حدود العلاقة بين الرجل والمرأة في العمل والمجتمع

علاقة الزمالة بين الرجل والمرأة في العمل وحدود علاقة الرجل بالمرأة في العمل والمجتمع، هل يوجد صداقة بين الرجل والمرأة؟ وما هي ضوابط وأحكام علاقة الزمالة بين الجنسين؟
حدود العلاقة بين الرجل والمرأة في العمل والمجتمع

حدود العلاقة بين الرجل والمرأة في العمل والمجتمع

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

بعد أن فرضت المرأة وجودها في سوق العمل من خلال اكتسابها للمهارات الفريدة وإثباتها كفاءة عالية في عدد كبير من الوظائف؛ ازدادت الضغوط الاجتماعية على المرأة العاملة، وربما تكون قضية تعامل المرأة مع الرجال في بيئة العمل من أعقد القضايا الحساسة التي تواجهها المرأة، ليس فقط بسبب ما تتعرض له من مضايقات في مكان العمل، بل أن بيئة العمل المختلطة قد تكون سبباً للمشاكل والخلافات المستديمة مع الزوج، لنتعرف أكثر إلى حدود العلاقة بين الرجل والمرأة في مكان العمل في السطور القادمة.

عمل المرأة من القضايا التي شغلت المجتمعات المحافظة على مدى العقود الأخيرة، لكن بنظرة سريعة على تاريخ دخول المرأة لسوق العمل يمكن أن نفهم الأسباب الأكثر عمقاً للتركيز على عمل المرأة والعلاقة التي تجمع المرأة مع زملاء العمل من الجنس الآخر، إليكم بعض الحقائق عن تاريخ عمل المرأة وتطور وجود المرأة في سوق العمل جنباً إلى جنب مع الرجال: [1]

  • على مرّ التاريخ ساهمت المرأة بشكل مباشر في النشاط الاقتصادي للعائلات لكن ليس بصفتها موظفة في معظم الأحيان، بل بصفتها زوجة أو ابنة لصاحب الأرض أو لرب العمل، تشارك أفراد العائلة في العمل دون مقابل مادي مباشر، وتعتبر أعمال الزراعة ورعاية الحيوانات وتصنيع المنتجات الغذائية هي الأعمال الرئيسية للمرأة قبل الثورة الصناعية.
  • مع بداية الثورة الصناعية دخلت المرأة إلى سوق العمل كجزء من فرق العمالة العائلية في المصانع، ومع الاعتراض على ظروف العمل القاسية التي يتعرض لها الأطفال وتتعرض لها النساء؛ تكرّس أكثر نمط ربّة المنزل والزوج العامل في المصانع الكبيرة.
  • بداية دخول المرأة إلى سوق العمل بشكل منفصل عن الأسرة كانت نتيجة تطوّر التعليم واتساع الحاجة إلى العمالة من جهة، وميل أصحاب العمل لتوظيف النساء برواتب أقل من الرجال.
  • على الرغم من وجود مهن نسائية تقليدية مثل الخياطة والتمريض والعمل المكتبي وعاملات خط الإنتاج... إلّا أن تواجد المرأة في سوق العمل تطوّر واتسع عقداً بعد عقد حتى أصبح للمرأة مكان في معظم المهن التي نعرفها اليوم، وأصبحت قادرةً على الوصول إلى المناصب الإدارية العليا، لكن ما زال التفاوت في الأجور والفرص بين الرجال والنساء قائماً حتى في أكثر دول العالم تطوراً.

