إيجاد الغاية والمعنى في الحياة

اكتشاف المعنى في سعيك لأهداف حياتك.. ما هي خطوات تعزيز معنى الوجود والعمل؟ كيف تساهم في تغير العالم بامتلاك الغاية والأهداف؟
إيجاد الغاية والمعنى في الحياة

إيجاد الغاية والمعنى في الحياة

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يبدو الكلام في الغاية والمعنى من الحياة.. للوهلة الأولى ترفاً لغوياً لا يجذب الكثيرين لمتابعة القراءة، لكن امتلاك المعنى والسعي لتحقيق غاية وجودك، ينعكس حتماً على كل مجالات حياتك وشكل علاقاتك، كذلك يمهد الطريق لمستقبلٍ تملك نحوه شعوراً طيباً وتكون مستعداً لكل ما يخبئه الغد.
فكيف تعزز وجود المعنى من حياتك؟ وما هي الخطوات الأساسية للعمل على تحقيق أهدافك؟ هل وجود معنى من الحياة ينتهي مع التقدم بالعمر؟.. ماذا عن إيجاد الفرصة للعيش بإيجابية والتأثير بمكن حولك بعد عمر الستين؟!
حسناً.. قد يبدو ل أننا نتحدث بطريقة فلسفية معقّدة، لكننا سنوضح بالخطوات ماذا نقصد، وماذا تفعل لإيجاد الغاية وتحقيق الأهداف.. فتابع القراءة.

الخطوة الأولى والأساسية لاكتشاف هدفك من الحياة
لا يتعلق الأمر بمدى انخراطك في المجتمع من خلال العمل والعائلة، لكن عليك أن تخرج من فقاعتك الشخصية وتلك الزاوية الصغيرة التي ترى من خلالها بقية العالم، هذه الفقاعة هي مجموعة من المعتقدات الخاصة بك والروتين، كذلك الحقائق الشخصية ومصادر المتعة، إنه الركن الذي يجعلك تشعر بأنك مدهش (من هنا منبع الغرور)، لأنك قضيت فيه كل حياتك مما يجعله مثالياً.
أنت تعرف جميع نقاط القوة وكل نقاط الألم لديك، فصممت الفقاعة لتسمح لك بالاستمتاع بها فقط، لكن هذه الفقاعة يمكن أن تخنقك، لأنها تحدّ نموك، مما يجعل التعامل مع الحياة الموجودة خارج الفقاعة صعباً عليك، مثلاً.. إذا قام أحدهم بإهانتك أو إيضاح حقيقة مخزية عنك (اتكالي في العمل مثلاً) رد فعلك الغريزي هو التراجع إلى فقاعتك حتى تنسى ما قيل، ولا تعلم أنه لا أحد مثالي وانه لا بد لديك من الإيجابيات والمواهب ما سيجعلك تفيد الآخرين من حولك، وتلمس فرحة العطاء.
أنت لست محور هذا الكون؛ بل جزء منه فتعلم كيف تتناغم مع محيطك، هذه أولى الخطوات لاكتشاف معنى وغاية وجودك، والهدف الأكبر الذي تسعى لتحقيقه.

