حلول مقاومة التغيير وطرق علاج مشكلة رفض التغيير عند الموظفين

ما هي مشكلة مقاومة التغيير التنظيمي؟ كيف تؤثر مقاومة التغيير لدى الموظفين على أدائهم وعلى استراتيجيات المؤسسة؟ وما هي طرق علاج مقاومة التغيير؟ إليكم أهم النصائح والحلول للتعامل مع مقاومة التغيير لدى الموظفين في المؤسسات والشركات
حلول مقاومة التغيير وطرق علاج مشكلة رفض التغيير عند الموظفين
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

تعتبر مقاومة التغيير واحدة من المشاكل الشائعة والخطيرة التي توجهها جميع المؤسسات بغض النظر عن حجم التغيير أو حجم المؤسسة، وبطبيعة الحال كلما كان التحوّل الذي تسعى إليه الإدارة كبيراً وكلما كان حجم المؤسسة أكبر كلما ازدادت الحاجة لوضع استراتيجية فعالة لإدارة التغيير وعلاج مقاومة التغيير.
في هذا المقال؛ نناقش معاً آثار مقاومة التغيير على أداء الموظفين وعلى تحقيق أهداف الإدارة، ونقدم لكم مجموعة من النصائح والحلول لعلاج مشكلة مقاومة التغيير عند الموظفين.

مقاومة التغيير التنظيمي أو مقاومة التغير في بيئة العمل؛ مصطلح يطلق على ردة فعل الموظفين الفردية أو الجماعية تجاه التغييرات والسياسات الجديدة التي تقرها الإدارة وتعتمدها، وكما أن التغيير أمر حتمي في جميع المؤسسات والشركات فإن مقاومة التغيير أيضاً تكاد تكون رد فعل حتمي إزاء الاستراتيجيات والخطط الجديدة.
في الحقيقة 70% من محاولات التغيير في المؤسسات يكون مصيرها الفشل! حوالي 39% منها يكون السبب الرئيسي في فشلها مقاومة التغيير من قبل الموظفين، هذا يعني أن حالة مقاومة التغيير في العمل ليست حالةً نادرة، وليست أمراً يجب الاستخفاف به! [1]
 وتتنوع أسباب هذه الظاهرة بين ما هو متعلق بإدارة المؤسسة للتغيير وما يتعلق بطبيعة الموظفين أنفسهم وشخصياتهم أو تأثير التغيرات على حياتهم المهنية والاجتماعية، لمعلومات أكثر اقرأ مقالنا عن أسباب مقاومة التغيير لدى الموظفين، فيما سنتعرف أكثر إلى أنواع وآثار مقاومة التغيير وحلول هذه المشكلة من خلال الفقرات القادمة.

animate

تتخذ مقاومة التغيير لدى الموظفين أشكال متنوعة ومختلفة، أبرزها: [2]

  1. مقاومة التغيير الفردية التي يبديها موظف أو أكثر لكن كل على حدة، تقابلها مقاومة التغيير الجماعية حيث يتفق مجموعة من الموظفين على مقاومة التغيير.
  2. مقاومة التغيير العلنية حيث يعبِّر الموظفون عن رفضهم التغييرات الجديدة بشكل صريح وعلني قد يصل إلى الإضراب أو الاستقالة الجماعية، تقابلها مقاومة التغيير السرية حيث يكتفي الموظفون بالضغط السري على الإدارة للتراجع عن التغيير، وأكثر الطرق شيوعاً هي تحطيم أهداف التغيير وإعاقة تطور الاستراتيجية الجديدة.
  3. المقاومة النفسية للتغيير؛ حيث تكون أسباب مقاومة التغيير نفسية بحتة، مثل الخوف من التغيير أو المشاعر السلبية تجاه الإدارة أو الشعور بفقدان الأمان.
  4. مقاومة التغيير الاجتماعية؛ مقاومة التغيير الاجتماعية تتجلى في ضغط الجماعات على الموظفين للتعبير عن الرفض بشكل جماعي حتى وإن كانوا موافقين ضمنياً، وخشية فئة من الموظفين أن يتأثر مركزها الاجتماعي نتيجة التغيرات، ويعتبر تأثير النقابات الشكل الأبرز للمقاومة الاجتماعية للتغيير.
  5. مقاومة التغيير الطبيعية؛ فمقاومة التغيير شرٌّ لا بد منه، وفي حالة المقاومة الطبيعية للتغيير تكون المشكلة الرئيسية هي التكيف مع القوانين الجديدة أو الخطط الجديدة، وعادة ما يكون دور الإدارة الرئيسي هو جعل عملية التكيّف هذه أسهل على الموظفين.

