الديوث والدياثة في علم النفس والشريعة الإسلامية

من هو الديوث؟ ما هي أسباب انعدام الغيرة ودوافع الدياثة؟ كيف ينظر علم النفس إلى الديوث؟ ما هو الرابط بين الدياثة وتبادل الزوجات؟ كيف تتعامل الزوجة مع رغبات زوجها الجنسية الغريبة؟ وما هو حكم الديوث في الإسلام؟
الديوث والدياثة في علم النفس والشريعة الإسلامية
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

معظمنا سمع بكلمة ديوث ويدرك معناها ضمنياً؛ حيث يطلق وصف الديوث على الرجل الذي يدفع زوجته أو إحدى الإناث الواقعات تحت ولايته إلى الزنا أو الشروع به لأسباب مختلفة واستجابة لدوافع معقدة.
وإذا ألقينا نظرة على أكثر الأسئلة تداولاً حول الديوث على جوجل سنجد البحث إما عن حكم الإسلام على الديوث وذكر الديوث في القرآن الكريم والسنة الشريفة، وإما بحث عن كلمات على غرار ديوث عبير أو ديوث المنطقة الفلانية، لكن ماذا عن دوافع هذا الاضطراب الجنسي والنفسي؟ وماذا عن الأسباب التي قد تدفع الرجل لمشاهدة زوجته تمارس الجنس مع رجل آخر؟ وكيف يتعامل المجتمع مع الدياثة والديوث؟ والأهم من هذا كله كيف تتعامل الزوجة العفيفة مع رغبة زوجها بمشاهدتها تمارس الجنس مع رجل آخر؟!، هذا ما سنحاول أن نجيب عنه.

تنويه هام: تناقش هذا المادة قضية جنسية واجتماعية حساسة دون أن نتبنى رأياً خاصّاً أو نتخذ موقفاً معيناً؛ إنما نحاول أن نقدم للقارئ الحقائق والمعلومات والتحليل الموضوعي لفهم أفضل لمشكلة خطيرة، وتحتوي هذه المادة على ألفاظ جنسية قد يعتبرها البعض غير مناسبة، لكنها استخدمت في مكانها الصحيح بما يخدم الموضوع.

معنى الديوث في اللغة
الديوث في اللغة العربية وفق قاموس المعاني هو الرجل الذي لا يغار على أهله ويفقد الخجل أو يكون قواداً على نسائه، وفعل (داثَ) يشير إلى التساهل واللين فنقول داثَ عليه الأمر أي سهل عليه، أما مصدر الكلمة فيقال ديثاً أو دياثة.
وباللغة الإنجليزية؛ الدياثة Cuckoldry والديوث cuckold، وتستخدم هذه الكلمة أحياناً في عالم السياسة كإشارة للرجل الذليل أو الضعيف حسب قاموس أوكسفورد، كما تستخدم هذه الكلمة لوصف الديوث بنفس المعنى العربي أو وصف الرجل الذي تخدعه زوجته وتخونه مع رجل آخر برضاه أم بغير رضاه.

كلمة الديوث في الاستخدام اليومي
من المؤسف أن بعضنا يستخدم كلمة ديوث كشتيمة يعتبرها عابرة أو عادية، كما يعتقد البعض أن كل من يسمح لزوجته بمخالطة الرجال في العمل أو الدراسة أو غير ذلك أو من قد يسامح زوجته على نزوة يمكن أن يقال عنه ديوث، فيما يذهب الأكثر تعصباً إلى القول أن كل من يسمح لزوجته أو أخته أو أمه أو ابنته أن تتبرج أو تخرج وحدها أو تسافر وحدها  أو تقود سيارة...إلخ هو ديوث، وفي كل ذلك اتهامات خطيرة وقذف فيه نظر وعليه إثم.

animate

عندما نتحدث عن الانحرافات الجنسية والسلوكيات الجنسية المغايرة للطبيعة نقف أمام دوافع وأسباب شديدة الغموض والتعقيد، فالتعامل مع الأمراض الجسدية مثلاً يخضع إلى السببية والحتمية ويمكن دراسة الحالات سريرياً لاكتشاف أسباب المرض وطرق التعامل معه، لكن للأسف مع الانحرافات الجنسية الموضوع أكثر تعقيداً.
فمهما حاولنا تحليل الدياثة وسلوك الديوث لا يمكن أن نضع أسباباً قاطعة جامعة لهذا التوجه الجنسي، بل ستكون مجرد محاولة للاقتراب أكثر من فهم دوافع الديوث وأسباب انعدام الغيرة الجنسية، وبما أن المجتمعات الغربية المهتمة أكثر بالدراسات والأبحاث تنظر إلى هذه القضية بتسامح أكثر من المجتمع العربي، سنجد أن الدراسات التي تهتم بتحديد أسباب الدياثة أقل بكثير مما يجب.

