تأثير التربية الانفعالية والتحكم بالانفعال في التربية

كيف أتخلص من الانفعال في التربية! تعرفوا إلى علامات التربية الانفعالية وسلبياتها وكيفية السيطرة على الانفعال في التربية
تأثير التربية الانفعالية والتحكم بالانفعال في التربية

تأثير التربية الانفعالية والتحكم بالانفعال في التربية

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

على عكس أنماط التربية المنظّمة التي يتبناها الأهل بشكل إرادي وواعٍ؛ فإن التربية الانفعالية هي شكل أو نمط -قهري- من أنماط التربية، حيث يعاني أحد الوالدين أو كليهما من فقدان السيطرة العاطفية والانفعالية في التعامل مع الأبناء، ما ينتج عنه بيئة تربوية عنيفة وغير مستقرة عاطفياً، وتهديد حقيقي بنقل الاضطرابات العاطفية والنفسية من جيل إلى جيل!

تعريف التربية الانفعالية أنها نمط تربوي تسيطر فيه الانفعالات لدى الأبوين على ردود الأفعال تجاه الأبناء، وتغيب فيه القدرة على التحكّم والضبط لردود الفعل العاطفية، سواء لجهة سرعة الغضب أو المبالغة بالاهتمام والحماية أو غيرها من أوجه التعبير العاطفي المبالغ بها والخارجة عن السيطرة.

النمط الأكثر شيوعاً للتربية الانفعالية أن تتميز بردود فعل عنيفة وسريعة ونمطية متكررة وغير متناسبة في أغلب الحالات مع حجم الخطأ أو السلوك الذي يقوم به الطفل، وعادةً ما ترتبط التربية الانفعالية باضطرابات ومشاكل نفسية وعصبية واجتماعية يعاني منها أحد الوالدين أو كليهما، مثل اضطراب القلق واضطراب الغضب الانفجاري والاضطرابات العاطفية وغيرها.

تشير الدراسات إلى أن معاناة الوالدين من العصابية المرتبطة بالاضطرابات العاطفية والنفسية يؤدي إلى بيئة تربوية "مُرهِقة" وتقصير مؤثّر بالأدوار العاطفية والتربوية للوالدين، كما ترتبط التربية الانفعالية بشكل واضح بزيادة فرص معاناة الأبناء من مشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب ومشاكل اجتماعية، وربما انتقال الاضطرابات العاطفية الكبرى من جيل إلى جيل! [1,2]

animate

إن العلامة أو السمة الأبرز للتربية الانفعالية هي الانفعال! أن تكون العواطف الخارجة عن السيطرة والانفعالات العصبية المباشرة هي الأساس في التربية والتعامل مع الأبناء في الحياة اليومية، وهذا ما يجعل التربية الانفعالية غالباً ما تتسم بالعنف وردود الفعل المبالغ بها، ومن أهم علامات التربية الانفعالية:

