علامات مشاكل التكامل الحسي والصعوبات الحسية للأطفال

الكثير من العلامات قد تشير لأن الطفل مصاب باضطراب في التكامل أو المعالجة الحسية، ولكن ليس كل علامة تؤكد بالضرورة أنه مصاب بهذا الاضطراب، ويحتاج الأمر إلى تحليل لفهم أهم علامات اضطراب التكامل الحسي، في هذا المقال نتعرف على أنماط التكامل الحسي عند الأطفال وأهم أعراضه وكيف يتم تشخيصه.
تصنَّف أنواع أو أنماط اضطرابات التكامل الحسي عند الأطفال وفقاً للنموذج العلاجي الذي طورته الدكتورة آنا جان أيرز (A. Jean Ayres) وعدد من الباحثين المتخصصين في العلاج الوظيفي، هذا التصنيف يُستخدم على نطاق واسع في التقييم والتدخل السريري، ويُقسّم اضطرابات التكامل الحسي إلى ثلاث فئات رئيسية، يندرج تحت كل منها عدد من الأنماط الوظيفية ويقوم هذا التصنيف على:
- صعوبات التعديل الحسي (Sensory Modulation Disorder - SMD): هذا النمط يشير إلى صعوبة يواجهها الطفل في تنظيم مدى أو شدة استجابته للمثيرات الحسية. ويشمل:
- فرط الاستجابة الحسية (Sensory Over-Responsivity): الطفل يتفاعل بشكل مفرط أو سلبي تجاه مثيرات حسية عادية، مثل الضوضاء أو اللمس أو الروائح.
- ضعف الاستجابة الحسية (Sensory Under-Responsivity): الطفل يُظهر استجابة ضعيفة أو بطيئة للمثيرات الحسية، وقد يبدو غير منتبه أو غير واعٍ بما يحدث حوله.
- السعي الحسي (Sensory Seeking/Craving): الطفل يسعى بشكل مفرط ومستمر للحصول على تنبيه حسي، من خلال حركات مفرطة أو لمس الأشياء باستمرار.
- صعوبات التمييز الحسي (Sensory Discrimination Disorder - SDD): يواجه الطفل في هذا النمط صعوبة في تمييز الفروق بين المثيرات الحسية، ما يؤثر على دقة حركاته وتفسيره لما يشعر به. تشمل:
- صعوبة في تمييز الأصوات أو الحروف.
- صعوبة في تمييز الأشياء عن طريق اللمس.
- ضعف إدراك موقع الجسم في الفضاء أو تقدير المسافات.
- صعوبات التخطيط الحركي الحسي (Sensory-Based Motor Disorder - SBMD): تتعلق هذه الفئة بمشكلات في استخدام المعلومات الحسية لتخطيط الحركات وتنسيقها، وتشمل:
- الاضطراب التخلخلي الحركي (Dyspraxia): وهو صعوبة في تخطيط وتسلسل الحركات الجديدة، ما يؤثر على التوازن، والمهارات الحركية الدقيقة والخشنة.
- ضعف التحكم في الجسم (ural control Postural Disorder): خلل في التوازن ووضعية الجسم نتيجة ضعف التكامل بين النظامين الدهليزي والعضلي المفصلي.

- صعوبات في التمييز الحسي: هذه الصعوبات تتعلق بعدم قدرة الطفل على تحديد صفات المثيرات الحسية بدقة مثل صعوبة في التمييز بين الأصوات المختلفة، وضعف التقدير الحركي أو الإدراك الجسدي (مثل صعوبة معرفة مدى قوة الإمساك بالقلم أو تقدير المسافة بين الأشياء)، وصعوبة في التعرف على الأشياء باللمس دون النظر إليها (مثل التمييز بين عملة معدنية وممحاة في الجيب).
- صعوبات في التخطيط الحركي: تُعرف أيضاً (بالاضطراب التخلخلي الحركي)، وهي تتعلق بقدرة الطفل على تخطيط وتنفيذ الحركات حيث يواجه الطفل صعوبة في تعلّم الحركات الجديدة أو تسلسلها (مثل ربط الحذاء أو ركوب الدراجة)، وبطء في أداء المهام الحركية مقارنة بالأقران، حركات جسدية غير منسقة أو متعثرة.
- صعوبات في التنظيم السلوكي والانفعالي المرتبطة بالحس: وهي ناتجة عن عدم قدرة الطفل على التعامل مع الانفعالات التي تثيرها المثيرات الحسية من نوبات غضب غير مبررة، وانسحاب اجتماعي أو تجنب مواقف معينة، أو اضطراب في النوم أو صعوبة في التهدئة الذاتية.
- فرط الاستجابة للمثيرات الحسية: يظهر الطفل حساسية مفرطة للأصوات أو الأضواء أو الروائح أو اللمس، فينزعج من الأصوات العالية أو من ملمس الملابس أو قصّ الأظافر أو تصفيف الشعر بدرجة تفوق المعتاد.
