إنهاء الصداقة وكيف تبتعد عن صديق دون أن تجرحه

لماذا تريد إنهاء الصداقة؟ كيفية إنهاء الصداقة وكيف تبتعد عن صديق دون أن تجرحه، طرق إنهاء علاقة الصداقة، وآداب التعامل مع الأصدقاء بعد إنهاء الصداقة
إنهاء الصداقة وكيف تبتعد عن صديق دون أن تجرحه
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

بعض الصداقات تدوم لفترة طويلة ربما مدى الحياة، لكن في كثير من الأحيان نجد أنفسنا بحاجة إلى إنهاء إحدى الصداقات بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أن التغيّرات الكثيرة التي نمر بها وتؤثر على طريقة تفكيرنا وعلى نوعية العلاقات التي نحتاجها؛ غالباً ما تدفعنا إلى إنهاء بعض العلاقات أو نقلها إلى قائمة العلاقات الرسمية بعد أن كانت من أكثر العلاقات عمقاً، والجيد أن هذا الإجراء -أي إنهاء الصداقة- إجراء طبيعي وربما يكون صحيّاً أيضاً.

  • الشعور بعدم التفاهم: إما أن تكون علاقة الصداقة من الأصل غير متوازنة وتفتقر للتفاهم لكنها استمرت بسبب الاعتياد أو الإحراج الاجتماعي أو غياب سبب وجيه لإنهاء الصداقة، أو أن تظهر مشكلة عدم التفاهم بين الأصدقاء بسبب التغيّرات التي يمر بها أحدهما أو كلاهما، وعادةً ما يشعر الصديقان أن شيئاً ما مفقوداً في العلاقة ولا يمكن تعويضه، فتظهر الرغبة بإنهاء الصداقة.
  • تغيّر الشخصية والاهتمامات: هناك الكثير من التغيّرات الطبيعية التي يمر بها الفرد وتجعله يرغب بإنهاء بعض العلاقات أو البحث عن أصدقاء جدد ومختلفين، منها تغيّر القناعات والقيم التي تجعل علاقة ما غير مناسبة، أو حتى تغيّر الظروف مثل الانتقال إلى مدينة أخرى أو البدء في الحياة العملية أو الانتقال من العزوبية إلى الزواج، جميع هذه التغيرات وغيرها قد تكون سبباً -وجيهاً ومشروعاً- لإعادة ترتيب الصداقات والعلاقات الاجتماعية.
  • تصرفات الصديق: قد يكون السبب المباشر لإنهاء الصداقة هو تصرف الصديق بطريقة غير مناسبة، مثل الكذب والخداع أو السلبية وعدم الحفاظ على الحدود في الصداقة، وغيرها الكثير من التصرفات المسؤولة عن نهاية الصداقة.
  • مواقف متراكمة بين الصديقين: ليس بالضرورة أن يرتكب الصديق خطأ من العيار الثقيل حتى تنتهي الصداقة، بل أن الكثير من علاقات الصداقة تنتهي بسبب تصرفات صغيرة متراكمة وأخطاء عادية متراكمة، غالباً ما يتم التسامح مع هذه الأخطاء في البداية على اعتبار أن التسامح جزء من الصداقة، لكن استمرارها وتراكمها قد يكون سبباً وجيهاً للابتعاد.
  • المشاكل الاجتماعية: من الأسباب الشائعة لإنهاء الصداقة أيضاً الضغوط الاجتماعية التي قد نتعرض لها، مثل اتساع الفجوة الاجتماعية مع أصدقائنا القدامى، أو تغيّر نظرتنا لبعض تصرفاتهم وأفكارهم بسبب تغير حالتنا الاجتماعية، وقد يكون الهدف من إنهاء الصداقة هو الحفاظ على صداقة أخرى أو علاقة اجتماعية أخرى.
  • صداقة سامَّة: قد تكتشف أن هذه الصداقة تسبب لك الكثير من الإزعاج والمشاعر السلبية، وتعرف الصداقة السّامّة أنها علاقة تؤثر عليك بشكل سلبي دون أن تمنحك شيئاً من إيجابيات وفوائد الصداقة الحقيقية.
  • أصدقاء جدد أفضل: العديد من الأشخاص يكتشفون حاجتهم لإنهاء الصداقة بعد انخراطهم في صداقة جديدة تجعلهم يتعرفون إلى أبعاد مختلفة لعلاقة الصداقة، وليس من السهل الحفاظ على عدد كبير من الصداقات في نفس الوقت وبنفس درجة القرب، خصوصاً عندما نشعر أن الصداقة القديمة لم تكن -أو لم تعد- تلبي ما نريده منها.
animate

هناك ثلاثة نماذج رئيسية لإنهاء علاقة الصداقة، ومعظم الصداقات تنتهي بواحدة من هذه الطرق الثلاثة:

