التخلص من هوس الأبراج والاهتمام الزائد بها
ظاهرة الأبراج وقراءة الطالع والتنجيم ليست بجديدة فهي منتشرة منذ آلاف السنين وفي معظم دول العالم ويتجدد الاهتمام بها مع بداية كل سنة، فتحتل كتب الأبراج وتوقعات الفلك شاشات التلفزة وواجهات المكتبات، في حقيقة الأمر يمكن أن يتجاوز الموضوع حد التسلية بمراحل، وقد يجر صاحبه إلى عالم الهوس والإدمان عليها ويقوده للإصابة بالأمراض والاضطرابات النفسية، في هذه المقالة سنتناول أسباب الهوس بالأبراج وتأثيرها وكيفية التخلص من هوس الأبراج.
إن محاولة معرفة الغيب وما سيحدث في المستقبل والبحث عما تخبئه الأيام القادمة عن طريق قراءة الأبراج والكف والفنجان وتصديقها والايمان بها، بات منتشراً كثيراً هذه الأيام وخصوصاً بين النساء وتكون في بداية الأمر نوعاً من الفضول وحب الاسكتشاف أو التسلية ولكنها للأسف تتحول مع الوقت إلى إدمان وهوس، وتعود ظاهرة الهوس بالأبراج نتيجة لعدة أسباب نذكر منها: [2،1]
- يحدث هوس الأبراج نتيجة تأثير بارنوم: المعروف أيضاً باسم تأثير فورير، وهي ظاهرة تحدث عندما يعتقد الأفراد أن أوصاف الشخصية تنطبق عليهم تحديداً أكثر من الأشخاص الآخرين، رغم أن الوصف عام وينطبق على الجميع، ويظن هؤلاء أن المعلومات تتعلق بهم فقط، وحتى لو كانت الأوصاف غامضة، فإنهم يميلون إلى استخدام تفسيراتهم الخاصة لملء الفجوات. يعمل تأثير بارنوم بشكل أفضل مع العبارات الإيجابية، ويقل احتمال تصديق الناس للتوقعات والأوصاف عندما تكون سلبية لذلك غالباً يقابل شيء إيجابي العبارات السلبية لإنهاء الجملة، ويستفيد المنجمون و(عالموا) الفلك والأبراج، والسحرة، وقراء الفنجان، ومراقبو الكرة الكريستالية؛ من تأثير بارنوم.. وذلك لإقناع الناس بأن توقعاتهم، خاصة للغاية وفريدة من نوعها ولا يمكن أن تنطبق على أي شخص آخر.
- الأشخاص ذوي الشخصية الاكتئابية: فهم أكثر من يعاني الهوس بالأبراج ويهتمون ويتأثرون بها أكثر من غيرهم، لأنهم أصلاً يعانون من التوتر والقلق والخوف من المستقبل ويمتازون بحساسية عالية، لدرجة أنهم يمكن أن يربطوا حياتهم اليومية بما يقوله الفنجان لهم أو ما تنبئهم به الأبراج.
- أسباب اجتماعية نتيجة للتأثر بالثقافات الأخرى: وانتقال الإيمان بها من جنسيات وبيئات مختلفة، بحيث تنتقل ثقافة سيدة تقرأ الفنجان والأبراج إلى سيدة أخرى لم تكن تعرف ذلك ولم يكن من عاداتها، وتصبح مثل جارتها تبدأ يومها بالقهوة وقراءة الفنجان، أو نتيجة متابعتها اليومية عبر وسائل الإعلام ضمن برامجها.
- نتيجة لحب الاكتشاف والفضول: ولا يرتبط في الغالب الهوس بالأبراج وقراءة الأبراج بمستوى التعليم العالي أو الثقافة التي لا تمنع من متابعة قراءة الطالع والفنجان والأبراج.
- توفر الأبراج إحساساً بالراحة: يمكن أن تكون قراءة الأبراج مريحة لبعض الناس حيث تميل الأبراج إلى التحيز تجاه الأشياء الإيجابية ولا تتوقع الأبراج الكثير من الأمور السلبية، لذلك يمكن أن يدمن عليها الناس بسرعة.
- الشعور بالسيطرة: يكون الناس أكثر عرضة لقراءة الأبراج خلال أوقات التغيير أو الصدمات الشخصية ونتيجة لرغبتهم في استعادة السيطرة والتحكم بحياتهم.
