الفرق بين الرجل والمرأة عند الإصابة بالأنفلونزا

ما الأسباب وراء اختلاف استجابة الرجل للأنفلونزا؟ ولماذا تختلف أعراض الأنفلونزا لدى الرجال عنها عند النساء؟ هل حقاً تقاوم مناعة المرأة العدوى بشكل أفضل؟ لكن الرجل يشفى أسرع!
الفرق بين الرجل والمرأة عند الإصابة بالأنفلونزا

الفرق بين الرجل والمرأة عند الإصابة بالأنفلونزا

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يمكن أن تبدو الأمراض مختلفة عند الرجال والنساء، هذا صحيح بالنسبة لمرض الشريان التاجي، وصحيح لمرض هشاشة العظام والذئبة والاكتئاب وغيرها.. وقد يكون صحيحا بالنسبة للأنفلونزا، فمفهوم "أنفلونزا الرجل".. انتشر بين العامة وليس في عالم الطب والأبحاث؛ كنوع من الدعابة حول ضعف الرجل في مواجهة الإصابة بالأنفلونزا! في هذا المقال نتعرف بشكل أفضل على كيفية تأثير الإنفلونزا على الرجال واختلاف أعراضها لديهم، ولماذا قد تؤثر عليهم بشكل مختلف عن النساء؟

هل يتحول زوجك إلى مجرد صبي صغير عندما يُصاب بالأنفلونزا؟

مع بدء فصل الشتاء تبدأ الأنفلونزا وجميع أعراضها المزعجة، ويعرف الأطباء والنساء على حد سواء منذ فترة طويلة أن الرجال يميلون إلى الانزعاج من تلك الأعراض أكثر من النساء! في ظاهرة تُعرف باسم: "إنفلونزا الرجل"... إذاً هل يبالغ الرجال؟.. 

الجواب.. "لا"حيث اقترحت دراسة كندية أن أمراض الجهاز التنفسي قد تؤثر على الرجال بشكل أصعب بكثير من النساء، ووفقا لقائد فريق البحث الدكتور كايل سو (Kyle Sue): "هناك بالفعل العديد من الاختلافات الفسيولوجية بين الرجال والنساء، لذلك فمن المنطقي أن نختلف في ردودنا على فيروسات البرد والأنفلونزا أيضاً"، والأدلة في الدراسات الحالية تشير إلى الرجال يعانون من ضعف جهاز المناعة أكثر من النساء، عندما يتعلق الأمر بالتهابات الجهاز التنفسي الفيروسي المشترك، ويوضح سو: "الرجال أكثر عرضة لهذه الفايروسات، كما تكون الأعراض أسوأ، وتستمر لفترة أطول، فالرجال يواجهون خطراً أكبر يستدعي دخولهم المستشفى من أقرانهم النساء، ويبدو أن الرجال يواجهون خطراً أكبر لاحتمالية الوفاة بسبب الأنفلونزا مقارنة بالنساء"، كما يكون الرجال على استعداد لتطوير مضاعفات أخرى مقارنة بالنساء.

الاختلافات الهرمونية بين الرجال والنساء قد توفر للمرأة مزيداً من الحماية من وطأة أعراض الأنفلونزا، فبداية الإصابة بالإنفلونزا قد تؤدي إلى استجابة مناعية أقوى بين النساء أكثر من الرجال، مما يثبط التأثير الكامل للأعراض عليهن، يقول الدكتور سو أن: "هناك حاجة لمزيد من البحوث، لكن ما تشير إليه نتائج الدراسات حتى الآن هو أن (إنفلونزا الرجل) ظاهرة فيها بعض الأساس من الواقع".

animate

قد تكون هناك اختلافات حقيقية في كيفية استجابة الرجال والنساء للأنفلونزا

يرجع ذلك جزئياً إلى أن الرجال أكثر تدخيناً وأقل احتمالا للتركيز على الرعاية الوقائية من النساء، في العام 2010 نشرت منظمة الصحة العالمية تقريراً، يصف كيف أن تفشي أنفلونزا من نوع (H1N1) في عام 2009 أصاب النساء في سن الإنجاب بشدة، وكشف التقرير كيف أثرت الأنفلونزا على الرجال والنساء بشكل مختلف خلال عمرهم وعبر التاريخ.. فقد مات عدد أكبر من الرجال في تفشي إنفلونزا عام 1918، على سبيل المثال، ربما بسبب العدوى المشتركة مع مرض السل حينذاك، وخلص التقرير إلى أنه "لا بد من إجراء المزيد من الأبحاث" لفهم آثار الجنس والنوع على انتشار الأنفلونزا وأثر التلقيح المضاد.

ويدعو الباحثون باستمرار إلى مزيد من الاهتمام بنوع الجنس كمتغير في الاستجابات المناعية بشكل أوسع، فالمسألة قضية صحية عامة، يمكن أن تساعد على تخصيص الوقاية والعلاج لكل جنس لتحقيق نتائج أفضل بشكل عام، لكن في كثير من الأحيان.. يتحول الحوار إلى نقاش يجعل النساء يبرمن عيونهن حول مبالغة الرجال عندما يمرضون بهدف الوصول إلى هواتفهم النقالة أو أجهزة التحكم بالتلفزيون أو ألعاب الفيديو ربما!

