مراحل النمو العقلي عند الأطفال والعوامل المؤثرة به

تعرف إلى مراحل النمو العقلي عند الأطفال بالترتيب والعوامل التي تأثر على التطور العقلي والذهني عند الطفل
مراحل النمو العقلي عند الأطفال والعوامل المؤثرة به

مراحل النمو العقلي عند الأطفال والعوامل المؤثرة به

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يمر الأطفال بمراحل نمو وتطور عقلي متشابهة نسبياً لكنها ليست متطابقة، فقد يتجاوز الطفل إحدى هذه المراحل بصورة أسرع من أقرانه، أو تظهر عليه علامات التميز في بعض السمات العقلية، ويعتبر النمو العقلي أحد أهم جوانب النمو والتطور للأطفال من عمر يوم وحتى اكتمال نموهم العقلي ووعيهم.

يشير النمو العقلي عند الأطفال إلى تطور وظائف الدماغ عند الطفل واكتساب المهارات والقدرات الذهنية والمهارات الحركية التي تحتاج مستوى معين من الوعي أو الإدراك تناسباً مع المرحلة العمرية للطفل.

عملية النمو العقلي عند الطفل هي عملية مترابطة أو متكاملة مع النمو الجسدي، فتطور الكلام واللغة عند الطفل يعتمد على الوصول لمرحلة معينة من النمو العقلي تساعده على فهم معاني الأصوات وحفظها وتقليدها بالتزامن مع نمو عضلات الفك واللسان وقدرة الطفل على النطق.

يمر النمو العقلي عند الأطفال بمراحل عديدة تبعاً لعوامل عمرية وتربوية ووراثية مختلفة، حيث لا يمكن الفصل بشكل دقيق بين هذه المراحل وإنما تكون المسألة تقديرية تبعاً لظهور بعض العلامات والاستجابات على الطفل في عمر معين، مع مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال.

animate

أهم مراحل النمو العقلي عند الأطفال تكون من الولادة حتى عمر 6 سنوات، حيث يصنّف التطور الذهني والعقلي بعد عمر ست سنوات كتطور إدراكي مرتبط باتساع وعي الطفل ومعارفه وتجربته الحياتية بعد اكتمال بينة الدماغ واستعداد الطفل للتعليم، وتكون مراحل النمو العقلي الأساسية عند الأطفال من عمر يوم إلى عمر 6سنوات:

  1. النمو العقلي منذ الولادة حتى ثلاث أشهر:

    في الأشهر الأولى من حياة الطفل لا يكون قادراً على فهم المعلومات أو الاحتفاظ بها، وتقتصر قدراته الإدراكية على التميز بين الإضاءة والظلام، وتميز بعض الروائح هل هي مرغوبة ومألوفة أم مزعجة وغريبة، بالإضافة لإحساسه بمذاق الأطعمة، ويكون تعبيره عن المشاعر مباشر وعام من خلال البكاء أو الصراخ أو الضحك واللعب.
  2. النمو العقلي للطفل من عمر 3 شهور حتى 6 شهور:

    في هذه المرحلة من النمو العقلي يتعرف الطفل على أطرافه -الأيدي والأرجل- ويبدأ بتحريكها حركات عشوائية بهدف اللعب أو النظر إليها أو القبض على بعض الأشياء التي تصل إليه، كما يصبح بإمكانه التعرف على أمه من خلال الرائحة والصوت والصورة، ويبدأ الطفل في هذه المرحلة بالتفاعل الاجتماعي بأبسط صوره.
  3. النمو العقلي عند الطفل من عمر 6 شهور إلى عمر سنتين:

    يتعرف الطفل في هذه المرحلة من النمو العقلي إلى حدود جسمه وأبعاده ويعرف كيف يحرك أطرافه بصورة أكثر تنظيماً، ثم يستطيع التعرف على الأصوات وحفظ بعضها والالتفات بالاتجاهات المختلفة للبحث عن الأشياء التي يريدها أو الاستجابة للأصوات التي تناديه بعد أن يدرك اسمه، وفي عمر سنة تقريباً يبدأ الطفل بإنتاج كلمات بسيطة أو أصوات ذات معنى للتعبير عن رغباته وتكون مقرونة بالإشارات.
    وحتى عمر سنتين يكون الطفل قد تعلم الحبي والجلوس والوقوف بمساعدة أدوات أو أشخاص، ويصبح لديه رصيد أكبر من الكلمات ويتعرف على الأشخاص المقربين ويصبح قادراً على التميز بينهم.
  4. النمو العقلي عند الطفل من عمر سنتين إلى 4 سنوات:

    بين عمر سنتين و4 سنين يبدأ الطفل باكتساب اللغة وبنهاية هذه المرحلة يصبح بمقدوره استخدامها للتعبير عن رغباته أو حتى اللعب، كما يكون قد تعلم المشي وهذا يساعده على التعرف على الأشياء المحيطة به، وهنا تكون بداية تميز ذاته عن ذوات الآخرين من خلال التعرف على أشيائه الخاصة والأشخاص المقربين.
    ويبدأ الطفل في هذه المرحلة من التطور الذهني بفهم بعض القواعد الأخلاقية والسلوك الصحيح، ويصبح قادراً على تمييز الأشخاص والتعرف عليهم وتذكرهم والتفريق بين الغرباء والمألوفين، ويصبح قادراً على استخدام الأدوات كالملعقة أو الألعاب أو كوب الماء، كما يبدأ بابتكار حلول للمشكلات البسيطة التي تواجهه.
  5. النمو العقلي عند الطفل من عمر 4 سنوات إلى 6 سنوات:

    بعد أن يكون الطفل قد اكتسب اللغة وأصبح بمقدره المشي والحركة بشكل مستقل وبناء روابط عاطفية مع بعض الأشخاص وتمييز الأشخاص في محيطه وتكوين ذاكرة حول بعض التجارب، يصبح أكثر جهوزية لاكتساب مهارات التعلم من خلال التلقين أو التجريب أو اللعب أو الملاحظة والتقليد، وهذا يتيح له تعلم الكثير من الأشياء وبالتالي زيادة نموه العقلي والإدراكي.
    في نهاية هذه المرحلة من مراحل النمو العقلي يصبح الطفل قادراً على الاستقلال عن أمه في الكثير من الأشياء، ويبدأ بفهم قواعد السلوك والمعاير التي تحدد ما هو مرغوب وما هو ممنوع، ويكون قد أصبح أكثر قدرة على فهم المسؤولية وتحملها، كما يمكنه اللعب بشكل منفرد أو متابعة البرامج التلفزيونية وفهمها، واستخدام جميع الأدوات تقريباً، واستخدام الأجهزة الذكية، وتطور لديه القدرة على التخيل وبالتالي القدرة على الكذب، ما يعتبر من أهم علامات النمو العقلي عند الأطفال.

تصنيف بياجيه لمراحل التطور المعرفي عند الأطفال أحد أهم نظريات النمو العقلي للأطفال، حيث صنّف بياجيه التطور المعرفي للطفل في أربع مراحل أساسية من الولادة وحتى عمر 12 سنة، بناء على تسلسل تطور قدرات الطفل الذهنية والإدراكية، وهي المرحلة الحسية الحركية، مرحلة ما قبل العمليات، مرحلة التفكير المادي، مرحلة التفكير المجرد:

  1. المرحلة الحسية الحركية من يوم إلى 24 شهراً:

    تمتد هذه المرحلة منذ الولادة حتى عمر سنتين، وتسمى المرحلة الحسية الحركية كون الطفل يعتمد في الحصول على المعلومات على حواسه الأساسية وحركاته.
    فهو من خلال الشم يمكنه التعرف على بعض الروائح وحفظها إذا تكرر تعرضه لها، ومن خلال الرؤية يمكنه التميز بين الضوء والظلام وفي فترة لاحقة يميز الألوان والأشخاص ويحفظهم، كما يمكنه التعرف على الأصوات وتميزها من خلال السمع، ومن خلال التذوق يتعرف في البداية على ما يرغب بتناوله وما لا يرغب به.
    وفيما بعد يصبح قادر على التميز بين ما هو صالح للأكل وما هو غير صالح، ومن خلال اللمس أيضاً يمكنه الحصول على العديد من المعلومات، أما الحركات فهي التحرك للاستفادة من المعلومات التي يحصل عليها من حواسه، مثل الالتفات نحو الأشياء، والتعرف على أطرافه وحدود جسمه، والاتجاه نحو الأطعمة والروائح التي يحبها.
    وفي نهاية هذه المرحلة يصبح بمقدور الطفل فهم أن وجود أي شيء مستقل عن ملاحظته له، ويكون قد بدأ باستيعاب اللعب التمثيلي وتجربته.
  2. مرحلة ما قبل العمليات 2-7 سنوات:

    تمتد هذه المرحلة من عمر سنتين حتى 7 سنوات، وتسمى مرحلة ما قبل العمليات لأن الطفل لا يكون قادر خلالها على بناء عمليات منطقية للحصول على الاستنتاجات، وإنما يعتمد على ملاحظته ومخزونه من المعلومات من تجاربه الخاصة.
    يصبح بمقدور الطفل في هذه المرحلة إدراك الرموز واستخدامها للتعبير عن الأشياء مثل الكلام أو الإشارة أو التقليد في البداية فهو قادر على استخدام التفكير الحدسي وعلى تصور بعض الأشياء ذهنياً، كما يمكنه الدمج بين حواسه للتعرف على الأشياء.
    يكون تفكير الطفل متركز حول ذاته ويعتقد أن تصوراته ورغباته تتفق مع تصورات الآخرين، فهو يهتم بظواهر الأشياء وكيف تبدو وليس كيف تكون فعلاً.
    وتتميز هذه المرحلة بقدرة الطفل على تمثيل الأشياء وإسقاط أفكاره عليها، كما يحدث في حالة اللعب التمثيلي عندما يستخدم العود كقلم أو العلبة الفارغة كسيارة أو العصا كسيف.
  3. مرحلة التفكير المادي 7-11 سنة:

    أو مرحلة العمليات المادية (مرحلة الوظائف الحسية) والتي تمتد من 7 سنوات حتى 11 سنة، ويصبح بمقدور الطفل في هذه المرحلة القيام ببعض العمليات المنطقية المادية أي المرتبط بالموجودات، ويكون الطفل قادراً على إدراك جوهرها وليس فقط مظهرها، أي كيف تتغير خصائص الأشياء بتغير ظروفها، فلون الماء مثلاً شفاف بالحالة الطبيعية ولكن يمكن أن يتغير لونه إذا أضيف له بعض المواد أو الملونات.
    ويتطور لدى الطفل في هذه المرحلة التفكير المعكوس، فكما يمكنه صناعة شيء من الصلصال والمكعبات يمكنه إعادته إلى حالته الأولى وتجربة أفكار مختلفة باستخدامها، واعتبر بياجيه هذه المرحلة من أهم مراحل النمو العقلي المعرفي لأن الطفل يصبح قادر على التفكير المنطقي المادي والوظيفي.
  4. مرحلة التفكير المجرد 12 سنة (العمليات المجردة):

