علاج العقم بعملية الحقن المجهري وفرص الحمل بالتلقيح المخبري

كيف تُجرى عملية الحقن المجهري أو التلقيح ضمن المخبر؟ وما نسبة نجاحها ومخاطرها؟ وما هي سلبيات الحقن المجهري؟ إليكم التفاصيل في هذا المقال.
علاج العقم بعملية الحقن المجهري وفرص الحمل بالتلقيح المخبري

علاج العقم بعملية الحقن المجهري وفرص الحمل بالتلقيح المخبري

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يعلم الجميع أن الرغبة في الإنجاب غريزة بشرية طبيعية، إذ يحلم كل زوجين جديدين بإحضار طفل إلى هذا العالم يكون تتويجاً لهذا الزواج، ومصدراً للسعادة في الصغر والمساعدة عند الكبر، لكن الأمر ليس بهذه البساطة لدى الجميع إذ تؤدي العديد من الأسباب المعروفة أو غير المعروفة إلى العقم بشكليه الذكريوالأنثوي.
ظهرت عمليات أطفال الأنابيب في النصف الثاني من القرن العشرين، وتطورت بشكل كبير لتشمل حالات مختلفة من العقم، ويُعتبر الحقن المجهري للنطاف واحداً من أكثر الأساليب حداثة وفعالية، فما هي هذه العملية؟

كيف يحدث الإلقاح الطبيعي؟ وكيف تساعد عملية الحقن المجهريعلى تحقيقه؟
يحدث الإلقاح في الطبيعة عند التقاء الحيوان المنوي الذي يقذفه الذكر ضمن السائل المنوي مع البويضة التي ينتجها المبيض لدى الأنثى، يحدث هذا الأمر داخل جسد الأنثى وتتشكل بيضة ملقحة تنتقل إلى الرحم وتنمو إلى أن تتحول إلى جنين بشري مكتمل النمو بعد 9 أشهر من الحمل.
يُعتبر الحقن المجهري للحيوانات المنوية أكثر طرق الإخصاب الصناعي نجاحاً، إذ تحتاج هذه التقنية حيواناً منوياً سليماً واحداً فقط يتم حقنه داخل البويضة مباشرة، وبالتالي تشكيل بيضة ملقحة في المختبر، ثم يتم زرع البيضة الملقحة داخل رحم المرأة.
 

animate

من يحتاج عملية الحقن المجهري؟
يتميز الحقن المجهري للحيوانات المنوية بكون هذه الحيوانات لا تحتاج لاختراق طبقات البويضة الأنثوية، مما يعني أنه قد يكون أمراً ضرورياً إذا اتصفت الحيوانات المنوية للرجل بما يلي:
• عدم القدرة على اختراق جدار البويضة.
• عدم القدرة على الاندماج مع البويضة حتى بعد اختراق جدارها.

لهذا تعتبر الحالات التالية من دواعي إجراء الحقن المجهري:
• نقص عدد الحيوانات المنوية: إذا كان عددها منخفضاً جداً يصبح حدوث الحمل الطبيعي أمراً مستبعداً، لكنه يبقى ممكناً عبر استخدام الحقن المجهري ما دام هناك حيوان منوي حيٌّ واحد.
• ارتفاع نسبة الحيوانات المنوية غير الطبيعية: قد تكون هذه الحيوانات مشوَّهة أو غير قادرة على الحركة، وتوجد نسبة قليلة من الحيوانات المنوية غير الطبيعية في السائل المنوي لجميع الرجال، أما ارتفاعها فهو ينذر بالخطر.
• عدم وجود الحيوانات المنوية في السائل المنوي: في بعض الأحيان يتم تشكيل الحيوانات المنوية داخل الخصيتين بصورة طبيعية لكن هذه الحيوانات المنوية لا تصل إلى السائل المنوي المقذوف من العضو الذكري، قد يحدث هذا بسبب عملية جراحية سابقة على المنطقة التناسلية (مثل عملية ربط الحبل المنوي الجراحية المستخدمة لجعل الرجل عقيماً لدى الأزواج المكتفين من الأبناء)، أو بسبب حادث أو إصابة جسدية.
• الحاجة إلى استخدام حيوانات منوية مجمدة: يحفظ بعض الرجال حيواناتهم المنوية في ما يدعى باسم بنوك النطاف (Sperm Banks) لاستخدامها فيما بعد إذا فقدوا خصوبتهم بسبب إصابة سرطانية أو علاج شعاعي أو كيميائي مثلاً، وهنا لا بد من استخدام تقنية الحقن المجهري.
في الحالات السابقة يساعد الحقن المجهري على زيادة احتمال نجاح الإلقاح، لكنَّ النجاح ليس أمراً مؤكداً بأي وسيلة كانت.
 

