بحث عن الضرب في المدارس وهل يجب إعادة العصا للمعلم!

هل سمعت عن حملة أعيدوا العصا للمعلم! تعرف إلى أضرار الضرب في المدارس ولماذا تم منعه وهل له أية فوائد
بحث عن الضرب في المدارس وهل يجب إعادة العصا للمعلم!

بحث عن الضرب في المدارس وهل يجب إعادة العصا للمعلم!

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

منع الضرب في المدراس لا يرتبط بفاعلية الضرب التربوية أو النقاش حول أهمية وفوائد الضرب بضبط سلوك التلاميذ من عدمها، بل يرتبط بحالة من الوعي العالمي الإنساني بمخاطر العنف ضد الأطفال بمختلف أشكاله، وبما أن الأطفال يقضون ثلث يومهم على الأقل في المدرسة فلا بد أن تكون المدارس مكاناً آمناً يحميهم من الخطر وليس مكاناً للضرب والإهانة وفي بعض الحالات التعذيب!

تم منع الضرب في المدارس بناءً في توجه عالمي لمكافحة العنف ضد الأطفال بمختلف أشكاله وأهدافه، وانضمت معظم الدول العربية تباعاً لوضع قوانين صارمة تمنع الضرب والتعنيف في المدارس بشكلٍ نهائي، كما أثبتت المنظومة التعليمية في العديد من الدول أنها قادرة على لعب دورها التربوي والتعليمي دون اللجوء للضرب والعنف، إضافة لازدياد الوعي والمعرفة حول أضرار الضرب في المدارس وتأثيره على حالة الطلاب النفسية وتحصيلهم العلمي، وتأثيره على المجتمع ككل في المستقبل.

ويجب أن يتذكر مؤيدو الضرب في المدارس أنه من غير الممكن وضع معيار واضح أو ثابت لدرجة الضرب أو الحالات التي يكون فيها مباحاً والتي لا يكون فيها كذلك، فعندما يكون الضرب مسموحاً -بل ومطلوباً- في المدراس لن يتمكن أحد من توقّع نتائجه البدنية المباشرة أو آثاره النفسية على الأطفال.

