متلازمة داون: الأعراض والأسباب وكيفية التعايش معها

ما هي أعراض متلازمة داون أثناء الحمل؟ وما هي أعراض متلازمة داون عند حديثي الولادة؟ كيف يتم التعايش مع هذه الحالة من قبل العائلة؟
متلازمة داون: الأعراض والأسباب وكيفية التعايش معها

متلازمة داون: الأعراض والأسباب وكيفية التعايش معها

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

تحدث الإصابة بـمتلازمة داون عند اختلال الجينات الناجم عن زيادة عدد الكروموسومات الموجودة لدى الإنسان بمقدار كروموسوم واحد، الأمر الذي يؤثر على وظائف الجسم والصفات الجسمية والنفسية لدى الجنين.
ويحصل هذا التغير الجيني عند الأجنة في المراحل المبكرة من نموها، ولكن ما أسباب متلازمة داون؟ وما أعراض متلازمة داون؟ وكيف يمكن علاج متلازمة داون والتعايش مع المصابين بها؟
تحتوي كل خلية في جسم الإنسان الطبيعي على 46 كروموسوماً، والحالة المرضية الأكثر شيوعاً في اختلال عدد الكروموسومات بين المواليد هي متلازمة داون التي يحصل فيها زيادة في عدد الكروموسومات.
ويساوي عدد الكروموسومات داخل كل خلية في جسم المصاب بمتلازمة داون 47 كرموسوماً؛ نتيجةً لوجود ثلاث نسخ من الكروموسوم رقم 21 بدلاً من نسختين فتجعل الكروموسوم رقم 21 كروموسوماً ثلاثياً وليس ثنائياً.
وسميت متلازمة داون بهذا الاسم نسبةً إلى الطبيب البريطاني جون لانجدون داون الذي اكتشفها عام 1887م، وهذه المتلازمة تُصنف على أنها إعاقة ذهنية وفقاً للتصنيفات الأمريكية.
ويولد طفل مصاب بمتلازمة داون من كل 700 طفل في العالم، بينما يولد حوالي (3000- 5000) طفل مصاب بمتلازمة داون سنوياً في مختلف أرجاء العالم.
وعلى المستوى العالمي تنتهي 75% من حالات الحمل بجنين مصاب بمتلازمة داون بالإجهاض التلقائي ولا تستمر، أما المواليد المصابون بمتلازمة داون فيتوفى ثلثهم خلال العام الأول من حياتهم.
في حين أن نصفهم يتوفون خلال العام الرابع، والنسبة المتبقية تعيش عدداً من السنين أقل من العمر الطبيعي عند الإنسان، إلا أن تطور علم مقاومة الأمراض ساهم في تحسين الحالة الصحية لدى المصابين وإطالة عمرهم إلى نحو 60 عاماً في كثير من الحالات.

درج العلماء على تقسيم أنواع متلازمة داون إلى ثلاثة أقسام رئيسة:
1- النوع الأكثر شيوعاً والذي يكون فيه عدد الكروموسومات لجميع خلايا الجسم 47 كروموسوماً، بحيث تحتوي كل خلية على نسخة ثالثة للكروموسوم رقم 21.
2- الحالة التي يكون فيها عدد كروموسومات الخلايا 46 كروموسوماً، إلا أن الكروموسوم رقم 21 يكون ملتصقاً بكروموسوم آخر في خلية أخرى، وبالتالي يكون حجم الكروموسوم رقم 21 أكبر في هذه الحالة، رغم أنه ثنائي وليس ثلاثياً.
بمعنى أن المواد المكونة للكروموسوم تكون أكبر في هذا النوع في حين أن عدد الكروموسومات داخل الخلايا هو 46 كروموسوماً، ويمثل هذا النوع ما نسبته (2- 3)% من إجمالي الحالات.
3- القسم الثالث من أنواع متلازمة داون هو ما يكون فيه عدد الكروموسومات لبعض الخلايا 47 والأخرى 46، أي أن بعض الخلايا تحوي الكروموسوم رقم 21 بهيئته الثنائية الطبيعية والبعض الآخر يضم الكروموسوم رقم 21 بهيئة ثلاثية.

وتتفاوت حدة الإصابة بمتلازمة داون من شخصٍ لآخر بين إصابة خفيفة ومتوسطة وحادة، وبناءً على ذلك تُصنف الحالات إلى:
1- متلازمة داون مصحوبة بإعاقة ذهنية بسيطة.
2- متلازمة داون مصحوبة بإعاقة ذهنية متوسطة.
3- متلازمة داون مصحوبة بإعاقة ذهنية شديدة.

animate

يمكن اكتشاف إصابة الجنين بمتلازمة داون عن طريق أعراض متلازمة داون أثناء الحمل، فالمراجعة الدورية والمسح المخصص لإعطاء احتمالية الإصابة تساعد في الكشف المبكر للإصابة، وكذلك اختبار (CVS) الذي يتم خلاله فحص عينة من المشيمة ليعطي تشخيصاً دقيقاً 100% أثناء الحمل.
وفي الفترة ما بين الأسبوع العاشر والرابع عشر من الحمل تُجري الأم التحليل الثنائي لعينة دم لقياس نسبة الخطر لحدوث الإصابة بمتلازمة داون.
وفي الفترة ما بين الأسبوع الرابع عشر والعشرين من الحمل تُجري الأم تحليلاً لعينة دم لفحص ثلاثة هرمونات بهدف معرفة معدل الخطر لإصابة الجنين بمتلازمة داون، حيث تعد النسبة المرتفعة من أعراض متلازمة داون أثناء الحمل.
وإذا تبيّن وجود نسبة خطر كبيرة فإن طبيب النساء والتوليد يطلب من الأم أن تجري فحصاً للسائل الأمينوسي في المشيمة والذي يُظهر ما إذا كان الجنين مصاباً بمتلازمة داون أم لا.