  1. من الذي يبدأ؟: غالباً ما يكون الرجل الديوث هو المبادر في الطلب من زوجته أن تمارس الجنس مع رجل آخر أمامه، وفي حالات نادرة قد تكون هذه رغبة الزوجة، ويعود ذلك بطبيعة الحال إلى أن الرجل هو من يقود العلاقة الجنسية في الأغلب لأسباب معقدة، والرجل هو الذي يقرر إن كانت ممارسة الجنس مع رجل آخر خيانة أم أنها فعل مسموح به.
  2. الأسباب النفسية لانعدام الغيرة الجنسية: قد يكون سلوك الديوث نابعاً في الأصل من شعوره أنه غير قادر على إشباع رغبات زوجته الجنسية، وذلك قد يرتبط بأوهام محضة أو بوقائع تتعلق بمشاكل صحية يعاني منها الرجل تهدد العلاقة الجنسية، وفي الحالتين قد يدفعه هذا الشعور إلى الرغبة العارمة بمشاهدته زوجته تحصل على المتعة الجنسية حتى لو مع رجل آخر.
    وقد يرتبط انعدام الغيرة الجنسية عند الرجال بضعف شخصيتهم عموماً وباضطرابات نفسية أخرى مثل كره الذات وانعدام احترام الذات وتقديرها، لكن ليس بالضرورة أن تكون هذه الاضطرابات ظاهرة للآخرين، فقد يكون رجلاً ناجحاً وربما شخصية قيادية، لكنه في عمق نفسه يعاني من صراع داخلي يعبر عنه من خلال مشاركة زوجته مع آخرين!.
    وقد يكون هذا السلوك من باب تحدي المجتمع وكسر المحظور والدخول في الممنوع وما يترتب عليه من تجربة ممتعة بالنسبة للبعض، وربما يكون الفعل هو مرحلة متقدمة فقط من أوهام وتخيلات جنسية موجودة فعلاً لدى نسبة لا بأس بها من الرجال.
    ومن الأسباب المطروحة أيضاً أن بعض الرجال يرغبون حقاً بمشاهدة زوجاتهم كعناصر مثيرة للآخرين، وقد تنحرف هذه الرغبة إلى الدياثة، وقد يكون هذا السلوك ردة فعل على الخوف المفرط من الخيانة الزوجية.
  3. الأفلام الإباحية وسلوك الديوث: من المتفق عليه أنه ومع ظهور الأفلام الإباحية وانتشارها خاصة بين الرجال ازدادت السلوكيات المنحرفة بشكل ملحوظ، ذلك نتيجة الرغبة بتجربة ما يشاهدونه على أرض الواقع.
    وفي الحديث عن سلوك الديوث تلعب الأفلام الإباحية دوراً مهماً في تعزيز الرغبة عند الرجال بمشاهدة الزوجة تمارس الجنس مع رجل آخر من خلال نقطتين أساسيتين:
    • الأولى؛ أن الرجل الذي يدمن الأفلام الإباحية يستمد ثقافته الجنسية منها، ويعتقد أن التجارب التي يشاهدها على الشاشة يمكن أن تكون رافعاً للعلاقة الجنسية مع زوجته، ولن يكون من المستغرب أن يطرح الرجل على زوجته أن تمارس الجنس مع شخص آخر أمامه أو أن ينتسبا معاً إلى شبكة لتبادل الزوجات، ذلك بدافع التجربة والتقليد، فعندما ترى غيرك يمارس الفعل ستشعر أن هذا الفعل أقل قذارة مما هو فعلاً!.
    • والنقطة الثانية؛ أن الرجال الذين يدمنون الأفلام الإباحية قد تتحول شهوتهم الجنسية إلى المشاهدة بالمطلق، ويفقدون أي نشوة أو متعة في ممارسة الجنس مع زوجاتهم مقارنة بمشاهدة ممارسة الجنس عبر المواقع الإباحية.
      بعض هؤلاء قد يكتفون بالامتناع عن ممارسة الجنس مع زوجاتهم، والبعض الآخر قد تتطور عنده الحالة إلى الرغبة بمشاهدة زوجته تمارس الجنس، لأنه ببساطة يستمتع بالمشاهدة أكثر من الممارسة، وينتشي بمشاهدة زوجته كنجمة أفلام إباحية أكثر مما ينتشي بالتعامل معها كزوجة محبة ومحترمة!، وهذا ما قد يفسر أيضاً انتشار ظاهرة تصوير هذا السلوك المنحرف، إما للمشاهدة الشخصية أو لنشره على المواقع الإباحية مع إخفاء الوجوه أو إظهارها.
      ويمكن أن ندرك تأثير الأفلام الإباحية في هذا المجال إذا عرفنا أن البحث عن الدياثة ومقاطع الفيديو المتعقلة بالديوث تحتل المرتبة الثانية بين المواضيع الأكثر متابعة من فئة الشباب.
  4. الأسباب الاجتماعية والتربوية التي قد تجعل الرجل ديوثاً: تعاني بعض البيئات العائلية أو حتى الاجتماعية من درجات متقدمة من الانحلال الأخلاقي فيما يتعلق بالعادات الجنسية، فتجد أن بعض العائلات تمارس سلوكيات جنسية منحرفة، كممارسة الجنس أمام الأبناء أو تحرش الأب ببناته، أو وجود عشيق علني للأم أو لأحدى الأخوات الكبار أو عشيقة علنية للأب، وغيرها من الممارسات الجنسية المنحلة.
    الطفل الذي سيكبر في هذه العائلة يمتلك أملاً ضئيلاً في أن تكون حياته الجنسية طبيعية، فهو مهدد دائماً بالانحرافات الجنسية التي تجبره على ممارسة سلوك جنسي غير مفهوم، كالمثلية أو الدياثة أو العنف الجنسي أو غيرها.
  5. الضغوطات المادية وسلوك الدياثة: في واحدة من أشهر المسرحيات اللبنانية "بالنسبة لبكرا شو" لزياد الرحباني كان الزوج يقدم زوجته للزبائن لتتمكن الأسرة من تأمين حياة أفضل في المدينة، وفي الحقيقة قد تكون الضغوطات المادية سبباً غير مباشر لانعدام الغيرة عند الرجال، فبعض الرجال أصحاب الشخصية الانهزامية والمهزوزة قد يجدون في تقديم زوجاتهم للآخرين مقابل المال مخرجاً جيداً من الفقر.

