أعراض الحمل عند الرجل ومتلازمة الحمل التضامني (متلازمة كوفاد)
تحدثنا كثيراً في مقالات سابقة عن أعراض الحمل عند المرأة منذ البداية وحتى الولادة وعن تأثير الحمل على الحامل وجسدها وحياتها. ولكن ماذا عن الرجل؟ الأب المرتقب الذي ينتظر مولوداً سيغير حياته هو أيضاً، هل يؤثر الحمل على الرجل؟ هل يمكن أن يصاب الرجل بأعراض الحمل أيضاً؟
سنتحدث في هذا المقال عن الحمل عند الرجال! نعم! وما نقصده هنا أعراض الحمل عند الرجل والتي يطلق عليها متلازمة الحمل التضامني أو الحمل العاطفي أو متلازمة نفاس البعل، أو بالإنجليزية (Couvade Syndrome)، أي متلازمة كوفاد وأسبابها وعلاجها.
ما هي متلازمة نفاس البعل أو الحمل التعاطفي؟
يمكن تعريف متلازمة كوفاد (Couvade Syndrome) أو متلازمة الحمل التضامني بأنها حالة تصيب بعض الرجال الذين ينتظرون مولوداً من زوجاتهم الحوامل، بحيث يشعرون بأعراض شبيهة بأعراض الحمل عند النساء مثل الانتفاخ والغثيان وزيادة الوزن. ولم تحدد الدراسات والبحوث بعد إن كانت هذه الحالة جسدية طبية أم نفسية. ورغم وجود العديد من النظريات، ما زالت أسباب متلازمة كوفاد غير مفهومة تماماً.
يطلق على متلازمة كوفاد أيضاً مصطلح الحمل التعاطفي أو التضامني (Sympathetic Pregnancy)، ومتلازمة الأب الحامل (Pregnant Dad Syndrome)، وأيضاً (Male Pregnancy Experience)، أي تجربة حمل الرجل. [1]
ما هي أعراض متلازمة الحمل التضامني أو متلازمة نفاس البعل؟
نعم، قد يشعر الرجل بأعراض الحمل أيضاً، كأنه يتضامن عاطفياً مع زوجته الحامل!
تظهر أعراض متلازمة الحمل التضامني عادةً في الثلث الأول من الحمل، في الشهر الثالث من الحمل تقريباً. تتحسن مؤقتاً خلال الثلث الثاني، في معظم الحالات، وتعود في الثلث الثالث من الحمل.
وقد تكون أعراض متلازمة كوفاد جسدية أو نفسية، وسنتحدث عنها بالتفصيل هنا: [2]
- أعراض الحمل الجسدية عند الرجال:
- الغثيان.
- حرقة المعدة.
- تغيرات الشهية وزيادة الوزن.
- الانتفاخ وآلام البطن.
- مشاكل الجهاز التنفسي.
- الإسهال أو الإمساك.
- آلام الظهر.
- آلام الأسنان.
- تشنجات الساقين.
- مشاكل في التبول أو الأعضاء التناسلية.
- أعراض الحمل النفسية عند الرجال:
- الأرق واضطرابات النوم.
- تقلبات المزاج.
- القلق.
- الاكتئاب.
- تقلبات الرغبة الجنسية.
- تختفي أعراض الحمل التعاطفي عند الرجل بمجرد ولادة الطفل.
ما هي أسباب متلازمة الحمل التضامني أو متلازمة نفاس البعل؟
ما الذي يجعل الرجل يشعر بأعراض تجربة الحمل التي تعيشها زوجته؟ تحاول بعض النظريات شرح كيفية تطور متلازمة الحمل التضامني عند الرجل. قد يساهم واحد أو أكثر من العوامل المذكورة في هذه النظريات بظهور أعراض الحمل عند الرجل، رغم أن الخبراء مازالوا يجهلون الأسباب الأكيدة لظهور هذه الحالة. [1]
- الأبوة ومسؤولياتها ومشاعرها
تحول الرجل إلى أب يمثل نقطة فارقة في حياته وتغييراً في دوره في المجتمع مما قد يقوده إلى الشعور بالتوتر والقلق، سواء أدرك ذلك أم لا.
وبغض النظر عن مدى حماسه أو سعادته، قد تؤدي مشاعر القلق أو التوتر عند الرجل إلى أعراض جسدية (Somatic Symptoms) تشبه أعراض الحمل.