  1. سرعة الغضب والانفعال: في التربية الانفعالية غالباً ما تسيطر ردود الفعل الغاضبة على التعامل مع الطفل عندما يرتكب أخطاء طبيعية ومتوافقة مع سنه ونموه المعرفي، وكأن المربي يريد أن ينتقم من الطفل أو يسيطر عليه ويفرض قوته وهيمنته أكثر من كونها تربية وتقويم للسلوك، فتظهر علامات الغضب الشديدة التي تتمثل بالصراخ والتعنيف اللفظي والضرب، أحياناً على تصرفات طبيعية ولا تصنّف كأخطاء حتى.
  2. الميل لاستخدام العنف اللفظي: إزعاجات الطفل تثير المربي الانفعالي لدرجة كبيرة يفقد فيها السيطرة على طريقة كلامه وعلى مكانته كمربي أمام الطفل، فيستخدم الشتائم والتوبيخ والتعنيف اللفظي دائماً مع الطفل ظناً منه أنه يربيه بهذه الطريقة، ولكن هذا يعد من العلامات الواضحة للتربية الانفعالية، حيث يكون المربي عبر في ذلك عن انفعاله وغضبه أكثر من كونه يقوم بموقف تربوي.
  3. استخدام العنف الجسدي بدرجات متفاوتة: قد يصل الأمر في التربية الانفعالية لحد التعنيف الجسدي بالضرب أو الحبس أو التقييد، وتكرر هذه الطريقة يشير إلى فقدان المربي السيطرة على عواطفه واتصاف أسلوبه التربوي بالانفعال القهري، وقد يكون هذا التعنيف متبوعاً بحالة من الندم والحزن، لكنه أيضاً قد يتزامن مع فقدان الشعور بالذنب!
  4. المبالغة برد الفعل: ردود الفعل تجاه تصرفات الأبناء يجب أن تكون متناسبة مع الفعل نفسه، ولكن في حالة التربية الانفعال غالباً ما يلجأ المربي لرد فعل مبالغ به، مثل الغضب الشديد على موقف بسيط، أو حتى المبالغة في الخوف على الابن، أو المبالغة في الاطراء عليه ومكافئته.
  5. الشعور بفقدان السيطرة: قد يشعر الأب الانفعالي في سلوكه التربوي أنه غير قادر على تعديل هذا الأسلوب في التربية مع أبنائه، فحتى إذا عرف خطأه وقرر إصلاحه، فهو يشعر أنه لا يستطيع ذلك، فيتحكم به غضبه عند ارتكاب الابن للخطأ لدرجه ينسى الحكمة النظرية في التربية، ويفقد السيطرة على تصرفاته وردود فعله.
  6. الشعور بالذنب عند الأبوين: نتيجة لعدم قدرة الابوين ذوي السلوك الانفعالي من السيطرة على أنفسهم وعلى طريقتهم التربوية، كثيراً ما يشعران بالذنب، خاصة بعد تعنيف الابن أو ضربه أو ملاحظة تطور مشاكل عاطفية ونفسية لديه جراء هذه الطريقة التربوية.
  7. متزامنة مع مشاكل عاطفية ونفسية: غالباً ما تكون التربية الانفعالية موجودة بالتزامن مع ودود اضطرابات نفسية أو سلوكية أو العاطفية لدى أحد الأبوين أو كليهما، وقد تكون هذه الاضطرابات ناتجة على تعرضه لهذه الطريقة في التربوية وهو صغير، أو معاناته من مشكلة عاطفية تسبب لديه الخوف الكبير على أبنائه أو عدم الشعور بالحنان تجاههم والعديد من الأسباب الأخرى.

التخلص من أسلوب التربية الانفعالية في التعامل مع الأبناء ليس بالأمر السهل، فهو يحتاج أولاً لمعرفة الأب أو المربي بأنه ينتهج هذه الطريقة ويدرك أنها ليست الأصح ولا تثمر النتائج التربوية المنشودة، وفي المرحلة التالية يمكن اتباع بعض النصائح للتخلص من التربية الانفعالية:

  1. وضع برنامج تربوي: وجود برنامج تروبي أو سياق تربوي محدد يساعد الآباء والأمهات في معرفة ردود الفعل الأفضل في المواقف التربوية المختلفة، فكثيراً ما ينتج الأسلوب الانفعالي في التربية عن جهل أو عدم معرفة المربي بالطريقة الأنسب في التعامل مع الطفل في المواقف المختلفة، والبرنامج التربوي الواضح يساعد في هذا الشأن، بالإضافة لكونه يساعد في تقييم الأداء التربوي، فهل الأسلوب المتبع في التربية يثمر النتائج المرجوة أم لا، وعلى هذا الأساس يتم تعديل أو تغير البرنامج التربوي، حتى تتحول التربية لنهج وعملية مخططة ومدروسة أكثر من كونها ردود فعل عاطفية على مواقف مختلفة.
  2. إعادة تقييم المواقف التربوية: يقصد بالموقف التربوي الطريقة التي اتبعها المربي في رد فعله تجاه أي فعل صدر عن الابن، وإعادة تقييم هذا الموقف، لتحديد مدى حسن تصرفه وكيف كان يجب أن يكون التصرف الأفضل، وكيف كان وقع هذه الطريقة على الابن، وهل أجدت هذه الطريقة في تقويم سلوك الطفل، وهل لها آثار سلبية لم تكن محسوبة عندما حدث هذا الموقف، هذا التقييم يساعد في التعديل في المرة القادمة إذا حدث نفس الموقف حتى يصل المربي لردة الفعل الأفضل لجهة تربية الطفل وليس التعبير عن المشاعر.
  3. زيادة الثقافة التربوية: يمكن للمربي تحسين ثقافته التربوية من خلال حضور الندوات والاجتماعات التي تقيمها منظمات اجتماعية محلية أو دولية تعنى بشؤون الطفل والتربية، أو اجتماعات المدرسة التي تناقش فيها الأساليب التربوية الناجحة وكيفية التعامل مع الأطفال، بالإضافة لاستشارة خبراء التربية، وقراءة المقالات والدراسات التربوية، فهذه الثقافة تجعل المربي أكثر قدرة على الفصل بين العواطف وبين الواجب التربوي، وبالتالي التخلص من الأسلوب الانفعالي في التربية.
  4. الحوار مع الطفل: في بعض الأحيان قد ينجح الحوار مع الطفل وفهم أفكاره ومخاوفه ولماذا هو يقوم ببعض الأخطاء في إيجاد قنوات للتواصل بين الطفل والمربي، بالإضافة لإمكانية بناء اتفاق مع الطفل حول بعض المواقف والأمور التربوية، وذلك بغية تحفيز الطفل على تقويم سلوكه من جهة، وتخفيف حدة ردود الفعل العاطفية تجاه تصرفاته من جهة، إذا عرف المربي مدى التأثير السلبي الذي يقع على الطفل بسبب التربية الانفعالية.
  5. استشارة مختص نفسي: أحياناً يعجز الأبوان أو أحدهما عن التخلص من الأسلوب الانفعالي في التربية، وذلك لأسباب عديدة مثل وجود اضطرابات نفسية وعاطفية أو عدم القدرة على السيطرة على النفس أثناء الموقف التربوي، والمختص النفسي يساعد في هذه الحالة في ضبط النفس لدى الأبوين في المواقف التربوية، أو علاج المشاكل النفسية والعاطفية التي تؤدي لاتباع السلوك الانفعالي في العملية التربوية.

