أسباب وأعراض سرطان البروستات وطرق علاجه

هل ضخامة البروستات تعني سرطان البروستات؟ أعراض وعلامات سرطان البروستات والكشف المبكر، مضاعفات سرطان البروستات وطرق علاجه، والوقاية من سرطان البروستاتا
أسباب وأعراض سرطان البروستات وطرق علاجه
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يعتبر سرطان البروستات أكثر الأورام الخبيثة الخاصة بالرجال شيوعاً، وهو ورم بطيء النمو ويحتاج إلى فترة طويلة حتى يسبب خطورة على حياة المريض، ولكنه من ناحية أخرى ورم خفي قد لا تظهر أعراضه إلا عندما يخرج من البروستات ويصبح منتشراً في الجسم، لذلك تعتبر التوعية حول سرطان البروستات والفحص الدوري للكشف المبكر عنه أمراً شديد الأهمية في منعه من التحول إلى مرض قاتل.

البروستات (Prostate) هي غدة خاصة بالذكور تشبه في حجمها حبة اللوز وتقع بين المثانة والقضيب، أما من الخلف فيوجد المستقيم الذي ينتهي بفتحة الشرج (لذلك يعتبر المس الشرجي أسهل وأفضل طريقة لفحص البروستات)، يمر الإحليل (الأنبوب الذي يحمل البول من المثانة إلى خارج الجسم) عبر البروستات من المثانة إلى القضيب لذلك يمكن أن تؤدي ضخامة البروستات أو التهابها إلى صعوبة في التبول بسبب انضغاط الإحليل أو التهابه.

تفرز غدة البروستات سائلاً يفيد في تغذية وحماية الحيوانات المنوية فهو يحتوي على السكريات والكالسيوم وغيره من الأملاح المعدنية حتى أن سائل البروستات يعتبر مسؤولاً عن منح اللون الأبيض للسائل المنوي عند الذكور، وبدون مفرزات البروستات يصبح من غير الممكن على الحيوانات المنوية أن تتحرك بسلاسة وتنتقل من جسم الذكر إلى الأنثى حتى تقوم بعملية الإلقاح.

تنمو معظم أنواع سرطان البروستات ببطء شديد وتصيب الرجال المسنين لذلك فهي لا تحتاج إلى أي علاج في عدد لا بأس به من الحالات (مثلاً إذا حدث الورم لدى رجل عمره 80 وكان الزمن المتوقع لتطور الورم 10 أو 15 عاماً فليس من الضروري الخضوع لعلاجات السرطان المتعبة التي قد تكون أخطر من الورم أصلاً)، ولكن بعض الأنواع الأخرى تنمو بسرعة وتحتاج إلى علاج مكثف وسريع.

animate

ما هي الأعراض التي يشكو منها مريض سرطان البروستات في العادة؟
في المراحل المبكرة يكون الورم محصوراً داخل غدة البروستات ومحاطاً بالنسيج السليم لذلك لا يسبب أية أعراض ولا يمكن كشفه إلا بالطرق المخبرية أو الإيكو، فيما بعد ينتشر الورم إلى الأنبوب الحامل للبول (الإحليل) مؤدياً إلى بعض الأعراض التالية أو جميعها:

  • الرغبة بالتبول: تدعى الرغبة الملحة والمستمرة بالتبول دون وجود حاجة حقيقية له باسم الزحير البولي وسببها تنبيه الورم المنتشر للمستقبلات العصبية في الإحليل والمثانة.
  • تقطيش البول: بسبب ضخامة البروستات الناتجة عن نمو الورم والتي تؤدي إلى انضغاط الإحليل وصعوبة مرور البول داخله.
  •  الشعور بعدم إفراغ المثانة بشكل تام بعد التبول.
  • نقص قوة دفق البول.
  • ظهور الدم في السائل المنوي.
  • الشعور بالألم أو الانزعاج المستمر في منطقة الحوض.
  • عسر الانتصاب (Erectile Dysfunction): أو ما يدعى باسم الضعف الجنسي لدى الذكور.
  • الآلام العظمية: وخاصة في منطقة أسفل الظهر، لأن سرطان البروستات يميل للانتقال إلى العظام وخاصة الفقرات السفلية من العمود الفقري.

لا تعني هذه الأعراض وجود سرطان بروستات بشكل مؤكد، ولكنها موجهة إليه وخاصة إذا ظهرت وتطورت بشكل سريع لدى رجل كبير في السن.

