فوائد حليب الأم ومنافع الرضاعة الطبيعية للرضيع

كيف يتكون حليب الأم؟ تعرّف معنا على مكونات حليب الأم وما يجعله الغذاء الأمثل لحديثي الولادة، منافع حليب الأم المتعددة وفوائد الرضاعة الطبيعية المذهلة
فوائد حليب الأم ومنافع الرضاعة الطبيعية للرضيع

فوائد حليب الأم ومنافع الرضاعة الطبيعية للرضيع

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

تنتج الأم الحامل بعد ولادتها لطفلها الصغير حليباً عالي الفوائد والقيم الغذائية، ومما لاشكّ فيه أن منظمة الصحة العالمية والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال توصيان كلاهما دوماً بأهمية إرضاع حديثي الولادة من صدر الأمّ في الأشهر الستة الأولى على الأقل من ولادة الطفل؛ نظراً لما يقدمه حليب الأم من فوائد غذائية ومناعيّة يتفوق بها على أنواع الحليب الصناعية الأخرى. 

تابع معنا في هذا المقال الآلية التي يتحفّز بها جسد الأمّ لتشكيل حليب مغذٍّ لرضيعها مع العناصر الغذائية التي تدخل في تركيبه وما يقدّمه من فائدة للطفل الرضيع

التبدلات المهمة التي تطرأ على ثدي الأمّ خلال فترة الحمل
يطرأ على جسد الحامل تبدلات مهمّة في ثدييها بمجرد حدوث الحمل وثباته لديها، فمن الطبيعيّ جداً أن تلاحظ خلال الأشهر الأولى من حملها انتفاخاً وزيادة في حجم ثدييها مع إيلام معتدل فيهما، إضافة إلى تبدل لون الهالة المحيطة بحلمتي الثدي نحو الغامق، لا ينبغي للحامل أن تعتبر هذه التغيرات مشعر خطر أو بمثابة دافع مثير للقلق بمجرد ظهورها، بل نطمئن السيدات الحوامل بدورنا إلى أن هذه التغيرات في أثدائهن قد تشير ببساطة إلى تهيؤ أجسادهن لتغذية المولود الجديد. 

animate

كيفيّة تشكيل الحليب عند الأم بعد الولادة 
يبدأ ثرّ الحليب عند المرضعة بعد ولادتها الأولى بحوالي 48 إلى 72 ساعة، وتلاحظ الأمّ أن ثرّ الحليب يحدث خلال فترات أبكر من ذلك بكثير في الولادات التالية.

تنخفض مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون بمجرد خروج الجنين إلى العالم الخارجيّ مع مشيمته، وترتفع بالمقابل قيم هرمون البرولاكتين (Prolactin Hormone)، الذي يُفرَز من القسم الأماميّ للغدة النخاميّة (Pituitary Gland).

يحرض هرمون البرولاكتين على إنتاج الحليب وثرِّه من خلال الأقنية اللبنية الموجودة في ثدي الأم نحو الخارج، وتلاحظ المرضعة كيف يصبح ثدياها مؤلمَين نظراً لاحتقان الأوعية الدموية فيهما مع النسيج الضام المكوّن للثدي، وهي تغيرات فيزيولوجيّة طبيعيّة ستخفُّ وطأتها عند الأمّ بعد أيام قليلة من إرضاعها لطفلها. 
 

كيفيّة خروج الحليب من ثدي الأمّ لإرضاع طفلها 

يمكن للحليب المتكوِّن في جسد الحامل أن يخرج بكميات بسيطة جداً من ثدييها في الأسابيع الأخيرة المتبقية من حملها نظراً لمستويات هرمون البرولاكتين التي أخذت بالارتفاع بغية إعداد الحليب وتشكيله، وبشكل أساسيّ يشجعّ تماس الرضيع مع صدر والدته بعد الولادة ووضع حلمتها داخل فمه على إفراز هرموني الأوكسيتوسين (Oxytocin) والبرولاكتين (Prolactin) معاً، فتمتلئ الفصيصات الموجودة داخل الثديّ بالحليب، وتحرِّض الخلايا المحيطة بهذه الفصيصات على ضغطها كي تمرر هذا السائل المغذي عبر الأقنية اللبنية التي تنفتح نهاياتها ضمن حلمة الثدي نحو الخارج، ويتناولها الرضيع في نهاية المطاف. 

ستشهد الأم في الأيام الأولى من إرضاعها لطفلها آلاماً في رحمها تنجم عن تقلصات الطبقة العضلية الموجودة فيه والتي تتحرض بفعل هرمون الأوكسيتوسين كي ينكمش الرحم ويستعيد حجمه الطبيعي خارج أوقات الحمل (نسميه طبياً انطمار الرّحم).

مواصفات حليب الأمّ الذي تنتجه لرضيعها بعد ولادته 

يستمتع الطفل الصغير في الأيام القليلة الأولى من ولادته بحليب أصفر ذهبيّ وسميك القوام نسميه طبياً باللبأ (Colostrum)، يُعتبر هذا الحليب غنياً جداً بالبروتينات والعوامل المناعية التيتنتقل للطفل الصغير وتدعم جهازه المناعيّ بشكل أكبر كي يقاوم العوامل الممرضة المختلفة. 

