علامات القلق الاجتماعي عند الأطفال وطرق العلاج

معاناة الطفل من حالة الرهاب أو القلق الاجتماعي مشكلة شائعة بدرجات مختلفة لدى الكثير من الأطفال، وهي تثير قلق الأهل بشكل كبير لما قد يكون له من نتائج على شخصيته وعلى علاقاته ومستقبله الاجتماعي في أي جانب من جوانب حياته، لذا من المهم التعرف على أسباب معاناة الطفل من القلق الاجتماعي، وما هو هذا الاضطراب، وكيف يتم علاجه.
اضطراب القلق الاجتماعي لدى الأطفال هو أحد اضطرابات القلق المصنفة ضمن الاضطرابات النفسية في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي.
ويتم تعريف اضطراب القلق الاجتماعي عند الأطفال (Social Anxiety Disorder – SAD) بأنه اضطراب نفسي يتمثل في خوف شديد ومستمر من واحد أو أكثر من المواقف الاجتماعية أو الأداء التي قد يتعرض فيها الطفل لملاحظة أو تقييم الآخرين، مثل التحدث في الصف، أو الانضمام إلى مجموعات جديدة، أو الأداء أمام الآخرين، ويخشى الطفل من أن يتصرف بطريقة محرجة أو أن يظهر عليه القلق حيث قد يؤدي إلى الرفض أو السخرية من الآخرين.

- قد لا يُفصح الطفل بشكل مباشر عن خوفه أو قلقه الاجتماعي، لكن سلوكياته اليومية قد تكشف الكثير، تبدأ معرفة إذا كان الطفل يعاني من رهاب اجتماعي غالباً من مواقف بسيطة، مثل رفضه المستمر للذهاب إلى حفلات أعياد الميلاد أو تردده الكبير في التحدث أمام الصف، وقد يبدو وكأنه خجول أكثر من اللازم، لكنه لا يكتفي بالصمت، بل يبدو عليه التوتر الجسدي الشديد، كالتعرق أو ارتعاش اليدين أو حتى شكوى من ألم في المعدة أو صداع قبل المناسبات الاجتماعية.
- في المدرسة قد يتجنب الطفل الذي يعاني من رهاب اجتماعي المشاركة في النقاشات أو الامتحانات الشفوية، رغم معرفته بالمحتوى، خوفاً من أن يُخطئ أو أن يضحك عليه زملاؤه، يمكن أن تراه يختار الجلوس في آخر الصف، ويتجنب النظر في أعين الآخرين، ويتحدث بصوت منخفض يكاد لا يُسمع، وإذا طُلب منه أداء مهمة أمام المجموعة، قد يصاب بشبه شلل نفسي، أو يبكي، أو يطلب مغادرة الصف.
- وفي التجمعات العائلية، يظهر عليه التوتر إذا طُلب منه قول شيء أمام الحاضرين، وقد يُمسك بثياب أمه أو يختبئ خلف والده، ويرفض اللعب مع الأطفال الآخرين، مفضلاً البقاء وحيداً رغم رغبته الداخلية في الاندماج.
- غالباً ما يستخدم الطفل المصاب بالقلق الاجتماعي عبارات مثل (لا أريد أن أتكلم - سيضحكون علي - أنا لا أعرف ماذا أقول - أنا سيئ في هذا الشيء) وهذه الجمل ليست مجرد كلمات، بل مؤشرات على أنه يُعاني من خوف داخلي عميق من التقييم أو الإحراج.
- بمرور الوقت قد يُظهر الطفل علامات انسحاب اجتماعي واضحة فيصبح أكثر عزلة، ويُفضّل البقاء في البيت على اللعب مع الأصدقاء، ويتجنب أي نشاط يتطلب تفاعل اجتماعي وقد يتطور الأمر إلى انخفاض الثقة بالنفس والشعور بالنقص أمام الآخرين.
إذا كانت هذه السلوكيات مستمرة لأكثر من ستة أشهر، وتؤثر بشكل واضح على حياته الدراسية والاجتماعية، فقد يكون من الضروري التوجه لاختصاصي نفسي لإجراء التقييم اللازم والتدخل المبكر.
