تربية الطفل وأنماط التربية

مجالات وأنواع التربية، كيف يمكن الوصول إلى أفضل مستوى تربوي للطفل، العراقيل والصعوبات في العملية التربوية، الأخطاء التربوية الشائعة
تربية الطفل وأنماط التربية
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

 ما أن تُذكَرَ الطفولة حتى يتبادر الى أذهاننا الكثير مما يرتبط بها من مظاهر الحيوية والبراءة، وما تحدثه في أنفسنا من مشاعر البهجة والسرور والتعمق في الذكريات، وحين نستذكر حال الطفولة وحاجاتها ومتطلباته وصعوباتها التربوية ونحن نفكر بأطفالنا وكيف علينا التعامل معهم، يتصاعد قلقنا على أطفالنا، وتتعاظم مخاوفنا مما قد يصيبهم من اضطرابات نفسية عارضة أو مزمنة، فيزيدنا هذا اهتماماً وتفكيراً في الوسائل التربوية الأفضل والأجدى والتي يمكننا من خلالها تنشئتهم بطريقة تضمن سويتهم النفسية وصلاحهم الاجتماعي وصحتهم الجسدية وسعة معرفتهم ومعلوماتهم وخبراتهم، وفي غاية تحقيق ذلك يجب التعرف على أنواع ومجالات التربية وكيفية تحقيقها وما فوائدها وكيف يمكن الابتعاد عن الأخطاء التربوية التي قد نؤذي خلالها أطفالنا ظناً منا أننا نقوم بتربيتهم. 

هي رحلة تبدأ من اللحظة الأولى لحدوث الحمل، تمر هذه الرحلة بمراحل عديدة والكثير من التجارب والمواقف والأحداث، وخلال هذه الرحلة هناك ما يجب فعله لضمان نشأة الطفل صحياً وتعليمياً ونفسياً واجتماعياً.
فمع حدوث الحمل يبدأ العمل لتحقيق هذه الغاية من خلال عناية الأم الحامل بصحتها وتغذيتها وحالتها النفسية، ثم تنتقل للعناية بالطفل بعد ولادته من التغذية والعناية الصحية، ثم يكبر الطفل وتظهر الحاجة لتعليمه بعض المهارات البسيطة مثل الكلام والوقوف أو المشي.
وفي المرحلة للاحقة تبدأ عملية التربية بأخذ شكل آخر كالحاجة لدخول المدرسة وتعلم الأنظمة والقوانين المرتبطة بها، وكل ما أنهى الطفل مرحلة من هذه المراحل تبدأ مرحلة جديدة وتبدأ معها حاجات تربوية جديدة في عملية تنشئة الطفل حتى يصبح في النهاية فرداً كامل العضوية ومكتمل النضوج في المجتمع.
 

animate

التربية هي مصطلح أو مفهوم شامل، حيث أنه يتضمن مجالات وصعد عدة من طرق ووسائل وحاجات العناية بالطفل والعمل على تنشئته، وهذه العناية لها أبعاد عدة منها ما هو نفسي أو صحي وجسدي أو اجتماعي وبيئي أو تعليمي ودراسي، وبالنظر إلى هذه الأبعاد يمكن فهم مدى سعة وشمولية مفهوم التربية والعناية بالطفل، ومن هنا فمن الضروري معرفة أنواع التربية ومجالاتها استناداً إلى أبعادها وحاجاتها المتغيرة والمتنوعة، ومن هذه المجلات:


التربية الصحية والبدنية للطفل
العناية بتغذية الطفل

مرحلة الطفولة هي مرحلة النمو، وحتى يكتمل نمو الطفل فهو يحتاج للغذاء بأنواعه المختلفة، منذ أن يكون الطفل في رحم أمه من خلال العناية بغذاء الام ثم بالرضاعة الطبيعية بعد الولادة، وحتى يتمكن بعدها من تناول الأطعمة العادية والضرورية لاكتمال عملية نموه وللحفاظ على صحته وحياته.

تلقي اللقاحات والعلاج المناسب
فمرحلة الطفولة معرضة للكثير من الأوبئة والأمراض المنتشرة، وعادة ما تعمل المنظمات الصحية وفق خطط وبرامج شاملة لمحاربة هذه الامراض عبر إعطاء الأطفال اللقاحات والأدوية المضادة لها ويجب على الأهل الحرص على تلقي طفلهم لهذه التطعيمات.

الجسم والتربية البدنية
مثل تعويد الطفل على ممارسة التمارين الرياضية التي تبقي جسده قوي ونشيط، أو تعليمه الطرق الصحية للجلوس والمشي وكيف يحافظ على صحته الجسدية، وتأمين العلاج المناسب له إذا كان يعاني من أحد الأمراض.

تعليم الطفل العادات الصحية الجيدة
مثل العناية بالنظافة الشخصية وعدم إهمال الصحة، والانتباه لنوع الأطعمة التي يتناولها خاصة التي يشتريها الطفل من خارج المنزل، وتنظيم أوقات النوم والاستيقاظ والانتباه من المخاطر أثناء اللعب.