مراحل عملية الحقن المجهري
هناك بعض الاختلافات البسيطة في تفاصيل العملية، لكنها تتبع للخطوط العريضة التالية:
• جمع الحيوانات المنوية: عادة ما يتم أخذ عينات الحيوانات المنوية بطريقة مشابهة لتحليل السائل المنوي (استمناء الرجل داخل عبوة جمع العينات)، لكنَّ هذه الطريقة ليست ممكنة دوماً إذا أدى انسداد ما إلى إعاقة خروج الحيوانات المنوية، أو إذا لم تكن هذه الحيوانات قادرة على الحركة بسبب خلل في نضجها وتطورها، وفي هذه الحالات يتم استخراج الحيوانات المنوية بشكل جراحي عن طريق إجراء شق صغير في جدار كيس الصفن وسحب الحيوانات المنوية من الخصية نفسها، أو من أنبوب متعرج فوقها يدعى باسم البربخ (Epididymis) ويعمل كمخزن للحيوانات المنوية.
• الإباضة وجمع البويضات: عندما يبدأ علاج الإخصاب الصناعي يتم علاج المرأة بهرمونات منشطة للمبيض ومراقبة نشاط المبيض بشكل مكثف لمدة أسبوعين تقريباً حتى تنضج البويضات بشكل كافٍ لاستخلاصها واستخدامها، عادة ما يتم طرح بويضة واحدة من أحد مبيضي المرأة كل دورة شهرية، ولكن في حالة تنشيط المبيض باستخدام هرمونات خارجية يكون عدد هذه البويضات أكبر من أجل زيادة فرصة نجاح العملية، بعد ذلك يتم سحب البويضات الناضجة عن طريق الجراحة التنظيرية أو السحب بالإبرة عبر الجلد بمساعدة التصوير بالأمواج فوق الصوتية (Echo).
• حقن الحيوانات المنوية داخل البويضات: باستخدام أنبوب زجاجي فائق الدقة، يتم إدخال أحد الحيوانات المنوية الذكرية إلى البويضة الأنثوية، تكرر هذه العملية بضعة مرات ثم تترك العينات في وسط زرع ((مغذ)) حتى اليوم التالي لفحصها مجدداً، يتم البحث عن الحالات الناجحة (بيوض ملقحة قابلة للنمو داخل الرحم) وزرع بيضة ملقحة واحدة أو أكثر (يتم اختيار هذا العدد بناء على عدة عوامل أهمها العمر، وكلما كان احتمال النجاح قليلاً ينصح الطبيب بزيادة عدد البيوض المزروعة لزيادة فرصة حدوث الحمل)، أما البيوض الباقية فيتم تجميدها لاستخدامها إذا لزم الأمر فيما بعد.
• زرع البيوض الملقحة في الرحم: يتم الزرع عبر المهبل ومن ثم عنق الرحم من نفس الطريق الذي يخرج عبره الطفل أثناء الولادة الطبيعية، وذلك بمساعدة أنبوب يدعى أنبوب القسطرة.
تأخذ عملية الحقن المجهري 4 إلى 6 أسابيع بدءاً من تحريض المبيض وحتى تحقيق الحمل، وتحتاج عملية تحريض المريض إلى حقن جرعة هرمونية يومية يمكن أن تأخذها المرأة في المشفى أو بمساعدة أحد ما في المنزل، كما يجب إجراء تحاليل دموية لمراقبة تأثير الهرمونات وعدم تجاوز الجرعة المطلوبة.
 

