آليات إدارة الغضب والسيطرة على الأعصاب

خطوات إدارة الغضب... ما هي استراتيجيات العلاج بإدارة الغضب وفعاليتها؟ كيف تستخدم تقنيات إدارة الغضب بنفسك؟ كيف تسيطر على غضبك بسبب الماضي؟
آليات إدارة الغضب والسيطرة على الأعصاب

آليات إدارة الغضب والسيطرة على الأعصاب

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

إدارة الغضب هي عملية تعلم التعرف على العلامات التي تجعلك غاضباً، بالتالي اتخاذ إجراءات لتهدئة الوضع والتعامل معه بطريقة إيجابية، ولا تعني إدارة الغضب.. ألا تشعر بالغضب أو أن تحتفظ بهدوئك في الوقت الذي يجب أن تعبّر فيه عن الغضب، لأن الغضب عاطفة طبيعية وصحية عندما تعرف كيف تعبر عنه بشكل مناسب، فإدارة الغضب تدور حول تعلم كيفية الغضب! وهذا ما نوجز به "إدارة الغضب"..

لمحة حول أهمية إدارة الغضب وآلية العلاج بإدارة الغضب
يوفر فن إدارة الغضب مجموعة واضحة من الإرشادات، حيث يُعطى الشخص مخطط علاجي خاضع للرقابة لإظهار عواطفه، وفي الوقت نفسه يهدف هذا العلاج لتحقيق استجابات بناءّة بدلا من الاستجابات المهلِكة، ويتم تشجيع الناس لاختبار وفحص ما يثير غضبهم، ويحاولون إدراك عواطفهم في كل مستوى من مستويات إثارة غضبهم، حيث يتعلمون كيفية استخدام تلك الإرشادات كخريطة للتحكم بغضبهم.
يفطن الأشخاص الخاضعين لعلاج إدارة الغضب حول كيفية استجابة أجسامهم للأحداث الماضية والمستقبلية، كما يفعلون ذلك من خلال تحديد رد الفعل العاطفي على ظرف معين، هذا ويساعدهم المعالجون على استبيان استجابات الغضب، التي قد تكون آليات دفاعية لمخاوف أخرى بسبب الاكتئاب والقلق أو غيرها من قضايا الصحة النفسية والتي تحدثنا عنها في مقالنا حول أسباب وجذور الغضب.

animate

غالباً ما يساعد علاج إدارة الغضب الأشخاص الذين يعانون من مشكلات الغضب كذلك المحيطين بهم من أفراد عائلة وأصدقاء، حيث أن الغضب الذي لا يمكن السيطرة عليه قد يؤدي إلى أضرار نفسية وجسدية، فتساعد إدارة الغضب على الحد من الغضب والتحكم فيه، مما يسمح للناس الحد من التوتر، كما يمكن أن يقلل من خطر المشاكل الصحية أيضاً، مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
الهدف من العلاج بإدارة الغضب تعليم الناس كيفية دراسة مسبباته، كما يساعد الناس على ضبط رؤيتهم للمواقف، ويطور العلاج الناجح لإدارة الغضب؛ طرقاً صحية للناس لحول كيفية التعبير عن الغضب والإحباط.

فبعض التقنيات المستخدمة في علاج إدارة الغضب تشمل:

  • السيطرة على الدوافع الباعثة على الغضب.
  • الوعي الذاتي.
  • تأمل.
  • إدارة الإحباط (من خلال كتابة المذكرات مثلاً).
  • تقنيات التنفس.
  • استراتيجيات الاسترخاء.