الهوس يختلف عن الإدمان الذي يسبب للشخص عدم الشعور بالرضا إلا إذا تعاطى ما يدمنه، أن تكون مهووساً بالأبراج هو أمر شبيه بأن ترى العالم من خلال نفق، حيث أنك تفقد القدرة على عيش حياتك أو الاهتمام بأي شيء بعيداً عن هوسك.
ستكون قراءة الأبراج ومتابعتها جزءاً أساسياً من روتينك اليومي، والتخلُّص من هوسك بالأبراج ليس بالمهمة البسيطة، لكن ما إن تتعلم كيف تتوقف عن تغذية هذا الهوس وتحوّل طاقتك لأشياء واهتمامات جديدة، سيكون بإمكانك التحرر منه.
وإليكم أهم الخطوات للتحكم في هوسك بالأبراج حتى لا يبقى الهوس متحكماً بأفكارك وتصرَّفاتك: [5]
- ابتعد عن مصدر هوسك: عندما تكون مهووساً بالأبراج، يمكن لقربك الشديد من مصادر كانت تزودك بتوقعات الأبراج كالبرامج التلفزيونية أو أقنية اليوتيوب أن تجعل من المستحيل عليك التفكير بأي شيء آخر. وسيساعدك غالباً وضع مسافة مادية بينك وبين المصادر التي تغذي هوسك بالأبراج على اكتساب مسافة عقلية أيضاً.
الأمر صعب في البداية، لكنك ستبدأ بعد فترة قصيرة بالشعور أن هوسك بالأبراج يخف ويضعف شيئاً فشيئاً، اشغل وقتك ونفسك بأشياء أخرى غير التوقعات والأبراج، تابع برامج تلفزيونية جديدة بعيداً عن الأبراج، أو مارس هواية جديدة حتى تجد طريقة لتتخطى هوسك وتجد شيئاً بديلاً. - توقف عن تغذية الهوس: متابعة الأبراج والهوس بتوقعاتها يعمل على منحك إحساساً بالسعادة والأمان والسيطرة، لهذا يعتبر تغيّر عاداتك المرتبطة بها صعباً للغاية، و لكي تكسِر هوسك بتوقعات الأبراج، عليك أن تُجوّعه، توقف عن التحدث عن توقعات الأبراج مع أصدقائك، والاطلاع على تحديثاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات اليوتيوب والبرامج التلفزيونية.
إن أردت أن تتخلص من هوسك، عليك أن تُجبر نفسك على ذلك، أحياناً يكون الأمر صعباً للغاية ويستمر تفكيرك بهوسك مهما ابتعدت عمّا يغذيه، ومهما حاولت عندها لا تيأس وأصبر فما زال بإمكانك أن تتغلب على هوسك، كل ما في الأمر أنك ستستغرق وقتاً أطول. - شتت نفسك عن أفكارك الهوسية: تذكّر السبب وراء محاولتك التخلص من هوسك بالأبراج حتى تتمكن من رؤية ما هو أبعد من هذا الهوس وتتمتع بالحياة، وليكن لديك عدّة مُلهيات محببة لك، حيث يمكنك اللجوء إليها عندما تخطر لك أي أفكار تتعلق بالأبراج، فلا تعود إلى هذه الدوامة مرة ثانية؛ كإلهاء نفسك بالرياضة أو قراءة الكتب ومشاهدة الأفلام، وأختر مواضيع بعيدة كلياً عن الأبراج وتوقعاتها.
- ركز على أشياء قمت بإهمالها على حساب هوسك بالأبراج: ما إن تبدأ بقضاء وقتك في عمل أشياء أخرى غير الاهتمام بالأبراج وتوقعاتها، لن يتبقى لديك الكثير من الوقت للتفكير في هوسك، ويمكنك إصلاح علاقات اجتماعية مع أسرتك وأصدقائك أيضاً، وستجد أن لديهم أفكاراً مثيرة للاهتمام ومشاكل ودراما تجعلك تندمج معها وتنشغل عن الأبراج، ويرى آخرون أن الانغماس في العمل يمكن أن يساعد، ومهما كان عملك اعطه أفضل ما عندك.
- تعلم أن تعيش اللحظة: تعلّم أن تكون مثابراً باستمرار، بدلاً من التفكير في المستقبل، أشرِك حواسك كلها وأشعر بشكل حقيقي بكل ما يحدث من حولك، ماذا تشم وترى وتسمع وتتذوق في هذه اللحظة، لاحظ ما يحدث أمامك بدلاً من التفكير في المستقبل والخوف منه.
