طفلي يتقصد إزعاجي... كيفية التعامل مع الإزعاج المقصود من الأطفال

ما حقيقة أن بعض الأطفال قد يزعجون ذويهم بشكل مقصود؟ وما هي الأسباب التي قد تدفع الطفل لإزعاج أهله؟ ثم ما هي خصائص وصفات الأطفال متعمدي الإزعاج لذويهم؟ وما وسائل الأطفال المقصودة في إزعاج الأهل؟ وأخيراً كيف يمكن علاج مشكلة الإزعاج المقصود عند الطفل؟
طفلي يتقصد إزعاجي... كيفية التعامل مع الإزعاج المقصود من الأطفال

طفلي يتقصد إزعاجي... كيفية التعامل الإزعاج المقصود من الأبناء

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

 "دائماً ما يستيقظ عندما أخلد للنوم ويطلب شرب الماء أو الدخول للحمام مراراً وتكراراً، أو قد يبكي ويقول أنه يريد أن ينام أو يأكل ونحن في الطريق أو في السوق، لا أعرف ماذا يجب أن أفعل مع طفلي أشعر وكأنه يتقصد إزعاجي".
 هل بالفعل يتقصد بعض الأطفال إزعاج ذويهم؟ الحقيقة أنه فعلاً في بعض الأحيان قد تصل تصرفات الأطفال المزعجة ذويهم إلى حد الاستشاطة غضباً أو الشعور بالضجر بل وحتى الاكتئاب في بعض الحالات، ولكن أن يكون هذا الإزعاج مقصوداً هو ما سوف نحاول تحليله في هذا المقال.
 

إذاً لماذا قد يلجأ الطفل إلى تعمد إزعاج والديه وهل له غايات معينة من ذلك كأن ينتقم من شيء ما مثلاً، بالنظر إلى أطفالنا من جهة وإلى تصرفاتنا عندما كنا أطفالاً من جهة أخرى يمكن أن نلتمس بعض الحقائق المتعلقة بهذا الأمر، بالتالي نتعرف على بعض الدوافع التي قد تسبب تقصد الطفل إزعاج والديه، فمثلاً:

الإهمال العاطفي: لا يمكن إغفال ما للتواصل العاطفي بين الأطفال وآبائهم من أهمية على مستوى استقراهم العاطفي والنفسي والانفعالي، وما قد ينتج عن هذا الإغفال من آثار نفسية متعددة الجوانب على شخصية الطفل، فعدم الاهتمام بمشاعر الطفل وعواطفه في كثير من الأحيان قد يؤدي لأن يبحث الطفل عن جميع الوسائل التي من شأنها جذب انتباه والديه نحوه واهتمامهم بها، حتى ولو كان ذلك عن طريق التسبب المقصود بإزعاجهم وإتعابهم.

إزعاجات الأطفال ومشاعر الغيرة: في كثير من الأحيان قد تتحكم الغيرة في سلوك الكبار وتجعلهم يقومون بتصرفات مختلفة عن طباعهم وشخصياتهم، فكيف عندما نتحدث عن أطفال صغار يريدون كل شيء لهم ولم يدركوا بعد مفاهيم الحقوق والواجبات، ولهذا فإن الطفل عندما يشعر بالغيرة قد يقوم بأي شيء بغية التخلص من موضوع هذه المشاعر مهما كانت نتائج تصرفاته.

الدلال الزائد: الطفل المدلل بشكل مبالغ فيه من قبل ذويه لن يلقى دائماً نفس المعاملة التي اعتادها، سواء عند تعامله مع أشخاص غرباء لا يسايروه أو عندما يكبر ويتوقف والديه عن المبالغة في دلاله، وهو بهذه الحالة يرى أنه قد فقد المكانة التي كان يتمتع بها حيث كل من كل حوله يريد تحقيق رغباته وحاجاته، فيلجأ لإزعاج كل من حوله والتصرف بطريقة سيئة بهدف إجبار الآخرين على الرضوخ لرغباته وخاصة ذويه.

النكوص: وهي من الحالات الأكثر شيوعاً حيث يلجأ الطفل للقيام بتصرفات أصغر من سنه اعتاد الحصول على ما يرغب عند القيام بها في مرحلة سابقة من حياته، وهذه الحالة تسبب الإزعاج للأهل كون الطفل قد يقوم بتصرفات غير مقبولة كالتبول في فراشه أو المبالغة في البكاء واستجداء التعاطف.