- ضعف الاستجابة للمثيرات الحسية: قد يبدو الطفل غير منتبه أو لا يستجيب للأصوات أو الألم أو المنبهات الحسية القوية، مثل عدم الانزعاج عند السقوط أو الاصطدام.
- صعوبة في التنظيم السلوكي والانفعالي: يظهر الطفل تقلبات مزاجية حادة، مثل نوبات غضب، أو صعوبة في التكيف مع التغيرات أو الانتقال من نشاط إلى آخر، ويكون ذلك مرتبط بتفاعله مع المثيرات الحسية.
- الانزعاج أو البكاء عند سماع أصوات مرتفعة مثل جرس الباب أو المكنسة.
- رفض ارتداء أنواع معينة من الملابس أو الأحذية بسبب ملمسها.
- الانزعاج من اللمس الخفيف أو من اقتراب الآخرين منه.
- التقيؤ أو الاشمئزاز من روائح أو أطعمة شائعة.
- الإفراط في الحركة (القفز، الركض، التأرجح) دون توقف.
- لمس الأشياء أو الأشخاص بشكل مفرط ودون داعٍ.
- إصدار أصوات عالية أو صراخ متكرر دون سبب واضح.
- التمسك بسلوكيات حسية متكررة مثل فرك اليدين أو هز الرأس.
- صعوبة في التوازن أثناء المشي أو الجري أو استخدام الدراجة.
- أداء حركي غير منسق (الارتطام بالأثاث أو التعثر المتكرر).
- صعوبة في استخدام الأدوات الدقيقة مثل الأقلام أو المقصات.
- بطء في تعلُّم المهارات الحركية مقارنةً بالأقران.
- تشتت سريع أو صعوبة في التركيز على مهمة واحدة.
- نوبات غضب غير مبررة أو ردود فعل انفعالية مفرطة.
- اضطرابات في النوم (صعوبة في النوم أو النوم غير المتواصل).
- ضعف القدرة على تهدئة النفس أو التعامل مع التغيرات.
- تجنُّب ألعاب الملاهي أو الأماكن المزدحمة أو الرمل والماء.
- مقاومة الأنشطة التي تتضمن تلامس أو حركات مفاجئة.
- رفض اللعب مع أقرانهم بسبب الانزعاج من الأصوات أو الحركة.
- بطء في تنفيذ التعليمات أو إظهار سلوك انسحابي في الصف.
- صعوبة في الجلوس بهدوء لفترات قصيرة.
- تجنُّب التفاعل أو اللعب مع الأطفال الآخرين.
معرفة المشاكل الحسية عند الطفل تبدأ من ملاحظات الأم غالباً لتفاصيل الحياة اليومية التي قد تبدو بسيطة، لكنها تحمل دلالات واضحة على أن الطفل يواجه صعوبة في معالجة المعلومات الحسية التي يستقبلها من البيئة، ومن أبرز ما قد يلفت الانتباه هو أن الطفل يُظهر ردود فعل مبالغ فيها أو غير معتادة تجاه مثيرات حسيّة عادية، كأن ينزعج بشدة من الأصوات العالية أو يرفض ارتداء أنواع معينة من الملابس بسبب ملمسها، أو أن يصرخ أو يبكي عند لمسه بلطف، وكأن الموقف أكبر من حجمه.
في المقابل قد يبدو بعض الأطفال غير واعين بالمثيرات الحسية من حولهم، فلا يستجيبون عند مناداتهم، أو لا ينتبهون للأصوات المرتفعة، وقد يصطدمون بالأشياء أو الأشخاص دون إدراك واضح لموقع أجسادهم، هذا النوع من الاستجابات يشير غالباً إلى ضعف في تفسير المعلومات الحسية وليس مجرد تشتت ذهني.
كما أن صعوبات التوازن والتناسق الحركي قد تكون علامة مبكرة، حيث يُلاحظ أن الطفل يتعثر كثيراً، أو يجد صعوبة في صعود الدرج، أو لا يستطيع استخدام أدوات بسيطة كالمقص أو الملعقة بشكل متوازن، وإذا كان الطفل يتجنب الألعاب الحركية أو الأنشطة التي تتطلب مجهود بدني، فقد يكون السبب وراء ذلك شعوره بعدم الارتياح الحسي أثناء الحركة.
من المؤشرات المهمة أيضاً أن الطفل قد يُظهر سلوكيات حسّية غير معتادة، كأن يقوم بهزّ جسده، أو مضغ الملابس، أو الضغط على الأشياء بقوة زائدة، هذه الأفعال تكون في كثير من الأحيان محاولات ذاتية لتنظيم الجهاز الحسي.
