إدارة الغضب عند الطفل حسب عمره

طرق يمكن للوالدين من خلالها مساعدة الأطفال على تهدئة غضبهم.. كيف تنظم ردود فعل أطفالك على عواطف الغضب؟
إدارة الغضب عند الطفل حسب عمره
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

من المستحيل تقريباً.. أن تتوقع قدرة الأطفال على إدارة عواطفهم الكبيرة، لأنه حتى بالنسبة للبالغين.. هذا أمر صعب! لكن بالنسبة للأطفال الصغار، لا يعد هذا أمراً مستحيلاً عليهم القيام به، وبالنسبة للأطفال الذين ما زالوا يتعلمون ويتطورون كل يوم، فإن هذا لا يمثل مجموعة من المهارات التي يولدون معها، ليس أكثر مما يولدون مع قدرة على ربط أحذيتهم! في هذا المقال سنتحدث بتفاصيل أكثر؛ عن كيفية تعليم الطفل فن إدارة الغضب.

ما هي أهمية تعليم الطفل كيفية إدارة عواطفه الصعبة؟
بمساعدة من الوالدين ومقدمي الرعاية للأطفال، هناك مجموعة مهارات يتم تدريسها من خلال الممارسة والصبر واكتساب الذكاء العاطفي كلما يكبر الأطفال، فتحويل المشاعر المتفجرة الكبيرة عند الطفل لكومة رماد، بدلاً من تحولها إلى بركان ثائر؛ يعني أن الأطفال بحاجة إلى أن يتعلموا كيفية التنظيم والانضباط الذاتي والهدوء، لكن مثل أي مهارة جديدة، يتطلب الأمر الكثير من الممارسة لتعلم كيفية تصريف المشاعر بشكل مناسب وآمن.
يتم تعلم ردود الفعل على العواطف، من بيئة الطفل في المنزل (أي الآباء والأمهات) والأطفال الآخرين من أخوة وأصدقاء وأقران، كذلك في المدرسة وعبر وسائل الإعلام أيضاً، ومن السهل على الأطفال أن يصبحوا حساسين للعنف وممارسة غضبهم؛ عندما يعرضهم فيلم أو مسلسل كرتون يشاهدونه لهذا الأمر!

مع ذلك.. يمكنهم أيضاً تعلم كيفية التعبير عن أنفسهم بطرق هادئة ومحترمة، بدءً من السلوك النموذجي من قبل الآباء والمدرسين والأجداد والأقارب، كذلك القيود على الوسائط الإلكترونية والتكنولوجية التي يستخدمونها، فأكثر الأسباب التي تجعل الأطفال يعربون عن الغضب هي: 
- الغضب هو قناع للمشاعر الأخرى التي يعاني منها الطفل تحت السطح، عليك أن تحفر لمعرفة سبب الغضب.
- الغضب هو تمويه للحزن والأذى والخوف والغيرة وغيرها من العواطف، انظر جيداً لمعرفة ما يحدث عندما يشعر طفلك بأنه بحاجة لأن يتحدث، وابتعد عن الأسئلة التقليدية، بدلاً من ذلك دعهم يوجهونك نحو العاطفة من خلال وصف مشاعرهم هم بأنفسهم.
- يمكن أن تكون الأفعال العدوانية طرقاً تنموية للطفل لممارسة استقلاله واختبار حدود ضبط النفس.
 

animate

دليل للتنظيم الذاتي العاطفي حسب عمر الطفل، فيما يلي نقدم لك دليلاً تفصيلياً، حول كيفية تعليم طفلك إدارة مشاعر الغضب لديه:
طفل صغير في عمر بين 1-2 سنة:
عندما يكون سلوك الطفل؛ أخذ ما يريده الآخرون بدلاً من السؤال أو انتظار الدور، فإن استجابة البالغين والوالدين تكون؛ بأن تذكّر طفلك بأنه لا يمكن أن يأخذها دون طلب إذن ويجب أن يعيد ما أخذه إلى أن ينهي الشخص الآخر دوره (مثل دور اللعب على الأرجوحة في الحديثة)، حيث يمكنك صرف انتباه طفلك إلى نشاط أو لعبة أخرى، وهذه هي الطريقة التي يتعلم بها الأطفال اللعب جنبا إلى جنب ومشاركة اللعب مع بعضهم البعض.

مرحلة ما قبل المدرسة وعمر الطفل بين 3 - 5 سنوات: عندما يكون سلوك الطفل الغاضب: توجيه الضربات كشكل من أشكال تأكيد الذات، ينبغي أن تكون استجابة الوالدين؛ من خلال تنبيه الطفل بالقول "استخدام الأيدي والتصرف العدواني تجاه الآخرين ليس سلوكاً مقبولاً، كذلك اعترف بمشاعر طفلك ولكن كن حازماً بأن هذا السلوك غير مسموح به، حدد له المشاعر والسلوك الخاطئ التي عبر من خلاله عن غضبه؛ لتعزيز ذكاء الطفل العاطفي وفهمه للعاطفة.

