مشكلات الغربة وطرق التعامل مع اكتئاب المغترب

هل سمعت باكتئاب المغترب! تعرّف إلى مشكلات الغربة وتحديات الاغتراب، تأثير الغربة على الحالة النفسية وطرق التأقلم مع الغربة واكتئاب المغتربين
مشكلات الغربة وطرق التعامل مع اكتئاب المغترب

مشكلات الغربة وطرق التعامل مع اكتئاب المغترب

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يلجأ الكثيرون وخاصة الشباب إلى العيش في بلاد الغربة، منهم من يستطيع التأقلم مع بلاد الغربة، إلا أن هناك من يغلبه الشوق للوطن؛ فيبدأ بالمعاناة من مشكلات الغربة.
نحن طبعاً لا ننكر أن للغربة إيجابيات عدة كالتعرف على أصدقاء جدد وتعلم عادات وثقافات ولغات وأمور أخرى جديدة، والتأقلم مع الاختلاف وتقبله، وكذلك تعليم الفرد الاستقلالية وتحمل المسؤولية والادخار والصبر والاجتهاد والإبداع وغيرها. إلاّ أننا في هذا المقال سنركز على مشكلات الغربة، كما سنزودكم بنصائح للتأقلم مع الغربة ومواجهة اكتئاب المغترب.

قد يعاني البعض مما يسمى "اكتئاب الغربة" وخاصة في الفترة الأولى؛ فيصبح دائم الملل والشعور بالقلق والتوتر، وتحيطه الأفكار السوداوية، كما يرفض الانخراط في المجتمع الجديد بالإضافة لاضطرابات النوم والشهية.
وبحسب دراسة أجراها ريكس وارن- أستاذ مشارك في قسم الطب النفسي بجامعة ميشيغان فإن تأثير الغربة على الفرد يشبه أحياناً رد فعل لحزن شديد شبيه بفقدان شخص عزيز، بسبب فقدانه لروتينه وحياته التي ألفها في بلاده، والصعوبات التي يواجهها في التأقلم مع الغربة. [1]

animate

تتسبب الغربة بالعديد من المشكلات والصعاب منها:

  • تأثير الغربة على الصحة النفسية والجسدية: تسبب الغربة مشكلات على صحتنا الجسدية والنفسية والعقلية بشكل مباشر؛ فتضعف مناعة الفرد وتجعله يعاني أحياناً من التعب الدائم وبطء الشفاء من الأمراض وأعراض أخرى لاكتئاب الغربة.
  • مشكلات الغربة على مستوى العلاقات الاجتماعية: يفقد المغترب الأجواء العائلية وخاصة في المناسبات كالأعياد والمناسبات العائلية، فتضعف الغربة الروابط الأسرية والاجتماعية للفرد وتفقده هويته وخاصة إن استمرت لفترة طويلة.
    كما يقل حنين المغترب لوطنه شيئاً فشيئاً، وإن أراد يوماً الرجوع لوطنه بعد غياب سيحس بأنه ضائع تماماً وكأنه مغترب في بلده أيضاً. وأحياناً يحدث عكس ذلك تماماً، أي أنه ينعزل اجتماعياً عن محيطه في البلد الذي يقيم فيه، ويعاني من حنين دائم للوطن وكل شيء فيه، حتى تلك الأمور التي كان يكرهها كأزمات السير مثلاً.
    و قد يصاب المغترب في أولى أيام ابتعاده عن وطنه بما يسمى بـ "الصدمة الثقافية" ليصبح دائم المعاناة؛ فيعاني كثيراً حتى إن أراد شراء غرض بسيط من السوبر ماركت المجاور. 
  • مشكلات الغربة على مستوى العلاقة بالشريك: بحسب الدراسات والأبحاث فإن الغربة تسبب بعض المشكلات على مستوى علاقتك بشريكك وذلك لطول ساعات العمل وهي المشكلة التي يعاني منها الكثيرون في الغربة، فيقل الوقت الذي يقضيه الأزواج معاً لأن الزوج يقضي ساعات نهاره في العمل وضغوطاته، بينما تقضي الزوجة ساعات نهارها في المنزل مع الأبناء ومشاكلهم؛ فتتولد النقاشات والنزاعات ويتهم كل منهما الآخر بأنه لا يتحمل المسؤولية.
    ويزداد الأمر سوءاً لعدم وجود الأشخاص الداعمين حولهم كالأهل والأصدقاء مما يولد لديهم الكبت. وخاصة أن معظم المغتربين لا يفضلون مشاركة أهلهم البعيدين عنهم بمشكلاتهم ويتظاهرون بأنهم بخير دائماً، مما يسبب مزيداً من الضغط ويفاقم المشاكل التي تؤثر على علاقة الزوجين ببعضهما سلباً وبالتالي ينعكس هذا على الأبناء والأسرة ككل. [2]
  • مشكلات الغربة على مستوى الأبناء وتربيتهم: أطلقت عالمة الاجتماع الأمريكية روث هيل يوسيم لقب "أبناء الثقافة الثالثة" على الأبناء الذين يقضون سنوات تكوينهم الأولى خارج أوطانهم؛ حيث يفقد هؤلاء الأبناء عادة حس الانتماء للوطن لأنهم لا يعرفون عنه الكثير وكذلك لا يعرفون الكثير عن البلد الذين يقيمون فيه مما يسبب لهم حالة من الضياع وفقدان الهوية، كما أنهم ضعيفو الصلة بأقربائهم وأبناء وطنهم وأقرانهم، ويعانون من التخبط والازدواجية في اللغة أحياناً وكذلك من عدم وضوح العادات والتقاليد.
    كما يعاني هؤلاء الأبناء من ضياع بسبب تعدد أساليب التربية وعدم توحدها؛ فقد يختلف أسلوب التربية في البلد الذي يقيمون فيه عن أسلوب تربية أقرانهم في هذا البلد؛ مما يسبب لهم التخبط والضياع فيتفاجؤون بأن هناك أمور كثيرة ممنوعة عليهم ومسموحة لأقرانهم أو العكس، وعندما يبدأ الأهل بالسيطرة على الأمور والإمساك بطرف الخيط بعد عناء كبير يضيع جزء كبير من هذا التعب عندما يزورون أهلهم وخاصة أجدادهم في العطل الصيفية، بسبب تساهل بيت الجد معهم و"تدليلهم". كما أن هذا يضع الوالدين في دوامة؛ فهما لا يريدان أن يتدخل أحد في تربية أطفالهما، ولكنهما في نفس الوقت لا يستطيعا ردع الأهل عن ذلك وخاصة أن فترة زيارتهم لوطنهم قصيرة. [3]

وبعد أن استعرضنا مشكلات الغربة نريد أن نقدم لكم مجموعة من النصائح للتأقلم معها والتخفيف من آثارها السلبية قدر المستطاع. [4][5]