- الخوف المفرط من التفاعل الاجتماعي: يظهر الطفل خوف غير مبرر عند التحدث مع الآخرين، خاصة من غير المألوفين، أو عند التفاعل مع زملاء الصف أو المعلمين، مثل أن يتجنب رفع يده في الصف أو المشاركة في الأنشطة الجماعية.
- تجنب المواقف الاجتماعية: يفضل الطفل الذي يعاني من قلق اجتماعي الانسحاب من المواقف التي تستدعي التواصل أو الأداء أمام الآخرين خوفاً من الإحراج أو السخرية، مثلاً يرفض الذهاب إلى حفلات أعياد الميلاد أو الرحلات المدرسية.
- القلق المسبق من الأحداث الاجتماعية: يبدأ هذا الطفل في إظهار علامات قلق واضحة قبل فترة من أي حدث اجتماعي متوقع، فقد يعاني من اضطرابات في النوم أو آلام في البطن قبل يوم عرض مدرسي.
- أعراض جسدية مرتبطة بالقلق: تظهر على الطفل الذي يعاني من قلق اجتماعي علامات جسدية مثل تسارع ضربات القلب، والتعرق، والارتعاش، أو شعور بالغثيان عندما يكون في موقف اجتماعي، حيث قد نلاحظ أنه يشكو من ألم في المعدة كل صباح قبل الذهاب إلى المدرسة.
- صعوبة في إجراء تواصل بصري: يجد الطفل صاحب اضطراب القلق الاجتماعي صعوبة في النظر إلى عيون الآخرين أثناء الحديث، فهو يُبقي رأسه منخفضاً عند الحديث مع الكبار أو الغرباء.
- الخوف من التقييم أو السخرية: يكون لدى هذا الطفل غالباً اعتقاد بأنه سيتم الحكم عليه أو السخرية منه إذا ارتكب خطأ، لذا فهو قد يتجنب قراءة شيء بصوت عالٍ حتى لا يخطئ أمام الآخرين.
- التمسك الشديد بالأهل: يرفض الطفل الانفصال عن الأهل في المواقف الاجتماعية الجديدة، ويصر دائماً على البقاء بجانب أحد والديه في الأماكن العامة أو عند دخول الصف.
- العوامل الوراثية (الاستعداد الجيني): تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين لديهم أقارب من الدرجة الأولى يعانون من اضطرابات القلق، يكونوا أكثر عرضة للإصابة باضطراب القلق الاجتماعي، والتفسير أنه قد تنتقل بعض الخصائص الجينية المرتبطة بالقلق، كفرط الحساسية أو الميل لتضخيم المخاطر.
- الطبع الانسحابي: الأطفال الذين يظهرون سمات مثل الانكفاء أو الانسحاب أو الخجل الشديد في سنواتهم الأولى يكونون أكثر عرضة لاضطراب القلق الاجتماعي، وذلك لأن الطفل المنطوي بطبعه قد يواجه صعوبة في التكيف مع المواقف الاجتماعية، ما يمهد لتطور اضطراب القلق الاجتماعي.
- أنماط التربية والأسرة: أسلوب التربية المتسم بالحماية الزائدة أو النقد المستمر قد يضعف من ثقة الطفل بنفسه ويعزز خوفه من التقييم، فعندما لا يُمنح الطفل فرصة لتجربة المواقف بنفسه، أو يُعاقب على الأخطاء الاجتماعية، فإنه يبدأ بتجنبها خوفاً من الفشل أو الإحراج.
- التعرض لتجارب مؤلمة أو محرجة: قد يؤدي تعرض الطفل لتجربة محرجة أمام الآخرين (مثل السخرية أو التنمر أو الرفض الاجتماعي) إلى تطور خوف دائم من المواقف الاجتماعية، حيث يتعلم الطفل أن هذه المواقف تمثل خطر، فيتجنبها لاحقاً لتفادي تكرار التجربة السلبية.
- نقص المهارات الاجتماعية: الأطفال الذين لم تُتاح لهم فرص كافية لتطوير مهاراتهم الاجتماعية قد يجدون صعوبة في التعامل مع الآخرين، ويؤدي ذلك إلى شعورهم بالإحراج والقلق، لأن عدم القدرة على التعبير أو التفاعل بشكل مناسب قد يولد لديهم اعتقاد بأنهم أقل كفاءة اجتماعياً.
