لقاح وتطعيم الإنفلونزا السنوي وتأثيراته الصحية

كيف يعمل لقاح الإنفلونزا؟ من هم الأشخاص الذين يحتاجون إلى تطعيم الإنفلونزا؟ وهل يمكن أن يؤدي إلى آثار جانبية؟
لقاح وتطعيم الإنفلونزا السنوي وتأثيراته الصحية
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

الإنفلونزا (Influenza) هو مرض فيروسي تنفسي شائع إلى درجة كبيرة، يصيب الأشخاص من مختلف الفئات العمرية والعرقية والجنسية حول العالم، كما أن هذا الفيروس متمرس في أساليب التطور والتحايل على جهازنا المناعي لذلك فالإصابة بالإنفلونزا لا تعطي مناعة دائمة مثل تلك التي يكتسبها مريض الحصبة أو النكاف، وهذا ليس مشكلة كبيرة في أغلب الأحيان فنحن نعلم أن المرض يأخذ حده ويتراجع خلال أسبوع إلى 10 أيام في معظم الحالات.
ولكن هذه القاعدة ليست بدون شواذ، لأن الإنفلونزا كان مسؤولاً عن العديد من الجائحات والأوبئة العالمية على مر التاريخ ليس أولها وباء الإنفلونزا الإسبانية (Spanish Flu) قبل قرن من اليوم، ولن تكون جائحات إنفلونزا الطيور أو إنفلونزا الخنازير المواجهات الأخيرة للبشرية مع أوبئة الإنفلونزا، لذلك تبرز ضرورة الحصول على لقاح لحماية حياة الملايين من الأفراد الضعفاء الذين يمثلون فريسة سهلة لهذا الفيروس.
في المقال التالي سنتحدث عن نقاط القوة التي تجعل لقاح الإنفلونزا ابتكاراً هاماً في مجال الطب الوقائي، إضافة إلى شروط تطبيق اللقاح وآثاره الجانبية.
 

حقائق أساسية حول تركيب لقاح الإنفلونزا
تعتمد اللقاحات على اختلاف أنواعها وتركيبها على المبدأ ذاته في علم المناعة، وهو تعريض الجسم لمادة غريبة عنه ويتعرف عليها الجهاز المناعي ويشكل استجابة ضدها، تدعى المادة الغريبة مولد الضد أو المستضد (Antigen)، وهي قد تكون جزءاً من غلاف الجرثومة أو الفيروس في بعض اللقاحات، أو يعطى العامل الممرض نفسه بشكله المقتول أو الحي المضعف بحيث يكون مثبطاً وقليل الكمية حتى يولد الاستجابة المناعية دون أن يحدث المرض.
المشكلة الأساسية في لقاح الإنفلونزا هي تعدد سلالات الفيروس بشكل لا حصر له، فالشخص الواحد يمكن أن يصاب بنوع من أنواع الفيروس ويشفى منه، ثم لا يلبث أن يصاب بنوع جديد مما يلغي أهمية المناعة التي اكتسبها الجسم ضد الفيروس القديم، ولهذا يعتمد العلماء في تركيب لقاحات الإنفلونزا السنوية على دراسة الأنماط الفيروسية الأكثر شيوعاً أو خطورة وجمعها في اللقاح السنوي، فمثلاً في عام 2018 هناك 3 أنواع من لقاح الإنفلونزا هي:
- لقاح الإنفلونزا الرباعي الحي: يمكن لهذا اللقاح حماية المريض من 4 أشكال وراثية لفيروس الإنفلونزا، يعطى هذا اللقاح على شكل بخاخ أنفي، وهو فعال للأطفال والمراهقين من عمر 2 إلى 17 سنة ما لم توجد لديهم حالة مرضية تمنعهم من أخذ اللقاح.
- لقاح الإنفلونزا الرباعي المحقون: يعطى هذا اللقاح للبالغين من عمر 18 حتى 65، وخاصة أولئك المصابين بحالات مرضية تجعل الإصابة بالإنفلونزا أمراً خطيراً على صحتهم مثل المصابين بالأمراض التنفسية المزمنة، كما يمكن إعطاء هذا اللقاح للأطفال فوق عمر 6 سنوات من الذين لا يمكنهم تحمل اللقاح الحي.
- لقاح الإنفلونزا الثلاثي المساعد: يعطى هذا اللقاح للأشخاص فوق عمر 65 عاماً ، إذ أظهرت التجارب كونه أفضل من اللقاحين السابقين في هذه الفئة العمرية.
هناك أشكال أخرى ثلاثية ورباعية من لقاح الإنفلونزا، ولكن اللقاحات السابق ذكرها هي المعتمدة في هذا العام.
 

