تعليم الطفل قبل دخول المدرسة

أهمية تعليم الطفل قبل دخول المدرسة، ما الأشياء التي يمكن تعليمها للطفل قبل أن يدخل المدرسة؟ وما هي صعوبات التعليم ما قبل المدرسة؟ ثم كيف يمكن البدء بتعليم الطفل قبل أن يدخل المدرسة؟
تعليم الطفل قبل دخول المدرسة

تعليم الطفل قبل دخول المدرسة

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

التعليم هو جواز السفر نحو المستقبل كما وصفه أحد السياسيين، ونحن من خلال تعليمنا لأطفالنا قبل دخولهم المدرسة نمنحهم هذا الجواز أو بطاقة العبور التي تساعدهم على سلوك الطريق الأسهل في الانتقال للمراحل التعليمية التالية.
ما أن يولد الطفل حتى يبدأ بالتعلّم حول كل شيء ويختلف ما يتعلمه من حيث الموضوع باختلاف حاجاته وقدراته التي غالباً ما تحددها مرحلته العمرية، وكل شيء يتعلمه الطفل يؤهله لتعلم شيء آخر جديد، وعلى هذا الأساس نتساءل هل يمكن فعلاً تعليم الطفل قبل أن يدخل المدرسة؟ وما الفوائد التي يمكن أن نجنيها من ذلك؟.
 

طبيعة المرحلة العمرية التي تسبق دخول الطفل للمدرسة تحمل العديد من المزايا[1]، سواء بما يتعلق بحالته النفسية والفكرية أو الوقت المتاح لديه للتجريب والاختبار وعدم وجود المسؤوليات، تجعل من التعليم في هذه المرحلة أسرع أو ربما أسهل[2]، ويمكن توضيح هذه المزايا كما يلي:

الحماس والدافعية: فبعض الدوافع النفسية الخاصة بمرحلة ما قبل المدرسة مثل تقليد الأخوة الأكبر سناً الطلاب في المدارس أو النظر إلى المدرسة على أنها مكان للعب والمتعة ينتج عنها نوع من الحماسة تجاه تجريب دور التلميذ بكل تفاصيله مثل كتابة الوظائف ومحاولة القراءة أو اللعب بالدفاتر والأقلام ومحاولة رسم الكلمات والأرقام فكل هذه المسائل يمكن استغلالها لترسيخ بعض المعلومات الأساسية في ذهن طفل ما قبل المدرسة.

يعتبر التعليم في هذه المرحلة بمثابة تهيئة الطفل لتلقي المعلومات النظرية المجردة في مرحلة لاحقة: فكل معلومات الطفل قبل المدرسة يحصل عليها غالباً من مصدرها المباشر ويختبرها من خلال التجريب الحسي مثل كيفية ارتداء الملابس واستخدام الأدوات، أو المعلومات النظرية مثل الأحرف والأرقام فهي أشياء تدرك ذهنياً، ويجب أن يتعلمها الطفل قبل دخوله المدرسة حتى يتمكن من فهم فكرتها وتترسخ في ذهنه.

ترسخ وتثبيت المعلومات بشكل أفضل: في المراحل العمرية المبكرة تكون ذاكرة الطفل أقل ازدحاماً بالمعلومات والواجبات والمسؤوليات، وبالتالي أكثر قدرة على حفظ وتخزين المعلومات الجديدة ويمكن من خلال إعطائه هذه المعلومات وربطها بأمثلة واقعية أن تترسخ أكثر في ذاكرته وتصبح جزء من بديهياته أو خبراته الأساسية التي لا يمكن أن ينساها.

الوقت المتاح للطفل الخالي من الواجبات: وهذه المسألة تعتبر ميزة لدى طفل ما قبل المدرسة فالأشياء المراد تعلمها من قبل الطفل غير مرتبطة بمواعيد امتحانية أو فترات زمنية محددة يجب حشو ذاكرته بالمعلومات قبل انتهائها، وإنما الوقت هنا متاح لإعادة شرح المعلومة للطفل واختباره بها حتى يحفظها ويفهمها جيداً.
 

animate

كأي هدف نسعى لتحقيقه في تربية أطفالنا أو كأي قيمة نريد غرسها في شخصياتهم فإن تعليمهم قبل المدرسة لا بد أن يواجه صعوبات تعرقل إلى حد ما نجاح هذه العملية، ومعرفة هذه الصعوبات يعد بمثابة البداية في تجاوزها أو إيجاد الوسائل المناسبة للتغلب عليها، فقد تعرقل عملية تعليم الطفل قبل المدرسة بسبب:

صغر سن الطفل وصعوبة السيطرة على رغباته: الطفل قبل دخول المدرسة لم يتعلم بعد فكرة أن يكون لديه واجبات ووظائف مدرسية وبسبب صغر سنه تكون أغلب أفعاله ناتجة عن رغباته وميوله بشكل مباشر مثل اللعب والتسلية أو الطعام والحاجات، وهذا يجعله أقل تقبلاً لتحمل المسؤوليات التي لا يدرك الغاية منها ولا يجد المتعة وتلبية حاجاته فيها.

