أعراض متلازمة توريت Tourette Syndrome وطرق علاجها

متلازمة توريت (Tourette Syndrome) هي متلازمة نادرة تحدث بسبب وجود خلل في الجزء المسؤول عن التحكم بالقدرات الحركية في الدماغ في العقدة القاعدية، ينتج عنه خلل في عمل النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين والنوربينفرين التي تنقل النبضات العصبية من الدماغ لباقي أجزاء الجسم، يتسبب هذا الخلل بحركات جسدية غير إرادية مترافقة مع أصوات غريبة لا يمكن السيطرة عليها، بالإضافة إلى تشنجات عضلية لا إرادية متقطعة ومفاجئة لعدد من العضلات.
ويعتبر السبب الدقيق للإصابة بهذه المتلازمة غير معروف ولكن معظم الأطباء يفسرون متلازمة توريت على أنها خلل جيني وراثي. [1-2-3]

تتمثل أعراض متلازمة توريت بمجموعة من الحركات اللاإرادية التي تنقسم إلى تشنجات جسدية وتعابير صوتية خارجة عن الإرادة، ويبدأ ظهور أعراض متلازمة توريت بين عمر 3 إلى 10 سنوات عادةً، ولا تكون الأعراض متماثلة لدى جميع المصابين حيث تختلف حدة هذه الأعراض بين مريض وآخر كما تزداد شدة الأعراض عند الشعور بالقلق والتوتر والخوف.

أهم أعراض متلازمة توريت (TS)

• إصدار أصوات لا إرادية أثناء الكلام مثل الشخير أو الشهيق أو النباح.
• إطلاق أصوات مفاجئة حادة وعالية.
• تكرار الكلمات وتكرار ما يسمعه المريض.
• إصدار صفير لا إرادي.
• رمشة العين المستمرة والتي غالباً ما تترافق مع تشنجات أخرى في حركة الرأس أو عضلات الوجه.
• هز الكتفين وترنح الساعدين.
• لمس الأشخاص باستمرار
• التكشير وتحريك الأنف.
• القفز وتغيير وضعيات الحركة دون إرادة.
• اهتزاز الرأس أو أحد الأطراف باستمرار

تصنيف أعراض متلازمة توريت الصوتية والحركية

لا يوجد اختبار نوعي كافي لتشخيص وكشف متلازمة توريت بدقة أو بشكل مبكر، ويعتمد الأطباء في تشخيص المتلازمة على مراقبة تكرار الأعراض لمدة عام على الأقل بعد إجراء الفحوصات الطبية التي تنفي الأمراض العصبية الأخرى مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، وبعد نفي الأمراض العضوية الأخرى تتم إحالة المريض إلى طبيب مختص في الأعصاب للإشراف على العلاج. [1-3]

يعود علاج متلازمة توريت إلى الأعراض التي تظهر على المريض حيث أنها تختلف بين مريض وآخر، فهناك العديد من الأعراض التي لا تحتاج إلى علاج وبعض الحالات الأخرى تحتاج إلى مساعدة طبية للحد من الأعراض خاصة أولئك الذين يعانون من أعراض حركية لا إرادية ويكون العلاج على الشكل التالي: [1-2]

العلاج السلوكي لمتلازمة توريت

يتم العلاج السلوكي عادةً بإشراف أخصائي نفسي عصبي ويكون الهدف من العلاج هو التقليل من التشنجات اللاإرادية عن طريق التدرب على القيام بعكس التشنج اللاإرادي عن طريق بعض التمارين التي تعمل على تقوية الأعصاب وزيادة القدرة على التحكم بالعضلات.
كما يتم التدريب على منع الاستجابة بمعنى زيادة مقاومة المريض عند شعوره بأنه سوف يقوم بحركات لاإرادية ومحاولة منع هذا الشعور وعدم الاستجابة له، ويكون الأمر صعب في بداية العلاج ولكن مع التدريب تطول فترة المقاومة قبل أن يفقد المريض السيطرة على حركاته، بالإضافة إلى استخدام طرق العلاج النفسي مثل تمارين التنفس العميق والتنويم المغناطيسي وتقنيات الاسترخاء.

