التعامل مع صدمة الفقد والحزن عند المراهقين

كيف تؤثر صدمة الفقدان على المراهقين وكيف يتعامل الأهل مع صدمة الفقد والحزن عند المراهق
التعامل مع صدمة الفقد والحزن عند المراهقين
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

صدمة الفقد في مرحلة المراهقة جزء أساسي من تكوين شخصية المراهق وتطورها، معظم المراهقين يمرون بأزمة الفقدان والتي لا تعني دائماً موت شخص مقرّب جداً، بل قد يكون جاراً أو أستاذاً في المدرسة أو حتى شخصاً مشهوراً لا يعرفه معرفةً شخصية، حتى ألم فقدان الحيوانات الأليفة لا يقل أبداً عن ألم فقد الأشخاص المقربين، ولذلك من الضروري أن يجيد الأهل التعامل مع صدمة الفقد في مرحلة المراهقة كجزء من تدريب المراهق على مواجهة الحياة ومساعدته على تجاوز هذه الأزمة بأقل الأضرار النفسية.

  1. ألم الفقد في مرحلة المراهقة مضاعف: أول ما يميز أزمة فقدان شخص في مرحلة المراهقة أن الألم والأسى يكون مضاعفاً، من جهة يكون المراهقون أكثر عاطفيةً من البالغين عموماً ويتعاملون مع العلاقات الإنسانية بحساسية شديدة، ومن جهة أخرى ما زالت تجربة المراهقين في الحياة قصيرة، ويمثّل الفقد في هذه المرحلة تجربة جديدة للحزن والأسى.
  2. الأسى أو الفجيعة رد فعل طبيعي لصدمة الفقد: قد لا يبدو الأمر طبيعياً للمراهق أو لبعض الأهل لأنّ الشخص لا يكون قادراً على التحكم بعواطفه وأفكاره ومشاعره، الخروج عن السيطرة عادةً هو ما يربك المراهقين أو الأهل ولكنه قد يكون ضرورياً من أجل تقبل الفقد والتعامل معه بشكل أفضل.
  3. تجربة كل مراهق فريدة من نوعها: إنّ لكل مراهق طريقة معينة للتعبير عن الحزن والتعامل معه، كما أنّ المدة الزمنية اللازمة لتعايش المراهق مع ألم الفقد قد تختلف من شخصٍ لآخر. بعض المراهقين يمكن أن يُعبروا عن الأسى بالدموع والبكاء في حين أنّ غيرهم يمكن أن يُحاولوا إخفاء ألمهم والاستجابة بالدعابة والمزاح.
  4. لا يوجد طرق صحيحة وخاطئة للتعبير عن ألم الفقد والحزن: عندما يتعلق الأمر بالحزن فلا يوجد ما هو صحيح وما هو خاطئ، الحزن ليس شيئاً بقواعد محددة وليس شيئاً يتطلب التقييم، كل ما يمكن قوله هنا أنّ هناك بعض السلوكيات المفيدة لتخطي الحزن مثل التحدث للأهل أو لصديق والرسم أو العزف والتعبير عن المشاعر، وأخرى تؤدي لتدهور الحالة النفسية وزيادة ألم الحزن مثل الهروب نحو الكحول والمخدرات أو الانعزال عن الآخرين.
  5. أثر الصدمة على المراهق يتأثر بعلاقته مع الشخص المفقود: العلاقة بين المراهق والشخص المتوفي يمكن أن تؤثر بشكل كبيرة على طريقة تفاعله مع الخبر وحجم الصدمة، في بعض الأحيان يمكن أن تكون صدمة فقدان صديق أكبر من صدمة فقدان شخص من العائلة.
  6. الحزن عملية مستمرة لا تنتهي: الحزن الذي ينتج عن صدمة الفقد لا ينتهي مطلقاً ولكن طبيعته وشدته يمكن أن تتغير، هذا يعني أنّ الشخص يمكن أن يكون يشعر بالحزن بعد فترة عندما يتذكر الأمر ولكن حزنه حينها لن يكون ذات الحزن الذي شعر به عندما صدم في البداية. [1]
animate
  1. إدراك اختلاف مشاعر المراهقين عن مشاعرنا: بما أنّ مهارات التأقلم مع الحزن وصدمات الفقد غير مكتملة لدى المراهق ومع كون المراهق لا يُدرك الطرق التي يمكن أن تُساعده على تجاوز الحزن والتضارب العاطفي الذي يشعر به، يُصبح تدخل البالغين لمحاولة مساعدته على تخطي أزمة الفقد ضرورياً، ويبدأ هذا التدخل من إدراك أن شعور المراهق تجاه الفقد مختلف عن شعور البالغين وله سمات خاصة.
  2. مساعدة المراهق على تقبّل الحزن: جزء من صدمة الفقد عند المراهقين يكمن بإنكار ورفض مشاعر الحزن نفسها والتعامل معها كنوع من الضعف، وعلى الأهل أن يساعدوا المراهقين على تقبّل الحزن وتجنب تصويره على أنه ضعف، فالعبارات التي يستخدمها الأهل عن طيب نية مثل "أنت أقوى من ذلك" أو "كنا نظنك رجلاً قوياً" تعطي مفعولاً عكسياً وتزيد من أزمة الفقد سوءاً.
  3. مساعدته في التعبير عن مشاعره: من الشائع أن يُحاول الآخرون المساعدة في تخطي الحزن بتوجيه الشخص نحو أمورٍ تُساعده على الشعور بالراحة والسعادة، ولكن بالنسبة لمراهقٍ لا يعرف كيفية التعامل مع الفقد هذا لن يكون مفيداً، الخطوة الأكثر أهمية هنا هي الاعتراف بالحزن وترك المراهق يُعبر عن حزنه وألمه من الفقد.
  4. التعبير عن الاهتمام بأمره: عندما تُحاول مساعدة المراهق على تجاوز الحزن فأنت بالتأكيد تهتم بأمره وتريد له أن يتحسن، وعلى المراهق أن يشعر بقلقك عليه واهتمامك به، عندما تتحدث إليه أظهر له بأنك تهتم به هو ولا تحاول أن تُشعره بأن تصرفاته تشعرك بالعبء فهذا سيجعله يشعر بالذنب والوحدة.
  5. كن موجوداً في حال احتاج للحديث: لا يفضل المراهقون كثيراً الحديث عن مشاعرهم وخاصةً للبالغين، ولكن في بعض الأحيان قد يشعرون بالحاجة لذلك، تأكد من جعل المراهق يعلم تماماً بأنك موجودٌ في حال رغب بالكلام.
  6. تجنب الاستخفاف بمشاعره: صدمة الفقد التي يمر بها المراهق قد تتعلق بفقدان صديق مقرّب أو مدرّس أو حتى شخص مشهور لا يعرفه، بالتالي قد يكون وحيداً في حزنه ولا يشاركه الأهل نفس المشاعر، ودور الأهل في هذه الحالة أن لا يستخفوا بمشاعر الحزن والصدمة التي عاني منها، ولا يعني أن الشخص الميت ليس من الأهل أو الأقارب أن على المراهق كتم حزنه وتجاهله.
  7. طلب استشارة نفسية: عادةً ما تتقلص مشاعر الحزن والأسى خلال أيام قليلة وتبدأ بالتلاشي على مدى أسابيع، وعندما يحظى المراهق بمحيط داعم له في أزمة الفقد فذلك يسرّع من العلاج والتشافي والخروج من الحزن، لكن إذا لاحظت أن الأمور تسوء مع الزمن وأنّك غير قادر على التعامل مع صدمة الفقد عند المراهق، فعليك الحصول على استشارة نفسية، جزء منها علاجي للمراهق نفسه، وجزء منها لمساعدتك على التعامل مع الأمر. [4]