في المؤسسات الكبيرة والتي تعرف مصلحتها يتم تكليف أشخاص مؤهلين لإدارة عمليات التغيير والتحوَّل في الشركة، ذلك أن إدارة التغيير تتطلب معرفة كافية بشؤون الموظفين وحالة الشركة عبر تاريخها، إلى جانب المعرفة العلمية بسلوك الموظف والنفس البشرية عموماً، فدور إدارة التغيير ليس فقط الإعلان عن خطة جديدة؛ وإنما تهيئة الظروف المناسبة في المؤسسة لتسير الخطة الجديدة بسلاسة دون الاصطدام بالاعتراض ومقاومة التغيير.
القصد من ذلك أن الإدارة الحكيمة لا بد أن تتعامل مع مقاومة التغيير كجزء أساسي من الخطة، وبشكل مسبق قبل الإعلان عن التغييرات النهائية، ذلك أن وضع استراتيجية لإدارة عملية التغيير في الشركة يجنب الإدارة الوقوع في مواجهة قد تكون عنيفة ومكلفة مع الموظفين، كما تساعد إدارة التغيير الحكيمة على تحقيق الأهداف المرجوة بكفاءة عالية.

في سبيل تجاوز أزمة مقاومة التغيير على الإدارة الحكيمة أن تتخذ مجموعة من الإجراءات قبل وأثناء  عملية التغيير والتحوّل في المؤسسة، وأبرز حلول مقاومة التغيير في العمل هي:

  1. اقرأ أسباب رفض التغيير وابدأ بضربة استباقية: القاعدة الذهبية في إدارة التغيير هي البدء بضربة استباقية، وذلك من خلال تمهيد الطريق أمام الخطط والأهداف الجديدة، وتهيئة الظروف المناسبة ليمر التغيير بسلاسة، ولا يمكن القيام بهذه الضربة الاستباقية دون فهم دقيق لأسباب مقاومة الموظفين للتغييرات الجديدة، لأن الإجراءات الوقائية التي تتخذها الإدارة تستهدف منع أسباب المقاومة بين الموظفين.
    عندما تعرف الإدارة مثلاً أن جهل الموظفين بأسباب التغيير سبب أساسي من أسباب مقاومته؛ ستعمل على تنظيم اجتماعات مكثفة تشرح أسباب التفكير بالتغيير قبل إقراره، وعندما تدرك الإدارة أن الموظفين القدامى يخشون من فقدان قيمتهم في شركة في حالة تغيير أدوات العمل وأساليبه؛ ستلجأ الإدارة عندها إلى تأهيل الموظفين لاستخدام الأدوات والأساليب الجديدة قبل إقرارها واعتمادها... وهكذا.
  2. اهتم بتفاصيل التنفيذ: في بعض الحالات يدرك الموظفون تماماً أهمية التغيير ونتائجه الجيدة على المستويات المختلفة، لكنهم يقاومون التغيير نتيجة أخطاء إدارة التغيير في تنفيذ الخطة، وسنتوقف في فقرة قادمة مع أكثر أخطاء إدارة التغيير شيوعاً.
  3. شارك الموظفين برسم الخطة: أثبتت الأبحاث أن الإدارة التي تشارك الموظفين في عملية اتخاذ القرارات من خلال الاجتماعات والاستبيانات وسماع الاقتراحات والأفكار هي التي تحقق أعلى معدلات النجاح في التحوُّل والتغيير والخطط الجديدة، فيما تفشل معظم الإدارات التي تتجاهل التشاركية في تحقيق أهداف عملية التغيير. [3]
  4. مشاركة الموظفين لا تعني بطبيعة الحال تحويلهم إلى مدراء! لكن عرض الرغبة بالتغيير على الموظفين تجعلهم أكثر انتماءً إلى بيئة العمل وأكثر حماساً لتحقيق أهداف الاستراتيجية الجديدة، من جهة أخرى فإن لدى الموظفين في المستويات المختلفة أفكار مهمة لا بد أن تستمتع الإدارة إليها، وغالباً ما يكون الموظفون أكثر قدرة على رصد الثغرات الممكنة لأنهم أكثر قرباً من الأمور التنفيذية.
  5. لا تعتمد على وجهة نظرك حول التغيير لأنها تختلف عن وجهات نظر الآخرين! من جهة أخرى أظهرت الأبحاث أن هناك تفاوتاً كبيراً بين المستويات الإدارية المختلفة في نظرتهم إلى عملية التغير، فكلما كان المدير في قمة الهرم كلما اعتقد أن التغيير أمر أبسط وأن الموظفين سيتقبلون التغيير برحابة صدر، وكلما اقترب المدير من الخطوط الأمامية كلما شعر أن الإقناع بالتغيير ليس مهمة سهلة، والموظفون أنفسهم هم أكثر من يعتقد أن التغيير أمر غير مرغوب. [4]
  6. ابحث عن أشخاص مؤهلين لإدارة التغيير: إدارة التغيير ليست نزهة!، بل هي واحدة من أخطر الإجراءات التي تقوم بها الإدارة، خاصة عندما يكون هذا التغيير جذرياً في مسار الشركة أو طريقة عملها وسياساتها، لذلك لا بد من وجود الأشخاص المناسبين لإدارة التغيير والتعامل مع جوانبه المختلفة.
  7. تعرَّف إلى المؤثرين والموهوبين: المدير الناجح يستطيع أن يتعرَّف إلى الأشخاص الأكثر تأثيراً بين الموظفين، ولا بد من طلب مساعدتهم لجعل عملية التغيير تسير على ما يرام، كما لا بد من الاستفادة من الأشخاص الذين يتقبلون التغيير أكثر من غيرهم لينقلوا العدوى إلى الآخرين، وكلما أحسنت الإدارة الاستفادة من المؤثرين والمتطوعين كلما اقتربت من تحقيق الأهداف الجديدة.
  8. التسويق لإيجابيات التغيير: عادة ما يبدي المقاومون للتغيير قدرة استثنائية على تحديد الجوانب السلبية في الخطط والتعليمات الجديدة، ومن واجب الإدارة هنا توضيح الجوانب الإيجابية في عملية التغيير والتي تنعكس على الموظف مباشرةً وعلى المؤسسة ككل، أو حتى إضافة بعض البنود التي لم تكن موجودة في الاستراتيجية الأصلية بهدف تعزيز الجوانب الإيجابية والمفيدة للموظفين.
  9. نظام الحوافز الفعال: قد لا تستطيع الشركة تحمل الأعباء المالية للحوافز المادية؛ لكن الخبر الجيد أن الحوافز التي من شأنها تخفيض مقاومة التغيير ليست بالضرورة مادية، يكفي أن تعمد الإدارة إلى إعلان النتائج الإيجابية المبكرة للتغيير وتسلط الضوء على إنجازات الموظفين في عملية التحول لتشحذ الهمم وتقلل من عوامل ممانعة التغيير.
  10. لا تتجاهل إعادة التأهيل والتدريب: للأسف فإن بعض الإدارات تقوم بفرض تغييرات جذرية على طبيعة العمل متجاهلةً أهمية تدريب الموظفين وتأهيلهم لاستخدام الأدوات والوسائل الجديدة وفهم طبيعة التغيير وتفاصيله، ومن الأفضل دائماً أن يتم تدريب الموظفين وتأهيلهم للتعامل مع التغيرات الجديدة قبل إقرارها، فذلك من شأنه أن يرفع فرص نجاح التغييرات الجديدة وأن يخفض مقاومة التغيير لدى الموظفين.
  11. التغيير بالتدريج: التغيير المفاجئ من الأخطاء الشائعة في إدارة التغيير، وينصح خبراء التخطيط ووضع الاستراتيجيات بالتمهيد للتغيير بشكل جيد، والبدء بالتغيير الجزئي والتدريجي، وفي حالات التحوُّل الجذري في المؤسسة من الأفضل أن تقوم الإدارة بوضع خطة زمنية لإدخال التغييرات تباعاً مع مراقبة آثار هذه التغييرات على أداء الموظفين واستقرارهم.
  12. حل النزاعات بفعالية وسرعة: أخيراً وليس آخراً... النزاعات الداخلية في الشركة أو المؤسسة والتي تنشأ بين المستويات الإدارية أو بين الموظفين والإدارة أو حتى بين الموظفين أنفسهم، وسواء كانت هذه النزاعات ناتجة عن التغيير أو سابقة له؛ فإنها بلا شك تساهم في تعزيز مقاومة التغيير لدى الموظفين، ووضع استراتيجية لحل النزاعات بسرعة وفاعلية إجراء مهم لعلاج مقاومة التغيير وتحقيق أهداف التحوّل.

