التوتر والإرهاق الوظيفي

الفرق بين التوتر والإرهاق بسبب العمل.. كيف يمكن التغلب على الإرهاق في العمل؟ وما هي خطوات الوقاية من توتر العمل؟ والتقنية الأفضل للتعامل مع الإجهاد الساحق في العمل
التوتر والإرهاق الوظيفي

التوتر والإرهاق الوظيفي

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

إذا شعرت بالإجهاد المستمر وخيبة الأمل والإحباط التام بسبب العمل، قد تكون في طريقك للإصابة بالإرهاق، وعندما تكون مُتلف الأعصاب، يبدو أنه لا يمكن التغلب على المشاكل، ومن الصعب عليك حشد طاقتك، ناهيك عن اتخاذ إجراءات لمساعدة نفسك! خاصة وأن التعاسة الناجمة عن الإرهاق والتوتر الوظيفي، يمكن أن تهدد وظيفتك وعلاقاتك وصحتك، لكن من خلال التعرف على علامات التحذير، يمكنك اتخاذ خطوات لمنع ذلك، أما إذا كنت قد وصلت بالفعل إلى نقطة الانهيار، فهناك العديد من الأشياء التي يمكنك القيام بها لاستعادة نفسك، والبدء في الشعور بالإيجابية والأمل مرة أخرى.

ما هو الإرهاق الذي يسببه العمل المُجهِد؟
هو حالة من الإعياء العاطفي والجسدي والعقلي، الناجمة عن الإجهاد المفرط ولفترة طويلة، يحدث ذلك عندما تشعر بالإرهاق وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات المستمرة، زمع التوتر تبدأ بفقدان الاهتمام والدافع للقيام بدور معين، حيث يقلل الإرهاق من الإنتاجية ومن طاقتك، مما يسبب شعور متزايد بالعجز واليأس والسخرية والاستياء، في النهاية قد تشعر أنك لا تملك شيئاً آخر لتقدمه، وتمتد الآثار السلبية للإرهاق إلى كل مجالات الحياة، بما في ذلك منزلك وعملك وحياتك الاجتماعية، ويمكن أن يسبب الإرهاق تغييرات طويلة الأجل على صحتك وجسمك؛ تجعلك عرضة للأمراض مثل: نزلات البرد والأنفلونزا، وبسبب عواقبه الكثيرة.. من المهم التعامل مع الإرهاق على الفور [1]، فهل أنت في طريقك للتعرض للإرهاق الوظيفي؟ قد تكون.. إذا كان لديك العلامات التالية
1- كل يوم في وظيفتك؛ هو يوم سيء. 
2- يبدو أن الاهتمام بعملك أو حياتك المنزلية، هو استنزاف كامل للطاقة.
3- لقد اسُتنفذت فعلياً طوال الفترة الماضية.
4- تنفق معظم يومك على المهام الوظيفية، التي تجدها إما مملّة أو صعبة.
5- تشعر أنك لا شيء أو لا تحدث فرقاً أو أنك لست موضع تقدير بين زملائك أو أسرتك.
 

animate

أعراض الإرهاق العاطفية والسلوكية والجسدية
معظمنا يمر بأيام نشعر خلالها؛ بالعجز أو عدم التقدير.. عندما يتطلب نهوضنا من السرير تحدياً كبيراً مثلاً، فإذا كنت تشعر بهذا أغلب الأوقات.. قد تتعرض للإرهاق، وهو عملية تدريجية لا تحدث بين عشية وضحاها، لكن يمكن أن تزحف إلى حياتك من خلال العلامات والأعراض الخفية في البداية، لكنها تصبح أسوأ مع مرور الوقت، لذا فكر في الأعراض المبكرة كإشارات تفيد بوجود شيء خاطئ يجب معالجته، فإذا كنت تهتم وتقلل من إجهادك الوظيفي بشكل فعال، يمكنك منع حدوث انهيار كبير.. وإذا تجاهلته فستتلف صحتك أولاً وفي النهاية!

ومن العلامات الجسدية وأعراض الإرهاق:
- الشعور بالتعب واستنزاف طاقتك معظم الوقت.
- انخفاض المناعة، والأمراض المتكررة.
- الصداع المتكرر أو ألم العضلات.
- تغير في الشهية أو عادات النوم.

أما علامات وأعراض الإرهاق العاطفية فهي: 
- الشعور بالفشل وازدياد الشك الذاتي.
- الشعور بالعجز والهزيمة.
- الانفصال والعزلة، والشعور بالوحدة بين الآخرين.
- فقدان الدوافع.
- النظرة السلبية الساخرة للأمور على نحو متزايد.
- انخفاض الرضا وتراجع الشعور بالإنجاز.