  1. التلاشي التدريجي: التلاشي التدريجي للصداقة طريقة غير تصادمية تعمل على تقليل التواصل بشكل تدريجي والتهرب من الصديق حتى تتلاشى علاقة الصداقة من تلقاء نفسها، ولا يتطلب ذلك مواجهة مع الصديق أو إنهاءً عنيفاً للصداقة أو حتى حواراً حول سبب إنهاء الصداقة، وغالباً ما يعمل التلاشي التدريجي بشكل أفضل عندما تكون الرغبة في إنهاء الصداقة متبادلة بين الصديقين، ولا ترتبط بموقف محدّد.
  2. إعلان نهاية الصداقة: إعلان نهاية الصداقة يتطلب مواجهة مع الصديق لإخباره بانتهاء الصداقة وتوضيح السبب، وعادةً ما يكون إنهاء الصداقة بهذه الطريقة مرتبطاً بسلوك معين أو تغيّر جذري في العلاقة، ويجب أن تكون هذه المواجهة بهدف إنهاء الصداقة بشكل مهذب ودون جرح أو إحراج.
  3. إنهاء الصداقة من طرف واحد: في بعض العلاقات لا يجب أن تفكر كثيراً بالابتعاد عن الصديق دون جرحه أو إحراجه، ولا يجب أن تفكر حتى بتوضيح أسبابك أو نقاش الأمر، كل ما عليك فعله هو إنهاء الصداقة من طرفك، وقطع التواصل المباشر وغير المباشر وإنهاء اللقاءات، عادةً ما نلجأ لهذه الطريقة في حالات الإساءة الكبيرة.
  • اسأل نفسك إن كان إنهاء الصداقة هو الأفضل: في البداية لا بد أن تكون واثقاً من مشاعرك ورغبتك بإنهاء الصداقة، وغير متأثرٍ بالانزعاج المؤقت أو الغضب، لذلك حاول تقييم الموقف مجدداً والمفاضلة بين سلبيات وإيجابيات هذه الصداقة، وإن كان من الممكن إصلاح العلاقة مع الصديق والحفاظ عليها.
  • قرر طريقة إنهاء الصداقة: بناء على السبب الذي يدفعك لإنهاء الصداقة تستطيع تحديد الطريقة الأفضل، فإذا كان سبب إنهاء الصداقة يتعلق بك وحدك وبنظرتك للعلاقة؛ ستتحمل مسؤولية الابتعاد بشكل تدريجي كي لا تجرح صديقك، أما عندما يتعلق إنهاء الصداقة بتصرف مسيء فربما تقوم بإنهاء الصداقة بطريقة مباشرة من خلال الحديث مع الصديق وإخباره عن رغبتك بإنهاء الصداقة.
  • التلاشي التدريجي هو الأفضل: معظم الصداقات تنتهي بالابتعاد التدريجي أو التلاشي التدريجي، حيث تنخفض وتيرة الاتصال واللقاءات بشكل تدريجي حتى تصل إلى الانقطاع، وتعتبر هذه الوسيلة أفضل طريقة للابتعاد عن صديق دون أن تجرحه.
  • تحدث مع صديقك: إذا كنت ستلجأ للمواجهة وإعلان إنهاء الصداقة؛ رتّب موعداً مع صديقك وتحدث معه بكل صراحة عن رغبتك بإنهاء هذه العلاقة، اشرح أسبابك، وامنح صديقك فرصة ليعبّر عن نفسه ورأيه، وتذكر أن الهدف من هذه الجلسة هو إنهاء علاقة الصداقة دون أن تتحول إلى عداوة.
  • لا تكن عدوانياً عند إنهاء الصداقة: إذا كان قرار إنهاء الصداقة نهائياً وليس نوعاً من الابتزاز العاطفي للصديق؛ فعليك أن تتجنب العدوانية وتبتعد عن الشجار والسجال، فالعدوانية في إنهاء الصداقة ستترك أثراً سلبياً لديك على الأمد الطويل، كما قد تدفعك إلى متاعب ومشاكل كثيرة مع صديقك القديم والأصدقاء المشتركين.
  • لا تطلب تدخل أشخاص آخرين: إذا كنت تريد إنهاء الصداقة والابتعاد عن صديقك دون أن تجرحه أو تحرجه؛ فعليك أن تحافظ على الأمر بينكما فقط، لا تبعث رسائل مع طرف ثالث ولا تطلب تدخل أصدقاء مشتركين، والأهم من ذلك لا تضع الأصدقاء المشتركين أمام خيارات طفولية "أنا أو هو!".
  • سامح صديقك وتسامح مع نفسك: إنهاء الصداقة لا يعني بضرورة أن تكرها بعضكما! لا تحمل في قلبك ضغينةً أو كرهاً، وحاول أن تتذكر الأشياء الجميلة والمميزة التي جمعتك مع صديقك في يومٍ من الأيام.
  • إنهاء الصداقة أمر طبيعي: لا تعطِ إنهاء علاقتك مع صديقك حيّزاً كبيراً من تفكيرك، فإنهاء الصداقة والدخول في صداقة جديدة أمر طبيعي، والصداقات التي تدوم للأبد ليست حالة شائعة، وعليك أن تتوقع مواجهة مواقف مماثلة في المستقبل، فتغيير مكان العمل يعني إنهاء بعض العلاقات وبناء علاقات جديدة، وتغيير المدينة أو مكان السكن كذلك، حاول أن تكون مرناً لتحافظ على التكيف الاجتماعي والتوازن النفسي.
  • حافظ على أسرار الصداقة: فانتهاء الصداقة لا يعطيك الحق بالحديث عن أسرار صديقك القديم أو مشاركتها مع الآخرين، حتى إن كان صديقك القديم يفعل ذلك؛ عليك أن تلتزم بمبادئك وقيّمك الخاصة، وألّا تنجرّ وراء مبدأ المعاملة بالمثل.
  • لا تحاول تحريض الأصدقاء المشتركين: لا تضع نفسك في موقع مفاضلة بالنسبة للأصدقاء المشتركين، يمكنك أن تتجنب الوجود معهم في حال وجود صديقك القديم، لكن ليس من حقك تحريضهم عليه أو تخييرهم بينكما.
  • تحدث عن صديقك القديم بطريقة جيدة: ليس بالضرورة أن تمدحه أو تثني عليه، لكن تجنب التجريح به أو فتح الدفاتر القديمة أمام الآخرين أو انتقاده بشكل جارح، فالحديث عن صديقك بطريقة مهينة أو سيئة؛ يسيء لك أيضاً.
  • رد على المجاملات بشكل رسمي: إنهاء الصداقة لا يعني بالضرورة إنهاء التواصل بشكل نهائي، قد تتلقى دعوات من الصديق إلى مناسبات خاصة، وربما يتصل بك مهنئاً أو معزياً، لست مضطراً لحضور مناسبات الأصدقاء لكن أنت ملزم بالرد على المجاملات الاجتماعية بطريقة مهذبة أو رفض الدعوة بطريقة محترمة.
  • ربما تعود الصداقة مرة ثانية! اجعل القاعدة الأساسية للتعامل مع الأصدقاء بعد إنهاء الصداقة أن هذه العلاقة ربما تعود ثانيةً إلى سابق عهدها، ربما يجمعكما عمل مشترك أو تتواجدان معاً بالصدفة في مكانٍ واحد، لذلك سيكون من الجيد أن تحافظ على المودة والاحترام وإن انتهت الصداقة.

