أسرار إدارة الفريق والعمل الجماعي الناجح والفعال
يعتبر العمل الجماعي اليوم النمط الأكثر شيوعاً في المؤسسات والمنظمات، حيث تدرك الإدارة أن العمل الجماعي يقدم لها العديد من الفوائد والإيجابيات على رأسها زيادة ورفع الإنتاجية والإنجاز وتحقيق الأهداف بشكلٍ أفضل، لكن نجاح فريق العمل يرتبط بشكل أساسي بإدارة الفريق، لذلك نتعرف في هذا المقال على مفهوم إدارة فريق العمل وأهم مهارات إدارة الفريق الناجح والفعال.
تعريف إدارة فريق العمل Team management هي مجموعة الإجراءات والأنشطة التي يقوم بها المدير أو المؤسسة والتي تضمن أن مجموعة العمل ستقوم بتحقيق أهداف العمل كما هو مخطط له. [1]
ينطوي مفهوم إدارة الفريق على فكرة مهمة، وهي أن جوهر العمل الجماعي الناجح يكمن في تكوين فريق عمل متناغم يشعر أفراده بالرضا والفاعلية، وإدارة هذا الفريق بما يضمن تحقيق أهداف المهمات الموكلة إليه، وذلك من خلال النقاط الرئيسية التالية: [1,2]
- خلق بيئة عمل مناسبة.
- توزيع الأدوار والمسؤوليات بشكل عادل وفعّال على أفراد الفريق.
- إدارة الأولويات وتنظيم خطة العمل.
- حل المشكلات وإدارة النزاعات.
- تعزيز الرضا الوظيفي لدى أعضاء الفريق.
- استثمار الطاقات والمواهب المبدعة.
- تنظيم الحوافز.
- تطوير فريق العمل وتقييم الأداء.
لا يشترط أن يكون مدير الفريق من المستوى الإداري الأعلى بالمؤسسة، بل قد يكون موظفاً عادياً توكل له الإدارة مهمة تشكيل الفريق وإدارته لتحقيق أهداف معينة، لكن مهما كان المنصب الذي يشغله قائد الفريق في الهرم الإداري؛ هناك مجموعة من المهارات التي يجب أن يتمتع بها ويحسن استخدامها ليصل إلى إدارة فريق العمل بشكل فعّال وناجح، وأبرز مهارات إدارة الفريق: [3,4]
- مهارات الإدارة الأساسية: لا يشترط أن يكون قائد الفريق عبقرياً بالإدارة وفنونها، لكنه على أقل تقدير يجب أن يكون ملمّاً بأساسيات الإدارة، مثل حدود المسؤوليات وكيفية وضع الجداول الزمنية وتوزيع الأدوار والمسؤوليات، وبطبيعة الحال يجب أن يكون خبيراً في مجال العمل نفسه لأنه المرجع لأعضاء الفريق.
- الرؤية الواضحة وإتقان إيصال الرؤية لأعضاء الفريق: يمكن تعريف الرؤية أنها الهدف البعيد أو الإطار الكبير الذي من أجله يقوم الفريق بأداء المهام، وكثيراً ما يقع المدراء في فخ الأهداف قصيرة الأجل والمهام اليومية دون تحديد رؤيا واضحة، هذا قد يجعل أعضاء الفريق أقل إحساساً بفاعليتهم وأقل شعوراً بأهمية دورهم في العمل.
ولا يكفي أن يتمتع مدير فريق العمل برؤية واضحة، بل لا بد أن يكون لديه الموهبة والقدرة على إيصال هذه الرؤيا بوضوح لأعضاء الفريق، حيث يعمل كل فرد من أفراد فريق العمل وهو يعلم تماماً الهدف الكبير الذي تطمح له المؤسسة، بل ويشعر أنه هدفه أيضاً، فالمدير الناجح يخلق نوعاً من الارتباط بين أعضاء الفريق ورؤية المؤسسة. - مهارات التواصل مع الآخرين: لا شكّ أن التواصل المباشر مع فريق العمل يلعب دوراً حاسماً في فرص نجاح الفريق ومدير الفريق في أداء ما هو موكل إليهم، ويمكن أن نذكر مستويين أساسيين للتواصل مع فريق العمل:
- المستوى الأول هو التواصل التنفيذي، والذي يضمن فهم أعضاء الفريق للأهداف والرؤية والأولويات فهماً جيداً، ويضمن أيضاً حصول الفريق على كافة المعلومات التنفيذية المتعلقة باستراتيجية العمل، كما يجب أن يضمن التواصل التنفيذي مع فريق العمل معرفة متبادلة وفعالة للمشكلات التي قد تواجه فرداً أو أكثر من الفريق وبأسرع ما يمكن.