animate
  1. الأذى الجسدي المباشر: في بعض الحالات تسبب استخدام الضرب والعنف في المدارس بإعاقات مستديمة للطلاب وأضرار جسدية بالغة قد تنتهي بفقدان الطالب لحياته! وبما أن المعلمين ليسوا على نفس القدر من الانضباط أو السوية النفسية فكان لا بد من وضع قانون مانع شامل يوقف أي احتمال لتعرض الطلاب في المدارس للأذى الجسدي.
  2. التأثير النفسي للضرب على الطلاب: سلوك الضرب في المدرسة يسبب للتلميذ الحرج والخوف والشعور بالانكسار أمام زملائه وأمام نفسه، وغالباً ما ينعكس ذلك على ثقة الطالب بنفسه واستقراره النفسي، بل أن الضرب في المدرسة قد يكون سبباً مباشراً للاضطرابات النفسية المرتبطة بإساءة المعاملة في الطفولة، منها تطوير الشخصية المعادية للمجتمع وأنواع الرهاب والفوبيا وغيرها.
  3. نفور الطالب من المدرسة: حب الطفل للمدرسة ورغبته بالدراسة والحافز للاستمرار والنجاح فيها، والضرب خاصة في المرحلة العمرية المبكرة قد يسبب خوف التلميذ من المعلم والخوف من الذهاب للمدرسة، التي يرى فيها مكاناً لحجز الحرية والعقوبات والخوف، وبالتالي يصبح لديه نفور من المدرسة ما يؤثر على معظم مراحل مسيرته التعليمية، وقد يؤدي لاحقاً لتسربه من المدرسة والهروب منها إذا لم تتم معالجة هذا الأمر.
  4. تنمية السلوك العدواني عند الطلاب: العدوان غالباً ما يؤدي لتعلم العدوان، فاللجوء للضرب في المدارس قد يولّد مشاعر الحقد والكره عند الطلاب تجاه المعلمين، ثم تتطور هذه المشاعر لسلوك عدواني تجاه أقرانه كنوع من تفريغ الشحنة العاطفية الناتجة عن تعرضه للتعنيف، أو تجاه معلمه من خلال محاولة إيذائه كنوع من الانتقام، أو تجاه المجتمع الذي تسامح مع تعرض الطالب للضرب والإهانة.
  5. إفساد العلاقة بين الطالب والمعلم: حب الطالب للمعلم وإعجابه به قد يكون له الفضل في نجاح الطالب وأداء واجباته المدرسية والتركيز والانتباه خلال الدرس، وقيام المعلم بضرب الطالب من شأنه أن يوتر العلاقة معه وينمي لديه مشاعر نفور وكره أحياناً، وبالتالي يفقد المعلم فرصة بناء علاقة جيدة مع الطالب تساعده في تحقيق نتائج تربوية وتعليمية مرغوبة.
  6. تراجع التفكير الإبداعي: ينتج التفكير الإبداعي عن فهم وتركيز الطالب في الدروس التي يتلقاها، بالإضافة لمحبته ورغبته في تحصيل كم أكبر من المعلومات، وتنمية التفكير الحر لديه ليبدع في مجال معين، ولكن التعامل بعنف معه سوف يؤدي غالباً لغياب هذه الشروط وبالتالي تراجع التفكير الإبداعي عند الطالب، وتنمية ذهنية (أنا أقوم بما يجب لأني مجبر حتى لا أتعرض للضرب والعقاب)
  7. التراجع الأكاديمي: الخوف الذي يسببه الضرب للطالب يؤدي لفقدان تركيزه، فأحياناً يكون الطالب لديه القدرة والإمكانات وقام بأداء جميع واجباته المدرسية، ولكن خوفه من المعلم والعقوبة، أو خوفه من الرسوب بالامتحان والتعرض أيضاً للعقوبة، يؤدي لارتباكه وتلعثمه وبالتالي عدم تركيزه وفقدان المعلومات التي كانت فعلاً لديه، وهذا يسبب التراجع في المستوى الدراسي لدى الكثير من الطلاب.
  1. العقوبات التعليمية: يمكن استخدام بعض العقوبات التعليمية، التي تكون على شكل مهام تعليمية حسب مرحلة الطفل، مثل كتابة حرف معين بشكل صحيح عدة مرات، أو عدم السماح باللعب حتى يتمكن الطالب من حل مسألة معينة مع تقديم الشرح الكافي من قبل المعلم، والعديد غيرها من الخيارات وهذه الطريقة تفيد من ناحية في معاقبة الطالب بطريقة غير مؤذية لتحسين أداءه وسلوكه، ومن ناحية أخرى تفيد في تعلم مهارة أو اتقان كتابة حرف أو كلمة معينة.
  2. تنمية الحافز والدافعية لدى الطلاب: كما تحتاج التربية والتعليم أحياناً للعقوبة فهي أيضاً تحتاج التشجيع ليصبح لدى الطالب حافز ودافعية للالتزام والقيام بالوجبات وتحسين المستوى التعليمي، وهذا الحافز يمكن أن يكون مكافئة، أو إطراء، أو الاعتزاز بالطالب أمام زملائه، أو شرح مبسط من قبل المعلم يجعل التلميذ يتقبل الشيء المراد تعلمه ويمارسه ويتدرب عليه بمتعة.
  3. الإرشاد النفسي والاجتماعي: يوجد بعض الحالات التي لا تنفع فيها جميع أساليب المعلم في تحسين سلوك الطالب أو تشجيعه على الدراسة والتعلم، مثل وجود اضطرابات نفسية لدى الطالب أو سلوكيات عدوانية، أو سوء تربية من قبل الأهل، وهنا يجب أن يتوفر في المدرسة كادر مدرب ومؤهل للإرشاد النفسي والاجتماعي المناسب للمرحلة العمرية والتعليمية يحال لها الطالب في هذه الحالات الخاصة.
  4. التعاون مع الأهل: سواء من قبل المعلم أو إدارة المدرسة أو المرشد النفسي والاجتماعي في المدرسة يجب أن يكون هؤلاء على اتصال دائم بأهل الطالب، لوضعهم بصورة مشاكله التعليمية والسلوكية في المدرسة، وفهم أسبابها وشرح كيف يجب التعامل معه في المنزل، والتعاون كل بدوره لتحقيق نتائج إيجابية في تربية وتعليم الطالب.
  5. الحزم بعيداً عن القسوة: يجب التفريق بين الحزم والقسوة، فصحيح أن القسوة أو العنف أمر مرفوض في التعامل مع الطلاب في المدرسة، ولكن وفي نفس الوقت يجب أن يكون للمعلم مكانته وحضوره بين التلاميذ، وهذا يكون بتقديم المعلم بنفسه بطريقة جيدة وحازمة تفرق بين أوقات المزاح واللعب وبين أوقات الجدية والدراسة، ولا تتهاون في التزام الطلاب جميعاً بمعاير الأدب وبالواجبات الصفية.
  6. بناء علاقة جيدة مع التلاميذ: إن بناء المعلم علاقة جيدة مع طلاب صفه ومحبتهم واحترامهم له يعتبر فرصة مثالية لدفعهم للالتزام بالقواعد من ناحية، وتقبل الدروس والتعامل معها بمسؤولية والقيام بجميع الواجبات على أكمل وجه من ناحية أخرى، فالطالب يرى في أستاذه شخص كبير ومثال وقدوة، وحصوله على علاقة جيدة مع هذا الأستاذ يعني له الكثير، وبالتالي يحاول ألا يفعل شيء يهدد هذه العلاقة أو يغير نظرة الأستاذ نحوه.