العناصر الغذائيّة والمواد الأخرى المفيدة في حليب الأمّ 

يحتوي حليب الأمّ على العديد من العناصر الغذائية التي تفيد الرضيع وتقوِّي بنيته وتدعم صحته، سنستعرض معاً هذه العناصر وقيمها وفق التالي: 
• البروتينات 
يحتوي حليب الأم على نمطين من البروتينات بشكل أساسيّ: بروتينات الزّلال (Whey Protein) بنسبة 60% وبروتين الكازئين (Casein) بنسبة 40%، يمثّل تواجد هذين البروتينين وفق النسب السابقة فائدة كبرى للسبيل الهضميّ عند الطفل الرضيع نظراً لكونهما يسهِّلان هضم حليب الأمّ وامتصاصه دون أي آثار جانبيّة أو أعراض هضمية تزعج الرضيع (كالمغص مثلاً)، إلى جانب الدور المهمّ الذي يلعبه بروتين الزلال في حماية الطفل الرضيع من الإنتانات المختلفة. 

يضاف للبروتينين السابقين أيضاً ما يلي: اللاكتوفيرين (Lactoferrin) الذي يقي الرضيع من تكاثر العوامل الممرضة المعتمدة على الحديد في نموّها، الليزوزومات (Lyzozomes) التي تدعم نموّ الجراثيم المفيدة داخل السبيل الهضمي للطفل الرضيع وتحميه من نموّ جرثومتي (E.coli) والسالمونيلا (Salmonella)، يضاف لهما أيضاً العامل المشقوق (Bifidus Factor) الذي يدعم نموّ جرثومة اللبنية المشقوقة (Lactobacillus Bifidus) في السبيل الهضمي عند الرضيع، والتي نعتبرها بمثابة جرثومة مفيدة تؤمن وسطاً حامضياً داخل السبيل الهضمي فتعيق بذلك نموّ عوامل ممرضة أخرى وتكاثرها ضمنه. 

• الدّسم 
يحتوي حليب الأمّ على الأحماض الدسمة طويلة السلسلة (Long Chain Fatty Acids) التي تمثّل مصدر الطاقة الأساسيّ والمهمّ لمختلف العمليات الحيوية التي تجري في جسم الرضيع، كما أنها تدعم نموّ الجهاز العصبيّ المركزيّ لديه وتطوّره. 

• السّكريات 
يؤمن سكر اللاكتوز الذي يحويه حليب الأم ما يعادل 40% من مجمل الطاقة التي يحصل عليها الطفل الرضيع من الغذاء، ليس هذا وحسب، بل يؤمن سكر اللاكتوز حمايةً للرضيع تجاه العوامل الممرضة التي قد تنمو داخل سبيله الهضميّ عبر دعمه لنشاط ووظيفة الجراثيم المفيدة الموجودة ضمن هذا السبيل أيضاً، ويتحسن بفضله امتصاص الكالسيوم والفوسفور والمغنيزوم التي تمثل معادن مهمة جداً لنموّ الهيكل العظميّ وتقويته عند الرضيع. 

• الفيتامينات 
بالنسبة للفيتامينات التي يحصل عليها الرضيع من حليب الأمّ فإن كميتها تتفاوت تبعاً لما تناله هذه الأمّ يومياً من الفيتامينات عبر غذائها، ونشير بدورنا إلى ضرورة تنوّع المصادر الغذائية التي تكوّن النظام الغذائيّ للأمّ؛ كي تنال بالمقابل أهم الفيتامينات التي تمرّ عبر حليبها إلى جسد طفلها الرضيع، وهي : فيتامين A و D و E و K (المنحلَّة بالدسم)، إلى جانب مجموعة فيتامين B كاملة وفيتامين C أيضاً. 

• الغلوبيولينات المناعيّة 
لا تمثّل هذه المركبات بحدّ ذاتها عنصراً غذائياً، وإذا أردنا تصنيفها وفقاً للمواد الداخلة في تركيبها فهي تتركب بشكل أساسيّ من البروتينات، إلا أننا وضعناها بشكل مستقلّ كونها تلعب دوراً مهماً في دعم جهاز المناعة لدى الرضيع وتهيئته كي يهاجم مختلف العوامل الممرضة، التي يمكن لجسد الرضيع أن يتعرض لها خلال مراحل نموّه ويقضي عليها. ولعلّ أهمّ الغلوبيولينات التي تمرّ من جسد الأم إلى طفلها عبر الحليب نذكر: الغلوبيولين المناعيّ (Ig A). 

ختاماً .. بعد أن تعرَّفنا على الفوائد الغذائية والمناعية المهمّة التي يقدمها حليب الأم للمولود الجديد نستطيع بسهولة أن نستنتج أهمية التوصيات التي تناشد بها منظمة الصحة العالمية (WHO) حول ضرورة استمرار الرضاعة الطبيعيّة حتى الشهر السادس على الأقل من عمر الطفل، وتبدو الفوائد أعظم بكثير على جسد الطفل ونموّه إن استمرت عملية الإرضاع حتى السنة الأولى.