تأثير المجتمع على سلوك الفرد ومتى يكون سلبياً!

كيف يتأثر السلوك بالبيئة الاجتماعية! تعرفوا إلى تأثير المجتمع على سلوك أفراده ومتى يلعب المجتمع دوراً سلبياً
تأثير المجتمع على سلوك الفرد ومتى يكون سلبياً!

تأثير المجتمع على سلوك الفرد ومتى يكون سلبياً!

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

لا يعيش الإنسان وحيداً بل هو دائماً بحاجة للمجموعة، التي تلبي له الكثير من الحاجات المعنوية والمادية، وهذا المجتمع يساعد الإنسان في إشباع أبسط الحاجات الطبيعية، مثل الحاجة للأمان والحاجة للبقاء والاستمرار، والحاجة لتلبية الاحتياجات المادية والمعنوية أو النفسية، لكن هذا "الاجتماع" لا يقتصر على تلبية حاجة الفرد للانتماء ولكن أيضاً يؤثر على سلوكه بشكل كبير.

المجتمع يشبه البوتقة في طريقة تكوينه، حيث تتجمع في هذه البوتقة الكثير من التنظيمات والجماعات والشرائح والطبقات وحتى الأفراد وتنصهر معاً في طريقة تفاعلها وتكاملها حتى تكون في النهاية ما يسمى المجتمع، الفرد كجزء من هذا المجتمع يساهم بطريقة ما بخصوصيته الفكرية والثقافية في تكوين الفكر الاجتماعي، وبالتالي من ناحية ينتقل تأثيره بشكل عفوي لفرد آخر في هذا المجتمع، ويتأثر هو نفسه بهذا السياق الاجتماعي من ناحية أخرى، وهذا هو جوهر التأثير الاجتماعي.

وعلى هذا فيقصد بالتأثير الاجتماعي الكيفية التي يتلقى بها الفرد ما هو سائد في مجتمعه، من عادات وتقاليد وتفضيلات وأسلوب إنتاج، وحتى دين ومقدسات، وكيف يساهم هذا التأثير في بناء شخصية الفرد وتكوين صفاته ومعتقداته وأفكاره.

animate

يمكن تحديد الجوانب التي يتأثر فيها الفرد بمجتمعه وبيئته الاجتماعية، من خلال عدة نقاط تؤثر بدورها بطرق مختلفة على كل فرد في المجتمع، ومن أهم هذه النقاط:

  1. تكوين القيم والمبادئ: المنظومة الثقافية التي تعتبر جزء من التكوين الفكري للمجتمع، والتي تكونت على مر الزمن والظروف المختلفة التي مر بها هذا المجتمع، تؤدي لتطور خصوصية من حيث القيم والمبادئ التي يتصف بها أفراده، وعلى هذا الأساس نرى مجتمع يعطي قيمة أكبر للكرم ومجتمع يعطي قيمة أكبر للشجاعة، ومجتمع آخر يقدر العمل والجهد، ومجتمع استهلاكي وغيرها من الصفات، وهذه الصفات تنعكس بشكل مباشر على مبادئ الفرد في المجتمع وقيمه.
  2. نقل الأخلاق السائدة: يستمد المجتمع تقييمه لقواعد السلوك المطلوبة والمعايير الأخلاقية من عدة مصادر تختلف باختلاف ظروف المجتمع وثقافته، وأهم هذه المصادر الدين والعادات والتقاليد والقوانين، وهذه الأخلاق سوف يتأثر بها الفرد ويقدرها دائماً حتى لو انتقل لمجتمع آخر، وحتى لو كان رافضاً لعادات هذا المجتمع في بعض الأحيان.
  3. الانتماء الديني والعرقي: الدين والعرق المنتشر في المجتمع يشكل جزء هام من ثقافة هذا المجتمع في كثير من الجوانب، الأخلاقية، الفنية، التقليدية، طريقة التفكير، الانتماء الاجتماعي، وهذه الأشياء تفرض نفسها على سلوك الفرد ومعتقداته بشكل عفوي دون تعمد ذلك، ولمجرد أنه قد تربى في هذا المجتمع.
  4. التوجهات الفكرية: كل إنسان يكون توجهاته الفكرية من خلال الخبرات والتجارب والمعارف التي مرت بحياته، وكيف فكر فيها وحللها وفهمها، وبالتالي تتشكل قناعاته وطريقة تفكيره حيال جميع مجالات الحياة، والمجتمع بثقافته ونمط المعيشة السائد فيه يؤثر بشكل كبير على هذه التوجهات لدى الفرد.
  5. نوعية الاهتمامات: يفرض المجتمع والظروف التي يمر بها ويعيشها أفراده إلى حد بعيد نوعية الاهتمامات لدى أفراد هذا المجتمع، فالمجتمع المستقر مثلاً والذي يتمتع بوضع معيشي ومادي جيد تجد أفراده أكثر اهتماماً بالأمور الاستهلاكية أو الأنشطة الممتعة والأنشطة الصحية والفنية، أما المجتمع الذي يعاني من مشاكل سياسية أو اقتصادية أو أمنية، تجد افراده أكثر اهتماماً بتحسين مستوى المعيشة عن طريق البحث الدائم عن العمل أو الهجرة.
  6. قواعد السلوك: عندما يعتاد الفرد على طريقة معينة في سلوكه لما فرضه عليه مجتمعه من قوانين وعادات وغيرها من أساليب الضبط المجتمعي، فإن هذه الطريقة غالباً سوف تترسخ في ذهنه وطريقة سلوكه دائماً حتى لو انتقل لمجتمع آخر مختلف في أنظمة الضبط المتبعة لديه.
  7. المستوى التعليمي: الرغبة بالتعليم والاستمرار به والنجاح به، يعود في كثير من الحالات لاهتمام المجتمع بهذا المجال في الحياة، فالأشخاص المتعلمين غالباً سوف يتواجدون مع أصدقاء وأقرباء وزملاء متعلمين، وبالتالي يحاولون جاهدين أن يكون أبنائهم متعلمين أيضاً، أما الأشخاص الذين يعملون بمهن لا تتطلب تعليم فسوف يحاطون بمجتمع معظمه يتبع نفس الطريقة بالحياة وبالتالي سوف ينعكس ذلك على أبنائهم في المستقبل.

يمكن القول أن العلاقة بين الفرد والمجتمع هي علاقة تبادل في التأثير وحاجة كل منهما للآخر وتلبية كل منهما وظيفة ودور معينين لصالح الآخر، وكأن التأثير بينهما يشبه طريق واحد باتجاهين يلتقيان في نهاية المطاف لتكوين الفكر الاجتماعي والسلوك الفردي.

فبالنسبة للفرد فهو يساهم من خلال عمله وتعلمه وطرح أفكاره البناءة وأحياناً قيامه بدور قيادي أو بأشياء إبداعية، بالتأثير على هذا المجتمع بمختلف المجالات والطرق، فإذا أصبح الفرد مثلاً بموقع قيادي بالمجتمع فإن طريقة تعامله والنظام الذي يرسخه في هذا المجتمع مع الأيام سوف تصبح أشياء أساسية في مجتمعه تحدد قواعد السلوك ونمط الإنتاج وطريقة التفكير والعمل والقناعات الاجتماعية وغيرها، وإذا كان شخص مبدع ككاتب ومفكر أو عالم كبير قدم اكتشافات ونظريات بطريقة مختلفة وجديدة لاقت القبول والدعم الاجتماعي، فإن أفكاره سوف تؤثر بشكل كبير على شريحة من هذا المجتمع وهذه الشريحة بدورها سيكون لها تأثيرها على عموم أفراد المجتمع.

