أسباب وأعراض تشوهات القلب الولادية عند الأطفال

ما هي التشوهات الخلقية الشائعة التي تصيب القلب؟ ما هي أسباب التشوهات القلبية وعلامات إصابة الطفل بتشوه قلبي ولادي؟
أسباب وأعراض تشوهات القلب الولادية عند الأطفال
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

بما أن التشوهات القلبية الولادية مجموعة واسعة من الأمراض التي قد تختلف عن بعضها البعض بالكثير من التفاصيل، سنحاول في المقال التالي التركيز على الصفات العامة لهذه التشوهات الخلقية، بداية من العوامل المؤهبة لحدوثها لدى الجنين خلال الحمل، ومروراً بالأعراض والعلامات الدالة على وجود تشوه قلبي لدى الطفل.

تشوهات القلب الولادية (Congenital Heart Defects) من أكثر التشوهات الخلقية شيوعاً إذ تصيب حوالي 8 من كل ألف طفل، ويعني هذا المصطلح أن الطفل ولد وهو مصاب بخلل في البنية التشريحية أو الوظيفية للقلب، بعض هذه التشوهات بسيطة قد تبقى بدون أعراض أو تتراجع من تلقاء نفسها مع الزمن، وبعضها الآخر يحتاج إلى العلاج بأساليب متنوعة بدءاً بالمداخلات البسيطة ووصولاً إلى عمليات القلب المفتوح المستعجلة لحديثي الولادة.

animate

هناك عدد كبير من الإصابات التي يمكن تصنيفها تحت مسمى التشوهات الخلقية القلبية، لذلك يتم توزيعها إلى مجموعات وفقاً لمكان الإصابة من القلب كما يلي:

  1. تشوهات الصمامات القلبية: تلعب الصمامات الموجودة داخل القلب دوراً في توجيه الدم من مكان إلى آخر مثل الصمامات الأذينية البطينية التي تمنع عودة الدم إلى الأذينة بعد وصوله إلى البطين، والصمامات الموجودة بين كل بطين والشريان الرئيسي الذي يدفع الدم عبره (الصمام الرئوي عند اتصال البطين الأيمن مع الشريان الرئوي والصمام الأورطي عند اتصال البطين الأيسر مع الشريان الأورطي).
    يمكن أن يؤدي تشوه بنية الصمامات إلى تضيقها مما يعيق حركة الدم في الاتجاه الصحيح أو قصور الصمامات مما يسمح لبعض الدم بالتحرك في الاتجاه الخاطئ، كل هذا يتدخل بقدرة القلب على ضخ الدم بشكل سليم.
  2. تشوهات جدار القلب: في القلب الطبيعي تكون الأجواف اليمنى (الأذينة والبطين) معزولة بشكل كامل عن اليسرى، فالقلب الأيمن يتلقى الدم من جميع أنحاء الجسم ويدفعه إلى الرئتين من أجل تزويده بالأكسجين (الدورة الدموية الصغرى)، ثم يتلقى القلب الأيسر هذا الدم المزود بالأكسجين ويقوم بضخه إلى جميع أنحاء الجسم (الدورة الدموية الكبرى).
    في بعض الأحيان يولد الطفل بجدار غير كامل مما يؤدي إلى فتحة بين الأذينتين (ASD) أو فتحة بين البطينين (VSD) مما يعرقل حركة الدم ويحمل القلب عبئاً إضافياً.
  3. تشوهات الأوعية الدموية: في هذه الحالة تكون المشكلة في الأوعية الدموية التي تأخذ الدم من القلب أو تعيد الدم إليه، مما يقلل تدفق الدم أو يوقفه ويقود إلى اختلاطات صحية متعددة.
  4. تشوهات الجهاز الناقل: الجهاز الناقل هو شبكة من الألياف المخصصة لنقل التنبيهات الكهربائية بين أجواف القلب، ويحتاج القلب إلى توافق تام في عمل هذه الشبكة حتى يقوم بضخ الدم بشكل فعال، أما التشوهات الخلقية في الجهاز الناقل فتؤدي إلى اضطرابات متنوعة في نظم القلب يملك كل منها شكلاً مميزاً على تخطيط القلب الكهربائي (ECG) وتؤدي إلى أعراض متنوعة في الخطورة.