أدوية علاج متلازمة توريت

في معظم الحالات لا يكون هنالك حاجة للعلاج الدوائي حيث تتم السيطرة على الأعراض بالعلاج السلوكي مع التقدم في العمر، ولكن عند ظهور بعض المضاعفات التي تعيق الشخص من ممارسة حياته الطبيعية قد يصف الأطباء بعض مضادات الذهان مثل هالوبيريدول وريسبيريدون، حيث تعمل هذه الأدوية على تثبيط مستقبلات الناقل العصبي الدوبامين في الدماغ لأن الخلل في عمل النواقل العصبية هو السبب في حدوث المتلازمة كما ذكرنا سابقاً، وعند تثبيط مستقبلاته سوف تقل حدة التشنجات اللاإرادية ولكن ينتج عن هذه الأدوية بعض الآثار الجانبية كالتشوش الذهني وزيادة الوزن، كما يمكن العلاج بمضادات الاكتئاب التي تخفف من الاضطرابات النفسية مثل فلوكستين وباروكستين وسيرترالين.

• اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD: اضطراب فرط الحركة هو اضطراب عصبي تتم ملاحظته عادة في مرحلة الطفولة ويستمر حتى البلوغ، ويمكن أن يتطور لدى الأطفال المصابين بمتلازمة توريت ويكون أحد مضاعفات المتلازمة، حيث أن الحركات اللاإرادية التي يقوم بها الأطفال المصابين بهذه المتلازمة تؤدي إلى اضطراب ADHD وتظهر على شكل تشتت في الانتباه وعدم التركيز وصعوبة البقاء بشكل هادئ لفترات طويلة، والتحدث بشكل سريع مع عدم الانتباه إلى كلام الآخرين ومقاطعتهم، وغيره العديد من الأعراض الأخرى التي تترافق مع أعراض المتلازمة نفسها.
• اضطرابات الوسواس القهري: من مضاعفات الإصابة بمتلازمة توريت أيضاً هي الإصابة باضطرابات الوسواس القهري فالمصاب بمتلازمة توريت يقوم بتكرار عدة سلوكيات بشكل لا إرادي ومع الوقت قد يتحول لهاجس ووسواس نفسي يتكرر لدى المريض مما يخلق لديه شعور بالخوف من الأشياء ومن الأصوات ومن الأشخاص.
  وتتمثل أعراض هذا الاضطراب بالخوف المبالغ فيه من الجراثيم أو من المرض أو من أي شيء يجعل المريض يكرر نفس الأفعال دون ثقة بأنه قد فعلها، فمثلاً قد يغسل يديه عشرات المرات ويشعر أنها غير نظيفة، وقد يغلق الموقد لعدة مرات دون أن يصدق بأنه أطفأه، أو تكون المخاوف من قول شيء مسيء أو مخاوف من إيذاء النفس أو الحاق الأذى بالآخرين وغيره من الأعراض التي تشخص من قبل أخصائيين في الطب النفسي.
• اضطراب سلوكية: إن الإصابة بمتلازمة توريت تجعل الأشخاص دائمي التفكير والخوف من أفعالهم وأقوالهم نتيجة تكرار أعراض المتلازمة بشكل غير قابل للسيطرة خاصة في حال عدم الوصول للتشخيص الدقيق وتأخر التدخل العلاجي، وهذا قد يعرض المصابين بمتلازمة توريت للعديد من المواقف المحرجة في المجتمع وقد يمنعهم من تحقيق أحلامهم دراسياً أو عملياً.
  ومع الوقت قد ينتج عن المتلازمة اضطرابات في النوم وقد يصبحوا أشخاص عدوانين نتيجة عدم قدرتهم على التحكم بغضبهم، وقد تتغير سلوكياتهم فقد يبتعدوا عن المجتمع ويفضلوا العزلة لوحدهم، ولكن تختلف درجة الوصول لهذه المضاعفات حسب نوع الأعراض التي يشعر بها المريض بالإضافة إلى مدى قدرة المريض بالالتزام بالعلاج من أجل التحكم بهذه الأعراض.
• إضرابات في المزاج: من المضاعفات الشائعة إلى حد ما للإصابة بمتلازمة توريت هي تعرض المريض لاضطرابات مزاجية نتيجة عدم قدرته على التحكم بأعراض المتلازمة فقد يكون في حالة طبيعية كاملة ثم تظهر لديه أحد الأعراض بشكل مفاجئ وتكرار هذه المواقف أمام الناس يجعل المريض يدخل باضطرابات مزاجية سيئة.
• صعوبة في التعلم: إن ظهور بعض أعراض المتلازمة وخاصة الأعراض الحركية اللاإرادية في أعمار صغيرة يعيق الطفل عن مواصلة تعليمه بشكل سليم، فمن جهة أولى خوف الطفل من معاملة أصدقائه ومدرسيه معه لأن ظهور بعض الأعراض المفاجئة لديه كتقليد أصوات الحيوانات قد تعرضه للتنمر مما يؤدي إلى رد فعل سلبي يجعله يكره المدرسة.
  ومن جهة أخرى الاضطرابات الحركية التي تحدث مع الطفل قد تجعله غير قادر على الحفظ والمذاكرة بشكل جيد كما هو مطلوب منه مما يجعل الطفل يجد صعوبة في التعلم ويحتاج إلى مدراس خاصة في بعض الأحيان، وهذه الصعوبات لا تكون معممة ففي حال كانت الأعراض التي تظهر لدى الطفل بسيطة ولا تعيق قدرته على التعليم مع تفهم ووعي وملاحقة من الأهل تمر سنوات الطفل الدراسية دون أي صعوبات.
• صعوبات اجتماعية: يعاني المصابون من متلازمة توريت من صعوبات اجتماعية نتيجة التنمر وعدم القدرة على استيعاب مرضهم من محيطهم الاجتماعي، غالباً ما يحتاج مرضى متلازمة توريت لتطوير مهارات اجتماعية خاصة لمواجهة التنمر أو الأسئلة المحرجة في حياتهم اليومية.