الإحباط وخيبة الأمل: وهذه أيضاً تعتبر من الحالات الأكثر انتشاراً كأن يقدم  الأهل وعداً ما للطفل ولا يحققونه عندما يحين موعده، بالنسبة للأهل قد يكون هذه الوعد بهدف الوصول لغاية معينة يريدونها من الطفل أما بالنسبة له فقد ينتظر هذا الوعد بفارغ الصبر ويبني آمالاً عليه، وحين يحين موعده ولا يتحقق فالنسبة له هذا يسبب صدمة وخيبة أمل لا يمكنه التعبير عنها إلا من خلال إزعاج والديه كنوع من الانتقام أو إشعارهم بالذنب.
 

animate

من الجدير التوضيح بأن دوافع الطفل لإزعاج والديه المتعمد التي سبق ذكرها لا تعتبر قاعدة عامة وقاطعة بمعنى وجود علاقة طردية بين السبب والنتيجة فيها، وإنما هي بمثابة دوافع أو ظروف مؤثرة في ظهور هذا النمط من السلوك لدى الطفل، ولا بد من وجود بعض الخصائص النفسية والشخصية لدى الطفل التي تعتبر المساهم الأساسي في توجيه سلوكه بهذا الإطار:

الطفل المزعج يتصف بالتذمر وكثرة الشكوى: حيث أن التذمر يعد من أكثر الصفات والخصائص إزعاجاً عند الأطفال، فهو يشتكي من كل شيء ولا يمكن إرضائه أو إقناعه، ويتذمر باستمرار سواء كان موضوع تذمره يستحق هذا أو لا يستحق، وهي حالة تجعل الأهل في توتر دائم ولا يعرفون كيف يتصرفون مع طفلهم أو كيف يرضونه.

متمرد يتصرف بتحدي: وخاصة في الحالات النابعة عن أسباب انتقامية، فالطفل الذي يرغب بإزعاج والديه بشكل متعمد يجد بالتمرد على أوامرهم وتحدي رغباتهم شعوراً بالانتصار عليهم يرضى دوافعه لهذه التصرفات، مثل الحالات التي ينتقم الطفل فيها من ذويه بسبب إفشال مخططاته وعدم تحقيق رغباته.
سريع الغضب: وهي أيضاً من الصفات الملازمة لسلوكيات وأفعال الطفل المزعج، وقد يتمثل هذا بالصراخ أو بعض التصرفات العدوانية كضرب أشقائه الأصغر سناً أو تحطيم الأشياء وأحياناً يقوم بالعنف اللفظي مثل الكلام البذيء وقذف الشتائم حتى على ذويه أنفسهم.

كثرة الغيرة من الصفات المزعجة بالأطفال: أيضاُ يتصف الطفل المزعج بأنه كثير الغيرة، فلا يتقبل أن يرى أحد يقترب من ذويه أو يحصل على أشياء ليست لديه، وذلك إلى درجة تجعله يقوم بتصرفات سيئة مثل النكوص أو اتباع السلوكيات العدوانية والغضب أو البكاء بشكل مبالغ فيه.

العناد والطفل المزعج: العناد عموماً صفة مزعجة سواء لدى الكبار أو الصغار، وإن اتصاف سلوك الطفل بالعناد سوف يؤثر سلباً على العديد من تصرفاته وخصائص شخصيته وقبوله من قبل الآخرين، فالطفل العنيد لا يمكن إقناعه ببساطة أو السيطرة على تصرفاته.
 

الطرق التي يلجـأ فيها الطفل لإزعاج والديه متعددة[1] ومختلفة بحسب طبيعة كل طفل وثقافته وعمره وجنسه وحتى وضع أسرته الاجتماعي أو الاقتصادي، ولكن يوجد بعض أساليب الإزعاج التي يمكن اعتبارها الأكثر انتشاراً وشيوعاً بين معظم الأطفال، والتي من الضروري معرفتها بغية التنبؤ بها وتوقعها قبل حدوثها، لتحديد الطرق الأفضل للتعامل معها:

كثرة البكاء والصراح بهدف لفت الانتباه: وهذه الحالة تترافق غالباً مع بعض الأسباب العاطفية كشعور الطفل بالإهمال العاطفي من قبل ذويه أو شعوره بالغيرة أو فقدان مكانته لسبب ما، فيلجأ لهذه الطرق بدافع استجداء التعاطف وتقديم نفسه على أنه مظلوم ويجب الانتباه له والاهتمام به.

لا يعجبه شيء: حيث نجده يرفض كل ما يقدم له سواء من طعام أو لباس أو حتى ألعاب أو الخروج في نزهة وفي بعض الأحيان نجده يطلب أشياء غير موجودة وغير متوفرة كأنواع معينة من الأطعمة في أوقات متأخرة من الليل، وذلك بطرق قد يراها الأهل تعجيزية في بعض الأحيان، وهو لا يهدف من ذلك لشيء سوى إشعار ذويه بالعجز وإزعاجهم.

يرغب دائماً في إشغال ذويه: عن طريق رفض الذهاب إلى النوم في مواعيده مثلاً فتجده يتحجج بالذهاب إلى الحمام أو الجوع أو شرب الماء أو الخوف من العتمة والكثير من المبررات الأخرى التي يهدف من ورائها لعدم تلبية ما يطلب منه أو التمرد على رغبات ذويه.

