أسباب الكذب عند الأطفال ومتى يبدأ الطفل بالكذب

طفلي بدأ يكذب هل هذا طبيعي! تعرفي إلى أسباب الكذب عند الأطفال وأهمية الكذب كعلامة على نمو طفلك المعرفي
أسباب الكذب عند الأطفال ومتى يبدأ الطفل بالكذب
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

الكذب عند الأطفال مرحلة تطورية طبيعية من مراحل النمو العقلي والتطور المعرفي للطفل، وعلى الرغم من المعاني السيئة المرتبطة بقيمة الكذب، إلا أن الكذب بالنسبة للأطفال مؤشرٌ على توسّع قدراتهم الإدراكية وتطور معارفهم، وفي سياق ذلك نجد أن تجارب الأطفال في الكذب غالباً ما تبدأ بالكذب التخيلي وتتطور في إطار محاولات بريئة لوضع خطط طفولية لأهداف بسيطة كالتهرب من النوم باكراً أو إخفاء ذنب بسيط.

مراحل تطور الكذب عند الأطفال من البراءة إلى الاتقان!

يبدأ الطفل بالكذب عند سن الثالثة تقريباً، وأول كذبة يكذبها الطفل بين الثالثة والرابعة تعني أنه أدرك عدم قدرتك على قراءة الأفكار، وبدأ يفهم أن له عالماً مستقلاً وخاصاً به من الأفكار والأخيلة، ويجرب الطفل ابتداء من هذا العمر الأكاذيب ليعرف صفات الكذبة المقنعة والكذبة المكشوفة!

تزداد أكاذيب الأطفال بين الرابعة والسادسة، وغالباً ما تكون أكاذيب بسيطة وسهلة الكشف، بل مترافقةً مع تعابير جسدية تدل عليها يصعب على الطفل إخفاؤها، وغالباً ما يتراجع الطفل عن الكذبة في هذا العمر سريعاً بمجرد أن يشعر بالشك بها أو الاستجواب من الأهل.

عاماً بعد آخر تزداد مهارات الطفل بالمراوغة والخداع والكذب، ويصبح أكثر قدرةً على بناء كذبةٍ متقنةٍ يصعب كشفها، وأكثر ميلاً للإنكار والدفاع عن كذبته في وجه الشك والتحقيق، وعندما يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة بين 12 و14 سنة، سيكون قد أدرك جوانب أخرى للكذب، وفهم معنى الكذبة البيضاء واستعمال الكذب في النفاق الاجتماعي والمجاملة وتجنباً للمواقف المحرجة أو إيذاء الآخرين. [2-1]

animate

فهم أنماط وأشكال الكذب عند الأطفال يقود إلى فهم دوافع وأسباب الكذب أيضاً، وأهم أنواع الكذب عند الأطفال:

  1. الكذب الادعائي: يتميز هذا النوع من أنواع الكذب عند الأطفال باحتوائه على جرعة كبيرة من الدراما ويعرف باسم الكذب الميلودرامي (Melodramatic) والهدف من الكذب في هذا النوع هو جذب الانتباه بالدرجة الأولى من خلال اختلاق القصص والادعاءات.
  2. الكذب الانتقامي: يستخدم الطفل في هذه الحالة الكذب بهدف الانتقام من طفل أو حتى شخص بالغ غاضب منه، يكون ذلك عن طريق تلفيق الاتهامات التي يعرف الطفل أنها ستسبب عقوبة للشخص الآخر، كأن يقول لأهله أن شقيقه الأكبر أوقع الأطباق وكسرها، أو خرج من المنزل ليلاً.
  3. الكذب الدفاعي أو المراوغ: سبب الكذب عند الطفل يكون في غالب الأحيان للدفاع عن النفس وتجنب العقوبة المحتملة لتصرف غير لائق قام به، فإما أن يكذب بالإنكار أو يكذب باختلاق أي قصة تجنبه الاعتراف بما فعل أو بتلفيق الاتهامات لشخص آخر.
  4. الكذب العنادي: يكذب الطفل كنوع من التحدي للسلطة التي تتحكم به وعناداً بها، فيعطيه ذلك شعور بالسعادة والانتصار، خصوصاً عندما تكون تلك السلطة صارمة وشديدة، مثلاً قد يوجه الأهل أمراً للطفل بأن ينام باكراً فيدعي النوم ويبقى مستيقظاً فقط ليعاند أهله ويشعر أنه خدعهم ولم يلتزم أوامرهم.
  5. الكذب الروتيني: يكذب الطفل بسبب تعوده على قول الأكاذيب وإخفاء الحقائق حتى لو كان الكذب بدون دافع مباشر أو بدون فائدة، وخصوصاً عندما يفتقد بعض الأطفال الشعور بالخصوصية فيجعلون من الكذب عادة لإخفاء كل ما يفعلونه أو يفكرون به. [3]
  • اختبار الحدود والممكنات: سلوك الأطفال الصغار قائم على مبدأ اختبار الحدود والممكنات، والكذب عند الأطفال إحدى الوسائل التي يخبرون بها العلاقة مع الآخرين ويكتسبون من خلالها مهارات اجتماعية كثيرة، لكن هذا الدافع للكذب يزول عند الأطفال بعد تجاوز السنة الخامسة تقريباً.
  • تجنب العقاب: التهرب من العقوبة من أقوى دوافع الكذب عند الأطفال الصغار، حيث يحاول الطفل التستر على الخطأ أو الذنب الذي اقترفه خوفاً من رد فعل الوالدين، وعادةً ما يزداد ميل الطفل للكذب الدفاعي مع توقعه لرد فعلٍ عنيف من والديه تجاه الأخطاء، لذلك تعتبر ردود الفعل الغاضبة والمتسرعة أحد الأخطاء التي يرتكبها الأهل وتزيد ميل الأطفال إلى الكذب للنجاة.
  • التقليد والمحاكاة: التقليد من أهم أدوات الأطفال في اكتساب المعرفة وبناء الروابط مع العالم من حولهم، وكثيراً ما تكون القصص غير الحقيقية التي يروونها هي تقليد لشيء سمعوه أو لتصرف رأوه، وقد تصل رغبة التقليد عند الطفل إلى محاكاة الأخطاء والكذب بهدف الحصول على عقوبة مماثلة للعقوبة التي حصل عليها شقيقه!
  • الوصول إلى هدف معين: ربما يكون هذا أكثر ما يدفع الأطفال للكذب، وهو تلبية بعض المصالح الشخصية أو استدراج الأهل إلى رد فعل معين أو استدراجهم لإجابات معينة، ومع الوقت يستطيع الطفل أن ينسج أكاذيب أكثر تعقيداً وإتقاناً للوصول إلى أهدافه مثل التهرب من الذهاب للمدرسة أو التهرب من النوم باكراً.
  • الخيال ومحاكاة عوالم أخرى: معظم الأطفال يتمتعون بخيال خصب وقدرة على توظيف الكذب لنسج قصصٍ خيالية هم أبطالها أو الشهود عليها، يتأثر الأطفال أيضاً بالرسوم المتحركة وقصص ما قبل النوم، ويسقطون خيالاتهم على حياتهم الواقعية، فقد يحكي الطفل أنه رأى أو لعب مع بعض الشخصيات الكرتونية ويروي تفاصيل دقيقة تصف كل شيء متعلق بذلك، كالمكان والزمان وألوان اللباس وغير ذلك.
  • صعوبة القواعد والضوابط المنزلية: عندما تكون قوانين الأهل صارمة جداً وصعبة قد يلجأ الطفل للكذب بشأن التزامه بها، ليريح نفسه من جهة، ويكسب رضا والديه من جهة أخرى، كادعاء غسل اليدين أو تنظيف الأسنان، حيث أنها واجبات ضرورية ومهمة جداً لكن كثيراً ما تبالغ بعض الأمهات بإجبار أطفالهن عليها ما يدفع الطفل للكذب.