سن المدرسة وعمر الطفل بين 6 إلى 8 سنوات: سلوك الطفل الغاضب هو عدم الإصغاء وإغلاق الباب أو ضرب الأثاث بعنف أو التبرم بفمه ولف العينين، بحيث لا بد أن تكون استجابة الوالدين بناء على بدء الطفل في تأكيد استقلاله وآرائه بطرق غير مرحب بها، فقد حان الوقت لإعطاء طفلك مساحة خاصة به؛ لتهدئة غضبه ومشاعره المنزعجة.. من تلقاء نفسه قبل أن تفكر بالنيابة عنه أو تتحدث معه، حيث تتأجج المشاعر في هذا الموقف ويتعلم الأطفال ضبط النفس، وبمجرد أن يستقر الغبار.. قم بتسمية العواطف والسلوك واسأل الطفل عن حلول أفضل لسلوكه، حتى يتمكن من بناء مجموعة من الاستجابات المناسبة والهادئة لمواقف مماثلة في المستقبل.
 

استخدم هذه الطرق لمساعدة الأطفال على تهدئة غضبهم
لمساعدة الطفل على إدارة غضبه بشكل صحي وتعلم مهارات إدارة الغضب بفعالية، إليك هذه الطرق لمساعدته على تعلم فن إدارة الغضب:

أن تكون الاستجابة لغضب الطفل مناسبة: إن الاستجابة المتسقة والهادئة من قبل البالغين في حياة الطفل ستعلمه كيفية التعامل مع الإحباطات والتحديات اليومية، دون أن يكون ردهم الأول.. سلوك متفجر يصعب التعامل معه، حيث يكون من المفيد للأهل تعلّم كيفية الانضباط دون الصراخ على الطفل

التنظيم العاطفي: أفضل طريقة لتعليم الأطفال كيفية التعامل مع مشاعرهم وخاصة الغضب، هي تصميمها لهم.. وأنت أفضل مثال لطفلك عندما يتعلق الأمر بالتعامل البنّاء مع السلوك وردود الفعل والعواطف في مختلف الظروف، بحيث يتعلم الأطفال من خلال المراقبة والتقليد ليس من خلال قراءة التعليمات له من كتاب أو إطلاعه على كيفية التصرف الصحيح، حيث سوف يحاكيك أطفالك كمثل أعلى.

ذكّر الطفل أنه ليس من الجيد إيذاء الآخرين: إذا كان رد فعل الطفل الأول هو شن هجوم عندما يشعر بالضيق والغضب، فيجب أن يكون رد فعلك هو الهدوء وتذكير الطفل بأنه ليس من الجيد أبداً إيذاء الآخرين أو الممتلكات، بعد ذلك اتبع الخطوتين الأولى والثانية أعلاه.

استخدم صيغة 10 /3 للتهدئة: هذه الصيغة الهادئة تساعد الأطفال على إعادة تركيز عواطفهم وجسدهم لمدة 30 ثانية على شيء مهدئ؛ يمحو الغضب والعواطف الشديدة ويساعد أجسامهم على الاسترخاء، وإليك طريقة عمل هذه الصيغة للتهدئة، من خلال القيام بتوجيه طفلك حتى يهدئ، ويمكنه التعرف على التقنية عند إيقافك والقول: "لننفذ خدعة 10/3 لثانية واحدة": 
1- ضع إحدى يديك أو كلتا يديك على البطن وخذ ثلاثة أنفاس عميقة، واشعر أن المعدة تتوسع وأنت تستنشق بعمق ثم ببطء بينما تنفخ الهواء ببطء.
2- بعد ذلك اجعل طفلك يغمض عينيه وعدّ إلى عشرة ببطء، بمجرد وصوله إلى الرقم العاشرة، مع إبقاء العينين مغلقة؛ خذ نفساً عميقاً وعدّ تنازلياً من 10 إلى 1.. ثم افتح العيون.
3- أفضل طريقة هي استخدام هذه التقنية مباشرة قبل أن يفقد الطفل السيطرة على أعصابه.. عندما تشعر بأن جسده ينذر بعلامات التحذير قبل أن ينبعث الغضب.
هذه طريقة بسيطة للغاية للتهدئة، ولكنها توفر للأطفال والكبار وقتاً لإبطاء تفاعل أجسامهم مع حالات الغضب السلبية، كذلك إعادة توجيه تركيزهم من الغضب إلى الاسترخاء.