animate

ما هي الفئات السكانية التي قد تستفيد من تطعيم الإنفلونزا؟
تختلف التوصيات المتعلقة باستخدام هذا اللقاح من بلد إلى آخر، فالبعض يؤكد على أهمية إعطاء اللقاح لجميع الأفراد المؤهلين لتعاطيه، بينما تركز القوانين في بلدان أخرى على الفئات المعرضة للخطر، لن ندخل في هذه التفاصيل ولكننا سنذكر توصيات مركز مكافحة الأوبئة في الولايات المتحدة الأميركية (CDC)، والذي يوصي منذ 24 شباط فبراير عام 2010 بإعطاء لقاح الإنفلونزا كل سنة لجميع الأفراد بدءاً من عمر 6 أشهر.
ليس من الضروري أن يحمي هذا اللقاح آخذه من الإصابة بالإنفلونزا نهائياً، ولكن فائدته كبيرة في الوقاية من اختلاطات الإنفلونزا التي قد تكون خطيرة لدى بعض فئات الخطر مثل:
• البالغين المسنين بعد عمر 65 عاماً.
النساء الحوامل.
• الأشخاص المصابون ببعض الحالات المرضية المزمنة مثل الأمراض التنفسية وحالات ضعف المناعة مثل أمراض عوز المناعة أو العلاج بالأدوية المثبطة للمناعة.
 

حالات خاصة يمنع فيها تناول تطيعم الإنفلونزا
هناك عدة أنواع من لقاح الإنفلونزا التي تناسب كل فئة عمرية أو صحية، فالحوامل مثلاً ممنوعات من أخذ اللقاحات الحية المضعفة بمختلف أنواعها لأن الفيروس المضعف قد يتغلب على دفاعات جسم الجنين الضعيفة ويصيبه بالكثير من المضاعفات أو التشوهات، أما الحالات التي تمنع فيها جميع أشكال اللقاحات بشكل نهائي هي:
- الأطفال الرضع تحت عمر 6 أشهر هم تحت الحد الأدنى للقاح الأطفال.
- الأشخاص المصابون بحالات تحسس مهددة شديدة تجاه اللقاح أو أي من المكونات المستخدمة في تركيبه مثل الجيلاتين والمضادات الحيوية وغيرها، من المفضل استشارة الطبيب في حال وجود سوابق تحسسية مهددة للحياة تجاه أحد أنواع الأطعمة أو الأدوية.
 

ما هي الآثار الجانبية المتوقعة من هذا اللقاح؟
يعتبر هذا التطيعم أفضل وسيلة وقائية متوفرة تجاه فيروس الإنفلونزا المخادع والمتحول بشكل مستمر، والذي قد يحمل خطورة عالية عند إصابة الأطفال أو المرضى الضعفاء من مجموعات الخطر مثل المتقدمين في السن ومرضى الإيدز..
أظهرت الدراسات على اللقاح أن المناعة الناتجة عنه ليس بنفس الدرجة لدى جميع آخذي اللقاح، ولذلك ليس من المضمون أن يوقف اللقاح فيروسات الإنفلونزا بشكل كامل لدى محاولتها لغزو الجسم، ولكن هذا لا يقلل من أهمية اللقاح الذي يضع حداً لانتشار الفيروس في حال لم يتمكن من إيقافه بشكل تام، فإذا أصبت بالإنفلونزا بعض أخذ اللقاح يمكنك الاطمئنان لأن المرض سيكون غالباً قصير المدة وغير قابل لتشكيل أي خطورة.
 

هل يمكن أن تنتج مشاكل صحية عن تعاطي هذا اللقاح؟
في الواقع، تعتبر الآثار الجانبية الخطيرة التالية لتناول تطعيم الإنفلونزا نادرة جداً وخاصة عند مراعاة القواعد والشروط الصحية. أما عن الأعراض الجانبية البسيطة فهي شائعة إلى حد ما ولا تدعو إلى القلق.
الشكل المحقون من اللقاح: يمكن أن يحدث بعده ما يلي:
• ارتفاع بسيط في الحرارة.
•  ألم بسيط واحمرار في مكان الحقنة في اليد.
• تعب بسيط.


أما عن الشكل الحي المضعف الذي يعطى على شكل إرذاذ أنفي، فيمكن أن نتوقع بعده حدوث ما يلي وخاصة لدى الأطفال:
- أعراض شبيهة بالزكام وإن كانت خفيفة مثل سيلان الأنف.
- صداع خفيف.
- الشعور بالتعب أو نقص الشهية.
- آلام منتشرة في الجسم.
- السعال.
- حمى خفيفة.


معظم متعاطي التطعيم لا يعانون من أي أعراض حقيقية، أما عن سيلان الأنف أو الاحمرار مكان الحقنة فهي تزول خلال ساعات، أما حالات التحسس الشديدة فهي شديدة الندرة، وقد تحتاج إلى عناية طبية في المشفى في بعض الحالات، من الحالات المنذرة بحدوث ردة فعل مناعية شديدة:
- توذم الجلد بشكل معمم، أما ظهور وذمة مكان الحقن فلا يمثل أي مشكلة.
- انتفاخ الشفتين واللسان.
- ضيق النفس أو عدم القدرة على التنفس بسبب حدوث وذمة في الحنجرة.


وفي الختام.. بالرغم من اختلاف الآراء عالمياً حول نشر هذا اللقاح ليشمل جميع أفراد المجتمع ممن يمكنهم تعاطيه، يبقى من المؤكد أنه يحمل العديد من النتائج الإيجابية التي أنقذت وتنقذ حياة الكثيرين ممن قد تكون حياتهم معرضة للخطر عند أول نزلة برد عابرة.