أضرار حبس الطفل وتأثير عقوبة العزل على الأطفال

تأثير حبس الطفل لمعاقبته وتأديبه على صحته النفسية ولماذا عقوبة حبس الطفل وعزله عقوبة غير مناسبة في جميع الحالات!
أضرار حبس الطفل وتأثير عقوبة العزل على الأطفال

أضرار حبس الطفل وتأثير عقوبة العزل على الأطفال

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

قد يسميها الأهل أو المعلمون غرفة الفئران أو الغرفة المظلمة! تلك الغرفة التي شكّلت هاجساً مرعباً للكثير من الأطفال حتى وإن لم يجربوا الدخول إليها، فكيف الحال مع الأطفال الذين دخلوا إلى غرفة العزل وعاشوا شعور الحبس واحتجاز الحرية في مكانٍ مغلق!

طريقة عقاب الطفل بالحبس من الطرق الشائعة في الكثير من الأسر حتى يومنا هذا، كما يعتبر الحبس أو "العزل" من طرق عقاب الأطفال في بعض المدارس، والمقصود بحبس الطفل لتأديبه هو عزل الطفل في مكان مغلق لوحدة ومنعه من الخروج بالقوة لفترة زمنية معينة، وعلى الرغم من فاعلية هذه الطريقة في إخماد ثورة الطفل أحياناً، لكنها تعتبر من أسوأ طرق معاقبة الطفل على المدى المتوسط والبعيد، وأحياناً حتى على المدى القريب!

يرى الخبراء أن غرفة العزل للأطفال في المنازل أو المدارس (Seclusion room) التي تسمى أيضاً غرفة التهدئة (Calming room) لا يمكن أن تكون ذات أثر إيجابي في تعديل سلوك الطفل، بل على العكس قد يقود حبس الطفل إلى تفاقم المشكلات السلوكية، كما أن أسلوب حبس الطفل يؤثر سلباً على الأطفال الآخرين الذين يرونه معزولاً أو محبوساً! ويقطع الطريق أمام العلاقة الإيجابية بين الأهل والطفل أو بين الطلاب والمربين.

animate

كلمة حبس بالنسبة للطفل هي كلمة عنيفة ومؤلمة على المستوى النفسي والعاطفي، وعند السؤال عن جواز أو إمكانية حبس الطفل في غرفة مغلقة كعقوبة له على ذنب ارتكبه أو لردعه عن تكرار سلوك معين، فالجواب هو لا يجوز حبس الطفل لأي سبب، لما لذلك من آثار نفسية وعاطفية وتربوية قد تكون أكثر خطورة من الذنب الذي اقترفه الطفل في بعض الحالات.

ولا بد هنا من التمييز بين إجبار الطفل على الذهاب إلى غرفته وبين عزله أو حبسه في مكان مخصص للعزل أو في مكان مغلق غير طبيعي بالنسبة للطفل، فالطلب من الطفل أن يذهب إلى غرفته عندما يغضب مثلاً دون إجباره جسدياً أو قفل الباب عليه قد يكون وسيلةً فعالة للتهدئة بأقل الأضرار، أما إجبار الطفل جسدياً على الجلوس في غرفة مقفلة -وإن كانت غرفته- فهو نمط غير سوي من العقوبات التربوية له آثار كارثية على نفسية الطفل وفي بعض المواقف على صحته الجسدية.

في بعض الحالات قد يقوم الأهل بحبس الطفل لأسباب اضطرارية، مثل خروجهم من المنزل وتركه وحيداً خلف بابٍ مقفول، لكن حتى في هذه الحالات حبس الطفل له آثار سلبية خطيرة على نفسيته، خصوصاً عندما لا يعي الطفل أنه ليس محبوساً كعقوبة بل الباب مقفل لحمايته، والأفضل أن يتم إيداع الطفل عند أشخاص ثقة أو استقدام شخص ليجلس معه أو وضعه في حضانة، أو أي حل لا يتضمن حبس الطفل خلف أبواب مغلقة.

