علاج مشكلات التكامل الحسي لدى الأطفال

أعراض مشكلة التكامل الحسي عند طفل التوحد والاحتياجات الخاصة والبالغين، وعلاج مشكلات التكامل الحسي عند الطفل
علاج مشكلات التكامل الحسي لدى الأطفال

علاج مشكلات التكامل الحسي لدى الأطفال

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

هل رأيت طفلاً يمرر أظافره على الأسطح باستمرار ويستمتع بذلك؟! هل مر عليك طفل لا يتحمل الأصوات حتى العادية منها، أو قد يكون قد مر عليك طفل لديه إحساس منخفض جداً بالألم، وكأنه لا يشعر بغزة الإبرة وحتى بالضربات القوية!
كل هذه هي مشكلات في التكامل الحسي، ويعاني منها أطفال التوحد والتحديات الأخرى، كما قد تعاني منه أنت دون أن تلاحظ ذلك، سنتحدث عنها بالتفصيل في هذا المقال.

مشكلات التكامل الحسي أو اضطراب المعالجة الحسية (SPD) هو حالة تؤثر على كيفية معالجة الدماغ للمعلومات أو المنبهات الحسية التي تستقبلها حواسنا الخمسة بالإضافة لحاسة تعنى بالتوازن والحركة تسمى بالجهاز الدهليزي.
 يمكن أن يكون لدى الطفل مشكلات في التكامل الحسي أو مشكلات حسية متعلقة في حاسة واحدة أو أكثر من هذه الحواس؛ فقد يكون طفل ما شديد الحساسية للأمور التي لا يشعر بها الآخرون أصلاً؛ كأن يكون حساساً لملامس معينة فيكره ويتجنب بشدة ملامس محددة كالملابس شديدة النعومة مثلاً، وقد يكون العكس؛ فيطلب جسمه محفزات أكثر ليشعر بها وتؤثر به؛ كأن يشم رائحة الطعام ويستنشقه بشدة ليشعر برائحته، أو أن يتم الضغط على جسده بصورة كبيرة بحركات معينة ليشعر بجسمه. [1]

animate

أي أن مشكلات التكامل الحسي تكون بشكلين، هما: [1]

  1. تجنب المدخل الحسي: كأن يتجنب ملامس معينة كالمثال الذي طرحناه من قبل، وهناك من أطفال التوحد من يمشون على رؤوس أصابع أقدامهم حتى يتجنبوا لمس كامل أرجلهم للأرض، ومنهم من يتجنب قواماً معيناً عند الأكل أو مذاقاً معيناً، وهناك من تجده يغلق أذنيه عند سماع صوت عالٍ حتى لو كان هذا الصوت محتمل من قبل الآخرين، أو الخوف من الأرجوحة أو عدم تحمل الألبسة الشتوية.
  2. طلب المدخل الحسي بشكل مبالغ فيه: وهو عكس النقطة الأولى؛ أي أن يطلب طفل التوحد مدخلات حسية بشكل مبالغاً فيه؛ فيضرب الأثاث بيده بشدة وقد يجرح يده فتنزف دون أن يحس بالألم ليشعر بالملمس، وقد يمرر أظافره على الجدار ليشعر بها، وقد يستمتع بالأصوات العالية جداً ويطلبها، أو قد يستمر بالدوران دون أن يشعر بالدوار، أو قد تجده يبالغ في مضغ الطعام ويمضغ الأشياء التي لا تؤكل حتى مثل ملابسه.

قد يعاني الطفل من اضطراب في حاسة واحدة أو أكثر، وقد يتجنب محفزات معينة، ويطلب الكثير من المحفزات الأخرى. كما قد يتجنب نفس المدخل الحسي أحياناً ويطلبه بكثرة في أحيان أخرى بتغير المكان أو الزمان أو الظرف، أي يمكن أن تتغير ردود أفعال الطفل أيضًا من يوم إلى آخر، أو حتى على مدار اليوم، حسب البيئة أو الموقف. [2]
وليس هناك تشخصي طبي موحد لاضطرابات التكامل الحسي؛ فهناك أطباء يرون أنه اضطراب بحد ذاته، وآخرون يعتقدون أنه عرض من أعراض اضطرابات أخرى كاضطراب طيف التوحد وفرط الحركة ونقص الانتباه والتوتر وغيرهم. [1]