المستوى التعليمي الضعيف للوالدين: حيث أن الوالدين إذا لم يكونا على مستوى تعليمي جيد فإن ذلك سوف يعيقهم ويجعلهم غير مؤهلين لتلقين طفلهم المعلومات الصحيحة وبالوسائل الناجحة التي تهيئه لدخول المدرسة، وهذا له أثر لاحق على نوع المعلومات التي يحصل عليه الطفل ومستواه وتحصيله التعليمي قبل دخول المدرسة.

الطبيعة المجردة النظرية لبعض المواد التعليمية: فالطفل في هذه المرحلة يتعلم من خلال الأمثلة أو التجريب الملموس والواضح، بينما بعض المواضيع المراد منه تعلمها مثل الكلمات والأحرف والعمليات الحسابية تعتبر ذات طبيعة نظرية مجردة تدرك ذهنياً وعقلياً وهي مسألة يصعب شرحها لطفل ما قبل المدرسة دون توضيحها من خلال الأمثلة الحية.

عدم اهتمام الطفل ببعض أنواع المعلومات المهمة: قد لا يولي الطفل اهتماماً كافياً لجميع المجالات التعليمية وذلك بسبب الفروق الفردية بين الأطفال، والشرط الأساسي ليفهم طفل ما قبل المدرسة المعلومات المطروحة عليه بشكل جيد ويحفظها أن يكون لديه ميل ورغبة واهتمام بها، وإلا فإنه سوف يهملها أو لا يركز أثناء شرحها له.
 

لا بد أن يكون نوع المعلومات التي يتلقاها الطفل قبل دخوله المدرسة موجهاً ومدروساً، فمن غير المنطقي مثلاً أن نحاول تعليم طفل لم يتجاوز السادسة من عمره ولا يجيد حتى القراءة والكتابة أو العمليات الحسابية البسيطة نظريات فيزيائية أو رياضية معقدة، بل يجب أن تكون المعلومة التي يتلقاها الطفل متناسبة مع مستواه العمري والعقلي ومتوافقة مع حاجاته وقدراته وإمكاناته وميوله الخاصة[3]، فمثلاً:

الحروف والأرقام: حيث يجب أن يتعلم الطفل هذه الحروف من حيث أساسياتها كأشكالها وكيفية لفظها وكيفية دمجها لتكوين كلمة، بالإضافة لتعلم بعض الأرقام البسيطة كالعد أولاً من الرقم 1 حتى 10 ثم تعلم كيفية كتابة كل رقم على حدى ثم الانتقال للعمليات الحسابية البسيطة كالجمع في البداية بين أرقام صغيرة وتبسيطها من خلال الأمثلة الواقعية، ثم الانتقال من الأرقام إلى الأعداد فنعلمه مثلاً  أن الرقم 10 نتج عن الدمج بين الرقم واحد والرقم صفر ثم الانتقال تدريجياً إلى أعداد أكبر وعمليات حسابية أعقد وأمثلة أكثر.

بعض قواعد القراءة والكتابة: والمقصود هنا القواعد البسيطة المرتبطة بكيفية قراءة الكلمة وتقليد كتابتها ولفظها ومن ثم تفكيكها إلى الأحرف المكونة لها ثم إعادة تجميع هذه الأحرف لصياغة الكلمة من جديد، وكيفية تهجئة الكلمات الجديدة وحفظ شكلها، وفي مرحلة لاحقة كيف يكوّن جملة من كلمتين والمفضل هنا استخدام الأمثلة المرتبطة بشكل مباشر بالطفل نفسه أو محيطه أو أغراضه.

أساسيات لغة ثانية: كأن يتعود الطفل على رؤية كلمات هذه اللغة ويتعلم أشكال ولفظ حروفها وطريقة كتابة هذه الحروف إن أمكن بالإضافة للأرقام واستخدام الأشكال والألوان للأمثلة والتمييز بين هذه الحروف والأرقام وممارستها معه حتى تترسخ في مخزونه المعرفي.

تنمية المهارات والمواهب: قد يبرز الطفل ميول واهتمامات حيال مهارات أو مواهب خاصة به بمرحلة مبكرة، وقبل دخول الطفل المدرسة يكون لديه الكثير من الوقت وليس لديه أي واجبات أو مسؤوليات والوقت متاح لتنمية هذه المواهب والمهارات إن وجدت.
 

لا بد إذاً من وجود وسائل تعليمية تعتبر ذات تأثير ونجاح أكبر بخصوص التعامل مع أطفال ما قبل المدرسة فكما لهذه المرحلة خصوصيتها التي تنبع من المستوى العقلي والإدراكي للطفل فهناك أيضاً خصوصية للوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق الغايات التعليمية فيها وذلك بحسب الظروف المواتية والمتاحة، ومن هذه الوسائل:

المكافئة والثواب: وهو من الأساليب التي أثبتت نجاحاً في تحفيز الأطفال وحثهم على التعلم إذا ما بقيت ضمن حدود معقولة ولم تتحول إلى رشوة بالنسبة للطفل، وهو أسلوب له شروطه الخاصة التي تحدد نوع المكافئة ونوع السلوك الذي يستحقها.