- وأما المستوى الثاني فهو التواصل الشخصي بين قائد الفريق والأعضاء، والمقصود بالتواصل الشخصي هو كيف يستقبل أعضاء الفريق من المدير المعلومات والتوجيهات التنفيذية، وكيف يشعرون حيال الرسائل التي تصلهم من المدير.
- عندما يكون مدير الفريق صاحب رؤيا واضحة ومتقن تماماً لوضع خطة تنفيذية ممتازة، لكنه يفتقر لمهارات التواصل الشخصي مع أعضاء الفريق، قد يواجه عقبات تهدد نجاح الفريق بأكمله، منها مثلاً التطبيق الحرفي للتعليمات الذي يحرم الإدارة من تدارك ثغرات التنفيذ، أيضاً قيام أعضاء الفريق بالأعمال بشكل آلي دون فهمها فهماً عميقاً لأنهم يعرفون أن المدير لن يكون مسروراً إذا طرحوا مزيداً من الأسئلة!
- الإدارة المنظمة لفريق العمل: التنظيم في العمل من المهارات الأساسية لإدارة الفريق، حيث يحتاج قائد الفريق إلى إيجاد آليات متابعة منظّمة تضمن له سير العمل بسلاسة، ونعتقد أن التنظيم موهبة لا يتمتع بها الجميع، لكنها أيضاً مهارة يمكن اكتسابها من خلال الاعتماد على مهارات التنظيم الأساسية مثل الأرشفة والاستعانة بالأشخاص المنظّمين بطبيعتهم للمساعدة.
- التفكير الاستراتيجي: ما يميّز قائد الفريق عن غيره أنه يتمتع بالقدرة على التفكير الاستراتيجي، يرى الأمر من بدايته وحتى نهايته، ويستطيع أن يضع أهداف بعيدة ويبني خطة واضحة للوصول إليها، لكن عندما يشعر أعضاء الفريق أن القائد لا يرى أبعد من أنفه يشعرون بعدم الأمان وقلة الفاعلية، وهذا آخر ما تتمناه كقائد لفريق العمل.
- إدارة الأولويات وتوجيه الفريق: يمكن القول أن إدارة الأولويات أحد أهم أسباب نجاح الفريق، وقائد الفريق هو المسؤول الأول والمباشر عن إدارة الأولويات وإفهام فريق العمل ترتيب الأولويات، كما يجب أن يتمتع الفريق بالمرونة الكافية للتغيرات الطارئة على الأولويات، وأسوأ ما يمكن أن يحدث في فريق العمل أن يلجأ أحد الأعضاء إلى المدير للسؤال عن الأولويات ولا يجد عنده الإجابة!
- توزيع الأدوار في فريق العمل: توزيع الأدوار والمسؤوليات في فريق العمل مهمة في غاية الأهمية والحساسية، فعندما يقوم المدير بتوزيع المهام بشكل عشوائي سيحصل على نتائج سيئة بكل تأكيد، والقواعد الأساسية لتوزيع الأدوار في فريق العمل هي:
- الشخص المناسب في المكان المناسب، حيث يجب أن يقوم قائد الفريق بتقييم أهلية الموظف قبل إسناد المهمة له.
- العدالة في توزيع المهام، فلا يجب أن يكون هناك أشخاص منهكون بالعمل وأشخاص يشربون الشاي على الشرفة!
- الإنصاف في توزيع الأدوار على فريق العمل من خلال منح الجميع فرص ملائمة تحقق شعورهم بالإنجاز والأهمية.
- تحقيق الرضا عند الموظفين من خلال التأكد أنهم يفهمون الدور الموكل إليهم والمسؤوليات المناطة بهم، ويرغبون فعلاً في أدائها.
- المرونة في توزيع الأدوار من خلال مراجعة الأداء والتكيف مع متطلبات كل مرحلة من مراحل التنفيذ.