قد يعرف الأهل أن سلوك أطفالهم أو ردوده فعله تجاه مثيرات حسية معينة ليس صحيحاً، لكنه قد لا يعرف السبب، وهناك من الأهل من لا يعرف أين يتوجه، أو حتى إن كان ما يشعر به طفله مقلق أو مؤثر أو لا، أو حتى إن كان يعتبر مشكلة حقيقية. عليك القيام بالأمور التالية: [1]

  • زيارة طبيب الأطفال: عليك مناقشة طبيب الأطفال بالمشكلة التي يعاني منها طفلك، وسيحدد هو إن كانت هذه مشكلة حقيقية أم لا.
  • زيارة أخصائي علاج وظيفي: قد يدلك الطبيب على أخصائي علاج وظيفي وتكامل حسي ليساعدك في تشخيص حالة طفلك، مع العلم أنه ليس كل أخصائي علاج وظيفي لديه العلم بمشكلات التكامل الحسي.
  • تعبئة استبيان المشكلات الحسية: سيقوم الأخصائي بملاحظة سلوك طفلك وحركاته وطريقة مشيته، كما سيقوم بطرح بعض الأسئلة عليك أو على طفلك، إن كان واعٍ بدرجة كافية، ويطلب منك تعبئة استبيان خاص يحتوي على بعض الأسئلة التي تحدد استجابات وردود أفعال طفلك تجاه مدخلات حسية معينة، ليعرف أين هي المشكلة، وهل طفلك يتجنب مدخلات حسية معينة أم أنه يطلبها بكثرة.
  • تخطيط العلاج: أخيراً سيعطيك الأخصائي جدولاً منزلياً فيه قائمة بالأنشطة الحسية لتطبيقه معه بأوقات معينة. قد ينصحك أيضاً بالمجيء بطفلك لغرفة التكامل الحسي أو Sensory gym لأخذ جلسات علاجية هناك، وتعتمد الجلسات على ما إذا كان طفلك شديد الحساسية نحو مدخلات حسية معينة أو ضعيف الحساسية أو مزيجًا من الاثنين.
    للأسف أن التأمين الصحي لا يغطي عادة تكاليف العلاج الحسي لأنه لم يتم الاعتراف به بأنه اضطراب بشكل رسمي حتى الآن.

يختلف التعامل مع مشكلات التكامل الحسي بين حالة وأخرى، وأخصائي العلاج الوظيفي والتكامل الحسي هو الشخص الذي يقرر نوع الأنشطة وتكرارها لكل طفل بحسب حالته، لذلك إياك أن تعتمد جدولاً لطفلك بناء على معلوماتك التي قد لا تكون كافية لتحديد المشكلة ومعرفة كيفية التعامل معها بشكل صحيح، لأن الموضوع أخطر مما تتخيل؛ فقد يؤدي اعتمادك لجدول خاطئ زيادة المشكلة عند طفلك أو التأثير على نشاطه وتركيزه وأدائه للنشاطات اليومية كالمشي وحتى الجلوس باعتدال ومسك القلم.
بشكل عام هناك بعض العلاجات المعتمدة لمشلات التكامل الحسي عند طفل التوحد، سنعطيك أمثلة عليها، بهدف أن تأخذ فكرة عن جداول منزلية معتمدة، مع التذكير بعدم تطبيقها دون استشارة الاختصاصي بحالة طفلك: [1]