ويُلاحظ على بعض الأطفال صعوبة في التركيز أو التقلب المزاجي المفاجئ، خاصة في البيئات الغنية بالمحفزات مثل الروضة أو الأماكن المزدحمة، وقد يبدو الطفل مضطرب، سريع الانفعال، أو ينسحب من الأنشطة الجماعية دون سبب واضح.
عندما تتكرر هذه العلامات بشكل يؤثر على سلوك الطفل وتواصله وتعلمه، فهي ليست مجرد سمات شخصية عابرة، بل قد تكون مؤشرات على اضطراب في المعالجة الحسية، وفي هذه الحالة يُنصح بالتوجه إلى أخصائي علاج وظيفي مختص بالتكامل الحسي لإجراء تقييم شامل وبناء خطة دعم ملائمة لطفلك.
- المقابلة الأولية مع الوالدين أو مقدّمي الرعاية: تُستخدم لجمع معلومات شاملة حول سلوك الطفل في مختلف البيئات (المنزل، المدرسة، الأماكن العامة)، ويتم التركيز على الأنماط الحسية، السلوكيات، المشكلات الحركية والانفعالية، وعوامل النمو والتطور.
- الاستبيانات والمقاييس السريرية الموثوقة: تُستخدم أدوات مقننة تُملأ من قبل الوالدين أو المربين مقاييس واستبيانات تساعد في تشخيص الحالة، فيوجد مقياس مثلاً يُستخدم لتحديد نمط استجابة الطفل للمثيرات الحسية في حياته اليومية، ويوجد فحص يُقيّم الأداء الحسي في البيئات المنزلية والمدرسية ويعطي تصور متكامل عن صعوبات المعالجة الحسية، كما يوجد مقاييس للرضّع والأطفال الصغار دون سن الثالثة.
- الملاحظة السريرية المنظمة: يقوم أخصائي العلاج الوظيفي بمراقبة الطفل أثناء أداء أنشطة محددة تُحفّز الأنظمة الحسية المختلفة (مثل التوازن، اللمس، الحركة)، ويُقيّم قدرة الطفل على التنظيم الذاتي، وتخطيط الحركات، والاستجابة للمثيرات، والتنسيق الحسي الحركي.
- التشخيص التكاملي بالتعاون مع اختصاصات أخرى: قد يتطلب التقييم التشخيصي تعاون مع اختصاصيين في طب الأطفال، أو علم النفس، أو النطق واللغة، أو التربية الخاصة، الهدف هو استبعاد أو تأكيد وجود اضطرابات أخرى (مثل التوحد أو اضطرابات فرط الحركة والانتباه) التي قد تتقاطع أعراضها مع اضطرابات التكامل الحسي.
- إجراء اختبارات قياسية للأداء الحسي والحركي: إذا كان التقييم متعمق، قد تُستخدم اختبارات معيارية مثل تقييم القدرات الحسية، والتمييز الحسي، والتخطيط الحركي، وتختلف هذه المقاييس حسب رغبة الطبيب وعمر الطفل وحالته الخاصة
- الملاحظة في بيئات متعددة: يُنصح بتقييم سلوك الطفل في أكثر من بيئة (البيت، المدرسة، أماكن اللعب) للحصول على تصور شامل ودقيق، ذلك يُساعد ذلك في تحديد ما إذا كانت الصعوبات ناتجة عن مشكلات حسية أو عوامل بيئية أخرى.
- التحليل الوظيفي للسلوك: يُستخدم لتحديد العلاقة بين السلوكيات غير المناسبة والمثيرات الحسية المرافقة لها، ويُساعد على فهم أسباب الانسحاب أو فرط النشاط أو نوبات الغضب المرتبطة بالتنبيهات الحسية.
- تخطيط علاج الصعوبات الحسية ومشاكل التكامل الحسي عند الطفل بناء على الحالة الفردية ونمط المشكلة واستجابة الطفل.
- التحفيز الحسي للطفل من خلال المدخلات الحسية المتنوعة، مثل الأصوات، الحركة، اللمس، الرائحة، والنكهات، بطريقة منظمة ومتكررة، بحيث تتطور استجابة الطفل الحسية للمثيرات.
- تطوير المعالجة الحسية للطفل من خلال الربط بين المدركات الحسية والمشاعر المرتبطة بها.
- تطوير مهارات جديدة لدى الطفل تساعد على علاج مشاكل التكامل الحسي مثل المهارات الحركية ومهارات التوازن.
- منح الطفل بيئة غنية بالمدركات الحسية مثل التعليم في الهواء الطلق والتعليم القائم على التفاعل الحسي باللمس والنظر والأصوات والروائح.
- تشجيع الطفل والثناء عليه وتجنب توليد مشاعر سلبية أو مشاعر النقص لديه، والصبر في التعامل مع مشاكل الصعوبات الحسية.