- أهمية التفويض في إدارة الفريق: يحاول بعد المدراء الاستئثار بمجموعة كبيرة من المهام لأنفسهم لأسباب يطول شرحها، لكن التفويض واحدة من الإجراءات المهمة للحصول على نتائج أفضل بكثير، كما أن التفويض ليس مجرد تكليف أحد الأعضاء بمهمة، بل يحتاج إلى خبرة كبيرة لمعرفة حدود التفويض والأشخاص الأكفاء لكل مهمة.
- تحمّل المسؤولية: لا يمكن لمدير الفريق الناجح أن يرمي المسؤولية على موظفيه، بل أن القاعدة الإدارية الشهيرة تقول "المهمات تفوَّض، لكن المسؤولية لا تفوّض" بمعنى أن المسؤولية لصيقة بقائد الفريق بغض النظر عمّن يقوم بأداء المهام بالتفويض.
- العدالة والاحترام: لا شك أن قائد الفريق الناجح هو من يحترم أعضاء فريقه ويساعدهم على احترام بعضهم البعض، وربما تكون العدالة والإنصاف من أهم علامات احترام قائد الفريق لفريقه وللمهمة التي يقوم بها.
- الثقة بالنفس والثقة بالفريق: عندما يكون مدير الفريق متردداً وغير واثق من قراراته، أو يلجأ لاستخدام أعضاء الفريق بطريقة مستفزة لأنه لا يريد المخاطرة بنفسه، هذه الحالة غالباً ما تقود الفريق للفشل أو على الأقل لن يحقق نتائج استثنائية.
يجب على قائد الفريق أن يكون مدركاً لنقاط قوته ونقاط ضعفه، وأن يكون حكيماً بطلب المساعدة وشفافاً في إعطاء الفضل لأصحابه. - مهارات حل النزاعات والخلافات: لا داعٍ للقول أن مدير الفريق بعيد تمام البعد عن أي خلافات أو مشادات كلامية مع أعضاء فريقه وإلا سيكون مسؤولاً عن خلق التوتر في بيئة العمل الجماعي، لكن لا يكفي أن يكون مدير الفريق متفهّماً وهادئاً ومحترماً في التعامل، بل يجب أن يمتلك مهارات حل النزاعات والخلافات بين أعضاء الفريق وألا يترك بعض الخلافات العابرة تفسد العمل الجماعي.
- تحديد أهداف ممكنة ومفهومة: كلما كانت الأهداف التي يعمل عليها الفريق واضحة وتبدو معقولة بالنسبة لهم؛ كلما تمكّن من تحقيقها بسرعة وفاعلية. "حتى الأهداف البسيطة يمكن أن تبدو مستحيلة إن لم تصل إلى الفريق بشكل واضح ومفهوم".
- الشفافية والوضوح: حيث يجب أن يعرف أعضاء الفريق الكثير من المعلومات عن طبيعة المهام الموكلة إليهم وأن يشعروا أن المؤسسة تمنحهم الثقة وتقدم لهم كل ما يساعدهم على العمل.
- الحفاظ على التواصل المفتوح: التواصل المفتوح بين أعضاء الفريق فيما بينهم، وبين الفريق وقائد الفريق؛ يضمن تدارك جميع الثغرات والأخطاء بسرعة كبيرة وحل جميع المشاكل بصورة فعالة، كما يعزز التواصل المفتوح الشعور بالرضا والانتماء.
- إدارة الملاحظات: يجب أن يكون قائد الفريق حذراً عند توجيه الملاحظات للأفراد، بحيث تكون ملاحظات إيجابية وبناءة ولا تسبب الإحراج أو المشاعر السلبية.
- الاعتماد على الأشخاص المناسبين: خاصة المساعدين الأساسيين لقائد الفريق، ويعتبر اختيار الأشخاص المناسبين الخطوة الأهم في تنفيذ خطة العمل بنجاح وكفاءة.[5]
- الحفاظ على المنافسة الشريفة وبيئة العمل التحفيزية: من مسؤوليات قائد الفريق أن يحافظ على بيئة عمل متوازنة تكفل المنافسة الشريفة بين أعضاء الفريق، بل يجب عليه أن يغذي الشعور بالمنافسة لديهم من خلال نظام حوافز نفسية ومادية فعال.
- حل مشاكل الفريق بسرعة: التدخل السريع بمشاكل الفريق سواء المشاكل التنفيذية أو النزاعات بين الأفراد واختلاف وجهات النظر؛ يضمن سير العمل دون توقف ويضمن تطويق آثار المشكلة قبل أن تتسع.