وقد افترض باحثون في جامعة رويال هولواي بلندن: "أن بعض الفيروسات قد تطورت لتصبح أقل فتكاً لدى النساء من الرجال، بحيث يكون لديها فرصة أكبر في الانتقال من الأم إلى الطفل"، ووفق تقارير إعلامية فإن هذه الدراسة أكدت وجود "إنفلونزا الرجل"، على الرغم من حقيقة أن مؤلفي الدراسة أنفسهم قالوا إن النتائج التي توصلوا إليها ليست ذات صلة بالإنفلونزا، التي لا تعتمد على انتقال المرض من الأم إلى الطفل، ويعترف العلماء بأن أي اهتمام يوجه إلى موضوع الجنس والمناعة؛ قد يكون مفيداً على المدى الطويل "طالما أنه ليس شيئاً سطحياً وتافهاً".

فعالية لقاح وتطيعم الأنفلونزا وفق اختلاف نوع الجنس
تحدثنا عن لقاح الأنفلونزا السنوي ولقاح الأنفلونزا الشامل في مقالات سابقة، وما نحن بصدده الآن الحديث عما آثاره الباحثون (كما ناقشنا أعلاه)؛ عن علاقة نوع الجنس بالاستجابة للقاح الأنفلونزا، حيث بحثت دراسة حول اختلاف فعالية لقاء الأنفلونزا وفق نوع الجنس، واقترح فريق البحث أنه يلزم المزيد من الأدلة قبل أن يتمكن العلماء من تحديد ما إذا كانت استراتيجيات الوقاية من الإنفلونزا يجب أن تختلف باختلاف نوع الجنس، لكن يمكن وفق هذه الدراسة وكما فعل فريقها أن نحدد بعض الطرق، التي تتعلق بالنظر إلى الفروقات الجنسية، فيما يتعلق بالصحة والإصابة بالأنفلونزا:

  • تميل النساء إلى التعرض أكثر للأنفلونزا، بسبب بعض المعايير المتعلقة بالجندر (النوع الاجتماعي)، حيث تقوم النساء بمهام الرعاية بمعدل أعلى من الرجال.
  • يميل الرجال إلى الحصول على معدلات أعلى في خطر الوفاة أو الحاجة إلى الحل الإسعافي عند تشخيص الإصابة بالأنفلونزا. 
  • النساء أكثر التزام بالتطعيم واللقاحات من الرجال، ويملن إلى التماس الرعاية الصحية بسرعة أكبر عند الإثابة بأي مرض.

وهذه المعايير الثقافية والنمطية هي ما دفعت العلماء لدراسة "تأثير اختلاف نوع الجنس على فعالية لقاح الأنفلونزا"، حيث كانت "فعالية اللقاح الإجمالية للنساء أعلى بكثير، وبلغت نسبة 49 ٪؛ مقابل 38 ٪ فقط للرجال".
يقول مؤلفو الدراسة: "تشير النتائج إلى أن الفروق بين الجنسين في الاستجابة للقاح، وليس بسبب الاختلافات بين الجنسين في طلب الرعاية الصحية أو الإبلاغ عن عدد مرات التطعيم، وهو ما يفسر على الأرجح الاختلافات الملاحظة في فعالية لقاح الأنفلونزا بين الذكور والإناث".. 
خلال بحوث هذه الدراسة كانت فجوة فعالية اللقاح القائم على أساس الجنس؛ أكثر وضوحاً بين كبار السن، كما ظهرت فجوة كبيرة بين الجنسين بين الأطفال قبل سن المراهقة.. مع ذلك يقول الباحثون: "إن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسة لتأكيد دور الجنس، ولتحديد ما إذا كانت هناك استراتيجية خاصة بالوقاية من الإنفلونزا".

لماذا يُظهر الرجل أعراض الأنفلونزا أكثر من المرأة؟ 

ربما تميل النساء إلى تطوير رد فعل أقوى على لقاح الإنفلونزا أكثر من الرجال، وفق الأبحاث وما توصلت إليه حتى الآن كما تابعنا أعلاه، لأن المستويات الأعلى من هرمون التستوستيرون لدى الرجال تميل إلى قمع الاستجابة المناعية الشاملة، كما تشير الأدلة إلى أن الرجال يعانون من ضعف في جهاز المناعة، بالتالي ضعف استجابة مناعية عند مواجهة مرض تنفسي فيروسي شائع مثل: نزلات البرد أو الأنفلونزا، هذا ما وضحته أيضاً دراسة الدكتور كايل سو المشار إليها في بداية المقال.

كما تشير دراسات أولية إلى أن نظام المناعة لدى الذكور والإناث يتأثر بالهرمونات، وأن المستويات الأعلى من هرمون الأستروجين الموجود لدى الإناث قد ترتبط بنظم مناعية أقوى.