يمكن القول إذاً أن الاهتمام -المبالغ به أحياناً- بحدود العلاقة بين الرجل والمرأة في العمل، نتيجة مباشرة للتطوّر الكبير الذي شهده سوق العمل خلال العقود الأخيرة واحتدام المنافسة بين الرجال والنساء على المناصب والوظائف من جهة؛ وعلى الأدوار الاجتماعية من جهة أخرى.

animate

الزمالة في العمل ليست مفهوماً معقداً على كل حال، لكن عندما نتحدث عن الزمالة في العمل بين الرجل والمرأة يكون الطرح "هل يمكن أن تكون العلاقة بين الجنسين علاقة زمالة فقط؟" أو "هل هناك العلاقة بين الرجل والمرأة في العمل يمكن أن تكون علاقة بريئة!"
الإجابة على هذه الأسئلة بديهية نوعاً ما، فعلاقة الزمالة بين الرجل والمرأة في معظم الأحيان لا تتخطى "الزمالة" بل أنها تكون زمالة أكثر تحفظاً من علاقة الموظفين مع زملائهم من نفس الجنس، خاصّة عندما تكون المرأة متزوجة أو محافظة، لكن هذا لا ينفي بشكلٍ من الأشكال أن أطراف الزمالة هم من يتحكّمون بنمو العلاقة وخروجها عن حدود الزمالة إلى الصداقة أو إلى ما هو أكثر.
من جهة أخرى فإن زمالة العمل لها درجات، قد تتحكم أيضاً بتطوّر العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة في إطار الزمالة، وأهم هذه الدرجات:[2]

  1. زملاء في نفس الشركة Co-Workers: هذه الزمالة تقتصر على عمل الرجل والمرأة في نفس الشركة دون أن يكون بينهما مهام مشتركة بشكل مباشر، ما يقلل فرص الاحتكاك والتعامل والتعارف، ويجعل العلاقة مجرد معرفة بعيدة.
  2. أعضاء الفريق Team-Members: في هذه الحالة تعمل المرأة ضمن مجموعة تؤدي مهمات مشتركة، وهذا نمط أعمق من الزمالة والعلاقة مع الموظفين، ويتطلب قدراً من التفاهم لأداء العمل بشكل جيد.
  3. الإدارة: وهي العلاقة التي تجمع بين المرأة العاملة ومديرها المباشر أو غير المباشر.
  4. أصدقاء العمل Work Friends: لا يقصد بالصداقة هنا علاقة الصداقة العميقة بين زملاء العمل، وإنما الزمالة الأكثر عمقاً التي تجعل المرأة تفضل تناول الغداء مع أحد زملائه أو تشاركه بعض الأحاديث الشخصية أو تجلس إلى جانبه في الاجتماعات، دون أن يكون هناك علاقة صداقة مستمرة خارج إطار مكان العمل بالضرورة.

هناك عشرات العوامل التي تتحكم بالحدود بالعلاقة بين الرجل والمرأة في العمل، أبرزها العوامل الاجتماعية التي ترسم حدود العلاقة بين الرجل والمرأة عموماً وفي المواقف الاجتماعية المختلفة، إلى جانب المعايير الشخصية التي ترسمها المرأة لذاتها وتحاول أن تفرض على زملاء العمل الالتزام بها، هذا يجعل حدود العلاقة بين الجنسين في مكان العمل متغيرة بشكلٍ كبير حسب الأشخاص والظروف، بل أن سياسة المؤسسة نفسها تؤثّر على طبيعة هذه العلاقة.

ومع ذلك يمكن ذكر أهم حدود العلاقة بين الرجال والنساء في العمل على الشكل التالي:

  1. الالتزام بأهداف العمل: بدايةً يجب على المرأة العاملة وعلى زملائها أن يدركوا ويتمسكوا بأهداف وجودهم معاً في العمل، وكلّما كان زملاء العمل من رجال ونساء أكثر فهماً وإدراكاً لأدوارهم في بيئة العمل أصبحت العلاقة بين الرجل والمرأة في العمل طبيعية ومنضبطة، وتتجه إلى تحقيق المصلحة العامة والإنجاز.
  2. رسم الحدود للزملاء الذكور: لا شكّ أن المرأة تعاني من المضايقات في مكان العمل، وهذا مبحثٌ يطول شرحه تحدثنا عنه بالتفصيل في مقالنا عن التحرش الجنسي في مكان العمل، وهنا يجب على المرأة أن ترسم حدوداً واضحة لزملائها من الرجال، تمنعهم من السعي لتطوير علاقة الزمالة إلى نمط آخر من العلاقة، وتضع لهم معايير ثابتة وصارمة للتعامل.
  3. الاحترام المتبادل: كل علاقة قائمة على الاحترام المتبادل هي علاقة منضبطة ومحترمة، وربما يصح القول أن الاحترام ليس هدية نحصل عليها دون جهد، بل لا بد من بذل الجهد لإظهار الاحترام للآخرين وفرض قواعد محترمة للتعامل يجب أن يلتزموا بها أيضاً.
  4. الموازنة بين العمل والحياة الشخصية: تواجه المرأة المتزوجة أو المرتبطة صعوبات أكبر في إدارة علاقتها مع الرجال في مكان العمل، فهي تهتم بحماية سمعتها وحماية نفسها من مضايقات زملائها من جهة، وتهتم أيضاً بتفسير الزمالة الطبيعية لزوجها أو شريكها، وهنا على المرأة العاملة أن تكون واضحة ومباشرة في الحديث مع الشريك عن علاقتها مع زملاء العمل، ليس من باب الدفاع عن النفس أو نفي الاتهام، وإنما حفاظاً على التشاركية الطبيعية في الحياة بين الزوجين التي تتطلب منهما قدراً كبيراً من الوضوح حول شكل ونوع العلاقات.
  5. الانتقال من الزمالة إلى الصداقة بين الرجل والمرأة: وجود صداقة بريئة بين الرجل والمرأة بحد ذاته موضوع شائك، لذلك على المرأة أن تكون شديدة الحذر عند التفكير بتطوير علاقتها مع زملاء العمل الرجال لتصبح علاقة صداقة، ليست فقط لأن المجتمع لا يعترف بالصداقة بين الرجل والمرأة؛ بل أن الرجال معظمهم لا يفهمون هذه الصداقة كما تفهمها المرأة، سنتحدث أكثر عن هذه النقطة بالتحديد في فقرة مستقلة.
  1. الوضوح في حدود العلاقة والتعامل: كما ذكرنا؛ يجب على المرأة أن تكون واضحة بشكل صارم فيما يتعلق بحدود العلاقة بينها وبين زملائها الرجال في مكان العمل، هذا الوضوح سيوفّر عليها الكثير من المتاعب المترتبة على سوء التفاهم أو الافتراضات غير الواقعية التي يقوم بها الرجال تجاه النساء عادةً.
    ​​​​​​​والأمر لا يتعلق فقط بقضايا التحرش والمضايقة والسمعة، بل حتى بكيف ينظر الرجال إلى وجود المرأة في بيئة العمل، فقد تعاني السيدة الموظفة من التمييز الجندري في العمل وتنمر الرجل عليها فقط لأنها أنثى!
  2. فهم الاختلافات الحقيقية بين الجنسين: فعلياً هناك جملة من الاختلافات بين طريقة تفكير النساء وطريقة تفكير الرجال، بعض هذه الاختلافات مرتبطة بالبيئة التي نعيش فيها، وبعضها مرتبطة بتكوين الدماغ وكيمياء الجسم، وعلى المرأة -كما على الرجل- فهم هذه الاختلافات بشكل جيد لتقليل فرص الصراع وسوء التفاهم [3] كما أن فهم هذه الاختلافات بين المرأة والرجل يساهم في منع تعظيمها والمبالغة بها أو التعامل معها كأنها ليست موجودة.
  3. التعامل بحزم مع التحرش في مكان العمل: تتعرض نصف النساء في أمريكا للتحرش الجنسي في مكان العمل [4] وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة في العالم العربي إلا أن الأمر ليس أفضل كثيراً، لذلك على المرأة أن تتعامل بحزم وقوة مع التحرش الجنسي في مكان العمل، سواء كان من الزملاء أو من الإدارة أو حتى من العملاء.
  4. الحفاظ على حدود الزمالة: ليس فقط بين الرجال والنساء، بل الحفاظ على حدود الزمالة في مكان العمل بشكل عام، فعلى الرغم من التأثير الإيجابي لوجود أصدقاء في بيئة العمل، إلّا أن الصداقة العميقة بين الموظفين قد تقود لخلافات أعمق، وقد تؤدي لمشاكل كثيرة تؤثر سلباً على المسيرة المهنية والأداء الوظيفي. [5]
  5. الاتفاق مع الشريك على طبيعة العلاقة مع زملاء العمل: من الحكمة أن تتحدث المرأة مع زوجها أو شريكها حول حدود العلاقة مع زملاء العمل، ليس فقط من جهتها بل من جهته أيضاً، بعض الأزواج يتقبلون وجود تواصل بين الزوجة ومديرها حارج وقت العمل في أمور تتعلق بالعمل، لكن آخرين يعتقدون أن العلاقة تنتهي بمجرد انتهاء وقت العمل، كما أن بعض الأزواج يقبلون وجود علاقة أسرية مع زميل الزوجة في العمل وربما زيارات عائلية متبادلة، فيما يرى آخرون أن هذا غير ضروري وغير محبذ.