ذكرنا أن مقاومة التغيير  مسؤولة عن 39% من علميات التغيير الفاشلة في المؤسسات، وبذلك تكون هي السبب الأول لفشل خطط التغيير، لكن الأمر لا ينتهي عند فشل إدارة التغيير بتحقيق أهداف الخطة نفسها، بل يتعدى ذلك إلى أداء الموظفين العام على المدى المتوسط والطويل حتى وإن تراجعت المؤسسة عن التغيير، ومن أبرز الآثار السلبية لمقاومة التغيير: [6]

  1. انخفاض معنويات الموظفين: تحدثنا في مقالنا السابق الذي أشرنا إليه حول منحنى التغيير الكلاسيكي، حيث يمر الموظفون في بداية التغيير بحالة من الإنكار والصدمة، ثم الغضب والإحباط، وأخيراً التقبل والتأقلم، لكن انخفاض معنويات الموظفين نتيجة سياسة التغيير الخاطئة قد يجعل الوصول إلى التقبل والتكامل مع التغيرات أمراً بعيد المنال!
  2. انخفاض أداء وكفاءة الموظفين: هناك أنماط عديدة من الموظفين، منهم من يعمل فقط ليتقاضى الراتب، منهم من يشعر بانتماء إلى مهنته، منهم من يشعر بانتماء إلى الشركة، ومنهم من يحاول تحقيق مجده الشخصي من خلال الاجتهاد بالعمل؛ لكنهم جميعاً يتأثرون سلبياً بمقاومة التغيير، حيث تعمل مقاومة التغيير على إحباط الحوافز لدى الموظفين وفقدانهم التركيز والرغبة بتحقيق أهداف العمل والقيام بمهامه.
  3. النشاط التخريبي ومقاومة التغيير: تحت تأثير مقاومة التغيير يقوم الموظفون بأنشطة تخريبية سرية أو حتى علنية، فردية أو جماعية، خاصة في حال كانت مقاومة التغيير متعلقة بشعور الموظف أنه في خطر، أو كانت ردّةَ فعلٍ على نزاعات داخلية بين الفئات والمستويات المختلفة.
    وقد تتمثل الأنشطة التخريبية بعرقلة عملية التغيير نفسها، أو بعرقلة أداء الشركة عموماً، أو حتى بإتلاف ممتلكات الشركة أو إفشاء بياناتها السرية وما هو أخطر من ذلك أيضاً.

إذا كنا قد اتفقنا أن مقاومة التغيير شرٌّ لا بد منه والمهم هو استباق هذه الظاهرة والتعامل معها بحكمة؛ فهذا يعني أن الأخطاء التي تقوم بها الإدارة أثناء التخطيط للتغيير وتنفيذه هي المشكلة الأساسية، وإليكم الأخطاء الأكثر شيوعاً في إدارة التغيير:

  • الانفراد التام بالتخطيط للتغيير ومحاولة وضع الموظفين تحت الأمر الواقع.
  • التنفيذ التعسفي لخطة التغيير من خلال معاقبة من يرفضون التغيير.
  • وضع أهداف غير واقعية للتغيير.
  • تجاهل أسباب مقاومة التغيير والعوامل المؤثرة بقبول الموظفين لقرارات الإدارة.
  • التغيير المفاجئ دون تمهيد أو تجزئة.
  • تجاهل عامل الوقت في فرض التغييرات ووضع خطة زمنية غير واقعية.
  • عدم الاستفادة من الصدى الراجع وعدم متابعة آثار التغييرات على بيئة العمل.
  •  التراجع عن التغيير بدلاً من علاج مقاومة التغيير، وهذه النقطة بالغة الأهمية، لأنها تجعل الموظفين أكثر استخفافاً بعمليات التغيير المقبلة، وأقل ثقة بحكمة الإدارة.
  • التغيير غير الهادف، فمقاومة التغيير تراكمية، حيث يحتفظ الموظفون بتاريخ التغييرات التي تطرأ عليهم وبينون موقفهم من التغييرات المقبلة بناء على ذلك، وعندما يجدون أن التغيير غير هادف أو أنه مجرد شكل من أشكال نزاعات المديرين؛ سيكونون أكثر مقاومة للتغيير بطبيعة الحال. [7]

أخيراً... على الرغم من الأهمية القصوى لإدخال تعديلات وتغييرات مستمرة في عالم الأعمال حفاظاً على مستوى المؤسسة ومكانها في السوق، لكن عملية التغيير هذه لا يمكن أن تكون ناجحة في ظل وجود مقاومة من قبل الموظفين المعنيين بشكل أساسي بتنفيذ الخطط، لذلك يعتبر التعامل مع مقاومة التغيير الجزء الأهم من إدارة التغيير.

المراجع