    أو مرحلة التفكير الحدسي التي تبدأ هذه المرحلة بعمر 11 أو 12 عام وتستمر حتى الكبر، يصبح الطفل قادر على التمييز بين العمليات العقلية المادية المرتبطة بالأشياء وبين العمليات العقلية المجردة المرتبطة بالرموز أو الأفكار التي ليس بالضرورة لها وجود بالعالم المادي.
    فيصبح الطفل الكبير قادر على اجراء عمليات حسابية مكونة من الأرقام فقط، ويمكنه اختبار حلول ذهنية لأي مشكلة تعترضه وتصور نتائج بدائل هذه الحلول، وتسمى مرحلة التفكير الحدسي لأن الطفل الكبير أو المراهق يكون قادر على استخدام رصيده المعرفي في الاستنتاج وعمليات التحليل والتركيب وربط العوامل والأسباب بالنتائج.
  1. ظروف الحمل الصحية: مرحلة حمل الأم بطفلها أيضاً من العوامل المهمة في النمو العقلي السليم للطفل، فأي مشكلة تتعرض لها الأم الحامل تنتقل بشكل شبه مؤكد إلى جنينها، وتعرض الأم مثلاً للإصابات أو الأمراض أو التسمم أو سوء التغذية أو غير ذلك من الظروف، قد يؤثر على صحة الجنين ونموه، وبالتالي قد يولد وهو مصاب بمشاكل جسدية أو عقلية تعيق نموه الطبيعي.
  2. العوامل الوراثية: يتأثر النمو العقلي للطفل بالعوامل الوراثية أيضا، فبعض الصفات المتعلقة بالطباع والمزاج أو بعض الأمراض والمشاكل الذهنية، تنتقل عبر الوراثة من الآباء إلى الأبناء، وكثيراً ما يكون لهذه الظروف الوراثية تأثير على سير عملية نمو الطفل عقلياً.
  3. التغذية الجيدة: في المرحلة الأولى من عمر الطفل يعتبر الغذاء أهم عنصر في نموه على مختلف الأصعدة، فالغذاء الجيد والسليم والكافي هو ما يضمن النمو الجسدي واكتمال أعضاء الجسم وتطور وظائفها، وبالتالي تحقيق الشرط الضروري للنمو العقلي السليم.
  4. الصحة الجسدية والنفسية: حتى ينمو الطفل عقلياً بشكل صحيح ووفق خط السير الطبيعي والمرور بجميع المراحل الطبيعية للنمو العقلي، يجب ألّا يكون الطفل مصاب أو يعاني من أي مشاكل جسدية أو نفسية أو عقلية، فبعض الأطفال يولدون بتشوهات خلقية بأحد هذه الجوانب أو يتعرضون لإصابات خلال طفولتهم تعيق النمو العقلي السليم لديهم أو تطور الشروط التي تجعلهم يتطورون من الناحية العقلية.
  5. البيئة الأسرية والاجتماعية: الطفل يتأثر بكل ما يحيط به من ظروف بيئية، سواء مكان السكن أو طبيعية الأهل وطريقة تعاملهم معه، الاهتمام أو الإهمال الذي يتعرض له في فترة الطفولة، الثقافة الاجتماعية السائدة حول الأسرة، وأي متغيرات من هذا النوع، تؤثر على نمو الطفل بشكل عام وبالتالي نموه العقلي بشكل خاص، من خلال ما يتعرض له من تجارب أو ما يتم تعليمه له من أفكار وقواعد، أو ما يمر فيه من ظروف تربوية.

عند عمر 12 سنة يكتمل النمو العقلي أو المعرفي الأساسي عند الأطفال، ويدخل الطفل عند هذا العمر في مرحلة جديدة ومختلفة من النمو الإدراكي والتطور المعرفي، تعتمد أكثر على التعليم والتمرين والمعلومات التي يكتسبها الطفل بشكل ممنهج في المدرسة أو بشكل فردي.

وعلى هذا الأساس يمكن القول أنه بالشهور الأولى من عمر الطفل تكون لديه القدرة على تميز بعض الأشياء من خلال حواسه، وفي المرحلة اللاحقة يكون الطفل قد اكتسب بعض المعارف والقدرات من خلال التجريب والنمو ويكون قد أنهى المرحلة الثانية من النمو العقلي، ويلي ذلك بدء الطفل باكتساب مهارات التعلم واللغة والتصورات الذهنية، ثم ينتقل لإدراك ذاته وذوات الآخرين والتمييز بين تصوراته وتصوراتهم.

وبعدها ينتقل الطفل لمرحلة التفكير المادي ثم التفكير المجرد، وبذلك يكون الطفل قد أنهى مراحل النمو العقلي الأساسية التي يمر بها جميع الأطفال على اختلاف الثقافات والمجتمعات، وبعد ذلك تصبح التجارب الفردية وأسلوب الحياة الخاص هي صاحبة التأثير في كيفية اكتمال النمو المعرفي لكل إنسان.

المراجع