إنّ ردود الفعل التي يبديها الناس على فقدان شخص تكون مميزة وتختلف من شخصٍ لآخر، لكن ورغم ذلك فهناك بعض الأنماط المتكررة التي يمكن أن يظهرها المراهق نتيجة شعوره بالحزن الشديد عند فقدان شخص عزيز عليه.

من المشاعر الشائعة التي يمكن أن يشعر بها المراهقون عندما يفقدون شخصاً يحبونه:

  1. الشعور بثقل في الصدر وصعوبة بالتنفس.
  2. الشعور بفراغ في المعدة مع فقدان الشهية وفقدان الرغبة في تناول الطعام.
  3. الشعور بالذنب والندم على شيءٍ سبق وقاله أو على شيءٍ كان يرغب في قوله سابقاً.
  4. الغضب الذي يؤدي إلى انفجاره وهجومه على الآخرين بشكل مفاجئ دون سبب أحياناً.
  5. غضب موجّه نحو الشخص المتوفي لأنه توفي وتركه، قد يليه بعض الندم والإحساس بالذنب على غضبه.
  6. تقلبات في المزاج تحدث بسبب أبسط الأشياء.
  7. نوبات بكاء بشكل مفاجئ وغير متوقع.
  8. التململ وعدم القدرة على التركيز على مهمة محددة وإنجازها بشكل جيد.
  9. الشعور بأن هذا الفقد غير حقيقي ولم يحصل.
  10. استشعار وجود المتوفي وتوقع مجيئه وسيره عبر الباب في موعده المحدد أو سماع صوته أو إحساس برؤية المتوفي من زاوية العين.
  11. الحديث مع صور الشخص المتوفي.
  12. الحديث مع الشخص المتوفي في أماكن خاصة ومميزة.
  13. الأرق وعدم القدرة على النوم.
  14. القيام بسلوكيات كانت مفضلة للشخص المتوفي.
  15. التدهور العاطفي والنكوص بالعودة لبعض السلوكيات التي قد تكون طفولية.
  16. الحاجة لإعادة سرد ذكريات وتفاصيل متعلقة بالشخص المتوفي بشكل متكرر لدرجة تحول الأمر لعبء على الآخرين
  17. عدم القدرة على الكلام وقول أي شيء.
  18. الحاجة إلى الشعور بالمسؤولية بشكل مفرط.
  19. أخذ دور الشخص المسؤول في المنزل وإلها أنفسهم عن مشاعرهم عبر الاهتمام بالآخرين والتركيز عليهم. [2]