هنالك بعض الأسئلة والاستفسارات التي تم جمعها حول متلازمة توريت، وسوف تتم الإجابة على جميع هذه الاستفسارات:

• هل يمكن الشفاء من متلازمة توريت؟ لا يوجد شفاء نهائي من متلازمة توريت، ويهدف العلاج بشكل رئيسي إلى الحد من ظهور الأعراض التي تعيق المريض من ممارسة حياته اليومية الطبيعية، وزيادة القدرة على التحكم بهذه الأعراض حيث أن الأساس في العلاج هو العلاج السلوكي وليس الدوائي.
• هل يصاب الكبار بمتلازمة توريت؟ نعم يمكن أن يصاب كبار السن بمتلازمة توريت فقد يكونوا مصابين منذ صغرهم ولم يلاحظوا الأعراض أو لم يتعرضوا لتشخيص دقيق، ولكن تكون شدة الأعراض لديهم أخف بكثير من الأطفال وتكون القدرة على التحكم فيها أكبر.
• متلازمة توريت متى تظهر؟ عادةً ما تظهر أعراض متلازمة توريت في عمر صغير خلال السنوات الأولى من عمر الطفل وتستمر مع مرور الوقت مع ازدياد قدرة الشخص على التحكم بالأعراض.
• هل متلازمة توريت وراثية؟ السبب الدقيق لمتلازمة توريت غير معروف ولكن السبب الوراثي هو السبب الأشيع حسب تشخيص الأطباء فالخلل المؤدي لهذه المتلازمة هو خلل وراثي جيني وقد تنتقل المورثات إلى الأطفال.
• هل متلازمة توريت خطيرة؟ لا تعد متلازمة توريت من المتلازمات الخطيرة التي ينتج عنها مضاعفات مهددة للحياة وإنما هي عبارة عن ظهور بعض الأعراض غير المرغوبة والتي يمكن التحكم بها إلى حد ما بالعلاج وتخف حدة الأعراض مع التقدم بالعمر.

يعتبر الفيلم الهندي هيتشكي Hichki واحداً من أهم الأعمال الفنية التي ناقشت معاناة مرضى متلازمة توريت، اسم الفلم مستمد من الصوت اللاإرادي الذي تصدره البطلة، وفي فتاة تحاول أن تجد عملاً في التدريس في تخصصها لكنها تواجه الرفض بسبب الأصوات والحركات التي تصدرها بسبب متلازمة توريت، حتى تضطر إحدى المدارس لتعيينها بسبب حاجتها لمدرس، وتضعها في صف من المشاغبين والطلاب المهمشين، وفي إطار كوميدي درامي تدور أحداث الفلم لتصف معاناة الفتاة مع الطلاب وتنمرهم عليها.