دراسات علمية حول فعالية إدارة الغضب
تم انتقاد البحوث القائمة على دراسة الغضب؛ لاعتمادها على تدابير التقرير الذاتي للشخص، وعدم إجراء تقييمات المتابعة وظروف المراقبة المستمرة لفترة معينة، حيث سلطت دراسة حول تقنيات الغضب الضوء على مخاوف إضافية بما فيها الآثار المتعلقة بالفحص الطبي والعلاج، كذلك النتائج المتعلقة بعلاج إدارة الغضب لدى مرتكبي الجرائم.
ولا بد أن نشير إلى أن علاج إدارة الغضب قد لا يكون فعّالاً مع الأشخاص الذين لا يدركون أن لديهم مشاكل في الغضب، كما قد يواجه الأشخاص الذين يعانون من صعوبات تعلم شديدة؛ بعض الصعوبة أيضاً في الاستجابة إلى علاجات الغضب، حيث تعتمد هذه العلاجات أحياناً على مبادئ العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، (علاج نفسي موجه بهدف قصير المدى وفق منهج عملي لحل المشكلات، بالتالي لتغيير أنماط التفكير أو السلوك التي تكمن وراء صعوبات يعانيها الأشخاص وتغيير الطريقة التي يشعرون بها)، كما أن الأشخاص الذين يعانون من مشكلات أخرى في الصحة الذهنية؛ يحتاجون إلى معالجة هذه المشاكل الأساسية أولاً.. مما قد يؤدي إلى جعل معالجة إدارة الغضب المستقبلية أكثر فعالية.

تساهم إدارة الغضب في تحسين نمط الحياة لدى الشباب والمراهقين
ووجدت دراسة أخرى حول فعالية استراتيجيات إدارة الغضب للعيش الفعال بين المراهقين والشباب؛ يمكن أن يساعد استخدام آليات إدارة الغضب؛ المراهقين والشباب على أن يكونوا مبدعين ويطوروا أساليب حياةٍ فعالة لهم، وشرح الباحثون في هذه الدراسة: "إن العواطف التي تولدها المشاعر الإنسانية يمكن أن تكون غير عقلانية أو عقلانية كما تعتمد على الذكاء المعرفي للفرد، الذي يظهر في العنصر السلوكي وفي رد الفعل على الأحداث".. من ثم فإن حالات الغضب ترجع إلى عدم إعادة التفكير في المواقف المحتملة للعواطف، نتيجة لذلك يصاب المراهقون والشباب بسلوك غير منطقي يؤدي إلى إظهار غضبهم، ومن هذا المنطلق يتم استخدام الاستراتيجيات والآليات الخاصة باستبدال سلوكيات الاستثارة الغاضبة، كذلك إعادة التفكير في كل حالة كمكون في العلاج السلوكي المعرفي، هذا من شأنه أن يجعل المراهقين والشباب أكثر فائدة لذاتهم وللمجتمع.

الحل لمشكلة الغضب من الماضي باستخدام آليات إدارة الغضب
من الاعتراف بأننا عاجزون عن تغيير ما حدث بالفعل، لكن يمكننا تغيير كيف تؤثر هذه الأحداث الماضية على حياتنا الحالية، حيث ينشأ الكثير من الغضب من مقارنة "ما هو أو ما كان" مع "ما نود أن يكون عليه، أو أن نكون كذلك"، على هذا النحو، فإن الحداد ينطوي على الحزن وترك هذا التوقع، كذلك الأمل أو الرغبة في أن يحدث شيء، فبينما قد لا تغير الماضي.. لكنك تملك القدرة على فعل ذلك في الوقت الحالي وفي المستقبل.

وللتعامل مع مشاكلك مع الغضب بسبب أخطاء أو قرارات ماضية؛ إليك هذه الآليات:

  • تعلّم مهارات محددة لإدارة الغضب؛ هذا قد يستلزم تعلم كيفية التهدئة الذاتية عند مواجهة التوتر أو الأذى أو الغضب الذي تغذيه الجروح الماضية، بالتالي تطوير مرونة متزايدة للتعامل مع المشاعر غير المريحة والتوتر الذي تنتجه لديك.
  • الشفقة على الذات ورحمة النفس؛ تدعم هذه الآلية إدارة الغضب من أخطاء وجروح الماضي، فالحوار مع الذات بحنان وشفقة يعزز الشعور بأنك لست وحدك في معاناتك، حتى عندما تشعر بالعزلة وتتعرف على نقاط ضعفك.. فهو الأساس لقبول الأخطاء والضعف في الآخرين، كما يساعد التراحم الذاتي على تعزيز المرونة التي نحتاجها لحظة الاعتراف بألمك وحزنك، بالتالي يشمل هذا التحول في إثارة التعاطف الذاتي؛ علامة بارزة في معالجة الألم والغضب المتعلقان بالماضي، فالرحمة الذاتية تدفعنا إلى توجيه انتباهنا ليس إلى ما كان، بل إلى ما يمكن أن يكون، وهذا تحدي صعب عندما تترك أخطاء وجروح الماضي شعوراً بالخجل، مما يستدعي الاعتراف بالتعامل مع العار والتعامل معه بدلاً من قمعه عن طريق الغضب.
  • الانفتاح على الخير؛ هذا ينطوي على أن نكون مدركين للاعتراف بالخير في عالمنا، كذلك في الآخرين وفي أنفسنا، لأن جروح الماضي غالباً ما تعمينا عن الخير في الآخرين وفي أنفسنا، كما تجعلنا عرضة للريبة والنقد والحذر من تذوق الخير.
  • التسامح والغفران؛ رحمة للنفس وجزء أساسي من الغضب الصحي، إنه شيء تفعله لتخفيف معاناتك، بالتالي للغفران علاقة أكبر بترك الغضب السام؛ من خلال التغاضي عن تصرفات الآخرين، فعندما تختار الغفران بحزم؛ تزرع ميلك المستمر إلى الصفح.
  • الاستغناء عن الغضب المرتبط بالجروح الماضية والصفح عن الذات؛ هذا يستدعي الوعي بأنه في كثير من الأحيان قد نضرّ أنفسنا مع الإدراك المتأخر فيما يتعلق بالأفكار حول ما لم نحصل عليها، إنه يتطلب صنع السلام مع تاريخنا الشخصي، مع إدراك أن رؤيتنا للطرق المحتملة للشعور والتفكير والتصرف تتغير بمرور الوقت.

تحمل مسؤولية الغضب والتحكم به
تقول اختصاصية علم النفس والمتخصصة في إدارة الغضب إيزابيل كلارك (Isabel Clarke): "يمكنك التحكم في غضبك وتحمل المسؤولية على ذلك"، وتضيف: "لدى كل شخص ردّ فعل جسدي تجاه الغضب، فكن على دراية بما يخبرك به جسمك، واتخذ خطوات بسيطة لتهدئة نفسك"... ومن هذه الخطوات نذكر:

  • العد إلى 10: يمنحك الوقت لتهدئة نفسك؛ حتى تتمكن من التفكير بشكل أكثر وضوحاً وتتجاوز الاندفاع والغضب السريع.
  • تنفس ببطء: استرخ أثناء الزفير.. وتقول إيزابيل: "تتنفس بسرعة تلقائيا عندما تشعر بالغضب، والحيلة هي أن تتنفس ببطء أكثر من الداخل، هذا سوف يهدئك بشكل فعال ويساعدك على التفكير بشكل أكثر وضوح".
  • ممارسة التمارين الرياضية: تخلص من مستويات التوتر لديك مع ممارسة الرياضة والاسترخاء، مثل الجري والمشي والسباحة واليوغا والتأمل، وهي بعض الأنشطة التي يمكن أن تقلل من الإجهاد أيضاً، وتقول إيزابيل: "إن ممارسة الرياضة كجزء من حياتك اليومية هي طريقة جيدة للتخلص من التهيج والغضب".
  • الاعتناء بالنفس: خصص وقتاً للاسترخاء بشكل منتظم وتأكد من حصولك على قسط كافٍ من النوم، تقول إيزابيل: "نحتاج إلى موانع من تصرفنا بشكل غير مقبول عندما نكون غاضبين".
  • أبدع: من خلال الكتابة أو عزف الموسيقى أو الرقص أو الرسم، يمكن لهذا أن يفرج عن التوتر لديك ويقلل من مشاعر الغضب.
  • تحدث عن شعورك: يمكن أن تساعدك مناقشة مشاعرك مع صديق.. في الحصول على وجهة نظر مختلفة حول الموقف الذي يثير غضبك.

