اعتماد الطفل على الذات وتحمّله المسؤولية

تربية طفل قادر على تحمل المسؤولية ومعتمد على ذاته، تعليم الطفل مهارات الاعتماد على الذات وتحمّل المسؤوليات، وتنمية حس المسؤولية عند الأطفال
 اعتماد الطفل على الذات وتحمّله المسؤولية

اعتماد الطفل على الذات وتحمّله المسؤولية

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

لا تعطهِ سمكة.. لكن علّمه كيف يصطاد، طالما لدينا جميعاً جدال حول الاستقلالية ومفهومها الوجودي الفعلي؛ دعونا لا نتحدث عن تربية طفل مستقل، بل سيكون مقالنا  حول تربية طفل يعتمد على ذاته، وهو الأهم.. بأن يكون واثقاً من قدراته على فعل الأشياء بنفسه، فالاعتماد على الذات، يعني أن يطوّر الطفل مجموعة أساسية من أدوات الحياة.

animate

محتويات المقال (انقر للانتقال):

  1. أسس تربية طفل يعتمد على ذاته
  2. مسؤولية الطفل ومساءلته
  3. تشجيع الطفل على الاستكشاف
  4. مهارات الاعتماد على الذات
  5. المراجع والمصادر

أسس تربية طفل يعتمد على ذاته

أن يطور الطفل أدواته لعيش الحياة، هو الهدف الأساسي لغرس وتنمية وتعزيز؛ الاعتماد على الذات منذ سن مبكرة، حيث يطور الأطفال خلال العملية التربوية.. الجوانب التالية:

  1. الجانب الإدراكي: على سبيل المثال، جمع المعلومات وتحليلها واتخاذ القرارات.
  2. الجانب العاطفي: مثل: إدارة مشاعر الحزن والإحباط والغضب.
  3. الجانب السلوكي: كالدراسة والعمل.
  4. العلاقات الشخصية: مثل: المهارات الاجتماعية ومهارات العمل والتواصل.
  5. الجانب العملي: مثلاً: القيام بغسيل الملابس، وطهي وجبات الطعام، وإدارة الشؤون المالية.

هذا ما يستوجب أن يكون الاعتماد على الذات محوراً أساسياً؛ في جهود الآباء لتربية أطفالهم، لأن الاعتماد على الذات ليس (شيئاً) يمكن للطفل اكتسابه بمفرده، ليس لديه المنظور ولا الخبرة لتطوير الاعتماد على الذات بشكل منفصل عن والديه، إنه بمثابة هدية الوالدين.. لأطفالهم، بحيث يستفيدون منها طوال حياتهم، ووفقاً للمتخصص النفسي بقضايا الأبوة والأمومة الدكتور تيم تايلور (Jim Taylor)؛ فإنه يمكنك تزويد أطفالك بالعديد من المكونات الأساسية لاكتساب الاعتماد على الذات وهي: [1]

  1. الحب والاحترام: يمنح أطفالك الشعور بالأمان، الذي يتيح لهم استكشاف المخاطر.
  2. الثقة بقدرات أطفالك: بطبيعة الحال.. تمكينهم من استيعاب الإيمان بأنفسهم، وتطوير شعور دائم بالكفاءة.
  3. السيطرة والتحكم بحياتهم: بدء من تعليم الطفل ربط حذائه، حتى قدرته على حل المشكلات التي قد تعترض حياته.
  4. التوجيه ثم بعد ذلك الحرية: تقديم النصح والإرشاد لهم، ثم الاستقلال في اتخاذ خياراتهم وقراراتهم.
  5. معرفتهم لمسؤولياتهم: وتحمل نتيجة أفعالهم وأخطائهم، حيث يجب أن يحملوا المسؤولية عن أفعالهم.

ويضيف الدكتور تايلور بأنك يجب أن "تؤكد دورك كوالد وأنهم الأطفال"، مما يضع حدوداً وأدواراً ومسؤوليات واضحة، تمكن الأطفال من متابعة مهامهم وعملهم ولعبهم.. الخ، وهو جوهر عملية تربية الطفل "للاعتماد على الذات".. بشكل تدريجي، بدءاً من وضع الحدود والتوقعات والعواقب، التي تختلف وتتطور كلما كبر الطفل في العمر، حتى تصل إلى مرحلة إدارة حياة طفلك مع احتفاظك بحدودك، من خلال الاكتفاء بإعطائه الملاحظات والنصائح، فالتطور يعني إعطاء أطفالك المزيد من الخيارات والقرارات، ومن ثم تقليل الحدود والتوقعات والنتائج، والمزيد من الحرية التي تحدد مسار حياتهم.