أما بالنسبة للمجتمع فكل مجتمع له عاداته وتقاليده وتفضيلاته ومعايره للسلوك الجيد والقوانين وأنظمة الضبط الاجتماعي، بالإضافة لظروفه الخاصة من حيث الاستقرار السياسي والأمني، أو الوضع الاقتصادي ومستوى المعيشة السائد فيه ونوع العمل المنتشر فيه، أو حتى الدين الذي يتبعه، والكثير غيرها من الأشياء التي تؤثر بشكل مباشر على الفرد ضمن هذا المجتمع ومعتقداته وقناعاته ومستواه الثقافي والتعليمي والفكري وبالتالي الطريقة التي يعيش ويفكر بها.

  1. الثقافة الاجتماعية: يقصد بالثقافة الاجتماعية العادات والتقاليد واللاشعور الجمعي الناتج عن تاريخ هذا المجتمع والظروف التي مر بها وكون لديه فكر معين، أو الحضارات التي كانت قائمة في هذا المجتمع في أوقات سابقة والموروث الثقافي التي نتج عنها وبقي يؤثر في المجتمع حتى الوقت الحاضر، فكل ذلك يندرج فيما يسمى الثقافة الاجتماعية ويعد من العوامل الرئيسية في التأثير الاجتماعي على الفرد.
  2. الحالة الاقتصادية: الوضع الاقتصادي للفرد أو لمجتمعه من الأمور التي تفرض تأثيرات كبيرة على هذا الفرد في طريقة تفكيره وعاداته وصفاته الشخصية، وهذا التأثير يتمحور حول الوضع المعيشي للفرد، نوع العمل الذي يقوم به، نوع العمل الذي ينتشر في المجتمع، مستوى التعليم والخدمات التي يحصل عليها الفرد، وكل هذه أشياء تساهم بطريقة ما في تكوين الفرد والتأثير بشخصيته وقناعاته.
  3. الحالة التعليمية والفكرية: المستوى التعليمي للفرد وللشريحة الاجتماعية أو المجتمع الذي ينتمي إليه تحدد بعض أبعاد شخصيته، فالشخص غير المتعلم الذي ينتمي لفئة أو عائلة أو شريحة اجتماعية غير متعلمة، كثيراً ما تنتشر فيها بعض العادات الخاطئة وبعض الأفكار السائدة التي لا أساس علمي لها، أما الفرد الذي ينتمي لبيئة بمستوى أفضل بالتعليم فيكون أكثر تقبلاً للتغير وانفتاحاً للآخر ونقداً وتحليلاً لأي فكرة أو إشاعة تعرض عليه.
  4. الطبقة الاجتماعية: جميع المجتمعات تنقسم لطبقات اجتماعية وغالباً ما تحدد هذه الطبقات على أسس مادية اقتصادية، والطبقة الاجتماعية تفرض بدورها تأثير كبير على شخصية أفرادها وسلوكياتهم وقناعاتهم وعاداتهم، وينتج ذلك عن أسلوب الحياة الذي تتبعه هذه الطبقة والإمكانات المتاحة لأفرداها من تعليم وسفر ودعم اجتماعي وأنظمة عائلية وغيرها.
  5. المعتقد الديني: الدين الذي يتبعه الفرد ومجتمعه أيضاً له دور في تحديد بعض جوانب تفكيره، وخاصة ما يتعلق منها بالإيمان والتقديس أو بالأخلاق، فبعض الأشياء قد تكون محرمة بدين معين ويترسخ ذلك في ذهن اتباع هذا الدين، حتى لو انتقلوا لمجتمع آخر يتبع دين مختلف، وهذا الشيء المحرم حتى لو قام به الفرد متجاوزاً حدود دينه فإنه غالباً ما سوف يفعله بنوع من الحياء وكأنه مقتنع بأنه يرتكب خطئ ويرغب بمداراته.
  6. التربية: الظروف التربوية التي يمر بها الفرد من أهم العوامل التي تؤثر به، من حيث تكوين شخصيته وعاداته اليومية وروتين حياته وبعض قناعاته، وطريقة تفاعله مع الآخرين وتعامله مع مختلف الظروف والحالات، فهو تعلم ذلك بالتربية منذ كان صغيراً وأصبحت هذه الأشياء راسخة في ذهنه وتكون جزء من شخصيته.
  7. الوضع السياسي: ينعكس الوضع السياسي في البلد والمجتمع الذي يعيش به الفرد على نواحي عدة من ظروف حياته، الأمن والاستقرار، الانضباط الاجتماعي، الأنظمة والقوانين، فرص التعليم، الزواج والانجاب، العمل، الخدمات الأساسية، وغيرها من الأشياء التي لا يمكن إنكار أثرها على الفرد وطريقة تفكيره ومعيشته.
  8. البيئة السكنية: الحي الذي يسكن ضمنه الأفراد والأشخاص الموجودين فيه يعد مجتمع مصغر بحد ذاته، وهذا المجتمع يتربى به الفرد ويتعلم الكثير منه ويتعامل ضمنه مع أشخاص كثر قد يكون لكل منهم تأثيره الخاص على الفرد.

