الأحلام وتفسير الأحلام من منظور التحليل النفسي

كيف ينظر علم النفس للأحلام ورموز الرؤى؟ كيف فسر رواد مدرسة التحليل النفسي الأحلام وعلى رأسهم فرويد ويونغ؟ ما هو تفسير الرمز في مدرسة التحليل النفسي وعلاقته بالأحلام والمنامات؟
الأحلام وتفسير الأحلام من منظور التحليل النفسي

الأحلام وتفسير الأحلام من منظور التحليل النفسي

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

عايش الإنسان الأحلام قبل الميلاد بأربعة آلاف عام، أي قبل ظهور الوعي، أي قبل التفكير المجرد، فالأحلام إذن خبرة أصيلة في الإنسان، وكونها أصيلة فلا بد من هدفٍ وراءها، لذلك اهتمت الحضارات القديمة والدراسات الحديثة والتحاليل النفسية بقضية الرؤى والأحلام.
ويعتبر العالمان النفسيان سيجمويد فرويد وكارل يونغ رواد الاهتمام بالأحلام في التاريخ الحديث ومن منظور نفسي، وقد تعمق كارل يونغ أكثر وأكثر لاهتمامه بالرموز والنماذج الكونية والأسطورية.
 

animate

محتويات المقال (انقر للانتقال):

1- مقدمة إلى نظرة التحليل النفسي للأحلام
2- الأحلام رسائل اللاوعي والكلُّ نيام!
3- ملاحظات يونغ في رموز الأحلام
4- المراجع والمصادر


مقدمة إلى نظرة التحليل النفسي للأحلام

اعتبر فرويد الأحلام تنبع من اللاوعي أو اللاشعور والذي هو مكمن الكبت والرغبات الدفينة واستخدمها في عملية التداعي الحر في معالجة مرضاه من أمراضهم العصابية[1].
أما يونغ فقد أعطى الأحلام أهمية أكبر مما نظر لها فرويد، فاعتبر اللاشعور أو ما يسمى العقل الباطن أو اللاوعي العالم الذي لا يقل أهمية وحيوية كجزء من حياة الفرد عن عالم الوعي أو الأنا، بل واعتبره العالم الأوسع والأغنى بلا حدود؛ فاللاشعور هو المرشد الكبير والصديق والناصح للوعي عند الإنسان، وطريقة التواصل بينهما هي الأحلام.
أقصد من هذه المقدمة الطويلة نسبياً تبيان أهمية الأحلام كمرشد، وموجه، ووسيلة لمعرفة الذات، وملهم للإبداع، وحتى للتكهن والاستنتاج... وهذه نقطة مهمة؛ فكما يفعل الوعي في التوقع والاستنتاج تعمل الأحلام، ولكن خزينها أكبر ولذلك تكهناتها كثيراً ما تصدق ولو بعد سنوات.


الأحلام رسائل اللاوعي والكلُّ نيام!

الأحلام لا تحدث مصادفة بل إنها مترابطة مع أفكار ومشكلات العقل الواعي، أي مشكلات حياتنا، وهنا معظم الأحلام تتعلق بحوادث حدثت لنا في اليومين أو الثلاثة السابقة، وهي تفسر لنا ما غاب عنا، لأن اللاوعي يدرك ويصور ويحتفظ بأكثر مما يفعل الوعي، فخزين الوعي من خمس إلى سبع معلومات في الحدث، فيما يقوم اللاوعي على تخزين آلاف المعلومات عن الحدث نفسه.
وفي الوعي قد نكبت عواطفنا أو نظرتنا الى أنفسنا، لكن اللاوعي يدركها ويحفظها، لذلك عندما يهدأ الوعي وينام ينشط اللاوعي ويبدأ بإرسال الرسائل الليلية(مسجات والكل نائم) لكنه يختلف بالطريقة واللغة؛
1-  طريقة الوعي: يفكر ويرتب أفكاره قبل الكلام ليكون كلامه منطقياً مترابطاً فهناك بداية ووسط ونهاية، أما اللاوعي فيفتح ملفات عديدة من الماضي وتوقع المستقبل ومن أماكن قديمة متداخلة.
أي أن اللاوعي له أبعاد زمانية ومكانية مختلفة ليوضح للوعي الحوادث والروابط التي أدت لهذا الحدث، أو أدت به إلى الضيق أو الحزن الذي لا يدرك سببه، لذلك قد لا يفهمها الشخص العادي ويهملها أو يعتبرها محيرة.
2- لغة الأحلام والتي هي لغة اللاوعي أو اللاشعور هي ليست الكلمات، وإنما الصور، والرموز، والمشاعر، ولذلك هنا يجب أن نركز على الرموز الكونية والدينية والشخصية والنفسية، والتي تكون محتوى الحلم ومفتاح فهم الرسالة (يشبه كود البرقيات السرية)، ولكن تفسير هذه الرموز قد يختلف باختلاف الحالم نفسه، فلا يوجد تفسير عام لكل رمز إلا في رموز كونية معدودة، أو لها دلالات دينية حسب الموروث الثقافي والديني.
مما ذكرت أقول؛ خير من يفسر أحلامه هو الحالم نفسه على أن يكون له إطلاع بموضوع الأحلام، أو المحلل الذي يدرك جيداً ظروف الحالم وأفكاره ويستنتج بعض مفاتيح رموزه.