- تعلم وتقليد السلوك: إذا لاحظ الطفل أن أحد والديه أو أقاربه يعاني من قلق اجتماعي أو يتجنب التفاعل الاجتماعي، فقد يتعلم هذا السلوك ويقلده، وذلك كون الأطفال يتعلمون من خلال الملاحظة، فيرون في القلق طريقة عادية للتعامل مع المواقف الاجتماعية.
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يُعد الخيار العلاجي الأكثر فاعلية للقلق الاجتماعي عند الأطفال، ويهدف إلى مساعدة الطفل على التعرف على الأفكار السلبية المرتبطة بالمواقف الاجتماعية والعمل على تعديلها، ويشمل هذا النوع من العلاج تعريض تدريجي للمواقف المثيرة للقلق، ما يساعد الطفل على التكيف والتغلب على مخاوفه.
- تدريب المهارات الاجتماعية: يُستخدم هذا النمط العلاجي مع الأطفال الذين يفتقرون إلى المهارات الأساسية للتواصل، حيث يتم التدريب عبر جلسات فردية أو جماعية، باستخدام أساليب مثل لعب الأدوار والتفاعل الموجه، لتعزيز ثقة الطفل بنفسه وقدرته على المبادرة الاجتماعية.
- إشراك الوالدين في الخطة العلاجية: يشمل ذلك تثقيف الوالدين حول طبيعة الاضطراب، وتدريبهم على كيفية دعم الطفل وتشجيعه دون ممارسة ضغط زائد أو نقد مستمر، فدور الأسرة أساسي في تعزيز فعالية العلاج النفسي.
- التعاون مع المدرسة: يتضمن تنسيق الجهود بين الأخصائي النفسي والمعلمين لتوفير بيئة تعليمية آمنة، وتجنب إحراج الطفل أمام زملائه، وتقديم تسهيلات تساعده على المشاركة دون ضغط.
- العلاج الدوائي (عند الحاجة): يُستخدم فقط في الحالات الشديدة، وبعد تقييم دقيق من طبيب نفسي متخصص في الأطفال، غالباً ما تُستخدم مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) للمساعدة في تخفيف الأعراض.
- الأنشطة الداعمة المرافقة: مثل تمارين التنفس والاسترخاء، والمشاركة في هوايات جماعية، أو الرسم والتعبير الفني، فتسهم هذه الأنشطة في تقوية مهارات الطفل الاجتماعية وتعزيز شعوره بالراحة والثقة.
- استمع إلى طفلك دون مقاطعة أو تقليل من مشاعره، وذلك بإظهار التفهم والدعم بحيث يُخفف من حدة القلق ويُعزز الثقة.
- تجنب الانتقاد أو السخرية من خجله أو تجنبه للمواقف، فالقبول هو الخطوة الأولى للعلاج.
- شجع التدرج في التعرض للمواقف الاجتماعية، ولا تدفعه فجأة، بل ساعده على التقدم بخطوات صغيرة.
- عزز ثقته بنفسه عبر الثناء على المحاولات، لا النتائج فقط، حتى المحاولات البسيطة تستحق التقدير.
- كن قدوة في التفاعل الاجتماعي الإيجابي، الأطفال يراقبون ويقلدون سلوك الكبار.
- وفر له بيئة آمنة خالية من المقارنات والضغط، الأمان النفسي يُخفف القلق تدريجياً.
- تعاون مع المدرسة والمعلمين لتوفير دعم مناسب، التفاهم المدرسي يساعد في خلق بيئة مشجعة.
- تعلم أساسيات اضطراب القلق الاجتماعي لتفهمه بشكل أعمق، فالمعرفة تساعد على اتخاذ قرارات صحيحة.
- احرص على توازن بين الحماية والتشجيع على الاستقلالية، المبالغة في الحماية قد تُعزز التجنب.
- لا تتردد في طلب المساعدة من أخصائي نفسي للمساعدة في التعامل مع الطفل الذي يعاني من القلق الاجتماعي.