توجد مجموعة من المتلازمات (الأعراض التي تتلازم معاً) لوجود الكروموسوم الزائد في الكروموسوم رقم 21، وأعراض متلازمة داون عند حديثي الولادة واضحة تماماً وتساعد على تشخيص الحالة بسهولة على عكس مرض التوحد، وهي:
- الوجه المسطح.
- العيون المائلة.
- مؤخرة الرأس المسطحة.
- الأذنان الصغيرتان.
- نزول موقع الأذن للأسفل قليلاً مقارنةً بالوضع الطبيعي.
- اللسان الكبير.
- الرقبة القصيرة.
- تشوهات القلب، مثل ثقب البطينين أو الأذنين.
- تشوهات الأمعاء.
- ضعف وارتخاء العضلات.
- وجود خط واحد في باطن الكف.
- مشاكل في السمع.
- مشاكل في الإبصار.
- مشاكل في التغذية.
- صعوبة التخاطب مع الآخرين.
- تدني مستوى الذكاء.
- الإصابة بمرض التوحد.
وفيما يتعلق بتشخيص أعراض متلازمة داون عند حديثي الولادة فإن الطبيب يفحص كفَّي الطفل، وفي حال وجد خطاً عريضاً في كف يده فإن ذلك يعد علامة واضحة على إصابته بمتلازمة داون.
وبعد ذلك يُجري الطبيب اختباراً لعينة من دم المولود، حيث يعتبر فحص الدم هو الفيصل في التشخيص؛ لأنه يكشف ما إذا كان الكروموسوم رقم 21 ثنائياً أم ثلاثياً.
ويعاني المصابون بمتلازمة داون من التهاب الحلق واللوزتين أكثر مقارنة بالأشخاص الطبيعيين، وقد يتفاقم الالتهاب في كثير من الأحيان ليصل إلى الرئتين ويسبب مشاكل كبيرة في التنفس.

لم يعرف العلماء والأطباء حتى الآن أسباب متلازمة داون التي تؤدي إلى تغير عدد الكروموسومات وزيادتها لدى المصابين، فلم تُكتشف أية مسببات بيئية أو وراثية حتى الآن، إلا أن هناك عوامل تزيد احتمالية الإصابة بمتلازمة داون وتعد ارتباطية وليست سببية، منها:
- حدوث الحمل في سن متقدمة:
فاحتمالية إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون تعادل 1 من 2000 ولادة عندما يتراوح عمر الأم بين 15 و20 عاماً، في حين أن الاحتمالية تزداد إلى 1 من 350 ولادة للأم في سن الخامسة والثلاثين، وترتفع إلى 1 من كل 10 ولادات للأم في سن التاسعة والأربعين.
- بلوغ الأب سن الأربعين، حيث يعد أحد أسباب متلازمة داون.

لا يوجد تدخل جيني لـعلاج متلازمة داون حتى الآن، سواء في فترة الحمل أو ما بعد الولادة؛ لذا فمن الضروري أن يدرك الأبوان ماهية متلازمة داون؛ بهدف التغلب على مخاوفهما من تربيته ورعايته، وكذلك تسهيل علاج أبنائهما وتعليمهم وتطوير مهاراتهم.
ويكون العلاج الأولي تأهيلياً وسيكولوجياً للأبوين، بحيث يتقبلان طفلهما كفرد من العائلة، يحتاج احتواءهما ورعايتهما التامة، ثم تأتي ضرورة تعزيز ثقة الطفل بنفسه وغرس قبوله داخل الأسرة وبين الأقارب وزملائه في المدرسة والمجتمع ككل.
ويتوجب على الأبوين التدخل المبكر لـعلاج متلازمة داون منذ أول ثلاثة شهور بعد ولادة طفلهم، عن طريق الالتزام ببرنامج الأدوية التي تتناسب مع حالته الصحية ومتابعة تطوره عند الطبيب المختص وفي المراكز المختصة.
وينصح الخبراء والتربويون باستخدام برامج تحسين النطق وتطوير اللغة وتنمية المهارات، مثل برنامج الحساب الذهني (يوسي ماس)؛ وذلك لتأهيل المصابين بمتلازمة داون ذات الإعاقة الذهنية البسيطة والمتوسطة.
- تقبل أفراد العائلة للتفاوت والاختلاف بين الناس، ونشر هذه الثقافة قدر الإمكان.
- الدعم المعنوي للطفل المصاب حتى يصل إلى درجة عالية من الرضا والثقة بالذات، وبالتالي يسهل التفاهم بينه وبين المحيطين.
- تهيئة المعلمين والمدارس لتقبل واحتواء المصابين بمتلازمة داون.
- دمج المصابين بمتلازمة داون في المؤسسات المختلفة بما يتناسب معهم وبعد ضمان توفر عناصر السلامة في المؤسسة.
- البحث عن نقاط القوة والمهارات المميزة لديهم والعمل على تطويرها وإبرازها، ما يساعد في علاج متلازمة داون وبالتالي تأهيل المصابين بها للانخراط في المجتمع.

إن إصابة طفل بـمتلازمة داون ليس بالمسؤولية السهلة على عاتق الأبوين، ولكن هؤلاء الأطفال عندما يُعطون الرعاية الصحية الحثيثة منذ ولادتهم، ويُمنحون المساعدة على التعلم وتطوير المهارات العقلية والحركية سيبدعون ويحققون نجاحاتهم في المجتمع كما فعل الكثيرون منهم.