صدمة الفقد تجعل المراهق يشعر بالكثير من المشاعر كالحزن والإحراج والغضب والاستياء والذنب، بالنسبة للمراهق الذي ما زال يبني مهاراته العاطفية والاجتماعية فقد يكون وجود تلك المشاعر المختلطة في نفس الوقت مربكاً ويزيد من صعوبة تعامله مع ما حدث.

أضف لذلك أنّ هذه المشاعر ستجعله يبدأ بالقلق والخوف من المستقبل سواء القريب أو البعيد، سيبدأ بالتفكير عما إن كان باستطاعته الذهاب في عطلةٍ مع أصدقائه، سيقلق بشأن من سيعلمه القيادة، سيتساءل عما إن كان ما زال قادراً على الدورة التي كان يرغب بها، سيتساءل عن المسؤوليات الإضافية التي سيتوجب عليه تحملها.

القلق المتواصل والخوف من المجهول اللذين تخلقهما صدمة الفقد للمراهق تجعله يُعاني ويرتبك دون أن يجد طريقةً للتأقلم مع الوضع وسيكون بحاجةٍ ماسة إلى الدعم والمساعدة دون أن يكون قادراً على طلبهما على الأغلب.

عندما يعاني المراهق من الفقد المفاجئ سيعيش في دوامةٍ من الأفكار والأسئلة والمخاوف في رأسه، من الأفكار والأسئلة التي سيبدأ بالتفكير فيها مثلاً:

  • هل هناك مشكلة لدي لأني أشعر بهذا الشكل؟
  • كيف يمكن أن تكون ردة فعل الآخرين من هذا الأمر؟
  • لا أريد أن أبدو مستاءً وحزيناً لأنّ الآخرين سيعتقدون أنني أتصرف كطفل.
  • لا أريد أن يشعر الآخرون بالشفقة علي.
  • لا أريد أن يعاملني أصدقائي بشكلٍ مختلف.
  • أشعر بالسوء لأن علاقتي لم تكن جيدةً بالشخص الذي فقدته!
  • كيف يمكن أن يؤثر ما حصل على مستقبلي ومخططاتي الحالية؟ [3]

 

كثيراً ما يكون المراهقون كتومين عندما يتعلق الأمر بما يشعرون به وخاصة أمام أحد أفراد العائلة لذلك قد يجد اللجوء لفرد من العائلة أو والدٍ صعباً حتى وإن كان بحاجةٍ لهذا الحديث، في حالات الحزن والفقد من الضروري أن تعمل على تعزيز ثقة المراهق وتدعه يعرف أنك موجود.

من المهم أن تحرص على عدم الضغط عليه أو الظهور بشكل الشخص المصر على دفعه للحديث، المراهق يمكن أن يحتاج لبعض الوقت ليكون مستعداً للحديث، بالطبع عليك أن تتوقع قدوم المراهق إليك في أوقاتٍ غير متوقعة أو حتى غير ملائمة كأن يأتي في الوقت الذي تريد فيه أن تخلد للنوم أو قبل ذهابك للعمل، إن حصل هذا فلا تؤجل الحديث وتذكر أنّ خسارة نصف ساعة من النوم أو التأخر على عملك قليلاً هو ثمنٌ بسيط لمساعدة طفلك المراهق ودعمه. [5]

ختاماً... مساعدة المراهق على التعامل مع الحزن سيساعدهم على النضوج النفسي والعاطفي وعلى تطوير استراتيجيات صحية للتأقلم مع الفقد والحزن في المستقبل، توفير البيئة المناسبة للحزن ولتجاوز الحزن قد تحمي المراهق من ندبةٍ عاطفية تلازمه لوقتٍ طويل أو من الانجراف لسلوكيات غير صحية لتجاوز الحزن.

 

المراجع