animate

المفتاح الأساسي لمعرفة هدفك من الحياة

يمكن النظر إلى المشاعر التي تقود هدفك في الحياة على أنها رومانسية بحتة، أو حتى غير قابلة التفسير أو كهلوسة وأوهام.. لكن هناك طريقة أخرى لرؤيتها، وهي طريقة حقيقية وعملية وقابلة للتفسير؛ ألا وهي "تركيبك الوراثي" وكيف شكّلتك الجينات وهو ما يميزك كفرد في هذا الكون.
فلن يتكرر هذا التفرد أبداً فبالنسبة لنا جميعاً، حيث يعبر عن نفسه أولاً في مرحلة الطفولة من خلال بعض الميول الفطرية، وقوى التكيف مع المحيط التي توجهنا إلى تجارب معينة مميزة عن تجارب الآخرين، عندما تحركنا هذه القوى هنا أو هناك، فإنها تؤثر على تطور عقولنا بطرق معينة، كذلك تريد بطبيعة الحال أن تؤكد وتعبّر عن نفسها، حيث يختبرها البعض بوضوح أكبر من الآخرين.
بميلادك تزرع بذرة وهي تفردك، إنها تريد أن تنمو وتغير نفسها وتزدهر بكامل إمكاناتها، بذرة لديها طاقة طبيعية ولازمة، لذلك فإن مهمتك هي هذه الزهرة التي تعبر عن تفردك من خلال عملك، حيث أن لديك مصير للوفاء به، كلما حافظت عليه بشكل أقوى، كلما زادت فرصتك في إنجاز مهمة حياتك بإتقان.

ما الذي يجعلك تضيّع ميزاتك الفردية؟

ما يضعف هذه القوى الفطرية وما يفقدك الشعور بها أو حتى أن تشكك بوجودها ربما، هو الدرجة التي استسلمت بها إلى قوة أخرى في الحياة (الضغوط الاجتماعية) لتتكيف وتتوافق، هذه القوى المضادة يمكن أن تكون فعالة جداً، بحيث تشعر أن ما يجعلك مختلفاً هو أمر محرج أو مؤلم، وغالباً ما يعمل والديك كقوة مضادة أيضاً، فقد يسعون لتوجيهك إلى مسار مهني مربح ومريح، بالتالي إذا أصبحت هذه القوى المضادة قوية بما فيه الكفاية، يمكن أن تفقد الاتصال الكامل مع تفردك.. مع من أنت في الحقيقة،  فتصبح ميولك ورغباتك على غرار تلك الشبيهة بما لدى الآخرين، لينتهي بك المطاف في اختيار مهنة لا تناسبك، بالتالي تتلاشى رغبتك واهتمامك ببطء وتعاني في عملك كنتيجة لذلك، ونظراً لأنك ستصبح أقل تفاعلاً في حياتك المهنية، فإنك تفشل في الانتباه إلى التغييرات التي تحدث في هذا المجال، إذ أنك في لحظات عندما يجب عليك اتخاذ قرارات مهمة، تتعثر أو تتبع ما يفعله الآخرون لأنك لا تملك أي إحساس بالاتجاه الداخلي أو البوصلة الفطرية التي توجهك، حيث كُسر اتصالك بمصيرك الذي بدء لحظة ولادتك.

مراحل تحقيق هدف وغاية الحياة
بأي ثمن يجب عليك تجنب هذا المصير (لا تضيع بوصلة تميزك كفرد)، حتى لو بلغت من  العمر ستين (في فقرة لاحقة سنتحدث عن اكتشاف معنى الحياة بعد عمر 60)، حيث يمكن أن تبدأ عملية متابعة مهمة حياتك حتى إتقانها في أي مرحلة من مراحل الحياة، لأن القوة المخبأة داخلك موجودة هناك وجاهزة للانخراط، وتأتي عملية تحقيق غاية حياتك على ثلاث مراحل:

  • عليك إعادة الاتصال بميولك وتفردك: الخطوة الأولى هي دائما إلى الداخل، حيث كنت تبحث في الماضي عن علامات هذا الصوت الداخلي أو القوى التي تحدثنا عنها ونعجز عن وصفها بكلمات مجردة، كما لا تبالغ في الحديث عن ما تريده من أعماقك فقد تربك (الأهل والأقران)، إذ عليك أن تبحث عن نمط أساسي وجوهري لشخصيتك، كما يجب أن تفهمه بأكبر قدر ممكن من الوضوح بينك وبين نفسك وأن تعرف أيضاً ماذا تريد بالفعل.
  • عندما تعيد الاتصال مع ما تريده فعلاً؛ اختر المسار المهني المناسب: من الضروري توسيع مفهوم العمل بالنسبة لك، ففي كثير من الأحيان تقوم بفصل مضمار حياتك المهني والخاص، كما تنظر إلى العمل كوسيلة لكسب المال حتى تتمكن من التمتع بتلك الحياة الخاصة.. فحتى لو حصلت على بعض الرضا من مهنتك، فما زلت تميل إلى تجزئة حياتك بهذه الطريقة، وقد تحدثنا في مقال سابق عن أهمية التكامل بين المهني والخاص لأن التوازن أو الفصل التام بينهما محبط، ففي النهاية ننفق جزءاً كبيراً من حياتنا اليقظة في العمل، بالتالي إذا عانينا فإن ساعات العمل لدينا تمثل وقت مأساوي لحياة نعيشها.
    بدلاً من ذلك لا بد أن ترى عملك كشيء أكثر إلهاماً، كجزء من مصيرك في الحياة، فكلمة مهنة في المعنى اللاتيني (vocation) هي النداء الداخلي للعمل، مع مرور الوقت أشارت إلى أي عمل أو دراسة تُشعر الشخص بأنها مناسبة لمصالحه لاسيما الحِرف اليدوية، مع ذلك فقد حان الوقت لأن نعود إلى المعنى الأصلي للكلمة (نداء داخلي للعمل)، لأنها الأقرب إلى فكرة إتقان مهمة الحياة.
    القوة التي تدعوك من الداخل تنبع من تفردك وتميز شخصيتك، ليخبرك ما هي الأنشطة التي تناسب هذه الشخصية، وعند نقطة معينة تدعوك إلى شكل معين من العمل أو المهنة. عملك هو شيء متصل بعمق مع حقيقتك، وأكرر.. ليس مرحلة منفصلة من حياتك، بالتالي ستطور غاية وجودك من خلال مهنة معينة تقوم بها.
  • يجب أن تدرك أن مسارك المهني؛ عبارة عن تقلبات وانعطافات وليس خطاً مستقيماً: تبدأ باختيار حقل أو منصب وظيفي يتوافق تقريباً مع ميولك، وهذا الموقف الأولي يوفر لك مساحة للمناورة في معركة الحياة ومهارات للتعلم، هذا منطقي.. لأنك تحتاج إلى كسب العيش وإثبات بعض الثقة بالذات، ثم على هذا الطريق تكتشف بعض الطرق الجانبية التي تجذبك، في حين تبتعد عن جوانب أخرى، يمكنك ربما الانتقال إلى حقل ذي صلة بما يميزك والاستمرار في معرفة المزيد عن نفسك، لكن عليك دائماً توسيع قاعدة مهاراتك، فأنت تأخذ ما تفعله للآخرين (أرباب العمل) وتجعله ملكاً لك.
    في نهاية المطاف، سوف تصل إلى تخصص معين، أو فرصة تناسبك تماماً، سوف تتعرف عليها عندما تجدها لأنها ستثير لديك ذلك الشعور الطفولي بالعجب والإثارة، وبمجرد العثور على شيء مناسب، سوف تتعلم بسرعة أكبر وبشكل أكثر عمقا كما سيصل مستوى مهارتك إلى نقطة يمكنك من خلالها بدء مشروعك الخاص، ولأنه يوجد في هذا العالم الكثير مما لا يمكننا السيطرة عليه؛ سوف تمتلك القوة لتحدد ظروفك بصفتك سيد نفسك، ولن تكون خاضعاً لأهواء رؤساء العمل أو الأقران.
  • قد يبدو هذا التركيز على تفردك ومهاراتك  للحياة؛ شاعري ولا يؤثر على الواقع العملي: لكنه حقيقةً ذو صلة بالزمن الذي نعيش فيه، حيث يمكننا الاعتماد بدرجة أقل؛ على ما تقدمه الحكومة أو الشركة التي نعمل فيها أو العائلة التي ننتمي إليها أو الأصدقاء.. لمساعدتنا وحمايتنا، إنها بيئة معولمة وقاسية التنافس، لذا يجب أن نتعلم تطوير أنفسنا، وفي نفس الوقت هذا العالم يعج بمشاكل وفرص حرجة، يتم حلّها على أفضل وجه من قبل أشخاص مميزين(الأفراد أو المجموعات الصغيرة الذين يفكرون بشكل مستقل)، ويتأقلمون بسرعة لأنهم يمتلكون وجهات نظر فريدة، لذلك كن على ثقة بأن مهاراتك الإبداعية الفردية ستكون بالفعل فريدة "كن من أنت بتعلّم من أنت".
    الشعور بأننا مدعوون لإنجاز شيء ما هو أكثر الطرق إيجابية لتزويدنا بهذا الإحساس بالهدف والغاية ومعنى الحياة، كما لا ينبغي النظر إلى هذا السعي على أنه أناني أو معاد للمجتمع، لأنه في الحقيقة مرتبط بشيء أكبر بكثير من حياتنا الفردية، حيث يعتمد تطورنا كنوع على خلق تنوع هائل من المهارات وطرق التفكير جماعياً، إذ نزدهر بالنشاط الجماعي للأشخاص الذين يزوّدون المجتمع بمواهبهم الفردية.. وبدون هذا التنوع؛ تموت الثقافة.

