دليلك إلى الصيام المتقطِّع وتأثيراته الصحية

ما هو نموذج الصوم المتقطع الغذائي؟ ما هي الإيجابيات التي يمتاز بها؟ وما التأثيرات الجسدية والصحية الناتجة عنه؟
دليلك إلى الصيام المتقطِّع وتأثيراته الصحية

تأثير الصيام المتقطِّع على الصحة وأهم النصائح لحميَّة الصيام المتقطع

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

انتشر مصطلح الصيام المتقطع (Intermittent Fasting) بشكل كبير في الأوساط الصحية خلال السنوات الأخيرة، وهو الآن واحد من أكثر الصيحات شعبية في مجالات اللياقة والعناية الصحية.
لا يعتبر الصوم المتقطع بحد ذاته حمية غذائية، إنما هو نظام زمني محدد للطعام، لذلك فهو يختلف عن الحميات الغذائية التي تحدد كمية السعرات الحرارية الواجب تناولها أو المصادر الغذائية لهذه الحريرات.
يعمد الكثيرون إلى اتباع هذا النظام الغذائي من أجل أهداف متنوعة أهمها خسارة الوزن وزيادة اللياقة والشعور بالخفة والرضى عن الجسد.
في المقال التالي سنذكر بعض النصائح التي تساعدك على البدء بنظام الصيام المتقطع، بالإضافة النتائج الصحية والتأثيرات التي يمكن أن يقدمها للجسم.
 

تعريف الصيام المتقطع ولمحة عامة حوله
يمكن تعريف الصيام المتقطع على أنه نظام غذائي زمني يعتمد على توزيع اليوم بشكل دورات متعاقبة من فترات الصيام والأكل، وهو لا يتطرق إلى كمية أو نوع الأطعمة المتناولة خلال فترة الأكل بل يهتم فقط بتوقيت تناولها.
أكثر أشكال الصيام المتقطع شيوعاً هو تقسيم اليوم إلى 16 ساعة من الصيام المتواصل وجمع الوجبات خلال فترة 8 ساعات، أما الشكل الآخر فيتضمن الصيام لـ 24 ساعة كاملة مرتين في الأسبوع.
تكمن الفوائد الفيزيولوجية للصيام المتقطع في التكيف الذي حدث لجسم الإنسان خلال الملايين من سنوات الجمع والالتقاط والصيد للإنسان البدائي الذي لم يكن قادراً على تأمين مصدر مستمر للطعام في كثير من الأحيان، مما جعل أجسامنا قادرة على التأقلم بشكل جيد مع الانقطاع عن الطعام ليوم أو أكثر.
عرف الإنسان منذ القدم كثيراً من الفوائد الجسدية والنفسية للانقطاع عن الطعام بين حين وآخر، كما أن العديد من الديانات تولي أهمية كبيرة للصيام مثل الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية.
 

animate

نماذج مختلفة لنظام الصوم المتقطع
هناك عدد من الوسائل التي يمكن تطبيق الصوم المتقطع عبرها، تتضمن جميعها تقسيم اليوم أو الأسبوع إلى فترات من الصوم وفترات أخرى من الأكل، فيما يلي أكثر أنظمة الصيام المتقطع شيوعاً:
- طريقة 16/8: تتضمن هذه الطريقة الاستغناء عن وجبة الإفطار، وحصر الوجبات اليومية في فترة 8 ساعات (من الواحدة ظهراً إلى التاسعة مساء على سبيل المثال)، ثم الصيام عن الطعام لمدة 16 ساعة حتى الوجبة التالية.

- طريقة أكل – توقف – أكل (Eat – Stop – Eat): يعتمد هذا النظام على الصيام عن الطعام لمدة 24 ساعة كاملة مرة أو مرتين في الأسبوع، مثلاً الانقطاع عن الطعام منذ عشاء اليوم إلى عشاء اليوم التالي في اليوم المقرر للصيام.