استخدام الصور والألوان: كأن يتعلم مثلاً أولاً التفريق بين الألوان ولفظها بالشكل الصحيح من ثم نكتب أمام كل لون أسمه ثم نجعله يقلد الكلمة ونعيد تقطيع الكلمات إلى حروف ثم نضع الأحرف في أشكال وأمامها كلمات تحمل أسم الحرف ثم تعليمه تفكيكها وهجائها.

الألعاب المخصصة لهذه الغايات: وهذه الألعاب واسعة الانتشار ومختلفة الأشكال والأنواع والأهداف التي صممت ليتعلمها الطفل، فبعضها مخصص لتعليم الحروف مثل المكعبات التي تحتوي على جميع أحرف الأبجدية والهدف منها تعليم شكل الحرف وطريقة لفظه، بالإضافة لألعاب الأرقام التي تحتوي عمليات حسابية بسيطة من خلال أشكال وطلبات ومهام معينة يجب على الطفل القيام بها.

التحليل والتركيب: وهما عمليتين ذائعتي الصيت في الأوساط التعليمية كوسائل مضمونة النتائج، مثل تعليم الطفل في البداية أن يقرن بين شكل بعض الكلمات البسيطة من حيث حروفها ومعناها مثل بابا أو ماما أو اسم الطفل نفسه ومن ثم تهجئتها أو تفكيكها إلى أحرف ثم إعادة تركيب الأحرف أو توصيلها لإعادة صياغة الكلمة وهنا يكون الطفل قد تعلم شكل الكلمة ولفظها ومكوناتها وكيفية كتابتها وإنشائها.

إدماج الطفل ببعض البرامج والأنشطة التدريبية والتأهيلية المخصصة لأطفال هذه المرحلة: مثل مرحلة التعليم التحضيري أو الروضة حيث أن هذه المؤسسات تساعد في تأهيل الطفل ببعض أسس المواد التي سوف يأخذها لاحقاً بالمدرسة بالإضافة لتأقلمه نفسياً واجتماعياً مع أجواء الروضة والأصدقاء والمعلمين لإعداده لتقبل المدرسة ونظامها وواجباتها ومجتمعها[4].

التقليد والغيرة: حيث أن التقليد والغيرة من سمات وخصائص الطفولة يمكن استغلالهما في عملية التعليم، فبدلاً من شعور الطفل بالغيرة من أحد أقرانه لديه قدرات أفضل من قدراته ويلفت انتباه واهتمام الآخرين، يجب حث الطفل على تقليد نجاحه والتفوق عليه إن أمكن.

استغلال وقت فراغ الطفل: يتميز التعليم السابق للمدرسة بأنه غير مرتبط بواجبات أو فحوصات تقييم أو فترات وأوقات مخصصة للتعليم والتدريس، وإنما الوقت متاح ويجب استغلال هذه الميزة بهدف ترسيخ المعلومة الصحيحة في ذهن الطفل والتأكد عدة مرات وبعدة طرق من أنه فهمها بالشكل الصحيح وخزنها بين معلوماته بشكل ثابت في ذهنه.

من الضروري عدم إهمال أي معلومة قد تعلمها الطفل: فأي شيء بعيد عن الممارسة معرض للنسيان لذلك يجب إعادتها وتكرارها حتى ترسخ في ذهنه بشكل أكيد.

 تعليم كل شيء بشكله الصحيح: فالوقت متاح وكل ما كانت المعلومة أصح في ذهن الطفل ووسيلة تلقينها له أفضل فمن الأسهل أن تترسخ وتثبت في ذاكرته وتتحول لجزء من خبراته.

التعليم رحلة الهدف منها بلوغ غاية معينة وكلما بدأت الرحلة أبكر كان من الممكن بلوغ الهدف أبكر، ونحن إذ نبدأ بتعليم أطفالنا بوقت مبكر واستباق مرحلة دخولهم المدرسة لإكسابهم بعض المعلومات فالغاية من ذلك تهيئتهم لتلقي المعلومات في المدرسة بطريقة أبسط وترسيخها في عقولهم بشكل أثبت وأعمق، ولكن يجب أن نأخذ بالاعتبار خلال هذه العملية قدرات الطفل ودرجة استيعابه بهدف تحديد نوع ومستوى المعلومات التي يجب أن يتعلمها بالإضافة للوسيلة التي يجب أن نسلكها معه.
 

[1] مقال "تعليم الطفل ما قبل  المدرسي" منشور في .basicknowledge101.com. تمت مراجعته في 23/7/2019.
[2] مقال  Robin McClure "هل التعليم قبل المدرسة مهم؟" منشور في verywellfamily.com. تمت مراجعته في 21/7/2019.
[3] مقال Damien Fletcher  "أشياء يجب على الطفل أن يكون قادر على فعلها قبل دخول المدرسة" منشور في Mirror.com. تمت مراجعته في 20/7/2019
[4] مقال "حول تعليم الطفل قبل المدرسة لمواجهة التحديات في الفصل الدراسي" منشور في the learning lab.com. تمت مراجعته في 20/7/2019.