟.. عظيم.. لكن إذا لم تفعل ذلك وتسأل هذه التساؤلات، فلا يزال أمام طفلك خيار الاستمتاع بالرياضة المفضلة لديه في دوري غير تنافسي، أو من خلال الألعاب الصغيرة مع العائلة والأصدقاء في الحي.
كما عليك أن تضع في اعتبارك كذلك، ما إذا كانت المنافسة الفردية أو الجماعية مناسبة لطفلك، هذا يعتمد إلى حد كبير على شخصيته، فبعض الأطفال يزدهرون مع فريق، كما يريد الآخرون المزيد من السيطرة على ما يريدون، ويعتبر أطفال آخرون أن الوجود ضمن فريق يخلصهم من الضغط، هذا ويشعر بعض الأطفال بالقلق أكثر فيخشون أن يكونوا سبب الخسارة لأعضاء الفريق بأدائهم الضعيف.

رابعاً: دع طفلك ينضم للمنافسات البناءة والصحية:
هناك فرق مهم بين "التنافس على الفوز" و"التنافس من أجل التفوق"؛ التنافس من أجل الفوز يعني محاولة "السيطرة والتفوق" على الآخرين، في حين أن التنافس على التفوق يدور حول "الأداء الجيد وتجاوز الأهداف الشخصية"، فالرياضيون الذين يكون دافعهم الأساسي هو التنافس على التفوق يحصدون فوائد كبيرة، تشمل التقدير الأعلى للذات كذلك نسبة أقل من الإجهاد الفكري أو الاكتئاب.
كما لا يزال الرياضيون الذين يتنافسون على التفوق مدفوعين لتحقيق النجاح، فدافعهم يأتي من الداخل: "أريد أن أكون أفضل ما أستطيع" بدلاً من "أريد أن أقضي على كل المنافسين الآخرين".
التنافس على التفوق يأخذ التركيز من الفوز والخسارة، بالتالي ينتقل التركيز إلى استخدام المنافسة كوسيلة لتحفيز الإنجاز الفردي، كما يسمى التنافس على أساس التفوق أيضاً: "التنافسية للتنمية الشخصية" أو "المنافسة الموجهة نحو المهام" أو بكل بساطة "الحاجة إلى الأداء الجيد".
يمكنك تعزيز التنمية الشخصية والثقة في القدرة التنافسية لدى الطفل؛ من خلال التركيز على التحسينات الإضافية وبناء المهارات، كذلك مدح طفلك عندما يحقق أفضل ما لديه، حتى لو لم يفز في سباق ما، بالإضافة إلى الفخر به والتعليق على جهوده عندما يقدم مساهمة مهمة لفريقه حتى لو لم ينته الفريق نفسه لما قدمه طفلك، كما عليك التأكد من تذكيره بمدى فخرك بتدريباته والمثابرة والجهد الذي يبذله، وليس مجرد النتائج مثل الانتصارات والجوائز.

أخيراً.. أهمية استعداد الأسرة:
إذا انضم طفلك إلى فريق، وخاصة فريق النخبة أو فريق يمثل المدرسة أو المنطقة التي تسكنوها؛ فسوف يكون عليك التزام كبير بالوقت والمال، بصرف النظر عن نقل طفلك إلى التدريب كل يوم، حيث سيكون عليك بالتأكيد أن تساهم بدعم الفريق أو النادي أو الدوري.
وهناك عامل آخر ينبغي أن يفكر فيه أفراد الأسرة، وهو: "هل تضيع الألعاب الرياضية التنافسية وقت الطفل أكثر من اللازم، مما يحدّ من إبداعه؟".. فالرياضة الجماعية المنظمة تفرض قواعد على الأطفال، أما عندما ينخرط الأطفال في ألعاب الشارع أو الحي مع أطفال آخرين، فإنهم يميلون إلى بناء مجموعة من القواعد المعمول بها بشكل فضفاض ويخترعون قواعدهم الخاصة، وهذه ليست مهمة للأطفال الصغار فحسب لكنها جزء من جاذبية اللعب، فهي تمثل روح الاختراع والخيال كذلك التعبير عن الذات والجرأة على المخاطرة، طبعاً هذا لا يعني أن عليك فرض تخلي طفلك عن الرياضة التنافسية بشكل نهائي، لكن على الأسر حماية جداول أطفالها حتى يحصلوا على وقت فراغ كاف لممارسة لعبهم الحرّ والممتع بعيداً عن ساعات الالتزام ضمن تمرينات الفريق.

في النهاية.. تحديد عمر الطفل بأكثر من 6 سنوات؛ لخوض مباريات  وألعاب تنافسية كما يقول العلماء، أمر توصلت إليه أبحاث علمية من المهم أن نطلع عليها، هذا لا يعني كما رأينا من خلال آراء الخبراء أن نحدد نفس المعايير لدى كل الأطفال، فكل طفل مميز وفريد بذاته لكن عليك أن تحدد بحكم مسؤوليتك ما هو الأصلح له، وشاركنا من خلال التعليقات رأيك بما ناقشناه، كما أخبرنا عن تجربتك في تربية طفلك على المنافسة الصحية.