مناهضة العنصرية ومواجهة التمييز العنصري

مقال عن مناهضة العنصرية، ما معنى العنصرية؟ ما هي أشكال وأنواع العنصرية؟ تعريف مناهضة العنصرية وأشكال العنصرية وطرق مواجهة العنصرية ومنع التمييز العنصري
مناهضة العنصرية ومواجهة التمييز العنصري
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

لربما لم تعاني البشرية من وباء ما مثلما عانت من العنصرية، التي لا تزال قائمة بأشكال عدة، ما يطرح سؤال مناهضة العنصرية بشكل ملحّ، وعلى الرغم من الوعي المتزايد بضرورة مناهضة العنصرية إلّا أن 
نقدّم عبر هذا المقال توضيح لمعنى العنصرية ووجوهها، وطرق مناهضة العنصرية ومنع العنصرية.

العنصرية هي سلوك ينطوي على تمييز قائم على أساس العِرق أو الدين أو اللون أو الجنس، أو أي اعتبار تمييزي آخر ضد فئة معينة أو ضد شخص معين؛ لاعتبار ما، سواءً كان هذا السلوك ملحوظاً وممنهجاً أو كان غير مباشر وغير معلن عنه.

وقد حفِل التاريخ بكثير من أشكال العنصرية، ولعل أشهرها العنصرية ضد العِرق الأسود (الأفارقة)، حتى انتهى زمن عبوديتهم في أميركا وفي العالم العربي منذ وقت ليس بالبعيد، وكذلك العنصرية التي مارسها الأوروبيون ضد اليهود، والتي مارسها اليهود لاحقاً على الشعب الفلسطيني والتي لا تزال قائمة حتى اللحظة، وتتمثل في احتلال الأرض وإقامة جدار الفصل العنصري؛ للفصل بين مناطق فلسطين المحتلة في العام 1948 و 1967، عدا عن الإجراءات العنصرية الممارسة على الحدود ومعابر الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وتلك الممارسة ضد الفلسطينيين في المناطق التي يحكمها كيان الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من إعطائهم جواز السفر الإسرائيلي.

وقد تكون العنصرية بادية في أماكن العمل ضد جنسية بعينها وضد عِرق بعينه أو ضد جنس بعينه. وبذا، يمكن اعتبار التمييز ضد طرف معين في العمل نوعاً من العنصرية، كمثل التمييز والعنصرية ضد النساء، ما يتجلى في تقليل فرص توظيفهن وعدم الثقة في كفاءتهن أو عدم إنصافهن من حيث حقوق الراتب أو إجازة الأمومة أو حقهن في وجود حضانة لأطفالهن تابعة لمكان العمل وحقهن في الحصول على ساعة إرضاع يومياً، وما إلى ذلك من حقوق منقوصة، بالوسع اعتبارها نوعاً من العنصرية؛ ذلك أنها تتخذ شكلاً ممنهجاً في بعض بيئات العمل.
وقد نشطت حركات مناهضة العنصرية في العالم الحديث، كما بات الوعي أكبر حول ضرورة مناهضة العنصرية، وطرق مناهضة العنصرية.

وكان موقع "حلّوها" قد سردَ في مقالٍ سابق عدداً من التصنيفات التي تقوم العنصرية عليها، من قبيل:

  • لون البشرة
  • القومية
  • اللغة
  • الثقافات
  • العادات
  • المعتقدات
  • الطبقات الاجتماعية.
animate

تتعدّد أشكال العنصرية التي توجّه ضد الفئات المستضعفة ومهيضة الجناح في الغالب، فتكون في العادة عنصرية لفظية وتنطوي على شعارات وخطابات كراهية، لكن هذه العنصرية اللفظية قد تتحوّل لأفعال كراهية وعنصرية تصل حد الإيذاء، كمثل ما يحدث ضد الفلسطينيين من اعتقال وتعذيب واغتيالات وقنص وما إلى ذلك من ممارسات شبه يومية، تزداد وتيرتها خلال الحروب. وثمة أشكال عدة للعنصرية، حتى وإن اتخذت مسميات أو توصيفات أخرى.

في ما يلي بعض أشكال العنصرية ومظاهر العنصرية:

  1. العنصرية اللفظية: وهي تلك المنطوية على فحوى عنصري من خلال القالب اللفظي والكلامي والكتابي والمسموع والمقروء، أي هي كل ما توصله اللغة من معانٍ عنصرية.
  2. العنصرية الإيحائية: أي تلك غير المباشرة، والتي تعتمد على الإيحاءات وعلى الإجراءات التي لا تجاهر بالعنصرية لكنها تمارسها ضد فئة ما.
  3. العنصرية الإجرائية والممنهجة: وتتخذ صفة ظاهرية مباشرة، ويكون فيها استقواء على طرف بعينه وتنمّر ضدّه، وقد يصل حد الإقصاء والإيذاء وإلحاق الخسائر المادية والمعنوية بطرف ما؛ بنيّة العنصرية والتمييز.
  4. العنصرية ضد الجنس: ويكون فيها تمييز قائم على أساس جنسي بين النساء والرجال مثلاً، وفي مرات قد تكون عنصرية ضد فئة المثليين جنسياً على سبيل المثال.
  5. العنصرية ضد الدين: كأن تكون العنصرية موجّهة ضد دين أو طائفة أو أقلية دينية ما، ويكون هذا متخذاً أشكالاً عدة من خطاب كراهية إلى محاولات إيذاء وفي مرات محاولات إبادة.
  6. العنصرية ضد العِرق: وتكون ضد فئة عِرقية معينة؛ اعتقاداً بأنها أدنى من باقي الأعراق، ولعل أكثر من مارسها العِرق الأبيض، ما نتجَ عنها حركات الاستعمار، ولعل أكثر من عانى منها العِرق الأسود.
  7. العنصرية ضد فئة ما: بغضّ النظر عن الاعتبار القائم في هذه الحالة من كونها من جنسية معينة، أو لكونها ترمز لشيء معين، أو أنها تتعلّق بخصوصية اجتماعية كمثل العنصرية ضد فئة ذوي الإعاقة أو ضد فئة المشرّدين في الشوارع وما إلى ذلك.

ما هي مناهضة العنصرية وكيف نناهض العنصرية؟
انشغلَ العالم منذ زمن طويل بمناهضة العنصرية، لكن أكثر ما أينعت هذه الحركات المناهضة للعنصرية في الزمن الحديث، وقد نتجَ عنها بروز أسماء عالمية لاقت صدى حتى اليوم مثل نيلسون مانديلا وروزا باركس وغاندي.
وقد يتنطّح لمهمة مناهضة العنصرية فرد أو جماعة أو دولة أو مؤسسة أو طرف ما، لكن إذا ما أردنا الحديث عن مناهضة العنصرية، فإن الأمر يبدأ من اللِبنة الأصغر حتى من العائلة وهي الفرد؛ إذ لا بد من تغيير مفاهيم عنصرية كثيرة في النفس، وفي التربية، ليصار لاحقاً لتطبيق مناهضة العنصرية على نطاقات أوسع كمثل العنصرية ضد عاملات المنازل وضد العمالة الآسيوية وضد العِرق الأسوَد وضد ذوي الإعاقات وضد النساء، وما إلى ذلك من أنواع.

وكانت إحدى الأمهات قد راسلت موقع "حلّوها" لتسأل عن طريقة مساعدة ابنتها التي تعاني من العنصرية في المدرسة؛ لكونها مغتربة، فكان ردّ خبيرة التربية والإرشاد النفسي د. هداية بأنه على الأم دعم الطفلة وتعزيز ثقتها بنفسها، وإفهامها أن مردّ ما يحصل من نبذ هو العنصرية وليس لنقص داخلي لديها. (السؤال بالتفصيل على الرابط)

كيف نمنع العنصرية؟ ثمة طرق عدة لمنع العنصرية، وبالوسع قول إنها الطرق ذاتها التي نناهض العنصرية من خلالها؛ إذ منع العنصرية ومناهضة العنصرية رديفان، لكن لنا أن نمنع العنصرية قبل أن تستفحل وقبل أن يصبح لزاماً علينا البحث عن طرق لمناهضة العنصرية.