  • عدم فهم ألوان الكذب: لا يعرف الأطفال معنى الكذب الأبيض والأسود والرمادي! يتشجع الأطفال لقول بعض الحقائق بشكل عفوي وبريء في بعض المواقف غير المناسبة التي قد تحرج الأهل وتغضبهم، فينفعل الأهل على أبنائهم وقد يعاقبونهم على قول الحقيقة! وعندما يكذب الطفل بنفس الموقف ويرى أن الأهل استقبلوا ذلك بصدر رحب ولم يبدوا نفس ردة الفعل الغاضبة، هذا يعطي انطباع بشكل غير مقصود للأطفال أن الكذب أفضل من قول الحقيقة. [4-3-2-1]
  • الشعور بالغيرة والنقص: من الدوافع النفسية القوية للكذب عند الأطفال شعورهم بالنقص والغيرة، فيكذب الطفل مثلاً من خلال تقمص دور شخصٍ يغار منه، أو ادّعاء قيامه بأفعالٍ يعتقد أنه جديرة بلفت الانتباه، كما قد يكذب الطفل بدافع الغيرة من الأخوة والأقران لسرق منهم الاهتمام عندما يشهر أنه مهمل بسببهم.
  • الخوف الزائد: يتصف بعض الأطفال بشعور خوف مفرط يجعلهم أكثر ميلاً لاختلاق الأكاذيب وإخفاء الحقائق، ويعد ذلك الخوف مشكلة نفسية تتطور بسبب عدة عوامل من أهمها العنف الأسري ضد الطفل أو العنف المدرسي.
  • اضطراب العلاقات الأسرية: التفكك الأسري واضرابات العلاقة بين أفراد الأسرة يحمل الكثير من التأثيرات غير الصحية على نفسية الطفل وشخصيته، واختلاق الطفل للأكاذيب عن حياته قد يكون محاولة لتعويض النقص الذي يشعر به ضمن الأسرة وأمام المجتمع.
  • الخجل الاجتماعي: عادةً ما يلجأ الأطفال للكذب أيضاً عندما يشعرون بالخجل الاجتماعي، فقد يكذب الطفل حول مهنة والده أو مستواهم المادي أو التعليمي، ويحاول أن يستعير شخصيات أخرى يصدّرها لأقرانه للحصول على المكانة الاجتماعية وتجنب التنمّر.
  • الإهمال العاطفي للطفل: شعور الطفل بإهمال الأهل له وكثرة انشغالهم عنه قد يجعله يحاول اختلاق بعض الأكاذيب لاجتذاب اهتمامهم وجعلهم يتقربون منه، كادعاء المرض أو التعب، بل أن الطفل قد يدعي ارتكاب أخطاء لم يرتكبها لحصل على الاهتمام.
  • اضطرابات الشخصية: تظهر علامات الكذب المرضي المرتبط باضطرابات الشخصية بين سن 8 سنوات وحتى بداية المراهقة عادةً، ويرتبط الكذب في هذه الحالة بمجموعة من المشاكل السلوكية الأخرى مثل العدوانية المفرطة والعنف والسرقة وغيرها. [4-3-2-1]
  • الرفض الاجتماعي للطفل: يعتمد بعض الأطفال على استخدام الكذب الادعائي أو الانتقامي كأسلوب لتحدي الرفض الاجتماعي الذي يتعرضون له من أقرانهم سواء في المدرسة أو ضمن نطاق العائلة أو الحي الذي يعيش به الطفل.
  • تعليم الأهل الطفل على الكذب: الأهل ببعض التصرفات يدفعون أطفالهم لتعلم الكذب بشكل غير مباشر، فعندما تطلب الأم من ابنها مثلاً إخفاء شيء عن الأب وتكرر ذلك عدة مرات، سيظن الطفل أنه يفعل شيء جيد ويكسب رضا والدته من ناحية، ومن ناحية أخرى يتعلم أن الكذب يمكن أن يكون مفيداً وغير معيب كون والديه يكذبون ويدفعانه للكذب!
  • المقارنات الاجتماعية: تلعب المقارنات الاجتماعية دوراً في تشجيع الأطفال على الكذب بدافع الغيرة ممن يقارنون بهم ومحاولة التفوق عليهم أو الانتقام منهم بادعاء واختلاق بعض الأكاذيب.
  • ضغط الأقران والمحيط: يتعلم الأطفال الكذب وينتبهون إلى فوائده عندما يحيط بهم أفراد يستخدمون الكذب بكثرة، فالطفل يتعلم الكذب من والديه وأخوته عن طريق التقليد، ويتعلم الكذب من أقرانه وأصدقائه وأخوته عن طريق التخطيط لتجربة أشياء غير مسموح لهم بها، ويتعلم من أصدقائه في المدرسة كيف يكذب على المدرسين للتهرب من الواجبات أو الدروس وغير ذلك الكثير.
  • فهم أهمية الكذب: عندما يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة يكتشف أبعاد جديدة للكذب، يعرف أن الكذب ليس فقط لتحقيق المصالح أو الانتقام أو جذب الاهتمام، بل يمكن استخدام الكذب لتجنب جرح الآخرين وإيذائهم، ويمكن استخدام الكذب للنجاة من مواقف اجتماعية محرجة، ويدرك المراهقون أن للكذب ألوان وأشكال.

المراجع