تعتمد الكثير من المراجع على جمع التشوهات القلبية بغض النظر عن مكان حدوثها إلى آفات قلبية مزرقة (Cyanotic Heart Defects) وآفات قلبية غير مزرقة (Non Cyanotic Heart Defects)، يشترك هذان النمطان في كون حركة الدم داخل القلب مضطربة وغير طبيعية لسبب من الأسباب سابقة الذكر.
أما الفرق الرئيسي فهو لون المريض كما يوحي الاسم، إذ تؤدي التشوهات المزرقة إلى ضخ دم قاتم (منخفض الأكسجين) إلى الجسم مما يعطي السحنة الزرقاء بينما لا تؤدي الآفات غير المزرقة إلى ذلك.
يمكن أن يعاني الأطفال من ضيق في النفس أو لهاث سريع بالإضافة إلى تلون الجسم بالأزرق في الآفات المزرقة، أما المصابون بالتشوهات غير المزرقة فلا يعانون من هذه المشاكل إنما تتطور لديهم اختلاطات ومضاعفات خلال مراحل الحياة اللاحقة.

في معظم الحالات لا يمكن تحديد عامل واحد مشوه لقلب الجنين، لكن بعض العوامل الوراثية والبيئية قد ثبت ارتباطها بزيادة احتمال حدوث التشوهات القلبية مثل:

  • الحصبة الألمانية (Rubella): لا تعتبر إصابة الأطفال بالحصبة الألمانية أو تطعيمهم ضدها أمراً مهماً في سياق التشوهات القلبية، أما دخول الفيروس إلى جسم المرأة الحامل فهو قادر على إلحاق عواقب كارثية بالجنين مثل التشوهات القلبية والدماغية والبصرية والسمعية، لذلك يقوم الطبيب بفحص مناعة السيدة التي تخطط للحمل ضد فيروس الحصبة الألمانية، وإعطاء اللقاح المناسب قبل الحمل من أجل تحقيق الوقاية اللازمة.
  • الداء السكري: يمكنك تخفيف خطورة حدوث التشوهات الولادية عبر مراقبة مستوى السكر في الدم والحفاظ عليه ضمن الحدود الطبيعية قبل محاولة الإنجاب وأيضاً خلال الحمل.
  • الأدوية المشوهة: يمكن أن يؤدي تعاطي بعض الأدوية خلال الحمل إلى إحداث تشوهات متنوعة، لذلك يجب إخبار الطبيب بجميع الأدوية التي يتم تعاطيها عند التخطيط للحمل، تشمل الأدوية المشوهة للجنين بعض الأدوية الخافضة للضغط، الأدوية الخافضة للشحوم والكولسترول، دواء روكتان المضاد لحب الشباب، والأدوية النفسية.
  • شرب الكحول خلال الحمل: يؤدي تناول المشروبات الكحولية خلال الحمل إلى الكثير من التشوهات الخلقية الجنينية المميزة التي تدعى باسم متلازمة الطفل الكحولي أو متلازمة الكحول الجنينية، تشمل هذه المتلازمة تشوهات في الجمجمة والدماغ والقلب، لذلك ينصح الأطباء بالابتعاد عن الكحول تماماً عند المرأة الحامل أو حتى التي تخطط للحمل.
  • التدخين: يؤدي التدخين خلال الحمل إلى زيادة احتمال حدوث التشوهات الخلقية بمختلف أشكالها.
  • متلازمة داون: وهي اضطراب وراثي يؤثر على التطور الجسدي والعقلي للطفل، كما تترافق بالكثير من الشذوذات والتشوهات الجسدية.
  • العامل الوراثي: بعض التشوهات القلبية الوراثية تسري في بعض العائلات دون غيرها، لذلك ينصح الأطباء أحياناً بإجراء اختبارات وراثية خلال الحمل من أجل الكشف المبكر عن التشوهات القلبية أو تحديد احتمال حدوثها لدى الجنين.

كيف تظهر التشوهات الخلقية في القلب خلال الطفولة؟
عادة ما تظهر أعراض هذه التشوهات بعد الولادة مباشرة أو خلال الأشهر الأولى من الحياة، يمكن أن تتضمن الأعراض الشديدة والمتوسطة التالية:

  • الجلد الرمادي الشاحب أو المائل للأزرق (الازرقاق).
  • التنفس السريع واللهاث.
  • تسرع نبض القلب.
  • انتفاخ القدمين والبطن والمنطقة حول العينين (قد يدل هذا على قصور القلب).
  • الزلة التنفسية المرتبطة بالجهد أي الشعور بضيق النفس أثناء ممارسة نشاط ما، يمكن ملاحظة هذه العلامة لدى البالغين المصابين بالأمراض القلبية من خلال مراقبة المشي أو صعود الدرج، أما لدى الأطفال الرضع فيظهر ضيق النفس أثناء الرضاعة مما يمنع الطفل من التغذية الجيدة واكتساب وزن كافٍ.
  • أعراض التشوهات الأقل خطورة حيث يمكن أن تمر هذه التشوهات بدون تشخيص خلال الطفولة المبكرة وتظهر أعراضها لاحقاً خلال الحياة بشكل بطيء ومخادع، من صفات الطفل المصاب بتشوه قلبي غير معالج:
    1. يتعب بسرعة عند ممارسة الرياضة والنشاطات الجسدية.
    2. يتوقف لالتقاط أنفاسه عند ممارسة نشاط جسدي غير متعب لباقي الأطفال.
    3. يصاب بالدوخة أو فقدان الوعي عند الجهد.
    4. يعاني من توذم وانتفاخ في اليدين والساقين والقدمين.

عادة ما يتم تشخيص التشوهات القلبية الشديدة خلال الأيام الأولى من الولادة أو حتى خلال الحمل، أما التشوهات الخفيفة فيجب الانتباه لأعراضها من قبل الوالدين ومراجعة الطبيب في حال ملاحظة أي من الأعراض السابقة.

يمكن أن تؤدي تشوهات القلب إلى الكثير من المشاكل الصحية نذكر منها:

  • قصور القلب الاحتقاني: خصوصاً في التشوهات الشديدة وغير المعالجة.
  • تأخر النمو: يمكن أن يبدو الأطفال المصابون بالتشوهات القلبية أصغر وأقصر قامة من أقرانهم، حتى أن تطور الجهاز العصبي والوظائف المعرفية والعقلية قد يكون أبطأ من المعدل الطبيعي.
  • اضطرابات نظم القلب: يمكن أن تحدث هذه الاضطرابات بسبب التشوه القلبي بحد ذاته أو نتيجة تخريب بعض الألياف الناقلة خلال المداخلة الجراحية على القلب المصاب.
  • الآثار النفسية والعاطفية: يمكن أن يعاني الطفل المصاب بالتشوه القلبي من الاكتئاب أو فقدان الثقة بالنفس بسبب الشعور بالنقص تجاه الآخرين من ناحية الطول أو القدرات المعرفية أو اللياقة البدنية.

كيف تتجنبين إصابة طفلك بتشوه قلبي؟
بما أن غالبية التشوهات القلبية تكون مجهولة السبب لا يمكن الوصول إلى طريقة حاسمة للوقاية منها في الوقت الحالي، لكن اتباع بعض الإجراءات والنصائح كفيل بإنقاص احتمال الإصابة، من هذه الإجراءات الوقاية:

  • لقاح الحصبة الألمانية: يجب الحصول على لقاح الحصبة الألمانية عند المرأة غير الممنعة سابقاً قبل حدوث الحمل بـ 4 أسابيع على الأقل.
  • علاج الحالات المرضية المزمنة: حافظي على مستوى السكر ضمن الحدود الطبيعية في حال كنت مصابة بالداء السكري من النمطين الأول أو الثاني، كما يجب مناقشة الخطة الدوائية المستخدمة في علاج الأمراض العصبية والنفسية لأن بعض الأدوية المستخدمة فيها قد تكون مشوهة للجنين.
  • تجنب المواد السامة والمؤذية: ابتعدي عن استخدام الطلاء والمنظفات ذات الرائحة القوية خلال الحمل، ولا تتعاطي أي عقار طبي أو ممنوع أو حتى أدوية الأعشاب دون استشارة الطبيب مسبقاً.
  • تناول المكملات الحاوية على حمض الفوليك: يؤدي تناول 400 ميكروجرام يومياً من حمض الفوليك إلى إنقاص احتمال حدوث التشوهات في الدماغ والنخاع الشوكي، بالإضافة إلى التشوهات القلبية والدورانية.

وفي الختام.. بقي أن نؤكد على أهمية اتباع الإجراءات الصحية الملائمة للحمل عند جميع السيدات المتزوجات أو عند أي شك بوجود الحمل، لأن الأسابيع الأولى من الحمل هي الفترة الأكثر حساسية لحدوث التشوهات الخلقية وقد يتأخر تشخيص الحمل فيها مما يعرض الجنين للكثير من العوامل المشوهة إذا لم تأخذ المرأة هذه الفكرة بعين الاعتبار.