ما هي العوامل المؤهبة والمجموعات البشرية عالية الخطورة للإصابة بسرطان البروستات

شأنه شأن سائر أنماط السرطان، لا يملك سرطان البروستات سبباً وحيداً واضحاً لحدوثه، ولكن المعروف عنه هو كونه يبدأ بمجموعة من الخلايا من نسيج البروستات الطبيعي التي تحدث فيها طفرات وتتحول إلى خلايا شاذة تبدأ في النمو والتكاثر بسرعة وبشكل غير مضبوط ومن ثم تغزو الأنسجة السليمة المجاورة، كما يمكن أن تنفصل بعض الخلايا الورمية عن الورم الأصلي لتنتشر في الأوعية الدموية وتتوقف في مكان آخر لتغزوه وتصنع بؤراً ورمية جديدة تدعى باسم الانتقالات الورمية (Metastases).

أما عن عوامل الخطورة التي تزيد احتمال الإصابة بسرطان البروستات فهي:

  • العمر: يعتبر سرطان البروستات من أمراض الشيخوخة بشكل أساسي لأن احتمال الإصابة به يزداد مع التقدم في السن.
  • العرق: يحمل أفراد العرق الأسود احتمالاً أعلى لتطور سرطان البروستات مقارنة بباقي المجموعات البشرية، كما أن احتمال تطور السرطانات العدوانية وسريعة الانتشار تكون عالية لديهم، وما زالت الأسباب غير معروفة وراء هذا التحيز الوراثي.
  • القصة العائلية: تزداد فرصة الإصابة بسرطان البروستات عند وجود فرد مصاب (أو سبقت إصابته في الماضي) بهذا السرطان، حتى أن وجود مورثات سرطان الثدي (BRCA1 أو BRCA2) في العائلة يزيد احتمال حدوث سرطان البروستات لدى رجالها كما يزيد احتمال سرطان الثدي لدى نسائها ورجالها (نعم من الممكن أن يصاب الرجال بسرطان الثدي ولكن إصابتهم نادرة نسبياً).
  • البدانة: عندما يتم تشخيص سرطان البروستات لدى البدينين يكون السرطان غالباً في مرحلة متقدمة وبالتالي يكون علاجه أكثر صعوبة، كما أن احتمال الإصابة بالورم لدى البدينين أكبر منه لدى النحيلين.

ما هي الاختلاطات التي تنتج عن سرطان البروستات
تشمل المضاعفات التي قد تحدث عن سرطان البروستات أو علاجه ما يلي:

  • انتقال السرطان (Metastasis): يمكن أن ينتقل سرطان البروستات إلى الأعضاء المجاورة مثل المثانة، أو ينتقل إلى العقد اللمفية أو عبر الدوران الدموي ليصيب العظام وأعضاء أخرى، يمكن أن يؤدي انتقال السرطان إلى العظام إلى ألم مستمر في هذه العظام وضعفها مما يؤدي إلى حدوث الكسور نتيجة تعرضها إلى ضربة خفيفة. يبقى احتمال تراجع الورم ممكناً بالعلاج المناسب حتى لو كان منتشراً، ولكن الشفاء الكامل يصبح مستبعداً.
  • السلس البولي: كل من سرطان البروستات والتقنيات المستخدمة في علاجه يمكن أن يسبب السلس البولي، ويعتمد علاج السلس الناتج عن السرطان على نوع السلس البولي (إذا كان بشكل خروج مستمر غير مضبوط للبول أو على شكل رغبة مستمرة بالتبول مثلاً) وشدة السلس واحتمال التحسن التلقائي بدون علاج، ويشمل العلاج أدوية وعمليات جراحية أو تركيب قسطرة بولية.
  • ضعف الانتصاب (Erectile Dysfunction): وهو كذلك يمكن أن ينتج عن السرطان بحد ذاته أو عن علاجاته المختلفة من جراحة أو علاج شعاعي أو هرموني، كما يمكن تحسين القدرة على تحقيق الانتصاب من خلال الأدوية أو الجراحة.