إبعاد الطفل عن المخاطر
أثناء اللعب في الحي أو المنزل أو المدرسة يتعرض الطفل للكثير من المخاطر كالسقوط أو التسبب ببعض الجروح والكدمات ويجب الانتباه لمثل هذه المسائل والتعامل معها بشكل مباشر.

التربية التعليمية الحياتية للطفل
- الكلام واستخدام اللغة:
وهي من الضرورات الأساسية التي يجب أن يتعلمها الطفل كونها وسيلة تواصله مع المحيط ووسيلة تعلمه لمعظم الأشياء الأخرى.
- تعليم مهارات التفكير وحل المشكلات: حيث أنه يجب العمل باستمرار على تحسين مهارات الطفل وقدرته على فهم الأمور وتحليل المشكلات التي تعترضه ليتمكن من تجاوزها والتغلب عليها.
- تدريب وتربية المواهب: عندما يمتلك الطفل موهبة أو قدرة معينة فيجب العمل على تطويرها وتنميتها من قبل ذوي الطفل من خلال اكساب الطفل المهارات والخبرات المناسبة للمجال الذي يبدع فيه.
- تربية القدرة على قضاء الحاجات: وتطوير المعارف والخبرات مثل تعلم المشي وطرق تناول الطعام الصحية أو قضاء الحاجة بنفسه ودون مساعدة أحد، أو حتى ارتداء الملابس والعناية بالنظافة الشخصية.
- التربية المدرسة: فالمدرسة هي المؤسسة التعليمية التي يقع على عاتقها تدريس الطفل العلوم المختلفة بالإضافة لمهمة تربوية تقوم على تعليم الطفل ما لم يتعلمه في منزله من نظام وقيم التعاون والمشاركة مع الزملاء واحترام المعلمين والأنظمة.

التربية الاجتماعية للطفل
تدريب الطفل على الدور المطلوب في الأسرة والمجتمع

فالطفل وفي كل مرحلة عمرية يمر فيها يطلب منه تأدية دور معين في أسرته ومجتمعه، من حيث الوظائف والمهام، ويجب أن يتعلم الطفل دوره هذا وكيف يختلف مع التقدم في العمر، حتى يصل لمرحلة يمارس فيها أدوار عدة في المجتمع مثل دور الابن ودور الأخ والأب أو العامل أو الموظف والكثير من الأدوار الأخرى.

تربية الأخلاق لدى الطفل
من خلال عملية التربية يجب أن يتعلم الطفل الأخلاق الحميدة التي تناسب ثقافة وعادات مجتمعه والعمل على غرس هذه الأخلاق في شخصية الطفل.

تعليم القيم الاجتماعية والنظم والقوانين المنتشرة في مجتمع الطفل، وكيف يمكن أن يكون فرد صالح في المجتمع وملتزم بنظمه وقوانينه ويحترم معاييره وقيمه.

تكوين العلاقات المرضية مع الآخرين
يجب أن يتعلم الطفل كيف يمكن بناء علاقات جيدة مع غيره من الأطفال في المحيط، حتى لا يشعر بالعزلة ويلجأ إلى الانطوائية إذا فشل في بناء مثل هذه العلاقات.

التربية النفسية للطفل
تعليم الثقة بالنفس ومحبة الذات

وهي من ضروريات الحياة بالنسبة للطفل، فعندما يملك الطفل ثقته بنفسه ويتمكن من محبة ذاته فإنه سوف ينجح في أغلب مجالات حياته، لأن الثقة بالنفس هي دافع وحافز على العمل والتطور باستمرار.

تنظيم السلوك والانفعال وردات الفعل
يجب أن يتعلم الطفل كيف يرتب أموره ويكون لديه سيطرة على سوكه وأفعاله، كما يجب تحسين طباع الطفل النفسية من حيث الغضب أو الخجل أو التهور، وتعليمه دائماً أن تكون تصرفاته وانفعالاته مناسبة للمواقف التي تواجهه حتى يتمكن من التغلب عليها.

تعليم الطفل قيم المشاركة والعطاء والمحبة
فهذه القيم تدل على النفسية السوية التي لا تعاني من أي مشاكل عند الطفل وتعطيه صفات جيدة في شخصيته، وتعلمه التأقلم مع المحيط وبناء علاقات جيدة مع الآخرين.

الهوية الذاتية والشخصية
من الضروري مساعدة الطفل على تكوين هويته الذاتية وتعريفه بها وبالشخصية التي سوف يقدم نفسه من خلالها أمام المجتمع.

التربية النفسية بهدف أن يكون بسوية نفسية جيدة وبعيدة عن الاضطرابات التي تتسبب بها عومل عدة مثل الغيرة أو الخوف أو الغضب، فهذه الاضطرابات التي تؤثر سلباً على سلوكيات الطفل وصحته النفسية وتصرفاته.
 