  • استخدام الأرجوحة أو الكرسي الهزاز لمرتين إلى ثلاث مرات في اليوم.
  • احتضان الطفل يقوة أو لفه ببطانية ثقيلة نوعاً ما ودحرجته على الأرض
  • أو تطبيق تمارين الضغط push ups.
  • تعريض الأطفال الذين يعانون من مشكلات في التكامل الحسي السمعي ويتجنبون الأصوات العالية أو أصوات معينة للأصوات العالية أو الأصوات التي يتجنبونها بالتدريج. فمثلاً يمكنك أن تشرح لهم عن الخلاط الكهربائي وكيف أنه يساعدنا في صنع الطعام اللذيذ الذي يأكلونه ويحبونه، وتأخذ يد الطفل ليضغط هو بنفسه على زر التشغيل بعد أن تهيئه نفسياً للصوت الذي سيسمعه، وأن تبدأ بصوت منخفض جداً ثم ترفعه بالتدريج، مع قليل من الضحك واللعب.
  • أما الأطفال الذين يعانون من مشكلات تكامل حسي لمسي والحسي العميق فيمكنك أن تعطيهم الكرات ذات الملامس المختلفة كل فترة معينة من الوقت، أو حتى باللعب بالمعجونة والسلايم والرمل السحري والكتابة على الطحين أو الملح بالأصابع بتكرارات معينة وبفترات مدروسة.
  • أنشطة كشد الحبال وصعود ونزول الدرج وتقليد مشية الحيوانات، وكذلك يمكن وضع مخدات على أجسادهم وهم مستلقون مرة على ظهرهم ومرة على بطنهم.

إن كنت تعتقد أن مشكلات التكامل الحسي بسيطة فأنت مخطئ جداً؛ فالطفل الذي يمرر أظافره على الحائط ليدخل مدخلاً حسياً لأصابعه يفعل هذا لأنه يحتاج لهذا الشعور، تماماً مثل حاجتنا لحك جلدنا المتحسس، والطفل الذي يتجنب الصوت العالي يتضايق فعلاً منه بشكل كبير جداً ويسمعه وكأنه عالٍ بشكل مضاعف، فلا تستهن بالموضوع.

فوائد تعود على أطفال التوحد عند علاج مشكلات التكامل الحسي: [1]، [2]

  • زيادة التحصيل الدراسي والتركيز والانتباه: فإشباع الحاجات الحسية لطفل التوحد يزيد من تركيزه وانتباهه، ما يحسن تحصيله الدراسي.
  • تقليل السلوكيات النمطية: فيقلل من سلوكياته النمطية كالرفرفة والصراخ وزيادة الحركة بسبب التقليل من التوتر.
  • تحسين الحياة الاجتماعية: فيتحسن أداء الطفل اجتماعياً ليتقبل اللعب مع زملائه، والخروج للعالم دون الشعور بالتهديد من الأصوات المرتفعة أو حركة السيارات والناس مثلاً.
  • تطوير بعض المهارات الحركية: كتمكن الطفل من ارتداء وخلع ملابسه بنفسه، ومن مسك القلم للكتابة، وحتى من المشي بشكل متوازن.
  • تقليل القلق والتوتر: فيصاحب عدم إشباع الحاجات دائماً الشعور بالقلق والتوتر والضياع وعدم فهم الذات والاكتئاب أحياناً، وعندما يتم التعامل مع مشكلات التكامل الحسي بشكل صحيح تزول هذه الأعراض.

العلاج مفيد جداً وهو يساعد على تحسين نمط الحياة بشكل عام واختفاء الأعراض المزعجة والسيطرة عليها نوعاً ما، لكن إذا استطاع طالب جامعي السيطرة على هذه المشكلات في منزله وجامعته نوعاً ما مثلاً، ولكنه انتقل للسكن في سكن الطلاب واضطر لتحمل شيئاً من الفوضوية وانعدام الحرية فستظهر أعراض جديدة. كما أن الانقطاع المفاجئ عن العلاج أو تطبيقه بشكل خاطئ قد يفاقم المشكلة. [2]

يعد الأطفال أكثر عرضة من البالغين للإصابة بالمشكلات الحسية أو مشكلات التكامل الحسي، وأكثر الناس عرضة لهذه المشكلات هم أطفال التوحد والأطفال الذين يعانون من مشكلات نمائية وذوي الاحتياجات الخاصة.
لكن يمكن أن تظهر الأعراض أيضًا على البالغين والسليمين، من المحتمل أن تكون هذه الأعراض موجودة عند البالغين منذ الطفولة دون أن يلاحظوا ذلك. ومع ذلك فيعتمد الكبار طرقًا للتعامل مع مشكلات التكامل الحسي تسمح لهم بإخفاء هذه الاضطرابات عن الآخرين، والتعامل والتعايش معها.
كما لا يمكن الوقاية من مشكلات التكامل الحسي لأن الأطباء أنفسهم لا يعرفون سبب هذه المشكلات لغاية الآن. [2]

المراجع