مسؤولية الطفل ومساءلته

كيف تعلّم الطفل تحمل المسؤولية؟ ... إذا كان لديك أنت وأطفالك فهماً واضحاً لما هو متوقع من كل واحد منكم؛ فسيكون من الأسهل عليكم البقاء في نطاق تلك المسؤوليات، لذا.. يجب عليك الجلوس معهم، وتحديد الخطوط العريضة لكل مسؤولياتك ومسؤولياتهم، ضمن حدود العمر المناسب، وذلك من خلال:

  • قائمة بما ستفعله أنت بصفتك أحد الوالدين لدعم أطفالك: تأكد من أخذ ملاحظات منهم حول ما يعتقدون أنه يمكنك القيام به لمساعدتهم، كذلك شجع أطفالك على إخبارك إذا كانوا يعتقدون أن مسؤولية معينة لا ينبغي أن تكون ضمن مسؤوليتك (مثل الاستحمام)، حيث لا بد أن تتأكد من قدراته الكافية لكيفية تحمله هذه المسؤولية.
  • قائمة بما ينبغي أن تكون مسؤوليات أطفالك: قبل مشاركة أفكارك معهم، اطلب منهم وصف ما يجب عليهم فعله لتحقيق النجاح، إذا شعرت أن طفلك قد نسي بعض المسؤوليات الأساسية (تنظيف الأسنان قبل الذهاب إلى الفراش مثلاً)، فاقترح عليه أن يكتب قائمة بالأشياء المهمة، التي يجب أن يفعلها قبل النوم، ومعرفة ما إذا كان يوافق على قائمة تساعده في إعدادها.
  • حدد الأشخاص الذين سيتحملون مسؤوليات في حياة أطفالك: مثل المعلمين أو المدربين في الفرق الرياضية، وإن أمكن؛ اذكر المسؤوليات التي يجب أن يشارك بها هؤلاء الأشخاص أثناء تواجدهم مع أطفالك.
  • تحديد عواقب لعدم الوفاء بالمسؤوليات: من الناحية المثالية يجب أن تكون هناك عواقب لك ولأطفالك في حال عدم تحمل المسؤوليات من قبل أي منكم، لكن من الواقعي أيضاً، أن تعاقب أطفالك على الرغم من استخدامك "مهلة"؛ لتصحيح عواقب مخالفة المسؤوليات، من حين إلى آخر، لأن أفضل النتائج هي تلك التي تمنح للطفل القدرة على السيطرة من خلال التصرف المناسب، حتى لو سبق وأخطأ.
  • قدرة الأطفال على مساءلة أنفسهم عن أفعالهم هي جزء حاسم من الاعتماد على الذات: لا تعتقد أن الطفولة المثالية تعني أن تبعد طفلك عن خيبة الأمل بسبب نتائج أفعاله، أو من خلال تعويد الطفل على إلقاء اللوم في فشله؛ على عوامل خارجية أو تحميل المسؤولية للآخرين! فلا تخرّب على طفلك فرصه لتعلّم المساءلة من خلال حمايته من الفشل، ويمكنك جعل مساءلة أطفالك عن نجاحاتهم أو إخفاقاتهم أمراً في غاية البساطة، من خلال الإشارة إلى العلاقة بين أفعالهم ونتائجها، بحيث تتمثل الطريقة السليمة لتهدئة مشاعر أطفالك السلبية؛ في توضيح كيفية الوصول إلى نتائج مختلفة وأكثر إيجابية مستقبلاً، ومن خلال هذا النهج، يكون لدى الطفل ذلك التصور القائل: "بإمكاني تحقيق نتيجة أفضل في الفرصة التالية"، وأن لديهم الوسائل المحددة للقيام بذلك.

تشجيع الطفل على الاستكشاف

هناك فرق بسيط ما بين شعور طفلك بالأمان وشعوره بالتبعية، ففي وقت مبكر من عمر الطفل ستكون أنت العين الساهرة لتضمن سلامته، وتراقبه دائماً أثناء لعبه، مما يبني لدى الطفل شعوراً بالأمان لمكان يعود إليه إذا ما غامر فهو يعرف أنك تحميه، ثم شجعه على استكشاف العالم خارج شبكة الأمان التي توفرها له، حيث يتيح "الخروج من العش"؛ اتخاذ الخطوات الأولى نحو الاعتماد على الذات، بحيث سيتمكن من اختبار قدراته في العالم الحقيقي، كذلك يعزز الثقة بإحساسه الداخلي بالأمان، مع المزيد من التجارب من خلال الاستكشاف خارج نطاق فهمك المباشر، مما يشجعه على استكشاف المزيد بمفرده، ويمكن أن تعزز قدرته على الاستكشاف من خلال:

  • تعزيز الاستكشاف: من خلال تشجيع أطفالك دوماً على استكشاف المجهول في حدود العمر المناسب، على سبيل المثال: يمكنك أن تطلب من طفلك الباغ من العمر عامين؛ إحضار الكرة من جانب سياج المنزل الخارجي، كما يمكنك السماح لطفلك في السابعة من عمره، بركوب دراجته إلى منزل صديقه على بعد بنايتين من بيتك، أو يمكنك السماح لطفلك البالغ من العمر 14 عاماً؛ القيام برحلة مع أصدقائه إلى حديقة الحيوان، وقد يجعلك ذلك غير مرتاح! لكنها تجارب أساسية لتطوير الاعتماد على الذات لدى أطفالك. 
  • مواجهة الخوف: من خلال تحديد المواقف التي تسبب لأطفالك بعض الخوف وتشجيعهم على مواجهة خوفهم واستكشاف الموقف بعدها، حيث يمكنك القيام بذلك من خلال التحدث مع أطفالك حول الخوف، وتوفير منظور آخر يقلل من الشعور بالخوف، كذلك تقديم مهارات قد تحيد أو تعالج أسباب خوفهم، وإذا لزم الأمر.. يمكنك مرافقة أطفالك في أول مرة يواجهون فيها الموقف، الذي يسبب لهم الخوف (تنمّر زملاء في المدرسة أو الروضة).. وإعطائهم توجيهات حول كيفية السيطرة على هذا الخوف، ثم السماح لهم بمواجهة الموقف بأنفسهم مستقبلاً.
  • إيصال رسائل إيجابية حول الاستكشاف: سواء كنت تزور مع طفلك أحد المتاحف، أو تسمح لأطفالك بالذهاب إلى الحديقة بمفردهم، أو بقيامكما بمشاهدة فيلم رعب معاً؛ يمكنك أن تنقل لأطفالك أن الاستكشاف تجربة ممتعة ومثيرة، ينبغي البحث عنها والاستمتاع بخوضها، وكلما عبرت عن مشاعر إيجابية حول الاستكشاف مع أطفالك؛ من الأرجح أن يتبنوا نفس المعتقدات والعواطف، التي ستشجعهم على مواصلة استكشاف عالمهم وحدودهم أيضاً.

مهارات الاعتماد على الذات

ما هي المهارات التي يحتاجها الطفل لينضج لديه الاعتماد على الذات؟
الاعتماد على الذات كما ذكرنا في المقدمة؛ أن تغرس لدى طفلك الإيمان بقدراته، وحتى يتم ترسيخ هذا الاعتقاد بشكل واقعي؛ فالطفل بحاجة إلى مهارات وقدرات فعلية، بالتالي.. واحدة من مسؤولياتك الأساسية كمربي وأحد الوالدين هي: تعليمه المهارات اللازمة للاعتماد على الذات، ورغم أن كل المهارات التي أشرنا إليه أعلاه (المعرفية والعاطفية والسلوكية والشخصية والعملية)؛ مهمة.. لكن يجب أن تركز كثيراً فيما يتعلق بالمهارات المطلوبة مستقبلاً، وليستفيد منها الطفل مستقبلاً كشخص بالغ! وبعض هذه المهارات تشمل:

  • الإدارة المالية: مثل الادخار والإنفاق بحكمة، كذلك إنشاء وإدارة الميزانية ودفع الفواتير.
  • التدبير المنزلي: على سبيل المثال: تسوق البقالة والطهي والتنظيف وغسيل الملابس.
  • الصيانة والإصلاحات المنزلية الأساسية: على سبيل المثال: إصلاح باب الحديقة، أو التعامل مع باب خشبي يصدر صريراً، كذلك  استخدام أدوات مثل المطرقة ومفك البراغي والكماشة واستبدال المصباح الكهربائي، وطلاء غرفة، وإصلاح مرحاض.. الخ.
  • الاعتماد على الخبرة في تعليم الطفل هذه المهارات: وكما ينصح خبراء أبتا ميل (apta-advice) بأن احتياجات الطفل هي ما يحدد المهارات التي عليك التركيز عليها وتعلميها لطفلك[2].

بطبيعة الحال.. لن يعتمد طفل صغير جداً على ذاته من خلال هذه المهارات والقيام بكل هذه المسؤوليات، لكنه وقبل أن يقترب من تلك اللحظة التي يعبر فيها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ، فإن كل هذه الأدوات التي تحدثنا عنها في المقال، هي ما يحتاجه منك الأمر لإنجاح هذا الانتقال، وقد تحدثنا في مقالات سابقة؛ حول الخطوات العملية والاستراتيجيات الفعّالة، التي تساعدك على تربية طفل يعتمد على ذاته.
في النهاية.. إن أحد أكبر مصادر فخرك هو ببساطة.. رؤية أطفالك ينجحون بأنفسهم وينتقلون إلى عالم يزداد تعقيداً.. (أي الاعتماد على الذات)، في الوقت نفسه يتواصلون معك للحصول على الدعم والتشجيع والإرشاد.. (أي يعتمدون عليك بشكل صحي)، لذا اتخذ خطوات فعالة لإعطاء أطفالك كل مهارة يحتاجون إليها، كي يصبحوا معتمدين على أنفسهم بشكل فعّال، وشاركنا رأيك.


المراجع:

[1] مقال. تربية طفل يعتمد على ذاته، للمتخصص النفسي جيم تايلور (Jim Taylor)، منشور على موقع Psychology Today، تمت المراجعة في 12/05/2019
[2] نصائح. أبتا ميل لتربية الطفل وفقاً للخبرة منشور على موقع apta-advice، تمت المراجعة في 19/05/2019