  1. يجب على الفرد أو الأسرة دراسة موضوع الهجرة أو الغربة من جميع النواحي قبل القيام بهذه الخطوة، والاستعداد الكامل لها من كافة النواحي.
  2. إذا تغربت فعلاً ووجدت نفسك لا زلت تعاني من مشكلات الغربة بعد انقضاء حوالي ستة أشهر على غربتك فاعلم أن هناك مشكلة تستدعي التحرك الفوري لحلها كي لا يؤذيك الأمر.
  3. التخطيط الجيد لكل شيء وتنظيم الوقت أثناء الإقامة في بلاد الغربة؛ فيجب القيام بالتخطيط المالي وتحديد ملامح العلاقة بالشريك وتوزيع المسؤوليات والاهتمام بالأبناء، وتنظيم الوقت بين العمل والحياة الأسرية والشخصية وما إلى ذلك.
  4. لا تنسَ أن جزءاً كبيراً من خوفك وقلقك في الغربة هو عدم شعورك بالاطمئنان على نفسك ومن حولك في الغربة؛ فحاول أن تتعرف على أماكن المراكز الطبية والطوارئ وأن تسجل أطفالك في مدارس جيدة...
  5. اطمئن كذلك على الأشخاص الذين تركتهم في بلدك كأهلك وأصدقائك وابقَ على تواصل دائم معهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي صوتاَ وصورة.
  6. يفضل الالتحاق بمجتمع أصدقاء في البلد الأصلي وكذلك في بلاد الغربة لتتأقلم معها؛ فهناك الآن مجموعات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "أمهات أردنيات في دبي" وغيرها من المجموعات التي يجمع أعضاؤها صفات مشتركة.
  7. اقرأ واعرف عن أشخاص أنجزوا الكثير في غربتهم؛ فهناك من الناس من جمع المال وعاد لأرض الوطن محققاً حياة كريمة له ولأسرته، وهناك من أبدع في وظيفته فاحتل أرفع المراتب وهناك من عرف الناس على عادات بلده وثقافتها وأكلاتها وغيرها بأسلوب مبتكر...
  8. اختر الأشخاص المحيطين بك بعناية ولا تستمع للسلبيين والسوداويين، ولا تعتقد أن وجودك في بلاد غريبة مع أشخاص من بلدك يحتم عليك إقامة علاقة صداقة معهم رغم عدم توافقكم.
  9. تعرف على البلد الجديد وتعلم عاداته ولغته وكن منفتحاً لكل ما هو جديد عليك.
  10. تابع وسائل الإعلام الخاصة ببلدك لتعرف أخبارها وتستمتع بسماع لهجتك التي اشتقت إليها للتخفيف من مشكلات الغربة.
  11. مارس التمرينات الرياضية وتناول الطعام الصحي واهتم بنفسك لتبقى بصحة جيدة.
  12. اقضِ على وقت الفراغ ومارس هواياتك كي لا يبقى لديك وقت لتفكر في غربتك.
  13. حاول أن تدّخر بعض المال لتكون راضِ ولو قليلاً عن غربتك، ولتحس أنها عادت عليك بفائدة، ولكن لا تبخل على نفسك وتحرمها من كل شيء في سبيل الادخار.

من الأسئلة التي عرضت في "حلوها" بشأن موضوع مشكلات الغربة كان سؤالاً من سيدة مغتربة تقول أنها سئمت الغربة والوحدة والضغط النفسي كونها تقيم مع زوجها وأطفالها في بلد أجنبي وأنهم يفتقدون تماماً للحياة الاجتماعية هناك، وكان سؤالها "ماذا أفعل فأولادي منعزلين تماما بسبب اختلاف اللغة والعادات والتقاليد مما أفقدهم طفولتهم"
وجاء الرد من المدرب والكاتب ماهر سلامة الذي شجعها على التأقلم والانخراط في المجتمع وفتح الأبواب لأطفالها على تعلم أمور جديدة، ونصحها بأن تفعل ذلك بحذر ولطافة، لاْن اقتحام الناس هناك غير مقبول أبدا. وأضاف "فكري في مكانك وعيشي حاضرك كما هو وافهميه وتفهميه. حتى لو شاركت في مهرجانات الطعام بأكلة من عندك وتبيعينها هناك ستكونين سعيدة جداً". راجع هذه الاستشارة وغيرها من مشاكل الغربة في مجتمع حلّوها من خلال النقر على هذا الرابط.

في الختام... تذكر عزيزي القارئ أن تنظر دائماً إلى الجزء المليء من الكأس وأن تحاول التفكير في الإيجابيات التي تجنيها من غربتك بدلاً من التركيز على مشاكل الغربة وآثارها السلبية، وخذ بالنصائح الواردة في هذا المقال والتي حتماً ستساعدك، وتذكر أننا في "حلوها" موجودين لمساعدتك؛ ففي حال مررت بمشكلات معينة في الغربة أو عانيت من صعاب ما يمكنك مشاركتنا ذلك للحصول على الحلول من الاختصاصيين فوراً. ولا تنس دائماً أن وطنك وأهلك في انتظارك مهما طال البعد.

المراجع