الابتلاء هو نفس الطريق الذي يمنحنا الرزق والسعادة

خطيبي تركني لأني مريضة صرع قد يبتلينا الله بمرض ونشعر وقتها ان الدنيا توقفت، ويتغير كل شئ أمامنا، ولا نفهم المغزي منه الا بعد الحين، كانت البداية عندما كنت في الصف الرابع الإبتدائي وانا اسقط في وسط زمايلي ولا استطيع السيطرة على حركاتي اللاارادية واري ان الجميع يبتعد عني وكأنني شبح او مصابة بمرض قد يعديهم جميعهم. وبعد فترة زمنية قصيرة اعود لحالتي الطبيعية ولا اعلم ماذا حدث خلال تلك الفترة. تكرر الأمر كثيراً، مما جعل والدي ووالدتي يعرضونني على طبيب والذي اخبرهم بانني مريضة (صرع)، وانا اعاني من كهربا زيادة على المخ، الأمر كان محبطا جدا في البداية لأهلي الذين لا يعرفو كيف يعالجون المرض وهل سيظل مزمنا ام ان هناك طريقة ما وعلاج ما للتخلص منه نهائياً. سنة تلو الأخري وانا في معاناتي وليس هناك حل لمرضي سوى المسكنات المؤقته والأدوية التي تلعب على الحالة المزاجية والكهرباء في المخ. لم يكن شئ يؤلمني سوى الشفقة في عيون الأهل وكذلك الفترة التي اتغيب فيها عن الوعي ولا اعلم ماذا يحدث فيها ثم نظرات الشفقة والخوف من الناس التي تبتعد عني. بدأت اخاف من فكرة الخروج من المنزل، اخاف ان اكون بمفردي ويحدث لي هذه الحالة التي ليس لها ميعاد او وقت ولا اعلم كيف اتلاشاها حتى مع الادوية التي اتناولها. بدأت الازم البيت اطول فترة ممكنه، حتي الدراسة من المنزل ولا اذهب سوى على الامتحانات، لم يعد لي اصدقاء فالجميع ابتعد عني بحكم مرضي وانني ايضا ابتعدت. ولكن لم اري ان شخص تمسك بي سوي والدتي واخواتي. انتهيت من مرحلة الثانوية العامة، التي وجدت امي تقف فيها بجواري فهي كانت تشاركني تعبي واجهادي المستمر بسبب الادوية التي اشعر انها تكسر كل عضمة في جسمي خاصة ان جسمي هزيل اعاني من الانيميا والنحافة. وقتها اخذت قرارا بانني لن اذهب إلى الاطباء وسأتعايش مع مرضي ومن يقبلني يقبلني لنفسي وبمرضي. ودخلت الجامعة وتكررت مأساتي ثانية ولكن الأمر لم يكن يشغل بالي كثيرا. وفي فترة الجامعة تعرفت على شاب أعجب بشخصيتي واحبني كما قال لي، ترددت قبل ان اصارحة بمرضي، جاء وتقدم لي وبالفعل تمت الخطبة، والدي كان يري انني لا بد ان اصارحة وانا كذلك ولكني خفت ان يتركني وترددت فكنت كنت انتظر اللحظة المناسبة وكنت اخشى الا يتمسك بي، كنت اخاف الخروج معه كثيرا بحجه ان والدي لا يسمح بذلك واذا جاء لمقابلتي فلابد ان تكون في منزلنا. وفي إحدي المرات ولأنني لا استطيع ان اتحكم في مواعيد الحالة فاجئتني وهو معي، لا اتذكر سوى انني فوقت ولم أجده، كلمته كثيرا ولكنه لم يرد على اتصالاتي. مدة كبيرة وهو يتجاهلني حتي تعدينا الشهرين وانا لا اعرف عنه شئ وهو كذلك ورفضت تدخل والدي في الموضوع الذي كان يحاول ارضائي. ذهبت لخطيبي وصارحته بحالتي، رغم عدم اهتمامة وشرحت له انني كنت انوي مصارحته قبل الزواج ولكن هذا الموضوع بالذات سبب لي عقده نفسيه كبيرة لابتعاد الجميع عني. رفض الاستمرار معي وحقة الكامل كذلك، والحمد لله انه رفض فمن الصعب ان تستكمل حياتك مع شخص من باب الشفقه فقط ولكن كنت اسال نفسي اين هذا الحب وهل اختفي فجأة؟ كيف كان يحبني وكيف تحول لكراهية وبعد فجأة؟ بدأ الصرع يداهمني كثيرا في فترات زمنية متقاربة جدا، وبدأت حالتي النفسية تتدهور، واصيبت بأكتئاب شديد بعد فترة قررت مع نفسي ان احاول اجد علاج لحالتي النفسية قبل حالتي المرضية، ذهبت إلي أحدى المستشفيات وقابلت الطبيب دون ان اخبر احد من اهلي فانا احاول ان اعتمد على نفسي وهذه اولي خطوات العلاج واني لا اعتمد على احد في حياتي. وكان الله اراد ان يأخذ بيدي، وهناك كان الدكتور المعالج لحالتي هو السبب في تغيير حياتي 360 درجة، حاول ينصحني بضرورة التعايش السليم مع حالتي، وكان له دورا كبيرا في رفع حالتي النفسية. وبعد ثالث جلسة علاج، قالي لي انه يعاني من فشل كلوي! الامر الذي ادهشني كيف يأتي بهذه الصلابة ويمارس عمله بهذه القوة وهو يعاني من مرض خطير. بدأت استمد قوتي منه هو شخصيا الذي اعطاني الامل لحياه جديدة، وبدأت حالتي النفسية تتحسن كثيرا، حتي انه ساعدني ووفر لي فرصة للعمل في نفس المستشفي في وظيفة ادارية. وبعدها طلب مني الزواج وكان الله اراد ان يوصل لي رسالة ان ما قد نراه ابتلاءا ولا نقدر على التعامل معه هو نفس الطريق الذي يمنحنا السعاده والرزق.