معايير العيش التي تساعد على إيجاد معنى للحياة
هدفك في الحياة يأتي بتقاطع كل من نقاط القوة في القيام بشيء جيد، كذلك مصالحك واهتماماتك والشعور بالتقدير، بالإضافة إلى الإيمان بأن عملك يحسن حياة الآخرين، فإذا كنت تفعل شيئاً جيداً بشكل طبيع.. فإنه ممتع بشكل طبيعي أيضاً، وإذا كان ما تفعله هو موضع تقدير من الآخرين.. فإنه يمنحك السعادة التي لا تأتي إلا صدفة، كذلك إذا كان عملك مما يساهم في تحسين حياة الآخرين، فسيكون مجزي لك بشكل تلقائي، هذا ينطبق على أي وظيفة وأي مهنة، ولن يخبرك أحد بأن ما تقوم به يحمل هذه المعايير أو القيم الثلاثة؛ عليك أن تعرف بنفسك.
هذا بالتأكيد مسعى جدير بالاهتمام، فقد أظهرت الأبحاث أن معرفة غاية ومعنى الحياة يزيد 7 سنوات في متوسط العمر المتوقع للأفراد، وكي نجعل الأمر أكثر واقعية وملموساً بالنسبة لك؛ دعنا نفسر هذه المجالات الثلاث:

  • نقاط القوة في القيام بشيء ما: تقوم ببعض الأشياء بشكل أفضل من الآخرين، ومن المهم معرفة ما هي نقاط القوة لديك، لأن تطبيقها يرتبط بزيادة الرضا في العمل والمشاركة والإنتاجية، واستخدام نقاط القوة لدينا تجعلنا أكثر سعادة وأكثر نجاحاً أيضاً.
  • مصالحك واهتماماتك والشعور بالتقدير: قد يبدو الأمر سهلاً واضحاً، لكن تحديد الاهتمامات والمصالح الشخصية في العمل أمر قد يكون صعباً للبعض، فغالباً ما يُطلب منك اتباع حدسك، لكن العديد من الأشخاص ليس لديهم شغف مسبق بما يفعلون، والواقع أن الشغف لا يوجد فقط في كثير من الأحيان.. بل يحتاج إلى التطوير، لذلك من الأفضل أن تبدأ التفكير في أي شيء تهتم به أو تستمتع بالقيام به (حتى عن بعد)، خذ الوقت الكافي لكتابة مجالات اهتمامك، ثم أضف إلى القائمة كلما كان هناك شيء يجعلك سعيداً أو فضولياً أو مهتماً بمعرفة المزيد، مع مرور الوقت سوف تظهر الاتجاهات التي تهتم بها وسيكون لديك فكرة جيدة لما تستمتع به حقاً.. 
    إذا واجهتك مشكلة.. فابدأ بتصميم ما سيكون عليه يومك المثالي، من وقت الاستيقاظ إلى وقت النوم، حتى أن التفكير في كيفية اختيار قضاء فترة ما بعد الظهيرة يوم العطلة؛ يعطي مؤشراً جيداً لاهتماماتك.
    لقد اكتشفتُ أنني أحب القراءة والكتابة حول التطوير الذاتي وفلسفة الحياة؛ من خلال العمل مع موقع حلّوها.
  • الإيمان بأن عملك يحسن حياة الآخرين: الآن وقد تم تحديد أعلى نقاط القوة والمصالح الخاصة بعملك واهتماماتك، ومع توحيد هاتين القوتين فقط سواء في مهنة أو هواية، وما تحققانه في سعادتك ونجاحك؛ ستجد هدفك في الحياة، بالتالي من المهم إفادة الصالح العام، فإن مجرد الجمع بين نقاط القوة لديك ومصالحك سيكشف بطبيعة الحال عن مسار لمساعدة الآخرين، حيث لا تحتاج إلى التفكير في المشكلات العالمية الرئيسية فقط (كتغير المناخ والمجاعات في العالم.. الخ)؛ لكن هناك حاجة إلى مساهماتك الفريدة لصالح أفراد عائلتك أو مجتمعك، أو مدرستك، أو مدينتك، أو شركتك (أو مجموعة أخرى أو منظمة أخرى مهمة بالنسبة إليك) أيضاً.
    مثلاً.. يمكنك تركيز جهودك على التوجيه أو التدريب في مجال تخصصك، أو ربما كنت طبيباً لديه شغف بالسفر، لذلك ابحث عن فرص للتطوع في خدمات طبية خارج بلادك، أو ربما تكون موهوباً بالأرقام أو أحد المهتمين بأسواق المال، بالتالي فهي مناسبة تماماً لمساعدة الناس على جمع الثروات والادخار للتقاعد.

يمكنك إيجاد معنى لحياتك ولو بلغت الستين من العمر
"لكل منا هدف محدد، وظيفتك الحقيقية في الحياة هي معرفة سبب وجودك والتعرف على الأفعال كي تحقق هذا الهدف"، هذا ما تقوله الإعلامية الأمريكية والمرأة المُلهمة أوبرا وينفري، إنها مثال حي وجميل لتجديد ما يعنيه تبني الغاية والمعنى في كل مرحلة من مراحل الحياة.
إنه معنى وجوهر وجودنا، فما هو الوقت الأفضل من الآن لاستكشاف الأشياء التي نريد التعبير عنها في حياتنا؟ ليس فقط من خلال الوظيفة أو العمل التطوعي أو أدوار الوالدين في رعاية أبنائهم، فمعنى وغاية وجود قيمة في حياتنا وحياة الآخرين؛ بدأ يتكشف في ثقافاتنا من خلال إدراك أن لدينا الكثير لنقدمه للعالم مع تقدمنا في العمر.
كما أن البشر في عمر الشيخوخة لديهم قدرات معرفية أعلى عندما يكون لديهم إحساس أكبر بالهدف والمعنى، حيث تتحسن أنماط النوم عندما يكون لدى الأشخاص المسنين شعور بالهدف، كما أن المعنى والغاية لديهم في علاقة مباشرة مع حدسهم من خلال تجاربهم وعلاقاتهم، وعندما تتواصل مع الآخرين من خلال هذا الحدس، تقوم بحل دروعك الواقية وتنفتح على علاقات جديدة، هذا يمكن أن يكون تحديا إلى حد ما لمن لديه تجارب قاسية، لكن التجربة القاسية تقودنا إلى معرفة مهمة حول الحياة، بالتالي فتح قلوبنا من خلال التواصل بالحدس والمشاعر، وهو ما يتقنه كبار السن.