في ما يلي بعض طرق مناهضة العنصرية

  • كن صريحاً مع ذاتك ولا تستسلم لما توارثته من ممارسات عنصرية واعتقادات تنطوي على عنصرية، كمثل قناعاتك السابقة بأن عِرقك أو جنسيتك يملك تفوقاً على غيره. عليك أن تكون صادقاً مع ذاتك وأن تتعرف لمكامن العنصرية التي لديك والتي قامت العائلة أو المدرسة تحديداً بغرسها لديك ضد طرف ما. هذه المصارحة هي بداية الحل الذي قد يحدث لاحقاً على شكل مناهضة العنصرية ومنع العنصرية.
  • لا يكفي أن تقرّ بوجود عنصرية لديك، حاول استذكار وحصر ما تقوم به من أفعال عنصرية ضد طرف ما، من قبيل النكات التي تطلقها على جماعة بعينها أو على منطقة بعينها أو حول جنسية معينة أو جنس ما. حين تحصر ذلك في ذهنك أو تدوّنه على الورق، فإنك قد بدأت بالحلّ المتمثل بمناهضة العنصرية ومنع العنصرية؛ إذ مرة تلو مرة ستصبح رافضاً لهذه العنصرية من خلال تكرار إدانتك لذاتك.
  • لا تستسلم لمعتقدات التربية تحديداً، التي أملت عليك بتفوقّك على الآخر دينياً أو عِرقياً أو من حيث جنسيتك وما إلى ذلك، ليس كل ما تلقيناه عبر التربية صحيح. لذا، احرص على مناهضة العنصرية من خلال التمرد على بعض ما توارثته من عنصرية من خلال التربية. واحرص ألا تنقل العنصرية من خلال أفعالك وأقوالك للأطفال. انتبه جيداً للفئات التي لم تعرها اهتماماً من قبل مثل العمالة المنزلية، وانتبه حتى للنكات التي تطلقها على أهل منطقة بعينها، والتي يظهرون من خلالها كمن هم دون باقي المناطق.
  • قكّر بالأمور عقلانياً، واستعن بالثقافة والعلم والنظريات في مناهضتك العنصرية، مثلاً، قد تقرأ أن عِرقاً ما أقل من غيره من حيث الذكاء والقدارات العقلية. كل ما عليك هو التحقّق منطقياً وعلمياً مما سمعته. حين تراجع النظريات حول هذا الأمر ستتأكد بنفسك أن لا شيء من هذا موجود، وأن قلة قليلة تكاد تكون نادرة هي من نادت بهذا وآمنت به.
  • لا تضع ذاتك في موقع الحكم، أي لست مسؤولاً عن تقويم سلوك فئة معينة أو إدانتها أو بث خطاب كراهية حولها، مهما كنت مستاءً من تصرفاتها. لا يكون حلّ الإشكال أو تقويم السلوك الخاطئ من خلال العنصرية، بل مناهضة العنصرية ومنع العنصرية هي الأساس الذي يتم الانطلاق منه لتقويم الوضع غير الصائب.
  • ابدأ بمناهضة العنصرية من خلال تعميم الخطاب الجيد والنموذج الواعي المستنير، لا توافق على أي تصرف عنصري قد يحدث أمامك وحاول ألا تكون مراقباً سلبياً، بل قم بالمساعدة بقدر المستطاع، من خلال التذكير بأن العنصرية سلوك مقيت ومرفوض وأن البشر جميعاً سواسية، وفقاً لكل دساتير الدول والمجتمعات المدنية.
  • قدّم الدعم بقدر المستطاع للفئات التي تعاني من العنصرية، من خلال مساعدتها على الوصول للجهات المختصة، ومن خلال إيصال صوتها للإعلام وللجهات المسؤولة، لا سيما إن وصلت العنصرية حدود الإيذاء أو التهديد بسلامة الأفراد الذين يتعرضون للعنصرية.
  • لا تنقل خطاب الكراهية وخطاب العنصرية، بكل ما ينطوي عليه من إيذاء لفظي أو تحريض، أنت مدان حين تنقل خطاباً ينطوي على مخالفات قانونية كمثل القدح والذم والسب والقذف والتحريض على الإيذاء وما إلى ذلك. فليتم الاكتفاء بالإشارة لوجود عنصرية لفظية ضد فئة معينة، وليكن نقل ما تم قوله محصوراً فقط في حال استدعتك الأجهزة المختصة لتقديم شهادتك. اما إعلامياً وعبر منصات التواصل الاجتماعي، فإن مناهضة العنصرية تحتّم عليك ألا تعيد نقل المحتوى الذي ينطوي على عنصرية.

لعل الفئات الأكثر تضرراً من العنصرية هي تلك المستضعفة تاريخياً أو جنسياً أو سياسياً أو دينياً، وهي ذاتها التي تعاني من خطاب كراهية مرتفع الوتيرة، سواءً كان هذا على صعيد شعبي أو سياسي أو عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

لكن العنصرية للأسف من المفاهيم المرنة؛ فالفئات المستهدفة بالعنصرية تتغير وفق الأكثريات والأقليات، وتتبدل مع تبدل المكان والزمان والظروف والمفاهيم، فاليهود الذين كانوا بالأمس القريب ضحايا للعنصرية النازية والتطهير العرقي؛ أصبحوا اليوم أكثر الفئات عنصرية بمواجهة العرب من أصحاب الأرض في فلسطين المحتلة وغيرها.
ولا نعلم زمناً لم يشهد حملات كراهية وعنصرية منظمة وعشوائية، فمع انتشار فيروس كورونا الجديد كوفيد-19 وانتقاله من الصين إلى العالم؛ طغت العنصرية أيضاً على المشهد وأصبح صاحب العيون الآسيوية متهماً بنقل الفيروس حتى وإن لم يزر الصين في حياته!.
ومع مرونة العنصرية المقيتة فإن هناك ما هو أخطر، لندعوه "العنصرية المتبادلة" حيث تتبادل الفئات الاجتماعية الممارسات العنصرية فيما بينها لنفس الأسباب، كما يمارس أصحاب الأديان المختلفة العنصرية على بعضهم بالتبادل، وتمارس المحجبات والسافرات العنصرية على بعضهن بالتبادل...إلخ.

نأمل أننا قد أجبنا بشكل وافٍ عن بعض استفساراتك حول مناهضة العنصرية. إن وجدت أن لديك أسئلة أخرى حول مناهضة العنصرية، لا تتردّد بمراسلتنا عبر موقع حلّوها من خلال النقر على هذا الرابط.

في النهاية ما يجمعنا أكث ممّا يفرقنا بكثير، ولا شيء يمكن أن يدل على جوهر الإنسان إلّا فعله الفردي وسلوكه بالنظر إليه كفردٍ مستقل، شاهد الفيديو الذي أعدّه لكم موقع حِلّوها من خلال النقر على علامة التشغي أو من خلال الانتقال إلى هذا الرابط:

المراجع