كما اقترح الباحثون أن بعض الرجال يظهرون أعراض الحمل كوسيلة للتعامل دون وعي مع شعورهم تجاه مسؤولياتهم الجديدة والتغييرات التي سيختبرونها. [1] - مشاعر الارتباط والتعلق
الرجال المنغمسون مع زوجاتهم أكثر في تفاصيل الحمل وأعراضه وتطوراته ومشاعره، مثل الاستماع إلى نبضات قلب الجنين والشعور بحركته وما إلى ذلك، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأعراض الحمل. قد تؤدي المشاركة في التفاصيل والأحداث المتعلقة بالحمل والانخراط في الاستعدادات للولادة إلى شعور بعض الرجال بالقرب من طفلهم الذي لم يولد بعد والانغماس بقوة أكبر في دور الأب. قد يقود ذلك إلى ظهور أعراض الحمل التعاطفي عند الرجل، وفقًا لبعض الخبراء. [1] - أسباب نفسية اجتماعية
يعتقد بعض الأطباء أن أسباب متلازمة كوفاد تتعلق بالصحة العقلية. تشمل بعض التفسيرات الشائعة للأعراض ما يلي: [1]- حسد الرجل لقدرة الزوجة على الحمل والولادة.
- شعور الرجل بالذنب على التسبب بحمل الزوجة.
- شعور الرجل بالتنافس فيما يتعلق بدور الأبوة، أو محاولة مجاراة دور الأم.
- المجتمع والأخصائيون الصحيون يبدون اهتماماً كبيراً بالمرأة الحامل، ويتم تشجيعها على التحدث عن أي أعراض تواجهها خلال الحمل، والتعبير عن مشاعرها ومخاوفها. في المنزل، يمكن أن تتباين المحادثة بين الإحباط نتيجة أعراض الحمل المزعجة والفرح اللامحدود ترقباً للطفل. فكيف لا نتوقع أن يؤثر ذلك على زوج الحامل ووالد الطفل؟!
وبالتالي، ليس من المستغرب أن عدداً كبيراً من المختصين في الصحة العقلية قد نظروا في الفرضيات المذكورة أعلاه، من الغيرة حول عدم قدرة الرجل على حمل الطفل، إلى الشعور بالذنب بسبب التسبب بهذا التغيير الكبير في حياة الزوجة وجسدها ومشاعرها، إلى التركيز الأناني باتجاه جذب الاهتمام لدوره في هذه المعادلة! [3]
ومع ذلك، فهذه ليست سوى نظريات محتملة، ولم يثبت أي منها من خلال البحث. [1] - أسباب واضحة لبعض أعراض الحمل عند الرجال
هناك أصول واضحة لبعض أعراض الحمل التعاطفي عند الرجل. على سبيل المثال، إذا كانت الزوجة الحامل تشتهي الأطعمة وتتفنن بصنعها أو شرائها، ستزداد كمية الطعام التي يتناولها زوجها أيضاً، وذلك من المرجح أن يؤدي إلى زيادة وزنه، إضافة إلى بعض الأعراض المصاحبة لكثرة تناول الطعام مثل الانتفاخ وحرقة المعدة وعسر الهضم، والتي تشبه أعراض الحمل. [3]
لكن ماذا عن التغيرات الهرمونية عند الرجال؟ أليست سبباً محتملاً لمتلازمة كوفاد؟! الإجابة هي نعم! والتفاصيل في القسم التالي.
هل اضطرابات هرمونات الرجل تسبب متلازمة الحمل التضامني؟
منذ عام 2000 كشفت العديد من الدراسات عن اختلافات هرمونية بين الآباء الذين يترقبون مولوداً، والرجال الملتزمين في علاقة جادة، والرجال العازبين. ليس هناك شك في أن تركيز هرمون التستوستيرون أقل لدى الرجال الملتزمين في العلاقات، ولكن من غير الواضح ما إذا كان انخفاض هرمون التستوستيرون يحدث بعد بدء العلاقة أم أن الحقيقة هي أن الرجال ذوي التستوستيرون المنخفض هم أكثر عرضة للدخول في علاقات مستقرة. وبالمثل، هناك تغييرات هرمونية مرتبطة بالأبوة؛ هرمون البرولاكتين يكون في أعلى مستوياته عند الرجال في الأسابيع التي تسبق الولادة مباشرة، ويكون هرمون التستوستيرون في أدنى مستوياته في الأيام التي تلي الولادة مباشرة، كما تزداد مستويات الاستراديول من قبل إلى ما بعد الولادة ، وتصل مستويات هرمون الكورتيزول أوجها أثناء المخاض والولادة.
لسوء الحظ، لم تلق ظاهرة الحمل التعاطفي اهتماماً من علماء الأحياء إلا مؤخراً، ولا يزال دور الهرمونات في تحديد سلوك الأب أو التسبب في أعراض الحمل عند الرجال مجهولاً. لكن من المغري بالتأكيد البحث أكثر في دور الهرمونات كمسبب بيولوجي جذري لأعراض متلازمة كوفاد.