والعلامات والأعراض السلوكية للإرهاق هي: 
- الهروب والانسحاب من المسؤوليات.
- عزل نفسك عن الآخرين.
- المماطلة والتسويف، مما يستغرق وقتاً أطول لإنجاز الأمور.
- استخدام العقاقير المخدرة، أو الكحول للتغلب على الإرهاق الوظيفي.
- انعكاس إحباطك بتصرفاتٍ ضد الآخرين.
- الغياب المتكرر عن العمل، أو القدوم متأخراً إلى الدوام والمغادرة مبكراً.
 

ما هو الفرق بين التوتر والإرهاق بسبب العمل؟
قد يكون الإرهاق ناتجاً عن توتر لا يهدأ، لكنه لا يتشابه مع الإجهاد أو التوتر الزائد [2]، الذي يتضمن بشكل عام ضغوط كثيرة تتطلب منك جهداً جسدياً وعقلياً، مع ذلك.. بإمكان الأشخاص المجهَدين أن يتخيلوا أنهم قد يتمكنون من السيطرة على كل شيء، بالتالي يشعرون بالتحسن.
أما الإرهاق.. فهو الشعور بالتلف والفراغ والإرهاق العقلي وعدم التحفيز وعدم الاهتمام بالرعاية الذاتية،  كما أن الأشخاص الذين يعانون من الإرهاق غالباً ليس لديهم أي أمل في حدوث تغيير إيجابي، فإذا كان الإجهاد أو التوتر المفرط يشعرك وكأنك تغرق في المسؤوليات، فإن الإرهاق هو شعور بالتصحّر! وفي الوقت الذي تدرك فيه عادة أنك تعاني الكثير من التوتر، إلا أنك لا تلاحظ حدوث الإرهاق عندما تتعرض له.
فالتوتر والإجهاد: يتميزان بالإفراط في العمل – ردود الفعل العاطفية المبالغ بها - الإلحاح وفرط النشاط - فقدان الطاقة - يؤديان إلى اضطرابات القلق - الضرر الأساسي هو الجسدي - قد يقتلك قبل الأوان!
أما الإرهاق الوظيفي: يتميز بالانفصال عن العمل -  ضعف العواطف والاستسلام - يُنتج العجز واليأس - فقدان الدافع والمثل العليا والأمل - يؤدي إلى الانفصال عن الآخرين والاكتئاب - والضرر الأساسي عاطفي - فقد تبدو لك أن الحياة لا تستحق العيش!
 

العوامل المختلفة التي تسبب الإرهاق في العمل
أي شخص لديه شعور بعدم تقدير قيمته؛ يكون معرضاً لخطر الإصابة بالإرهاق الوظيفي، بسبب عوامل وظيفية مُجهِدة وعدم تمكنه من أخذ إجازات لفترات طويلة، حتى الأم وربة المنزل مع كل المهام والمسئوليات المتراكمة في المنزل قد تُصاب بالإرهاق، حيث لا ينجم هذا الاضطراب فقط عن العمل المجهد أو المسؤوليات الكثيرة، فهناك عوامل أخرى تساهم في تفاقمه، بما في ذلك نمط حياتك وشخصيتك.

ومن أسباب الإرهاق المرتبطة بالعمل نذكر:
- لديك سيطرة ضئيلة، أو معدومة على عملك.
- عدم الاعتراف بجهودك، أو حصولك على مكافأة (مادية أو معنوية) للعمل الجيد.
- التوقعات العالية غير الواضحة، أو المفرطة من الوظيفة.
- القيام بأعمال رتيبة روتينية أو صعبة.
- العمل في بيئة فوضوية أو عالية الضغط.

أما عن أسباب الإرهاق المتعلقة بنمط الحياة:
- العمل لوقت أطول من اللازم؛ دون تخصيص وقت كافٍ للتواصل مع العائلة والأصدقاء أو الاسترخاء.
- عدم وجود علاقات وثيقة وداعمة في بيئة العمل.
- تحمل الكثير من المسؤوليات؛ دون مساعدة كافية من الآخرين.
- عدم الحصول على قسط كاف من النوم.

كما أن سمات الشخصية، يمكن أن تسهم في الإرهاق الوظيفي من خلال: 
- ميلك إلى الكمال والمثالية، وأنت تعلم أن لا شيء جيد بما فيه الكفاية.
- نظرة متشائمة إلى نفسك والعالم من حولك.
- الحاجة إلى أن تكون مسيطراً، بالتالي لديك نوع من الإحجام عن تفويض المهام للآخرين.
- تمتعك بشخصية لا تقتنع إلا بالنجاح الباهر.
 