استخدم تقنيات إدارة الغضب التالية دون مساعدة متخصصة

  1. تحديد متنفس ممكن للغضب: بدلا من التركيز على الشيء الذي جعلك غاضباً، ابذل جهداً واعٍ لحل القضية؛ هل السلوك الخاطئ لطفلك يجعلك منزعجاً؟ مثلاً، هل يقوم صديقك أو أحد أفراد أسرتك بعمل شيء ما يسبب غضبك؟.. اهدأ واشترك في حوار بنّاء، ولتبقى على علم بحقيقة أن الغضب لا يرقَ أن يحل شيئاً، في الواقع فإن النتيجة غالبا ما تكون أسوأ بكثير، لذا تنفس بعمق وحافظ على بعض الانضباط الذاتي وفكر في حل عقلاني.
  2. اغفر وحاول أن تنسى: الغفران هو واحد من أقوى حلول الاستياء، لأن السماح للغضب والأفكار والمشاعر السلبية الأخرى بأن تشوه حياتك اليومية وتعطلها؛ لا يؤدي في نهاية المطاف إلا إلى الشعور بالمرارة والتشاؤم، وإذا كنت تستطيع مسامحة شخص أثار مشاعر الغضب لديك، فستتعلم درساً قيّماً، فبالنسبة لك فإن القدرة على التسامح سوف تعيد التأكيد على حقيقة أن لا أحد يستطيع أن يتلاعب بحالتك الذهنية، وبالنسبة لمن أثار غضبك.. قد يكون التسامح الذي تظهره كافياً لتذكيرهم بأهمية الحفاظ على الصدق، إذا كان هذا الشخص يستغل شعورك ومسامحتك، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة النظر في العلاقة، واعتماداً على تواتر انعدام الثقة وطبيعة الوضع الذي أثار عضبك؛ قد يكون منح الأولوية للتسامح بدلاً من النسيان هو الحل الأفضل والأكثر صحة، لأن البعض لا يمكن أن تنسى إساءاتهم لك.
  3. حسّن مهارات الاستماع لديك: قد يبدو شحذ مهارات الاستماع لديك وكأنه حل غير ذي صلة بموضوع إدارة الغضب!.. لكن عندما نكون مستمعين نشطين، نقوم على الفور بتحسين التواصل بينا وبين الشخص الآخر، هذا يبني الثقة (وينفع في علاقة الزواج) وهذه الثقة يمكن أن تساعد في تخفيف الأفكار والعواطف السلبية المحتملة، حيث تثبت للآخر بأنك تستمع حقاً إلى ثلاثة أشياء:
    • تُظهر أنك تهتم.
    • تُظهر أن أفكار الشخص الآخر وعواطفه مهمة.
    • ينشئ أو يعزز مشاعر التعاطف.
  4. ممارسة الاسترخاء: ووفقاً للجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، فإن تقنيات الاسترخاء "مثل التنفس العميق والتصور المريح؛ تساعد على تهدئة المشاعر الغاضبة"، وإليك بعض الممارسات التي قد تساعد وفقاً للجمعية:
    • تنفس بعمق من الحجاب الحاجز، لأن "تنفس الصدر" لن يعزز الاسترخاء.
    • قد يساعدك تكرار الكلمات المطمئنة مثل "خذ الأمر بسهولة" و "الاسترخاء" و "أنا مسيطر"، كما يُنصح بممارسة التنفس العميق خلال هذا التمرين.
    • استخدام الصور وتصور شيء يثير الاسترخاء؛ سواء من خلال التجربة الماضية أو الخيال.
    • تمارين غير متعبة (مثل اليوغا والتأمل).. يمكن أن تساعد في إرخاء العضلات مع تعزيز الاسترخاء.
  5. إعادة هيكلة الأفكار: يميل الأشخاص الغاضبون إلى الشتم أو إطلاق اللعنات أو التصرف بطريقة غوغائية عند مواجهة الإجهاد، المشكلة هنا واضحة؛ مثل هذا السلوك يغذي الغضب السلبي ويجعل أي حل محتمل مستحيلاً، بالتالي لا تنطوي إعادة الهيكلة للأفكار على شيء أكثر من تغيير طريقة تفكيرنا، إن السبب في أن هذه الطريقة فعالة للغاية (وتتعلق بإدارة الغضب)؛ هي أن عمليات التفكير تصبح درامية ومبالغ فيها على الفور عندما نكون غاضبين.

في النهاية.. عندما نبرر بشكل واعي أسباب الغضب، فإن النتيجة الإيجابية أكثر احتمالاً بكثير، والأهم من ذلك، عندما نمارس تقنيات إدارة الغضب التي تحدثنا عنها في هذا المقال؛ فإننا نستدعي حالة السلام والرضا بدلاً من الغضب والحالات السلبية الأخرى الناجمة عنه، وشاركنا رأيك من خلال التعليقات.