  1. تطور الاضطرابات النفسية والعاطفية: أثناء احتجاز الطفل ووجوده وحيداً في غرفة مغلقة تدور في باله الكثير من الأفكار وتستدعي مخيلته العديد من الذكريات حول أشياء مخيفة، وخاصة إذا ترافق الاحتجاز مع تخويف متعمد من قبل الأهل عن أشياء موجودة في هذه الغرفة، وهذا قد يسبب الكثير من الاضطرابات النفسية للطفل مثل رهاب الأماكن المغلقة وهواجس نفسية مثل الخوف من الوحدة أو التوتر والقلق، كما تعتبر معاقبة الطفل بالحبس وسيلةً مثالية لتطوير السلوك العدواني عند الطفل الذي قد يصل لتطوير اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
  2. كبت مشاعر سلبية نحو الأهل: تجربة الحبس والاحتجاز تمثل تجربة عنيفة وقاسية على المستوى النفسي والعاطفي للطفل، عند تفكير الطفل بأن أهله هم من أنزلوا به هذه العقوبة فسوف يعتقد أنهم يكرهونه ويريدون إخافته ومعاقبته وتعريضه للخطر بدلاً من التعامل معه بمحبة وعطف كما هو متوقع، وهذه الأفكار قد تجعله ينظر بطريقة سيئة لوالديه ويكن لهم مشاعر الحقد وربما الكره إلى حد ما، ما يؤثر على مجمل علاقته بهم حتى بعد أن يكبر.
  3. التأثير على ثقة الطفل بنفسه وبأهله: من ناحية يشعر الطفل بأنه مذنب وقام بشيء كبير حتى استحق عقوبة الاحتجاز والحبس وهذه العقوبة جعلته يشعر بالخوف والقلق بما يؤثر على ثقته بنفسه وبشجاعته على مواجهة هذه العقوبة، ومن ناحية أخرى يرى الطفل أن أهله قاموا بحبسه وتعريضه لهذا الموقف المخيف وهم أكثر الأشخاص المتوقع منهم حمياته ودعمه وهذا يفقده ثقته بهم.
  4. الميل للانعزال مستقبلاً: إذا اعتاد الطفل على الحبس لفترات طويلة وبشكل مبالغ به فسوف يبدأ بالتأقلم مع هذا الوضع وعدم رفضه أو الخوف منه أحياناً، وحتى عند انتهاء العقوبة والسماح له بالخروج فقد يصبح أكثر تفضيلاً للتواجد في المنزل أو في غرفة مستقلة، وبالتالي هذا يؤثر على علاقاته الاجتماعية في مرحلة الطفولة وبعد أن يكبر قد يصبح أكثر ميلاً للوحدة والعزلة.
  5. إيذاء الطفل لنفسه: بعض الأطفال يتميزون بالعناد والعصبية والاندفاع والعدوانية أيضاً، وعند اللجوء لحبسهم لكسر هذه الصفات السلوكية لديهم، فقد يذهب الطفل لمعاقبة والديه كتحدي لهم ولإرادتهم ومنعهم من تكرار هذه العقوبة، وقد يتمثل ذلك بالتخريب والتكسير للأشياء في المنزل أو وإيذاء نفسه أحياناً إذا تم حبسه بغرفة مغلقة وهذه تعتبر من الحالات الخطيرة التي تستدعي التوقف عن معاقبة الطفل وعلاج المشكلة بطريقة نفسية.
  6. التأثير على النشاط والنمو الحركي للطفل: يحتاج الطفل للعب والنشاط والحركة والتجريب والتعلم، فهذه الأشياء هي ما تساعد في نموه الحركي، وحبس الطفل وإلزامه دائماً بالهدوء وقلة الحركة والخروج للعب سوف يكون له آثار عديدة على نموه الحركي.
  7. استفزاز عناد الطفل: لا يستجيب جميع الأطفال بنفس الطريقة لفكرة حجز الحرية وبالتالي ليس بالضرورة أن يؤتي الحبس كعقوبة الهدف المرجو منه، وإنما في بعض الأحيان هذا قد يستفز عناد الطفل وعدوانيته وبالتالي تكون عقوبة الحبس قد زادت المشكلة تعقيداً بدلاً من علاجها.
  8. تأثير حبس الطفل على أخوته: تمتد الآثار السلبية لحبس الطفل إلى الأطفال الآخرين في المنزل أو المدرسة، حيث يفقد الأطفال الذين يراقبون الطفل المحبوس الثقة بأهلهم ويشعرون بالرعب والخوف من خوض تجربة الحبس، وهذا لا يردعهم عن السلوك الخاطئ بقدر ما يجعلهم غاضبين وحاقدين وخائفين، وربما خبراء بممارسة السلوك الخاطئ دون اكتشافه.
  1. منع الطفل من مغادرة المنزل: بدلاً من حبس الطفل في غرفةٍ مغلقة لوحده يمكن منعه من مغادرة المنزل لمدة زمنية معنية، فهذا النمط من الاحتجاز يمنح الطفل قدراً أكبر من الحرية ومساحة أوسع لممارسة أنشطة عادية تقلل من أثر فكرة الحبس والاحتجاز عليه وفي نفس الوقت تؤدي الدور التربوي المطلوب.
  2. خصام الطفل وعقوبة الوقت المستقطع: أحياناً يكون إشعار الطفل بالذنب على الخطأ الذي ارتكبه طريقة مجدية لمنعه من تكرار هذا الخطأ، ويمكن أن يتم ذلك من خلال مخاصة الطفل بعدم اللعب أو التحدث معه لفترة مؤقتة وتذكيره بخطئه عدة مرات حتى يعتذر ويعد بعد تكرار ما فعله.
  3. الحرمان من بعض المزايا: في المنزل وحياة الطفل عموماً يوجد الكثير من الأشياء التي لا يرغب بالحرمان منها، مثل الحرمان المصروف والمكافآت أو حرمانه من مشاهدة برامج الأطفال واللعب بألعاب الفيديو أو ألعاب أخرى له، وكل هذه الأشياء يمكن استغلال الحرمان منها عقوبة ولكن بشكل متوان دون مبالغة.
  4. القيام بأعمال منزلية: إذا كان الطفل في عمر مناسب يمكن عقابه من خلال توكيله ببعض المهام في المنزل التي لا يفضلها ولا تعتبر من مسؤولياته، فالإضافة لمنعه من الخروج مثلاً يمكن الطلب منه ترتيب أو تنظيف غرفة من غرف المنزل أو جميع الأسرة في المنزل وغيرها من المهام المنزلية.
  5. لوم ومعاتبة الطفل بشكل واضح: عند معرفة الطفل لخطئه والرغبة من الاهل في تعريفه بمدى هذا الخطأ وانزعاجهم منه، يمكنهم اللجوء للوم الطفل عدة مرات حتى يذكر أن هذا السلوك خاطئ ويجعل الآخرين يلومونه وينفرون منه، وغالباً هو سوف يعتذر عن هذا السلوك ويحاول تجنبه في المرات القادمة.
  6. التراجع عن وعد سابق وربطه بتحسين السلوك: قد يكون الطفل موعود من قبل الأهل بالذهاب لرحلة مثلاً أو شراء لعبة أو قطعة ملابس محببة وغيرها من الوعود، ويمكن إلغاء أحد هذه الوعود نتيجة تصرف الطفل بطريقة غير مناسبة كعقوبة له، حتى يعرف عواقب أفعاله بعيدة المدى، بشرط أن يتم ربط استرجاع الوعد بتحسين السلوك.