إليك أهم الطرق التي تكشف من خلالها المعنى والغرض من حياتك بعد عمر الستين:

  1. مخاطرة الشعور باللحظات الصادقة: قم بتسجيل قائمة بتلك اللحظات في يومك، والتي لاحظت فيها السعادة، إذا لم تستطع فابحث أكثر.. في نهاية الأمر سيتوازن وعيك للتركيز على الإيجابيات بدلاً من السلبية.
  2. استخدم حواسك للتواصل مع قلبك: هل يمكنك شم رائحة الورد لأنها تزهر كل يوم؟ هل تشعر برودة نسيم لطيف على بشرتك؟ هل يمكنك شم وتذوق الطعام المفضل لديك؟ هل يمكن أن تكون شاهداً على جمال شروق الشمس أو غروبها أو قوس قزح؟... لاحظ كيف تغير هذه التجارب من تركيزك وشعورك، ربما أن جزءاً من الغرض في هذه اللحظات؛ خلق الجمال كل يوم في حياتك والسماح له بالتموج من خلالك إلى المحيطين بك في حياتك.
  3. فعّل خيالك: الأطفال سحريون في كيفية تخيلهم واختيارهم كيفية اللعب، افعل مثلهم.. ارسم، لوّن، أكتب، افعل شيئاً!.. اسمح لنفسك أن تكون مبتدئاً، فكل يوم هو بداية جديدة.
  4. غني.. اجعل الموسيقى رفيقة يومك: جرب الغناء في السيارة وأثناء الاستحمام، أينما كنت طالما ترغب في ذلك، واستمع إلى الموسيقى التي تحبها، فالأشخاص الذين يستمعون إلى الموسيقى السعيدة يزداد لديهم تفكيرهم الإبداعي، أليس هذا اتصالاً بمعنى حياتك؟! 
  5. ساعد الآخرين: عندما تساعد الآخرين خاصة من خلال بعث الراحة فيهم؛ تتواصل مع قلبك في حقيقة الأمر، فتجاوز ذاتك ومساعدة الآخرين بتحقيق فرق في مشاعرهم سيفاجئك بمدى التغيير الذي يُحدثه لديك.. إنك من خلال أفعالك تعبر عن سعادتك، كما "تعرف ما عليك فعله لتحقيق غايتك في الحياة".. كما تقول أوبرا، فهناك عالم بانتظارك مهما بلغت من العمر.

الخطوات الأساسية لإيجاد الغاية في الحياة
كثيراً ما تسأل نفسك: "هل أنا سعيد في حياتي؟" يطاردك هذا السؤال دوماً بطريقة قد تؤدي إلى شعورك بالإحباط، ففي عصر قائم على تقييم موقعك وكيف تشعر وكيف تعيش باستمرار!!.. من خلال انتشار التكنولوجيا التي فتحت العالم على بعضه؛ يصبح البحث عن السعادة مملا بل وغير مشجع في أكثر الأحيان، لذا يرى علماء النفس أن ما يريده البشر فعلياً هو إيجاد معنى لحيواتهم، حيث أشارت دراسة مهمة منذ عام 2011؛ "أن البحث عن السعادة يولد التعاسة!".. فمن خلال معاينة التأثيرات المتناقضة لتقييم السعادة وجد الباحثون أنه: "كلما زاد عدد الأشخاص الذين يقدرون السعادة، زادت احتمالية شعورهم بالإحباط، حتى مع تغير الحياة للأفضل، لا يزال الناس يشعرون باليأس والوحدة"، بالتالي لا يتمثل الحل في السعي وراء السعادة وإنما إيجاد معنى وغاية الحياة، ولترسيخ معنى حياتك إليك هذه الخطوات الأساسية:

  • أولاً: سيطر على فهمك للحياة: أحياناً تفشل في البحث عن السعادة وغالباً ما تتراجع وتشعر بهزيمتك، أما عند سعيك إلى إيجاد المعنى؛ فأنت ترى الصورة كاملة.. فظروف العيش تصعد وتهبط وتيأس وتتفاءل لتتكون لديك خبرات، بالتالي تجد طريقة للبحث عن المعنى دون التركيز على إذا ما كنت سعيداً في الوقت الحالي، مما يسمح لك بإيجاد حلول لا تتقيد بالوقت، إنما تنظر إلى أبعد مما تشعر به الآن وتعرف أن كونك تعيس فهذا لا يحدد وجودك بالكامل.
  • ثانياً: البحث عما يتجاوز ذاتك: ابحث عن التفوق في أشياء أكبر منك ومما تعرفه، وليس من الضروري أن يشمل هذا السمو شيئاً روحياً، لكن بالسماح لإحساسك بذاتك بالاختفاء أو بمعنى أدق أن يندمج في الجزء الأكبر من واقعك المعاش، وهذا السمو أو التجاوز أو التفوق.. مختلف باختلاف الأشخاص، لكنه غالباً ما يوصف بأنه غبطة، وشعور بالانتماء إلى شيء أعظم، فبالنسبة لك قد يكون مجرد إحساس وتعجب، وبالنسبة لغيرك قد ينعكس على شكل وعي ذاتي، ثم يمكنك أن تثير هذا التفوق عندما تكون في موقف يضعك أمام حقيقة أكبر مما أنت عليه، فكثيرون اختبروا هذه الحقيقة نتيجة تجاوز ظرف صحي لديهم أو لدى أحد أفراد عائلاتهم.
  • ثالثاً: أحط نفسك بالمحبة: في البحث عن السعادة أو إيجاد المعنى؛ غالباً ما تلتفت إلى الأشخاص من حولك، ففي حين تشعر كما لو كنت وحدك، أو أن وجودك في الكون ليس له أي تأثير على الصالح العام..  إلا أن هناك طرق لضمان إحساسك بالذات من خلال الانتماء للعائلة، كذلك للأصدقاء والأحباء.. إذ أنك بإحاطة نفسك بأشخاص يحبونك، يمكنك أن تدرك أن لوجودك صدى لدى الناس من حولك، وهذا يختلف من شخص إلى آخر، فهذه العلاقات العميقة تتجاوز الظروف وأحياناً الأفكار، لأننا بتأسيس هذا التواصل نتجاوز أنفسنا ونجد معنى في كل ما نفعله.
  • رابعاً: إيجاد الغاية: يختلف الهدف عن الغاية التي لا تنتظرك حتى تعثر عليها بل يجب أن تبدعها، فليس دفع الفواتير والاحتياط للأوقات العصيبة هو ما يمثل غاية حياتك إنها أساليب تدبير، لكن الغاية تنعكس من خلال العطاء ويمكن أن يتمثل ذلك بالوظيفة التي تقوم بها كجزء من خدمة المجتمع، فمن المهم أن تجد القنوات التي تساعدك في إيجاد معنى الحياة، الهدف إيجاد معنى في أشياء غير محدودة؛ فالمال يمكن أن يتلاشى والعلاقات قد تختفي والعمل ينتهي، لكن إحساسك بالغاية يبقى عندما ينهار كل شيء.

في النهاية.. لدينا جميعاً أحلام حول ما نود فعله، ومع من نود أن نكون، وأين نريد أن نمضي في الحياة، لكن معظمنا لا يستطيع أبدا أن يجعل هذه الأحلام حقيقة، حاولنا من خلال المقال أعلاه فتح بعض الأفق للتفكير بمنطقية حول أفضل الطرق التي تساعدك في إيجاد معنى لحياتك، شاركنا رأيك من خلال التعليقات، نحن بانتظارك.