توصّل عالم الاجتماع جيرالد مولينهورست في جامعة أوتريخت الهولندية إلى أن استمرار الصداقة يرتبط بشكل وثيق بالظروف والفرص التي يعيش بها الأصدقاء، والعديد من الصداقات تنتهي لمجرد تغيّر هذه الظروف مثل الانتقال إلى عمل جديد أو تغيير مكان السكن أو حتى التدرج في الفئات الاجتماعية.
من خلال الدراسة التي أجراها مولينهورست والتي استمرت سبع سنوات، 30% فقط من الصداقات بين المشاركين في الدراسة استطاعت الصمود لسبع سنوات، فيما انتهت الصداقات الباقية معظمها بسبب تغيّر الظروف، كما لاحظ الباحث أن عدد الأشخاص في الدائرة الاجتماعية للفرد كان مستقراً بشكل مذهل مع خروج أشخاص ودخول آخرين بشكل متناسب تقريباً.

هذه الدراسة سلطت الضوء على ثلاثة نقاط في غاية الأهمية:

  1. الأولى أن الصداقة ليست محكومة فقط بالمشاعر والتجارب المشتركة، بل محكومة أيضاً بالظروف التي يمر بها الأصدقاء، والكثير من الصداقات تنتهي بسبب التغيّرات الطبيعية في حياة الأفراد.
  2. والنقطة الثانية أن الصداقة الجديرة بالبقاء والاستمرار تحتاج إلى الجهد والعمل على إبقائها حيّة رغم اختلاف الظروف والفرص، وإلا كان مصيرها التلاشي التدريجي.
  3. تؤكد هذه الدراسة نتائج دراسة شهيرة عام 1992 أشارت إلى أن الدائرة الاجتماعية للفرد مستقرة نسبياً، وغالباً ما تحصل تغيرات من خلال إنهاء علاقات وإنشاء علاقات جديدة لكن مع الحفاظ على أعداد الأشخاص الموجودين في حياتنا، وأعطت تلك الدراسة رقماً يعرف باسم "رقم دنبار" نسبة للباحث، والذي حدد خمسة أصدقاء مقرّبين في وقت واحد كحد أقصى، راجع مقالنا عن الأصدقاء الجدد وبناء الصداقات من خلال النقر هنا.

المراجع