من المؤسف أن معظم الأطفال الذين يتعرضون لعقوبة الحبس والعزل بشكل متكرر يعانون من اضطرابات نفسية وعصبية وسلوكية تجعل استجابتهم للعقوبات الصحيحة والأقل قسوة منخفضة، وتجعل الأهل يلجؤون لعقوبة الحبس والعزل لأنهم يعجزون عن إدارة وتعديل سلوك الطفل، لكن الأطفال الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو سلوكية هم الأكثر تضرّراً من عقوبة الحبس.

لا يوجد إحصائيات دقيقة حول الأطفال الذين يتعرضون لعقوبة الحبس والعزل، لكن بعض المصادر تشير إلى أن 75% من الأطفال الذين يتعرضون للحبس والاحتجاز في المنزل أو المدرسة هم من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن الاضطرابات التي يشيع استخدام أسلوب الحبس في التعامل معها اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، واضطراب التوحد وطيف التوحد، والاضطرابات العاطفية والسلوكية غير المفهومة بالنسبة للأهل.

إذا كنت غير قادرٍ على تعديل سلوك طفل أو ضبط مشاعرك السلبية عند التعامل مع أخطائه، وإذا كانت وسائل وطرق معاقبة الأطفال السويّة والصحيحة غير فعالة، لا تلجأ لحبس الطفل للتأديب والمعاقبة، بل استشر متخصصاً تربوياً أو نفسياً يساعدك على فهم مشكلة طفلك وعلاجها بالطريقة الملائمة.

المراجع