وسائل الكشف المبكر والبحث عن سرطان البروستات
لا يوجد حتى الآن إجماع في الرأي بين المراكز الصحية حول ضرورة الكشف الدوري والتحقق من سرطان البروستات لدى الرجال، ولكن عدداً منها تنصح بالبدء في فحص البروستات بعد سن الخمسين، وبعمر أبكر عند الفئات عالية الخطورة، أما عن الاختبارات المستخدمة في الفحص الروتيني فهي:

  • الفحص الإصبعي للمستقيم (Digital Rectal Examination): في هذا الاختبار يستخدم الطبيب إصبعه بعد ارتداء القفازات المعقمة ووضع مادة مزلقة للوصول إلى القسم من المستقيم الذي يقع خلف البروستات مباشرة، ويساعد هذا الإجراء في كشف وجود ضخامة أو عقد وتحديد طبيعتها إذا كانت مرنة أو قاسية، فالضخامة المرنة مثل المطاط تشير غالباً إلى ضخامة سليمة تحدث لدى معظم المسنين، أما وجود عقد قاسية فهو من العلامات الموجهة للخباثة.
  • تحليل الدم: والمهم في هذا التحليل هو معايرة مادة كيميائية هي المستضد البروستاتي النوعي (PSA) وهي مادة كيميائية تفرزها البروستات في الحالة الطبيعية لكن مستواها يرتفع بشكل كبير في أمراض البروستات مثل الالتهاب أو الضخامة الحميدة أو الخبيثة.


أما عن الوسائل التشخيصية في حال أظهرت الاختبارات المبدئية شكاً بوجود ورم فهي:

  • التصوير بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو): والمفضل في تشخيص سرطان البروستات هو الإيكو عبر المستقيم (Transrectal Ultrasound)، الذي يعتمد على إدخال أنبوب صغير عبر الشرج في رأسه جهاز إرسال واستقبال للأمواج فوق الصوتية يشبه في عمله جهاز الإيكو الذي يستخدم على البطن، ويفيد هذا الفحص في كشف بنية البروستات من الداخل إذا كانت تحتوي على بؤر أو كتل مثيرة للشك.
  • أخذ خزعات من نسيج البروستات: الخزعة هي عينة نسيجية صغيرة تؤخذ من المنطقة المشكوك بإصابتها بورم مثلاً ويتم فحصها تحت المجهر لتأكيد التشخيص، وهي ليست اختباراً مبدئياً إنما يتم إجراء الخزعة عندما ترجح الاختبارات السابقة وجود السرطان.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): ازداد استخدام هذا الفحص في السنوات الأخيرة بسبب دقته العالية في التفريق بين المناطق الورمية والنسيج السليم، كما أنه مفيد في الكشف عن البؤر الورمية البعيدة وخاصة في المناطق التي يفضلها سرطان البروستات مثل القسم السفلي من العمود الفقري.

ما هي الطرق العلاجية المستخدمة في سرطان البروستات
لا يعتبر الإسراع في البدء بالعلاج أمراً مهماً بالنسبة إلى العديد من الرجال المصابين.

فإذا كان السرطان في مراحله الباكرة ولا يسبب أعراضاً يمكن أن يقترح الطبيب مراقبة الورم بشكل مستمر للتأكد من عدم نموه إلى حد خطر، وهو العلاج المفضل لدى المرضى الشباب والمتزوجين حديثاً لأن استئصال البروستات يؤدي إلى العجز الجنسي ونقص الخصوبة.

في بعض الحالات يكون الورم قابلاً للشفاء بشكل كامل إذا تم اكتشافه بشكل مبكر، ومن العلاجات المستخدمة في هذه الحالة:

  • الجراحة: استئصال البروستات بشكل كامل مع الفحص النسيجي للتحقق من حواف القطع.
  • العلاج الشعاعي: يمكن أن يكون كافياً لوحده أو بالمشاركة مع العلاج الهرموني.