وتظهر أبحاث "أن المستويات العالية من هرمون التستوستيرون يمكن أن تخفض من نظام المناعة لدى الرجل"، فالرجال يستغرقون ثلاثة أيام في المتوسط للتعافي من الأنفلونزا، أما النساء عادة ما تتعافين بعد يوم ونصف.

بالنسبة لهذه الأمراض السائدة وفق ما قرأناه من دراسات، فإن الاختلاف في الأعراض يعود في الغالب إلى الاختلافات الهرمونية بين الرجال والنساء.. وهو أمر بحاجة إلى المزيد من البحوث قبل أن يتمكن العلماء من استبعاد الاختلافات المناعية بين الرجال والنساء، مع ذلك فالرجل لا يتصرف بشكل صبياني عندما يُصاب بالأمراض التنفسية كالأنفلونزا ونزلات البرد والرشح.

هل يتعافى الذكور من الأنفلونزا أسرع من الإناث؟

تحدثنا أعلاه عن نقطة تتعلق بتعافي النساء أسرع من الرجال من الإصابة بالأنفلونزا وفق بعض المسوح والدراسات، لكن الرجل قد يتعافى أسرع وفق دراسة أشارت إلى أن: "الرجال قد يتعافون بسرعة أكبر من عدوى الإنفلونزا لأنهم ينتجون بروتيناً رئيسياً للشفاء في الرئة"، كما تحدث الباحثون أنه له علاقة بطبيعة تطورية لدى الإنسان، حيث احتفظ الرجل بقدرة على إفراز بعض البروتينات التي تعزز شفاء الجروح والتئامها، ربما يتحسب جسده للطوارئ والإصابات التي يتعرض لها في المعارك والحروب قديماً!

في هذه الدراسة.. أجرى الباحثون تجارب على فئران حيّة حُقنت بأنفلونزا (H1N1) بجرعات غير مميتة وهي ذات الأنفلونزا، التي قتلت 18 ألف إنسان خلال عامي 2009-2010؛ حيث لاحظ العلماء أن الذكور من الفئران أنتجت أمفيريغولين (Amphiregulin) في الرئتين (وهو بروتين مرتبط بنمو الخلايا الظاهرية في الجلد والرئة، كما يتم تحفيزه في الحالات الالتهابية وعند الإصابة بجروح)، كذلك أشار الباحثون إلى أن النساء مقارنة بالرجال؛ يملن إلى الإصابة بالإنفلونزا بصورة أشد، مع قدرة انتعاشهن وتعافيهن البطيئة حتى عندما تكون مستويات الفيروس هي نفسها، وقد كان يُعتقد أن هذا يرجع فقط إلى إصابة النساء بالتهاب الرئة خلال عدوى الأنفلونزا بشكل أكبر من الرجال، كما قال الباحثون: "تعاني الإناث أيضاً من إصلاح بطيء للأنسجة أثناء فترة التعافي، بسبب انخفاض إنتاج الأمفيريغولين لديهن"، مما يشير إلى أن بروتين شفاء الرئة هذا؛ يُحدث فرقاً في المقام الأول بالنسبة للذكور فقط.

ويشك الفريق منذ البداية في أن زيادة إفراز أمفيريغولين (Amphiregulin)؛ يعزى إلى هرمون التستوستيرون، لكنهم لم يستطيعوا التحكم بمستويات الأمفيريغولين، مع ذلك يتابعون العمل للتحقق من آليات التأثير الوقائي لهرمون التستوستيرون، بالإضافة إلى العوامل الأولية التي تتحكم في إنتاج الأمفيريغولين أثناء الإصابة بالأنفلونزا.. في محاولة منهم لتعزيز إنتاجه والمساهمة في تسريع تعافي إناث الفئران المصابة، وليس لنا نحن البشر إلا أن نشكر هذه المخلوقات الصغيرة على تحمل تبعات الاختبارات، التي تهدف إلى إيجاد العلاج الوقائي أو الشافي للأنفلونزا.

في النهاية.. طالما أن الأنفلونزا سيئة للرجال والنساء معاً فإن الأبحاث مستمرة حول هذا الموضوع، الكثير من النكات دارت حول عدم تحمل الرجل لأعراض الأنفلونزا ودراسة سو بالتحديد نالت الكثير من المزاح بمعنى "أن ما لا يعانيه الرجال أثناء المخاض.. فالأنفلونزا تتكفل به!.." على أي حال يستمر العلم في دراسة الفروق ما بين الجنسين فيما يخص الأمراض المعدية والمناعية، مع أمنياتنا بالسلامة للجميع، وأرجوكن سيداتي مراعاة الرجال قليلاً أثناء إصابتهم برشح الشتاء والأنفلونزا، فقد لا يكون الموضوع مجرد مبالغة في كثير من الأحيان، كما عليكن صديقاتي أن تنتبهن جيداً لأنفسكن أيضاً، أثناء الإصابة بعدوى الأنفلونزا بهدف التعافي السريع، وتستطعن إلقاء بعض أعباء المنزل على الشريك! شاركونا آرائكم من خلال التعليقات.

المراجع