قد لا تكون كل التصرفات والأفعال التي نقوم بها أثناء تعاملنا مع أطفالنا صحيحة ومجدية، وفي كثير من الأحيان قد نتبع أساليب ووسائل يمكن وصفها بأنها خاطئة أو ذات نتائج عكسية في بعض الحالات ونحن نظن أننا نقوم بتربية أطفالنا وفعل ما هو في صالحهم وضروري لتربيتهم وتنشئتهم، وانطلاقاً من هذا يجب التعرف على أهم الأساليب التربوية الخاطئة وهي الأكثر شويعاً في تعامل بعض الأسر مع أطفالهم:
- التسلط التربوي: وهو أسلوب يقوم على قمع الطفل وتحديد سلوكه بطريقة صارمة وحادة.
- المسايرة: فالطفل قد يستخدم أساليب مثل البكاء والغضب أو العناد للحصول على بعض المكاسب مقابل تجنب غضبه أو بكائه، ويجب في هذه الحالات عدم مسايرة الطفل وتعويده على الانتهازية.
- الدلال: فبعض الأهل لا يحملون طفلهم أي مسؤوليات ويجعلونه يتكل عليهم في كل واجباته ومهامه، وهي طريقة خاطئة في التربية تجعل الطفل بشخصية اتكالية لا يتمكن من الاعتماد على نفسه.
- الإهمال: مثل الإهمال العاطفي أو الصحي او التعليمي أو التربوي وما ينتج عنه من سلبيات تربوية.
- بعض التصرفات ذات الأثر السلبي: مثل السخرية من سلوك الطفل او تجاوز أخطائه.
- المبالغة في العقاب والثواب: فيجب أن يتناسب حجم كل من الثواب أو العقاب مع الفعل الذي قام به الطفل وعدم المبالغة فيهما حتى لا يفقد أي منهما قيمته التربوية.
- أشياء تفقد الطفل الثقة بالنفس: مثل القمع أو نعته بالفشل أو السخرية من سلوكه واقتراحاته ورغباته أو اهماله عاطفياً أو تحميله مسؤوليات أكبر من طاقته.

يوجد في العملية التربوية بعض الضرورات التي تتوقف عليها تنشئة الطفل بطريقة سوية ومرضية، واكتمال وتحقيق الهدف التربوي في أي من مجالاته، وهذه الضرورات هي من الحاجات الطبيعية المشتركة بين جميع الأطفال على اختلاف أجناسهم أو بيئتهم العائلية أو حتى ثقافتهم الاجتماعية، ومن هذه الضرورات:
- إتاحة الفرصة للطفل ليتمكن من اللعب: فاللعب هو منهج تعلمي وتربوي منفرد، من خلاله يتعلم الطفل الكثير من الأشياء عن الحياة ويكون خبرات لا حصر لها، كما أنه يتعلم قيم قد تحتاج وقت كبير وجهد مضني لغرسها في شخصية الطفل وعاداته وقناعاته.
- الحرية والتعبير عن النفس: يجب ترك الطفل يعبر عن رغباته وما يدور في خاطره، وإعطائه مساحة من الحرية ليتصرف بالطريقة التي تحلو له ليتعلم منها مع الحرص على عدم إيذاء نفسه وتوجيهه عندما يؤدي سلوكيات مرفوضة.
- إفساح المجال للتجربة والتعلم من الخطأ: المحاولة والفشل ثم إعادة التجربة بطريقة أخرى والمحاولة من جديد، هي من الوسائل الأكثر ترسيخاً لأي معلومة يتعرف عليها الطفل من خلالها، فهنا الطفل يتعلم من أخطائه ويشعر بها ويدركها ولهذا فهو لن يكرر ما عرف أنه خاطئ مرة أخرى.
- فهم الفروق الفردية بين الأطفال: فالأطفال مختلفون عن بعضهم من حيث الميول والقدرات وبالتالي الأشياء التي يمكنهم تعلمها وطرق التربية الأفضل لكل منهم، ويجب على الأهل أن يعرفوا ما يناسب طفلهم من أساليب تربوية بحسب طبيعته الشخصية.
- ضرورات استثنائية للعناية بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة: عند الحديث عن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة فهناك وسائل خاصة للتعامل معهم في عمليات التربية والتعليم، وهي وسائل بحاجة لأن تكون بإشراف أخصائي بحسب كل حالة على حدة.

عملية التربية وتنشئة الأطفال، هي عملية شائكة معقدة وبسيطة في نفس الوقت، ففي تحدد الأسلوب التربوي الأفضل الذي يجب اتباعه في التعامل مع الطفل نواجه صعوبات وعراقيل عدة أهمها معرفة المجال الذي نريد تنشئة الطفل فيه والهدف أو الغاية التربوية التي نرغب بتحقيقها من خلال استخدام هذا الأسلوب التربوي، هنا بالتحديد تبدو ضرورة التعرف على معنى التربية بمفهومها العام ومن ثم التعرف على أنواع التربية المرتبطة بأهدافها هذا بالإضافة لأهم الأخطاء التربوية التي يمكن أن نقوم بها دون علمنا وإرادتنا، للوصول أخيراً لتحقيق هدفنا التربوية وغايتنا تجاه أطفالنا.