- حمية 5:2: تعتمد هذه الطريقة على تحديد الكمية المستهلكة من السعرات الحرارية إلى 500 إلى 600 حريرة في يومين متباعدين من الأسبوع، أما باقي الأيام فيبقى الوارد الغذائي طبيعياً فيها.

أكثر هذه الطرق شعبية هي الطريقة الأولى (نموذج 16/8) إذ يجد معظم الأشخاص أنها نظام بسيط وسهل الاتباع، يمكن للوسائل السابقة جميعها أن تؤدي إلى خسارة الوزن طالما أنك لا تعوض عن الصيام بتناول كميات إضافية من الطعام خلال فترات السماح بالأكل.
 

كيف يؤثر الصيام المتقطع على الخلايا ومعدل إفراز الهرمونات؟
هناك الكثير من التغيرات التي تحدث على مستوى خلايا الجسم والغدد الصم عند إجراء الصيام المتقطع، إذ يقوم الجسد بتعديل مستوى الهرمونات وتأمين الوصول السريع إلى الأنسجة الشحمية باعتبارها مصدراً احتياطياً للطاقة، فيما يلي بعض التغيرات الحيوية التي تحدث في الجسم أثناء الصيام:
- هرمون النمو البشري (Human Growth Hormone): تزداد مستويات هرمون النمو عند الصيام لتصل إلى 5 أضعاف المستوى الطبيعي، مما يؤدي إلى عدد من الفوائد الصحية أهمها خسارة الدهون واكتساب الكتلة العضلية على سبيل المثال لا الحصر.

- الإنسولين (Insulin): تزداد حساسية الخلايا لهرمون الإنسولين الخافض للسكر خلال الصيام، وتنخفض مستوياته مما يزيد قدرة الجسم على الوصول إلى مخازن الشحوم وحرقها عند الحاجة إلى الطاقة.

- الترميم والإصلاح الخلوي (Cellular Repair): تقوم خلايا الجسم بتنشيط عمليات الإصلاح الخلوي خلال الصيام، خصوصاً عمليات الابتلاع الذاتي التي تهضم فيها الخلايا البروتينات الشاذة وتزيلها من الخلية مما يحمي من الآثار المؤذية الناتجة عن تراكم هذه السموم.
 

يمكن أن يقدم الصوم المتقطع فوائد صحية لا حصر لها، ويساعدنا على الحياة بصحة جيدة لمدة أطول، ومن فوائد الصيام المتقطع نذكر:
- تخفيف الوزن:
وهو الهدف الأول والأساسي لدى الغالبية العظمى من متبعي الصيام المتوقع، وهو ينتج عن مجموعة من الآليات الفيزيولوجية مثل زيادة هرمون النمو وتخفيض الإنسولين كما ذكرنا سابقاً، بالإضافة إلى زيادة معدل الاستقلاب الأساسي (أي العمليات الحيوية التي يتم فيها استهلاك المواد الغذائية وتحويلها إلى طاقة).
إضافة إلى الأسباب السابقة، يبقى السبب الأساسي لخسارة الوزن في الصيام المتقطع هو نقص الكمية الإجمالية للطعام المتناول خلال اليوم بسبب تحديد الفترة التي يسمح ضمنها بالأكل، لذلك ينبغي الحرص على الأكل باعتدال وعدم الإفراط في تناول الطعام خلال فترات الأكل.

- مقاومة الإنسولين: نعلم أن الصيام المتقطع يزيد من حساسية الخلايا على الإنسولين، مما يخفض مستوى السكر بحوالي 3 إلى 6 في المئة، ومستوى الإنسولين في الدم بـ 20 إلى 31 في المئة مما يحمي من الإصابة بالنمط الثاني من الداء السكري.

- الأمراض المزمنة: يمكن أن يؤدي الصيام المتقطع إلى تراجع الوسائط الكيميائية الالتهابية في الجسم، وهي عناصر أساسية في الكثير من الأمراض الالتهابية المزمنة.