بعيداً عن كون التربية الانفعالية قد تعرض الطفل للتعنيف والمبالغة في ردود الأفعال، فهي أيضاً تؤدي لتشتته وعدم فهمه للخطأ الذي ارتكبه، وتؤدي لنتائج تربوية غير مرغوبة في معظم الحالات، وعلى هذا الأساس فيمكن أن تتحور سلبيات التربية الانفعالية حول عدة نقاط منها:

  1. البعد عن الهدف التربوي: عملية التربية هي عملية هادفة يتم من خلالها تقويم سلوكيات الطفل وتهذيب طباعه، ونقل الأفكار وقواعد السلوك والأخلاق الاجتماعية لديه، وهي عملية تعليمية تهدف لتنشئة الطفل نفسياً وعاطفياً واجتماعياً وفكرياً حتى يصبح فرد فاعل في مجتمعه وأسرته، والتربية الانفعالية تؤدي للبعد عن هذا الهدف، فالتعامل بغضب مع سلوك الطفل الخاطئ قد يؤدي لإيقاف هذا السلوك عند الطفل فعلاً، ولكن من ناحية تانية يؤدي لمشاكل نفسية وعاطفية قد تكون أخطر من السلوك نفسه.
  2. اضطراب الطفل عاطفياً: نتيجة التربية الانفعالية يحدث اضطراب عاطفي لدى الطفل، فمثلاً تعرضه للتوبيخ والتعنيف اللفظي أو الجسدي يجعله يشعر بالخوف والخجل وأنه طفل سيء ويستحق العقاب، ولا يتيح له عيش طفولته، أو أن الدلال الزائد أيضاً يؤدي للاتكالية والأنانية وعدم القدرة على احتمال رفض الرغبات، وعدم القدرة على الدفاع عن النفس.
  3. سوء العلاقة مع الطفل: في حالة التربية الانفعالية يكون التواصل بين الأهل والطفل ضعيف وربما سيء أو لا يوجد تواصل من الأساس، وتعرض الطفل للعنف من أبويه قد ينمي لديه مشاعر كره أو حقد أو دوافع انتقامية، وقد يعتقد أن والديه يكرهانه ولا يريدان أن يراه سعيد بما يفعل، وبهذا تسوء العلاقة بينه وبين والديه.
  4. الاختلاف في ردة الفعل تجاه نفس الموقف: السلوك الانفعالي في التربية وتغير ردة الفعل تجاه تصرفات الطفل حسب الحالة المزاجية أو العاطفية لكل من الوالدين أو أحدهما، يؤدي لتشتت الطفل وسوء تقديره لتصرفه، ففي بعض الأحيان يضحك والديه إذا قام بتصرف سيء، وأحياناً أخرى يتعرض للتعنيف والتوبيخ بسبب نفس التصرف، وبذلك لن يفهم لما تم عقابه ولما تم الضحك من تصرفه، وهل هذا التصرف صحيح أم لا.
  5. الشعور بالذنب: الأهل الذين يربون أطفالهم بطريقة انفعالية في كثير من الأحيان يرون نتائج سوء تصرفهم وطريقتهم، أو يكونوا من البداية على معرفة بعدم صحة هذه الطريقة ولكن لا يمكنهم التخلص منها، وهذا يؤدي لشعورهم بالذنب في الكثير من المواقف وينعكس ذلك أيضاً على سلوكهم التربوي.
  6. فقدان ثقة الطفل بنفسه: نتيجة المبالغة في ردود الفعل على تصرفات الطفل في أسلوب التربية الانفعالية من المحتمل جداً أن يفقد الطفل ثقته بنفسه، ففي حال التعرض للتوبيخ الدائم والعنف فإنه سوف يرى نفسه كطفل سيء وفاشل، وفي حال المبالغة في الخوف عليه وحمايته، فإنه سوف يرى أنه دائماً بحاجة أهله ولا يمكنه القيام بشيء وحده.