كما أن تطوّر المجتمع بعد الثورة الصناعية وثورة الاتصالات كان له الدور الأكبر في دخول المرأة لسوق العمل والجدل حول علاقاتها في بيئة العمل؛ كذلك كان له الدور الأكبر في تكوين مفهوم الصداقة بين الجنسين وإشعال الجدل حول حقيقة الصداقة بين الرجل والمرأة.
هل الصداقة بين الرجل والمرأة ممكنة أم مجرد خيال؟ هذا السؤال الذي لن يكون من الممكن الإجابة عنه في يومٍ من الأيام، لأن من يحدد الصداقة البريئة بين الرجل والمرأة هم الأفراد في العلاقة ولا أحد غيرهما، فيما تؤكد الأبحاث أن المرأة تنظر إلى الصداقة مع الرجل بطريقة أكثر براءة من الرجال، الذين غالباً ما ينظرون لكل أنثى أنها شريك جنسي محتمل!
وقد تناولنا هذه القضية بالتفصيل في مقال سابق بعنوان "تحليل مفهوم الصداقة بين الجنسين وتطوره" يمكنكم مراجعته من خلال النقر على هذا الرابط.

من الاستشارات التي وردت إلى مجتمع حِلّوها سيدة تشتكي من تقرب زميلها في العمل من عائلتها وزوجها! حيث استطاع زميلها في العمل أن يكون صديقاً مقرباً للعائلة، يأتي لزيارتهم ويتحدث مع بناتها حول مشاكلهن ويقضي الوقت مع زوجها، لكنها بدأت تشعر بالقلق وأن نيته ليست صافية.
قدمت لها الدكتورة سناء عبده الخبيرة في موقع حِلّوها نصائح كثيرة على رأسها أن تتحدث إلى زوجها عن مخاوفها وهواجسها، اقرأ تفاصيل الاستشارة وتفاعل القراء من خلال النقر على هذا الرابط.

وفي استشارة أخرى تشكو صديقة الموقع من افتراء زملائها الرجال في العمل عليها ومحاولة اختلاق المشاكل لها، وهي لا تلاحظ أنهم يفعلون ذلك مع باقي الزميلات، كما أنها لا تواجه نفس المشاكل مع زميلاتها.
نصحتها الدكتورة سناء عبده أن تتأكد أولاً مما يدور في رأسها وأن تحذر من الوهم، ثم تفكر بالأسباب الحقيقة التي قد تدفع زملاءها لاختلاق المشاكل والافتراء عليها، وقدمت لها تحليلاً منطقياً للمشكلة وحلولاً فعّالة، راجع الاستشارة الكاملة على حِلّوها من خلال النقر على هذا الرابط.

المراجع