- صحة القلب: يؤدي الصيام المتقطع إلى خفض مستويات الشحوم الثلاثية والسكر والكولسترول الضار في الدم، وهي عوامل خطورة هامة للأمراض القلبية بالإضافة إلى مقاومة عمل الإنسولين.

ينبغي علينا الإشارة أن معظم ما ننشره هنا هو معلومات مبدئية تحتاج إلى المزيد من التدقيق والبحث، ذلك لأن الدراسات المتعلقة بالصيام المتقطع ما تزال في مراحلها الأولى. 
 

تأثيرات غير مرغوبة قد تنتج عن الصيام المتقطع
في الواقع يمكننا أن نعتبر أنّ التأثير الجانبي الأهم للصيام المتقطع هو الجوع، كما يمكن أن يشعر الشخص ببعض الضعف والنقص في التركيز خصوصاً في الأيام الأولى لأن الجسم يكون في طور التلاؤم مع البرنامج الزمني الجديد.
قد يكون الصوم المتقطع غير آمن في بعض الحالات المرضية، لذلك ننصحك باستشارة طبيب التغذية قبل البدء بأي نظام غذائي إذا كنت تعاني من أي مما يلي:
- الداء السكري من النمط الأول أو الثاني.
- مشاكل متعلقة بضبط مستويات السكر في الدم.
- انخفاض ضغط الدم.
- تناول الأدوية التي يتغير امتصاصها إذا تم تناولها على الريق.
- نقص الوزن.
- وجود سوابق شخصية من اضطرابات الشهية النفسية.
- إذا كنت سيدة تحاول الإنجاب.
- إذا كنت سيدة مصابة باضطرابات في الدورة الشهرية خصوصاً تأخر الدورة ونقص كمية دم الحيض.
- الحمل والإرضاع.

يمكن اعتبار الصيام المتقطع نظاماً آمناً بشكل عام وهو يملك تاريخاً مشجعاً من الناحية الصحية، لذلك يمكننا القول إن لا شيء يدعو للقلق صحياً من الصوم المتقطع إذا كان الشخص سليماً جسدياً وجيد التغذية بشكل عام.
 

فيما يلي بعض التساؤلات التي يطرحها كثير من الأفراد حول الصيام المتقطع:
- هل يمكنني أن أشرب السوائل خلال الصيام؟
أجل يمكنك ذلك، لا مشكلة في شرب الماء والقهوة والشاي وغيرها من المشروبات غير الكحولية، لكن الأفضل هو شربها من دون سكر أو بكميات قليلة منه، كما أن شرب القهوة مفيد هنا على وجه الخصوص لكونها تثبط الشعور بالجوع عند الصيام.
- أليس تجاوز الفطور أمراً غير صحي؟ هذا الافتراض ليس دقيقاً تماماً، والمشكلة الكبرى هي أن أولئك الذين يتجاهلون وجبة الإفطار ليسوا أشخاصاً مهتمين بصحتهم منذ البداية.
- هل يمكنني تناول المكملات الغذائية خلال فترات الصيام؟ نعم هذا ممكن، تذكر دوماً أن عدداً من المكملات الغذائية (خصوصاً الفيتامينات المنحلة في الدسم وهي A – D – E – K) يتم امتصاصها بشكل أفضل عندما نتناولها مع الوجبات.
- هل يمكنني ممارسة الرياضة خلال فترات الصيام؟ لا مشكلة في ممارسة التمارين الرياضية أثناء فترات الصوم، المهم هو شرب كميات كافية من السوائل من أجل تجنب التجفاف، كما أن بعض الأشخاص ينصحون بتناول المكملات الغذائية الحاوية على الحموض الأمينية الضرورية لبناء البروتينات وتحسين نتائج التمارين.

وفي الختام.. ليس من الواضح حتى اليوم إن كان الصوم المتقطع يملك أفضلية حقيقية بالمقارنة مع غيره من الأنظمة الغذائية والحميات، لكن الدلائل الحالية تشير إلى كونه وسيلة فعالة وآمنة نسبياً لتخفيف الوزن والحصول على فوائد صحية متعددة.