- منح الثقة للفريق: قائد الفريق الناجح هو من يستطيع أن يخلق نوعاً من الرقابة الذاتية داخل أعضاء الفريق من خلال منحهم الثقة على اعتبارها مسؤولية يحملونها على عاتقهم وليست هدية أو هبة، والفريق الذي يشعر بثقة القائد به يستطيع أن يصنع المعجزات!
- الاحتفال بالنجاح: وهذه خطوة مهمة جداً؛ حيث يجب أن يشعر كل فرد من أفراد الفريق أنه جزء مهم من النجاح، ويجب أن يشعر أيضاً أن النجاح نجاح جماعي وليس فردي أو لفئة معينة من الفريق.[6]
إدارة فريق العمل تعتبر السبب الرئيسي لنجاح الفريق وكفاءته في تنفيذ الخطط، ويمكن أن نعدد بعض المميزات الأساسية التي تميّز فريق العمل الناجح والفعال:
- التناغم بين أعضاء الفريق، وهذه النقطة التي يجب أن يفكر بها قائد الفريق عند تشكيل المجموعة، والمقصود بالتناغم أن يكون جميع أعضاء الفريق قادرين على العمل معاً، أو أن يكون من الممكن تذليل العقبات البسيطة التي تعيق التناغم بينهم.
- روح التعاون والرغبة الدائمة بالمساعدة وتبادل المساعدة بين أعضاء الفريق.
- الأهداف المشتركة التي تجمع أعضاء الفريق، سواء أهداف العمل نفسه، أو الهدف الرئيسي الذي يجمعهم وهو النجاح في مهنتهم.
- الثقة المتبادلة بين أعضاء الفريق وثقتهم بقائد الفريق.
- المسؤوليات الواضحة والأدوار الواضحة لجميع أعضاء الفريق، حيث يعلم كل فرد ما عليه القيام به بالضبط، ويعرف أيضاً ما يقوم به الآخرون والنقاط التي تتلاقى عندها المسؤوليات والمهام.
- الاتصال الفعال والحر بين أعضاء الفريق ومع الإدارة، والحرية في طرح الأفكار والمناقشة.
- التقييم المستمر لعمل الفريق من خلال اجتماعات دورية.
- الإيمان بالفريق والشعور بلذة النجاح الجماعي أو حتى لذة الإخفاق معاً!
- العلاقات الفرعية بين أعضاء الفريق، والتي يتم تعزيزها من خلال الأنشطة الترفيهية التي تجمع أفراد الفريق معاً.
- تطوير فريق العمل باستمرار من خلال حصولهم على التدريب المناسب على مهارات عمل الفريق وعلى المهارات المناسبة لطبيعة عملهم.
كما ذكرنا مراراً فإن إدارة الفريق الفعالة والناجحة هي التي تؤدي في النهاية إلى تحقيق أهداف المؤسسة وتنفيذ الخطط بفاعلية وإتقان، كما تقدم إدارة فريق العمل المكتسبات التالية للمؤسسة:[2]
- فاعلية العمل الجماعي: حيث تضمن إدارة الفريق أن الأشخاص المناسبين يعملون معاً على تحقيق أهداف مشتركة، وذلك بناء على دراسة عميقة لطبائع الأشخاص ومهاراتهم وقدارتهم، ما يسهّل على المؤسسة إنجاز الأهداف بكفاءة وسرعة.
- زيادة الإنتاجية: حيث يعتقد عرابو الإدارة الحديثة أن العمل الجماعي يساهم بزيادة الإنتاجية بشكل ملحوظ مقارنة بالتكليف الفردي.
- تبادل الخبرات والمهارات: حيث يقدم العمل الجماعي فرصة مهمة لجميع أعضاء الفريق لتبادل المهارات والخبرات فيما بينهم، ما ينعكس بالتالي على نوعية الكوادر في المؤسسة.
- استغلال المواهب المبدعة: العمل ضمن الفريق في بيئة عمل مناسبة يتيح الفرصة للأشخاص الموهوبين أن يظهروا بشكل واضح، ما يساعد الإدارة أيضاً على استكشاف الطاقات البشرية لديها.
- تحقيق الرضا الوظيفي: يخلق العمل الجماعي أجواءً إيجابية في بيئة العمل تساهم في تعزيز رضا الأفراد، كما أن توزيع المسؤوليات الحكيم يساهم في تخفيف الضغط على الأفراد ما يعزز بدوره الشعور بالرضا الوظيفي.