لا يسمع الكلام ويفعل عكس ما يطلب منه: وهي بالنسبة له شكل من أشكال التحدي فالطفل ولدوافع عديدة قد يرغب في تحدي السلطة المتمثلة بأبويه، فعندما ينهى عن شيء ما نجده يقوم به بشكل مقصود وعندما يطلب منه شيء ما أيضاً نجده يرفض القيام به بشكل قاطع، وكأنه يقول أنا أفعل ما يحلو لي.
 

من جهة فإن الطفل هو أغلى ما في الوجود بالنسبة لوالديه، وهذا يفسر الحساسية في التعامل معه وخاصة في الأمور العاطفية والتربوية، ومن جهة أخرى فإن مشكلة إزعاجه المتعمد لوالديه هي مسألة لا يمكن إهمالها لما تسببه من توتر لديهم وربما حالات اكتئاب في بعض الأحيان[2] ، ولذلك من الضروري وجود بعض الطرق التي تساعد في التخفيف من هذه المشكلة ومن شأنها علاج أسبابها[3]:

الموازنة في طريقة التربية بين الثواب والعقاب: حيث أن الاعتماد على العقاب وحده ودون أسباب ومسوغات كافية وبشكل مبالغ فيه قد يخلق لدى الطفل مشاعر سيئة تجاه أهله مثل عدم الاحترام أو بعض الأفكار الانتقامية، وعلى غرار ذلك فإن المبالغة في إثابة الطفل على كل أفعاله دون مبرر تعتبر نوع من الدلال الزائد وشعور الطفل بنقص هذا الدلال فيما بعد سوف يولد لديه مشاعر استياء واحباط، وفي الحالتين قد يلجأ الطفل لإزعاج ذويه سواء للانتقام أو التعبير عن الانزعاج.

التقرب من الطفل وفهم مشاعره: فمن شأن بناء علاقة جيدة بينن الطفل ووالديه أن يزيد من الألفة والمودة بينهم وتكوين أفكار وعواطف إيجابية لدى الطفل حول والديه، ويحصل هذا من خلال مشاركته ألعابه ومساعدته في علاج مشاكله والحديث معه حول أفكاره، فكل هذا سوف يشعر الطفل معه بوجود صداقة بينه وبين والديه.
تحاشي إشعاره بالغيرة أو عدم الاهتمام به: من أكثر الأشياء التي تستفز عواطف الطفل وتشعره بالغضب شعوره بالغيرة أو عدم اهتمام والديه به، وفي كثير من الأحيان تكون تصرفاته المزعجة ناتجة في أساسها عن هاتين المسألتين، ولذلك يجب استبعاد أسبابها لتجنب تصرفات الطفل المزعجة.

تلبية رغباته وحاجاته: للأطفال العديد من الحاجات والكثير من الرغبات وحرمانه منها يجعله يشعر بالغضب والإحباط وبالتالي يلجأ لإزعاج الآخرين بطرق عديدة مثل التذمر أو الغضب حتى يحصل عليها، ويمكن من خلال إشباع حاجاته هذه ضمن حدود معينة أن نزيل أسباب تصرفاته المزعجة.

عدم الإفراط في دلال الطفل: حيث أن الطفل المدلل الذي يشعر أنه يفقد دلاله هذا لأي سبب سوف يرى بأنه فقد قيمة معينة كان يتمتع بها، وهو يحاول من خلال إزعاج الآخرين أن يستعيد قيمته هذه، لذلك من الأجدى التعامل معه بطريقة متوازنة بين المحبة والواجبات منذ البداية.

أن يكون الطفل من النوع المزعج وخاصة بالنسبة لوالديه فهي مشكلة لا يستهان بها، وقد يكون لها آثار سلبية سواء على مستوى حاضر الأسرة بالنسبة للطفل ووالديه وطبيعة علاقتهم العاطفية أو الجو الأسري والمنزلي بشكل عام الذي سوف يكون دائماً مشحون بالقلق والتوتر، بالإضافة لآثار أكثر خطورة على مستوى شخصية الطفل بالمستقبل وتكوينه النفسي والعاطفي، ومن هنا كان لا بد من البحث في أسباب هذه المشكلة والتعرف على جوانبها وأشكالها بغية إيجاد أفضل الطرق في التعامل معها والتخفيف قدر المستطاع من آثارها وسلبياتها.
 

[1] مقال Mighty mommy " السلوكيات المزعجة عند الأطفال وكيفية تصحيحها" منشور في  QuickandDirtyTips.com. تمت مراجعته في 20/7/2019
[2] مقال Catherine Valadez lopez "كيفية التعامل مع الأطفال المزعجين" منشور في wikiHow.com. تمت مراجعته في 20/7/2019
[3] مقال الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة "ماذا يمكنك أن تفعل لتغير سلوك طفلك المزعج" منشور في familydoctor.org. تمت مراجعته في 20/7/2019