- أعد تشكيل حياتك: إذا سئمت من هوسك بالأبراج الذي يسيطر على أفكارك وعاداتك، استعد السيطرة على حياتك من خلال عمل بعض التغييرات الشخصية، اختر شيئاً في حياتك يعتبر رمزاً يمثل هوسك ثم افعل شيئاً تجاهه يمكن أن يجعلك تشعر بالتغير والتجدد، فإذا كنت تمضي كل وقتك على الإنترنت وأنت تتصفح الأبراج وتوقعاتها مراراً وتكراراً، حان الوقت إذاً لتغيير ديكور غرفتك تماماً، أعد ترتيب الأثاث وقم بتزيين الغرفة بصور جديدة وتخلّص من أي شيء يمكن أن يذكرك بما ترغب نسيانه، وأحط نفسك بأشياء تذكرك بأنك تتقدم نحو الأمام.
تعتبر الأبراج بالنسبة لبعض الناس، مصدراً للمتعة غير الضارّة، وهي للترفيه فقط، فهم يقرؤونها ولكن لا يتابعونها بشكل دائم، ولا تؤثر على مجريات يومهم، ولكن عند الكثيرين أصبحت قراءة الأبراج ومتابعتها هوساً وإدماناً، مما يتسبب لهم بالكثير من المشاكل، إليكم بعض من سلبيات الهوس بالأبراج: [4،3]
- وهم السيطرة: معظم الأشخاص الذين يقرأون أبراجهم بانتظام يبحثون عن التوجيه وليس الراحة، فهم يبحثون عن معلومات عن أنفسهم أو ما يجب عليهم فعله، حيث يمكن للأبراج أن تخلق لمن يتابعها وهم التحكم والسيطرة على الحياة من خلال التلميح غير المباشر وحتى الغامض، فتوحي لهم بالقرارات التي يجب اتخاذها أو ما سيحدث لهم في المستقبل القريب.
- هوس الأبراج يمنع النمو الشخصي: سوء كان هدف الشخص الذي يتابع الأبراج البحث عن الحب أو إدارة ميزانيته المالية أو إذا كان يعاني من مشاكل صحية؛ فالأبراج ستسبب له الكثير من المشاكل، إذا كان لها تأثير كبير على سلوكه واتخاذه لقراراته، لأن المعلومات التي يحصل عليها الناس من الأبراج عشوائية في الغالب، والاعتماد عليها خلال الأوقات الصعبة يمكن أن يمنع النمو الشخصي من خلال التدخل في قدرته على اتخاذ قرارات حكيمة.
- إضاعة الوقت: من الأفضل أن يصرف الشخص الوقت الذي يقضيه في قراءة الأبراج على أمور ذات أثر حقيقي في تحسين حياته وتنمية شخصيته، فلا يوجد شيء يزيد الخبرة أكثر من الممارسة.
إن هوس الأبراج والسعي لمعرفة الغيب وما سيأتي به المستقبل، واعتقاد البعض بأنها حقيقية، يمكن أن يأتي حباً في تقليد الآخرين ونتيجة للموضة السائدة، وعندما تؤكد إحدى السيدات أن كل ما قيل لها في الأبراج أو في قراءة الفنجان قد تحقق، وأنها نالت المال والثروة التي توقعتها لها الأبراج وإن كل ما قيل لها قد حدث بالفعل؛ يمكن أن يدفع بصديقاتها والمحيطين بها لاتباع نفس التجربة بدافع الفضول أو نتيجة الفراغ.
وقد ساعد تبني وسائل الإعلام بكل أشكالها للأبراج ومن يدّعون أنهم (علماء) أخبار النجوم للفلك، وظهورهم المستمر على الشاشات؛ إلى انتشار هذه الموضة. [4،2]
يكون الهوس بالأبراج مشكلة عندما يبدأ بامتصاص كل وقتك وطاقتك ولا يترك لك الوقت للاستمتاع بالأشياء الأخرى، وأنت وحدك الذي يمكنه تقدير ذلك، إذا كنت ببساطة غير قادر على التحكم في هوسك بالأبراج وسبب لك الأذى ومنعك من عيش الحياة، فلا تتردد عندها من الحصول على مساعدة نفسية متخصصة.