بالطبع قد يكون للمجتمع تأثيرات سلبية على افراده في بعض الأحيان، وغالباً ما تنتج هذه الآثار السلبية عن ظروف أو حالات معينة يمر بها المجتمع، ومن هذه الحالات والظروف:

  1. انتشار الفساد الاجتماعي: أوجه وأشكال وأنواع الفساد التي يمكن أن تنتشر في المجتمع كثيرة ومتعددة، مثل الفساد الإداري والحكومي الذي يخلق نوع من الفوضى الاجتماعية تؤثر على أفراد المجتمع، أو الفساد السياسي الذي يؤدي لصراعات اجتماعية وانخفاض قيمة الفرد، أو الفساد الأخلاقي الذي يؤدي لنمط معيشي سلبي، وغيرها من أوجه الفساد.
  2. انتشار الجهل: بعض المجتمعات ولظروف خاصة مر بها هذا المجتمع مثل المرور بحروب وأزمات سياسية لفترات طويلة، أو المرور بكوارث طبيعية أو الوضع الاقتصادي وغيرها من الأسباب، قد ينتشر الجهل بين أفراده، وهذا الجهل ينعكس انخفاض في مستوى الثقافة والتعليم، غياب فرص الابداع، تثبيط المواهب، انتشار أفكار مغلوطة وقناعات لا أساس لها من الصحة، وهذه الأشياء كلها لها تأثيرها الفوري والمباشر على أفراد المجتمع.
  3. العادات والتقاليد الخاطئة: حتى اليوم ومع وجود كل هذا التقدم العلمي والتكنولوجي تبقى بعض المجتمعات تتبع عادات وتقاليد قد تكون مضرة بأفرادها لحد كبير، فمثلاً بعض المجتمعات تنظر للتعليم على أنه شيء لا معنى أو فائدة منه، وبعض المجتمعات تتبع تقاليد تؤدي لمشاكل صحية مثل انتشار أمراض وأوبئة أو إيذاء بعض الأفراد، وبعض المجتمعات تتبع عادات تجعلها منغلقة على ذاتها ولا تتقبل التغير والتطور.
  4. الفوضى وعدم الاستقرار: حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي قد تنتشر في المجتمع والتي قد يكون لها العديد من الأسباب مثل الظروف السياسية والأمنية، تؤثر على نمط الحياة الذي يعيشه أفراد هذا المجتمع، فالفرد فيه لا يشعر بالأمان على نفسه أو أبنائه، وهذا الشعور يحكم جزء كبير من سلوكياته وقناعاته وطريقة تفكيره ومخاوفه.
  5. الصراعات الاجتماعية: تعاني بعض المجتمعات من وجود صراعات داخلية بين مكوناتها، مثل فئات المجتمع وطبقاته وشرائحه، والتي تتناحر على أسس مادية أو سياسية أو دينية، وتؤدي هذه الصراعات في أغلب الأحيان لنشوء شخصية لدى الفرد لا تتقبل الآخر وربما تجرمه وتكون موقف ضده لمجرد انتمائه للفئة التي يوجد عداوة معها، وهذا يؤدي لبذل جزء مهم من طاقة المجتمع وافراده على صراعات لا طائل ولا مبرر منطقي لها، بدلاً من السعي نحو التطور والتنمية.

المراجع