لا يمكننا التغاضي أيضاً عن الأحداث الأخرى التي ترافق فترة الحمل والولادة، خاصة ولادة أول طفل للعائلة، وتأثيرها على تركيزات الهرمونات؛ من هذه الأحداث، التغيرات التي تطرأ على النشاط الجنسي، والتحولات في الأولويات الاجتماعية للزوجين، أو الإجازة من العمل، أو وصول والدة الزوجة (الحماة) للإقامة لفترة طويلة (مليئة بالتوتر) مع الزوجين للمساعدة في رعاية الطفل.
حتى إذا لم تكن المحفزات التي تسبب التغيرات الهرمونية عند الرجل ناتجة عن اقتراب موعد الولادة، فقد ينتج عن التغيرات الهرمونية نفسها أعراض متلازمة كوفاد. في كل الحالات، تمكن هذا النوع من الأبحاث من توسيع آفاق البحث في عالم هرمونات الرجال، ولم يعد هرمون التستوستيرون وحده يتصدر الشاشة! [3]
ما هو معدل انتشار الحمل العاطفي بين الرجال؟
من الصعب تحديد نسبة الإصابة بمتلازمة كوفاد بين الرجال، بسبب قلة التبليغ عن الأعراض من قبل الرجال.
على سبيل المثال، وجد فريق بحثي بقيادة آن ستوري من جامعة ميموريال في نيوفاوندلاند أنه عندما سُئلت الزوجات الحوامل عن تجارب أزواجهن، كانت نسبة التبليغ عن أعراض متلازمة كوفاد أعلى من تلك التي تم استخلاصها من إجابات الأزواج أنفسهم على نفس الأسئلة في نفس الفترة الزمنية! [3]
بشكل عام، يعاني الرجال في جميع أنحاء العالم من متلازمة الحمل التضامني، بمعدلات متفاوتة، لكن أحدث الإحصائيات تشير إلى أن متلازمة كوفاد تصيب حوالي 25٪ إلى 52٪ من الرجال الذين لديهم زوجات حوامل في الولايات المتحدة الأمريكية. [1]
ما علاج متلازمة كوفاد؟ هل يمكن علاج أعراض الحمل عند الرجال؟
في حين أنه من الممكن أن يعاني بعض الرجال من أعراض شديدة للحمل التعاطفي، إلا أن الكثير منهم يعاني من بعض الأعراض الخفيفة فقط. وبما أن الأعراض تختفي بعد الولادة في جميع الحالات تقريباَ، فمن الممكن أن تمر هذه الحالة دون أن يلاحظها أحد. لكن بعض الرجال قد يشعرون بالارتباك أو القلق من أعراضهم، لذلك وجد الأطباء أنه من الجيد أن يتم شرح الحالة بإيجاز للرجال الذين يعانون من الأعراض ويشعرون بالتوتر تجاهها، وإخبارهم بأن متلازمة كوفاد ليست حالة غير عادية ولا تدعو للقلق. قد يكون من المطمئن أيضاً معرفة أن متلازمة الحمل التضامني غالباً ما توصف بأنها رد فعل تجاه التغييرات التي يجلبها الحمل والأبوة، وليست علامة على مشكلة تتعلق بالصحة العقلية أو أي مخاوف أخرى. [1]
هل تحتاج متلازمة الحمل التضامني إلى أدوية أو علاجات معينة؟
نظراً لأن الأعراض بشكل عام تختفي من تلقاء نفسها ولا تشكل خطراً أو تسبب ضرراً، لا يوجد علاج محدد موصى به للرجال الذين يعانون من متلازمة كوفاد. ومع ذلك، هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد في تخفيف أعراض الحمل عند الرجل.
يجد بعض الرجال أن التأمل واليوغا والأساليب المماثلة تساعدهم على الشعور بالاسترخاء.
وقد يساعد العلاج النفسي الأشخاص الذين يعانون من أعراض الاكتئاب أو القلق كجزء من متلازمة كوفاد. كما يمكن أن يساعد في علاج التشخيصات الموجودة مسبقاً والتي تفاقمت بسبب التوتر.
يمكن أن يساعد الدواء، بما في ذلك الوصفات العشبية، في علاج الأعراض الجسدية مثل الغثيان أو الألم. قد يعاني بعض الرجال من آلام المخاض التعاطفية أيضاً، وقد يساعدهم الدواء في تخفيف الألم. [1]
ختاماً، تذكر عزيزي الرجل أنك لست وحدك! فكل ما تمر به طبيعي جداً! إذا كنت تعاني من مشاعرك المتضاربة تجاه فكرة الأبوة، أو تعاني من أعراض لا تفهمها، يمكن أن يساعدك المعالج النفسي المختص. فلا تتردد بالتواصل مع الأخصائيين! إذا كانت لديك أية أسئلة أو استفسارات، يمكنك طرح سؤالك أو مشكلتك هنا.