كيف تتعامل مع الإرهاق الوظيفي من خلال الآخرين؟
سواء أكنت تتعرف على علامات التحذير من الإرهاق الوشيك أو تجاوزت بالفعل نقطة الانهيار؛ فإن محاولة تجاوز الإرهاق والاستمرار كما كنت، ستؤدي فقط إلى المزيد من الأضرار الجسدية والعاطفية، حان الوقت لإيقاف ذلك من خلال تعلم كيفية مساعدة نفسك في التغلب على الإرهاق، والشعور بالصحة والإيجابية مرة أخرى (راجع مقالنا عن حلول الإرهاق في العمل بالتفصيل)
حيث يتطلب الأمر أن تتعرف على علامات التحذير من الإرهاق، ثم بدء معالجة الضرر من خلال طلب الدعم وإدارة الإجهاد، كذلك المرونة [3] ببناء قدرتك على التكيف مع الإجهاد، من خلال العناية بصحتك الجسدية والعاطفية، وللتعامل مع الإرهاق اطلب مساعدة أشخاص آخرين، حيث يمكنك أن تشعر بالعجز، وتكون لديك فرصة للتحكم بالتوتر أكثر من القدرة على إدارة التلف الساحق للإرهاق الوظيفي، وهناك خطوات إيجابية يمكنك اتخاذها للتعامل مع الإرهاق، واحدة من أكثرها فعالية هي التواصل مع الآخرين، والتحدث وجهاً لوجه مع مستمع جيد، وهي من أسرع الطرق لتهدئة أعصابك وتخفيف التوتر، وذلك من خلال:

- التواصل مع أقرب الأشخاص إليك: مثل شريك الحياة وعائلتك وأصدقائك، وتذكر أن الانفتاح لن يجعلك عبئاً على الآخرين، حيث يشعر معظم الأصدقاء والأحباء بالاطمئنان، لأنك تثق فيهم بما يكفي لتقضي معهم وقتاً ممتعاً، أو لتشكو وتتحدث عن مشاكلك معهم.

- كن اجتماعياً أكثر مع زملائك في العمل: تطوير صداقات مع أشخاص تعمل معهم، يمكن أن يساعد في الحدّ من استنزافك الوظيفي، ففي فترة الاستراحة مثلاً، حاول التحدث مع زملائك بدلاً من توجيه انتباهك إلى هاتفك الذكي.

- الحد من اتصالك مع السلبيين: الأشخاص ذوي التفكير السلبي لا يفعلون شيئاً سوى الشكوى، ولن يؤدي وجودك معهم إلا إلى انخفاض مزاجك وتوقعاتك، إذا كان عليك العمل مع شخص سلبي؛ حاول الحد من مقدار الوقت، الذي تقضيه معه.

- العثور على أصدقاء جدد: إذا لم يكن لديك أي شخص تلجأ إليه، فلم يفت الأوان بعد لبناء صداقات جديدة وتوسيع شبكتك الاجتماعية.

- قوة العطاء: بأن تكون مفيداً للآخرين، مما يضفي متعة هائلة على حياتك ككل، كما يمكن أن يساعد في تقليل الإرهاق الوظيفي بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى توسيع نطاق دائرتك الاجتماعية، وعلى الرغم من أهمية عدم تحملك الكثير عندما تواجه ضغطاً بسبب العمل؛ فإن مساعدة الآخرين لا تعني الكثير من الوقت أو الجهد، وحتى تلك الأشياء الصغيرة مثل: الكلمة اللطيفة أو الابتسامة الودية، يمكن أن تُشعرك بتحسن وتساعد في تقليل إرهاقك.

في النهاية.. للتعامل مع الإرهاق الوظيفي استراتيجيات إيجابية أخرى، بالإضافة إلى التواصل الفعّال والإيجابي مع الآخرين على الطريقة التي شرحناها، شاركنا رأيك وتابع بقية خطوات التعامل مع الإرهاق بالنقر هنا.
 

[1] مقال "اكتشاف أسباب الإرهاق بسبب العمل" منشور على موقع Mayo Clinic، تمت المراجعة في: 07/06/2019
[2] مقال "الحد من التوتر وإدارة الإجهاد" منشور على موقع Harvard، تمت المراجعة في: 07/06/2019
[3] الدليل إلى المرونة، منشور على موقع: American Psychological Association، تمت المراجعة في: 07/06/2019