إنشاء مساحة خاصة لتهدئة الأعصاب: خصص مكاناً هادئاً في منزلك ليستخدمه أي من أطفالك عندما يرغبون في ذلك، وهو طريقة رائعة للسماح لهم بأن يكونوا وحدهم ويهدؤون من تلقاء أنفسهم، أو كنقطة ملاذ عندما يشعرون بالإرهاق الشديد والتعب ويريدون أن يكونوا وحيدين مع أنفسهم.

تعليم الطفل الذكاء العاطفي: لا بد من تعليم الطفل طرق التعبير عن مشاعره، والخطوة الأولى من خلال مساعدته على ربط الانفعالات والسلوك، فمثلا: "لقد ضربت أختك لأنك غاضب، أخذت لعبتك دون أن تسألك"، "أرى أنك حزين وتبكي لأن مشاعرك تتأذى عندما لا يريد صديقك اللعب معك"، "يبدو أنك محبط، لأنه لا يمكنك فك الحبل ويجعلك هذا مجنوناً"، إن إدراك المشاعر الكبيرة وربطها بسلوك يساعد الأطفال على فهم المشاعر في الوقت المناسب، حتى يقوم بتسميتها دون مساعدة من شخص بالغ، لأن مطالبة طفلك بـ "أخبرني ما تشعر به" عندما لا يعرف ما هي المشاعر؛ أمر غير واقعي ما لم يتم تعليمه، وبمجرد أن يتعلم الأطفال التعرف على مشاعرهم، يمكنك البدء في إجراء محادثة لمساعدتهم على إيجاد حلول المشكلات بمفردهم.

استخدم بطاقات "مشاعري" أو ملصق شعور للمساعدة في تسمية العواطف: الأطفال متعلمون بصريون.. ليس فقط من خلال تقليد سلوك والديهم، لكن بالصور أيضاً.. وتتمثل أداتان قيمتان لتعليم الأطفال كيفية التعرف على المشاعر هما: بطاقات العاطفة وملصق المشاعر بتعبيرات الوجه، وهذه أدوات قيمة للأسباب التالية:
1- يتعلم الأطفال أسماء لجميع المشاعر المختلفة.
2- يمكنهم التعرف على تعبيرات وجه للآخرين وقراءة عواطفهم.
إذا كنت تفضل عدم استخدام البطاقات، قم بإنشاء قائمة من الأفكار الهادئة لطفلك للنظر إليها والاختيار من بينها عندما يحتاج إليها، فمثلا: (طلب عناق- الذهاب لركوب الدراجة- استخدام صيغة 10/3- الاستماع إلى الموسيقى- العمل على حل لغز أو لوحة بازل- رسم صور- شرب كوب من الماء البارد - غناء أغنية- أخذ حمام – المشي على الشرفة)، كذلك التواصل من خلال الإشارات المرئية، حتى عندما يتعذر على الطفل العثور على الكلمات التي تصف مشاعره.

ساعد الأطفال على ربط المشاعر بلغة الجسد وعلامات التحذير: عندما نستمع إلى أجسادنا، سوف نسمع علامات تحذير حول ما نشعر به، خاصة عندما نشعر بالغضب، وتعليم الطفل التعرف على علامات التحذير يجعله يدرك مشاعره، حيث يمكن أن يتعلم الأطفال كيفية تهدئة غضبهم والابتعاد عن المشاكل، ومن علامات تحذير لغة الجسد: (القبضة- الأسنان المشدودة –التململ- تسارع ضربات القلب- مسح الخدين- فقاقيع في المعدة -التنفس أسرع)، علّم الأطفال أن يبحثوا عن علامات التحذير هذه قبل بدء غضبهم، بعد ذلك يمكنهم التراجع إلى مجموعة إجراءات التهدئة؛ للحصول على استراتيجيات إدارة الغضب لمساعدتهم على الاسترخاء.

لا بد أن يطلب الطفل المساعدة: في بعض الأحيان لا يستطيع الأطفال حل مشكلة بمفردهم ويحتاجون إلى طلب مساعدة أحد البالغين، لذا شجعهم على التواصل وطلب الدعم؛ خلال هذه الموجة من المشاعر الكبيرة لمساعدتهم على إيجاد حلول بناءة للتعامل مع غضبهم.

في النهاية.. مساعدة الأطفال على بناء عاداتهم الهادئة للتعامل مع السلوك الغاضب، ليس أمراً شديد الصعوبة، حيث أن بناء عادات جديدة وتغيير السلوكيات القديمة يستغرق 40 يوماً على الأقل من الممارسة، هذا يعني لبناء هذه المهارات والممارسة الهادئة باستخدام صيغة التهدئة مصلاً بنجاح؛ يحتاج الآباء إلى تشجيع أطفالهم كل يوم لمدة 3 أسابيع على الأقل لممارستها، لأن ممارسة هذه المهارات الجديدة بشكل متكرر تساعد الطفل بشكل طبيعي على بناء مجموعة أدوات أكثر هدوء وقبول.