فما هو الرمز وما علاقته بالأحلام؟
الحروف والكلمات إشارات وليست رموز، أما الرموز فهو المصطلح أو الاسم أو الصورة التي قد تكون مألوفة في حياتنا اليومية إلا أنها تحمل مضامين خاصة إضافة إلى معناها المألوف والواضح، أي أن لها جانب باطني أوسع من أن يحدد بدقة أو يفسَّر بشكل واحد.
كان العالم كارل يونغ يقول لطلابه: "تعلَّموا أكثر ما تستطيعون عن الرموز، ثم انسوا ذلك كله حين تحللون حلماً".
أعتقد أنه يعني أن الأحلام قد يختلف تفسيرها من شخص لآخر، فلا يجب أن نضعها في قوالب ثابتة وأن نكون أكثر انفتاحاً على الحالم نفسه، فلا نفرض عليه تفسيرنا للرمز وإنما هو يوحي لنا بمعناه الأقرب.


بعض الملاحظات العامة عن الأحلام بقلم كارل يونغ في كتابه "الإنسان ورموزه"

١- الرموز نتيجة الطبيعة والعفوية ولم يبتكرها أحد، مهما يحاول فهو يبتكر إشارات فقط مرتبطة بالتفكير الواعي.
٢- لاختلاف المحلل عن الحالم في الشخصية وأنماطها قد ينتج خطأ في التحليل، لذلك عليه أن يفكر في الحالم والاهتمام بالحلم نفسه، واستبعاد جميع الافتراضات النظرية المتعلقة بالأحلام ما عدا أن للأحلام معنى بشكل من الأشكال.
٣- وجود نفس الحلم لشخصين يختلفان في السن يحتاج إلى تفسير مغاير لأن ما يشغلهما مختلف.
٤- ممكن أن يكون للأحلام جانب حدسي تكهني، أحيانا يكون الحلم غير مفهوم البتة مهما حاولنا، فعلى المرء أن ينتظر إلى أن يصبح الحلم ومغزاه مفهومين تماماً أو إلى أن تقع حادثة خارجية تفسره، هذه الحادثة قد تكون في لحظة الحلم ماتزال في بطن الغيب، لكن مثلما نهتم بأفكارنا الواعية في أغلب الأحيان بالمستقبل واحتمالاته كذلك يفعل العقل الباطن وأحلامه.

ختاماً... كلنا نحلم وكل كائن له عقل يحلم، الطفل يحلم، والأعمى يحلم، إلا ربما بعض المرضى العقليون المضطربون جداً، نحلم كل ليلة من أربعة إلى خمسة أحلام قد نتذكر منها الحلم الأخير، أو الحلم الذي نستيقظ منه.
والأحلام مهمة حتى من الناحية الفيزيولوجية، فهي تنفيس لمشاعرنا من ناحية الكبت والرغبات الدفينة ولخلق التوازن للذهن، إن منعنا منها بطريقة ما، قد تؤثر على تركيزنا ومزاجنا ونفسيتنا وذاكرتنا، وقد تؤدي إلى الانهيار العصبي.
 


المراجع والمصادر

[1] مقال Kendra Cherry. "تفسير الأحلام لسيجموند فرويد" منشور في verywellmind.com، تمت مراجعته في 1/10/2019.