في حالات أخرى لا يتم تشخيص الورم حتى يكون قد خرج من البروستات وتجاوز المرحلة التي يمكن فيها شفاؤه بشكل تام، وهنا يهدف العلاج إلى التخفيف من انتشار الورم وإطالة المدة المتوقعة لحياة المريض وتخفيف الألم وأعراض الورم البولية والجنسية، نذكر من هذه العلاجات:

  • الاستئصال الجراحي: تكون هوامش الاستئصال متناسبة مع حجم الورم وانتشاره، ففي المراحل المبكرة قد يكون من الممكن استئصال البؤرة الورمية بواسطة التنظير أو تخريبها بالتجميد، وصولاً إلى الاستئصال الجذري للبروستات (Radical Prostatectomy) الذي يجري فيه استئصال البروستات بشكل كامل مع القليل من الأنسجة المحيطة بها والعقد اللمفية التي قد يكون الورم قد انتشر إليها.
  • العلاج الشعاعي: يتم استخدام أشعة ذات طاقة عالية تستطيع قتل الخلايا الورمية، وقد يتم استخدام الأشعة خارجية المصدر (أي يجلس المريض على السرير ويتم تشعيع المنطقة المصابة) أو الداخلية عن طريق زرع كمية صغيرة من النظائر المشعة في المنطقة المصابة مما يفيد في التخفيف من المساحة المعرضة للأشعة من الجسم ويقي من الآثار الجانبية للأشعة على المدى البعيد.
  • العلاج الهرموني: يهدف العلاج الهرموني إلى كبح إنتاج هرمون التستوستيرون داخل الجسم، وهو الهرمون الذكري المسؤول عن إحداث الصفات الجسدية الذكورية مثل خشونة الصوت وظهور الشعر على الوجه والجسد، كما أنه يلعب دوراً أساسياً في تنبيه خلايا البروستات على النمو والتكاثر، لذلك تستخدم الأدوية المضادة لعمل التستوستيرون أو استئصال مصدره الأساسي (الخصيتين) في علاج سرطان البروستات.
  • العلاج الكيماوي: يعتمد العلاج الكيميائي على قتل الخلايا التي تتكاثر بسرعة كبيرة داخل الجسم بما فيها الخلايا الورمية، وهو يستخدم في علاج المراحل المتقدمة من سرطان البروستات وخاصة تلك التي لا تستجيب على العلاج الهرموني التقليدي.
  • العلاج البيولوجي أو المعالجة المناعية: وهو شكل حديث اكتسب شهرة كبيرة في السنوات الأخيرة بسبب نتائجه المبشرة في علاج الكثير من الأورام، ويعتمد هذا النمط من العلاج على تعديل بعض الخلايا المناعية البشرية (الكريات البيض) لتصبح قادرة على التعرف على الخلايا الورمية والقضاء عليها، ولكن تقنيات العلاج المناعي ما تزال في بدايات تطورها حتى يومنا هذا وما زال أمامها الكثير من العقبات والعوائق.

إجراءات مفيدة للتقليل من احتمال الإصابة بسرطان البروستات

  • حمية غذائية صحية: تجنب الأطعمة الغنية بالدهون، واعتمد في غذائك اليومي على التنويع في الأطعمة والإكثار من الخضار والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة، فهي تحتوي على جميع الفيتامينات والمعادن والعناصر الغذائية التي تحتاجها أجسادنا، لا يمكن القول أن هذا النظام الغذائي يقي من سرطان البروستات تماماً ولكنه يقلل من احتمال حدوثه ويؤمن حماية ضد الكثير من الأمراض المزمنة والسرطانات الأخرى.
  • مارس التمارين الرياضية: فالتمارين الرياضية المنتظمة مفيدة في تحسين الحالة الصحية العامة، المحافظة على وزن طبيعي وتعديل المزاج، كما أن بعض الدراسات أظهرت أن الرجال الكسولين يملكون مستويات مرتفعة من (PSA) مقارنة بالرجال النشيطين مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.
  • المحافظة على وزن صحي: إذا كان وزنك طبيعياً في الوقت الحالي حاول الحفاظ عليه عن طريق ممارسة الرياضة والحمية الغذائية الصحية، أما إذا كنت في حاجة إلى خسارة الوزن فحاول اتباع حمية غذائية محدودة السعرات الحرارية وزيادة النشاط الجسدي والتمارين الرياضية، كما يمكن اللجوء إلى الخيارات الجراحية لعلاج البدانة المرضية في الحالات الشديدة.

وفي الختام.. نجد أن سرطان البروستات بالرغم من انتشاره الواسع هو مرض محدود الخطورة وقابل للشفاء التام أو التراجع في كثير من الأحيان باستخدام العلاج المناسب، كما أن التقنيات العلاجية الحديثة أثبتت أن المستقبل مبشر بالأمل في مجال علاج الأورام السرطانية وإزالة رهبتها كقاتل مرعب لا يوجد منه مهرب.