هل الضرب مهم في التعليم وهل له فوائد؟ يرى أنصار استخدام العنف في التعليم والضرب في المدارس أن هناك فوائد وإيجابيات لا يمكن تحقيقها بأساليب التربية والتعليم الحديثة التي يمنع فيها الضرب، وأن فاعلية الضرب في التربية والتأديب أكبر بكثير ونتائجه أسرع، ومن فوائد الضرب المزعومة في المدارس:

  • تحقيق استجابة سلوكية مباشرة: أحياناً يحتاج المعلم للحصول على استجابة مباشرة من قبل التلميذ، سواء للقيام بنشاط تعليمي معين أو الامتناع عن شيء ما، مثلاً قد يعاقب المعلم تلميذه لعدم أداء الواجب المنزلي أو لعدم المشاركة بأنشطة الدرس وحل التمارين، أو للكف عن المشاغبة واللعب أثناء الدرس، وحتى إن جاء الضرب بنتيجة مباشرة في هذه الحالات، إلا أنه بالتأكيد سوف يؤدي لنتائج أخرى على المستوى النفسي والعاطفي للطفل ويفقد لاحقاً رغبته بالتعلم وبناء علاقة جيدة مع المعلم.
  • تحقيق الانضباط بسهولة: من الأسباب التي تدفع المعلمين للضرب أنه وسيلة سهلة لتخويف وترويع الطلاب وإجبارهم على الالتزام بقواعد الصف والتوقف عن الحديث أو الحركة أو اللعب أو المشاغبة، لكن هل الوسيلة السهلة هي التي يجب اتباعها مع طلابنا أم الوسيلة الفعّالة والآمنة!
  • زيادة رهبة وسلطة المعلم: رهبة المعلم وموقعه القيادي للفصل الدراسي وهيبته أمام تلاميذه من الأشياء الضرورية لتعلم الطفل قيم الاحترام والأدب بالإضافة للالتزام بالأنظمة والقوانين في المدرسة، ولكن بعض المعلمين لا يجدون طريقة غير الضرب في تحقيق هذا الهدف، نظراً لمرور بعض التلاميذ أو الفصل الدراسي بظروف تربوية خاصة تجعلهم غير ملتزمين ومشاغبين، فيلجأ المعلم للضرب لبسط سيطرته على الفصل وتحقيق الرهبة أمام التلاميذ.

حملة "أعيدوا العصا للمعلم" هي حملة على إلكترونية تم إطلاقها على مواقع التواصل الاجتماعي عام 2023 تطالب بإعادة الضرب في المدارس وإلغاء القوانين التي تجرِّم العنف المدرسي، ولاقت هذه الحملة انتشاراً واسعاً بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على شكل خواطر أو مقالات أو مقاطع فيديو تطالب بإعادة سلطة المعلم المطلقة وتتهم منع الضرب بالمدارس أنه السبب بفساد الجيل وانتشار الآفات الاجتماعية!

الناشطون المشاركون في حملة "أعيدوا العصا للمعلم" أرجعوا تدني مستوى التعليم إلى منع الضرب في المدرس، كما اعتبروا أن حالات الشذوذ الأخلاقي وانتشار أنماط سيئة من السلوك بين الأطفال والشباب لا يمكن القضاء عليها دون إعادة الضرب إلى المدارس وإعادة منح المعلم "السلطة التربوية-الأبوية المطلقة".

لكن هل حملة "أعيدوا العصا للمعلم" مبنية على دراسات وملاحظات دقيقة ومنهجية مؤكدة ثبت أن الفساد الأخلاقي مرتبط فعلاً بمنع الضرب في المدارس؟ وماذا عن التأثيرات الأهم والأقوى مثل وسائل التواصل الاجتماعي وإهمال الأهل نفسهم لتربية أبنائهم، وحتى انجرار الكبار -الذين عاشوا طفولتهم تحت وطأة عصا المعلم- للمشاركة في الترند والانزلاق في الأزمات الأخلاقية التي يشتكون منها!

ربما يجب أن يتذكر أنصار إعادة الضرب للمدارس ضحايا العنف المدرسي من الطلاب، الأطفال الذين غادروا منازلهم صباحاً آمنين مطمئنين، وعادوا إلى منازلهم بذراعٍ مكسورة أو عينٍ معطوبةٍ أو حالةٍ نفسية تؤهبهم للانحراف، أو حتى الأطفال الذين لم يعودوا إلى حضن أهاليهم ثانيةً بسبب نوبة غضبٍ لمعلمٍ يؤمن بضرورة الضرب للتقويم والتأديب!

وربما يجب عليهم أيضاً مراقبة العالم من حولهم، لمعرفة إن كان منع الضرب فعلاً سبباً لتدني مستوى التعليم والأخلاق في دولٍ أخرى، أم أن تراجع مستوى التعليم وفساد المنظومة الأخلاقية له أسباب وأبعاد أكثر تعقيداً ولن يكون لعصا المعلم أي دورٍ يذكر في تصحيح تلك الأسباب، بل على العكس.

المراجع