ما هي فوائد الحقن المجهري للحيوانات المنوية؟
تكمن أهمية هذه التقنية في قدرتها على تحقيق الحمل في الكثير من الحالات التي تعجز فيها وسائل الإخصاب الصناعي الأخرى، إذ يمكن سحب النطاف من خصيتي الرجل إذ كان انسداد الأقنية المنوية قد أحدث له عقماً، كما يمكن أن تفيد عملية الحقن المجهري في حالات العقم مجهول السبب، ولكنها لا تعتبر الخيار العلاجي الأول ما لم يكن هناك سبب واضح لاختيارها (مثل غياب الحيوانات المنوية في السائل المنوي للرجل ووجودها في الخصية).
لم يظهر حتى اليوم دليل مؤكد على الاختلاف في التطور الجسدي والعقلي للأطفال المولودين نتيجة الإلقاح الصناعي وأقرانهم الذين ولدوا نتيجة حمل طبيعي.
 

هل هناك سلبيات للحقن المجهري؟
تُعتبر عملية الحقن المجهري حديثة العهد إلى حد ما، لذلك ما يزال الباحثون في طور مراقبة تأثيراتها المتأخرة، وليس هناك الكثير من المعلومات المؤكدة حتى اليوم، ما عدا عدد من السلبيات مثل:
• الحمل المتعدد: بما أن عمليات الإلقاح الصناعي تتضمن زرع أكثر من بيضة ملقحة في رحم المرأة يبقى احتمال انغراس أكثر من بيضة بشكل ناجح أمراً وارداً، وهو في الواقع يمثل أكثر من ثلث حالات الحقن المجهري، قد يبدو هذا الخبر أمراً جيداً ومفرحاً لدى البعض، لكن الحمل المتعدد قد يحمل عدداً من المخاطر الصحية مثل ارتفاع ضغط الدم الحملي، السكري الحملي، والحاجة إلى إجراء جراحة قيصرية بدلاً من الولادة الطبيعية.
• متلازمة فرط تحريض المبيض: بسبب إعطاء الأدوية الهرمونية التي تؤدي إلى زيادة نشاط المبيض أكثر من الحد المطلوب؛ تتراوح أعراض هذه المتلازمة من أعراض بسيطة تتمثل باحتباس السوائل داخل الجسم أو الشعور بالغثيان وضيق النفس، وحتى أعراض مهددة للحياة مثل الاحتباس الشديد للسوائل حول القلب والصدر مما يعيق القلب والرئتين عن العمل.
• إصابة الأجنة بتشوهات خلقية: احتمال نادر يُرجح أن سببه غياب عملية الاستبعاد الطبيعي التي تحدث في الحالات الطبيعية للحيوانات المنوية الضعيفة والمشوهة التي لا تستطيع الوصول إلى البويضة داخل جسم المرأة وتلقيحها، وما يزال هذا الموضوع قيد الدراسة.
 

ما هي فرص نجاح الحقن المجهري؟
تتعلق فرصة نجاح عملية الحقن المجهري بعامل مهم وأساسي هو عمر المرأة، إذ تكون احتمالات الحمل بالنسبة للعمر كما يلي:
• 44 في المئة للأعمار 18-34.
• 39 في المئة للأعمار 35-37.
• 30 في المئة للأعمار 38-39.
• 21 في المئة للأعمار 40-42.
• 11 في المئة للأعمار 43-44.
• 2 في المئة لما بعد سن 45.
كلما كان عمر المرأة صغيراً كلما كان مبيضها ينتج بويضات أكثر صحة، كما يتعلق نجاح العملية بسبب العقم إن كان تشوّهاً وراثياً أو إصابة، لكنَّ العمر يبقى المتغير الأهم.

وفي الختام.. تبقى عملية الحقن المجهري نقلة نوعية في عالم طب الخصوبة وعلاج العقم، فهي بالرغم من السلبيات والمخاطر التي لا يمكن تجنبها ساعدت الكثير من الأزواج في الحمل والإنجاب حتى بعد انقطاع الأمل، لكن التطور في التقنيات الطبية مستمر، ولا شك في أن المستقبل يحمل لنا ما هو أفضل وأكثر سلامةً ونجاحاً.