  7. إيذاء الطفل: فقدان السيطرة على المشاعر عند المربي في كثير من الأحيان قد يتبعه فقدان سيطرة على التصرفات، ومن الممكن في المواقف العاطفية الشديدة أن يقوم المربي بإيذاء الطفل عن غير قصد نتيجة الغضب الشديد.
  • وجود هدف تربوي محدد مسبقاً: في المواقف التربوية يجب دائماً التركيز على الهدف من العملية التربوية، فالهدف ليس عقاب الطفل أو دلاله الزائد ولا الانتقام من أخطاءه، وإنما الهدف من العملية التربوية هو تنشئة الطفل بطريقة صحيحة، ويجب إيجاد أفضل الوسائل التي تخدم هذا الخدم، وفي ما عدا ذلك إعطاء الطفل بعض الراحة والحرية في الحركة حتى وإن قام بأخطاء بسيطة.
  • التواصل مع الطفل بشكل فعّال: حتى عندما يخطئ الطفل ويضطر الوالدين لتوبيخه أو عقابه، يجب دائماً الحفاظ على العلاقة الجيدة والتواصل بين الوالدين والطفل، وذلك حتى يشعر الطفل بأن والديه يحبانه ويريدان صالحه حتى لو غضبوا منه، فذلك لأنه أخطأ ويجب أن يعرف خطأه وليس لأنهما لا يحبانه.
  • الفصل بين العاطفية والتربية: صحيح أن العاطفة مطلوبة في التربوية ويجب إظهار المحبة للطفل وإشعاره بها، ولكن مع ذلك في المواقف التربوية التي يراد منها تحقيق هدف تربوي يجب محاولة الفصل بين شعور المربي وبين طريقته في تحقيق الهدف التربوي، فعندما يقوم الطفل بشيء خطير يجب نهيه عن ذلك بحزم وعدم التهاون في هذا حتى لو كان المربي يحب الطفل ولا يريد إزعاجه، وعند الانزعاج من ضجيج الطفل ولعبه، يجب تعليم الطفل أنه يجب أن يحترم الآخرين بطريقة لطيفه تناسب استيعابه، وليس تعنيفه أو التعامل معه بغضب تعبيراً عن مشاعر الانزعاج لدى المربي.
  • التوازن في العملية التربوية: التربية تحتاج لتوازن من قبل المربي في معاملة الطفل، فليس من الصحيح ترك الطفل يفعل ما يحلو له دائماً حتى لو كان ذلك غير صحيح وإصلاح أخطاءه من قبل الأهل بل يجب أن يعاقب أحياناً ويجب أن ينهى عن بعض التصرفات، ومن ناحية أخرى الطفل ما يزال صغير ويريد أن يلعب ويتسلى ويجرب ولا يجوز تحديد حركته دائماً ومنه من كل شيء، والطلب منه أن لا يعيش طفولته وأن يتحمل مسؤوليات الكبار.
  • تحويل جميع المواقف إلى فرص للتربية والتعليم: يمكن استغلال أي خطأ للطفل أو سؤال يسأله أو عادة يقوم بها وتحويلها لغاية تربوية أو تعليمية جيدة ولكن بطريقة ممتعة لا تشعر الطفل بالملل والتقييد، فإذا لاحظت أن طفلك يقوم بتقليدك فممكن أن تقوم بعادة جيدة أمامه عندما تراه يركز معك، وعندما يسألك عن شيء ما يمكنك تحضير إجابة مقنعة يتعلم منها الطفل حكمة أو معلومة مفيدة.

في هذا الفيديو يشرح الأخصائي النفسي ومستشار العلاقات الأسرية د. خليفة المحرزي أهم علامات التربية الانفعالية وآثارها على الأطفال، وأهمية التصدي لردود الفعل المباشرة والانفعالية في عملية التربية، واستبدالها بردود فعل مناسبة ومدروسة، شاهد الفيديو من خلال النقر على علامة التشغيل أو الانتقال إلى حلوها TV عبر النقر على هذا الرابط:

المراجع