تحدثنا في مقالات سابقة عن تبادل الزوجات (اقرأ معلومات وحقائق عن تبادل الزوجات)، وعلى الرغم من وجود تقاطعات كثيرة بين تبادل الزوجات والدياثة إلا أن هناك فروقاً جوهرية بين السلوكين.
يقوم تبادل الزوجات على مفهوم "التبادل"، أي أن معظم حالات تبادل الزوجات تكون مؤلفة من أربعة أطراف على الأقل (زوجين وزوجتين)، وغالباً ما يرفض المتبادلون وجود شخص أعزب بينهم، كما يرفضون أن تتعدى العلاقة حدود التبادل المعلوم من الأطراف جميعها.
فيما يكون الرجل الديوث أكثر تركيزاً على مشاهدة زوجته وهي تمارس الجنس مع رجل آخر، أي أنه لا يأبه إن كان الآخر عازباً أم متزوجاً، ولا يهتم للتعرف إلى زوجته أو الدخول معها في علاقة جنسية.
ويمكن القول أن سلوك الدياثة أكثر استقراراً كسمة جنسية تميز الميول، فتبادل الزوجات قد يكون مجرد تجربة، لكن الدياثة غالباً ما تكون تجربة مستمرة تتعزز في كل مرة ويزداد التعلق بها بشكل مطرد.

أكثر ما يهمنا هو الزوجة التي تقع تحت ضغط زوجها لممارسة الجنس مع غيره، فالزوج متصالح على الأغلب مع ميوله ورغباته ولا يعتقد أنها أمر يجب التخلص منه، أو على الأقل لا يسعى بجدية للتخلص منه، لكن الزوجة غالباً ما تكون رافضة لهذه الفكرة الشاذة لاعتبارات كثيرة، وفي حالات نادرة تكون الزوجة إما راغبة أو مسايرة.
ولنكون واقعيين وبعيداً عن محاولات الإصلاح التي قلما تعطي نتائج فعلية؛ نقول لكل زوجة عرض عليها زوجها أن تمارس الجنس مع غيره أمامه أن الانفصال هو الحل الأفضل والأمثل، ومهما كانت الخسائر التي ستترتب على الانفصال لن تكون أكبر من خسائر الانخراط في هذه التجربة.

بعيداً عن المغالاة التي يلجأ إلها البعض برمي الاتهامات على كل من يسمح لزوجته بالعمل أو الاختلاط بالرجال اختلاطاً أخلاقياً؛ الدياثة مرفوضة في الدين الإسلامي رفضاً قاطعاً، وتعتبر من صنوف الزنا المحرم.
وقد جاء عن الرسول ﷺ أنه قال: " ثلاثة قد حرم الله تبارك وتعالى عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث"، فالدياثة وفق الحديث من الكبائر التي تطرد فاعلها من الجنة وتحرمه منها والله أعلم.

أخيراً.... إذا كنت تعتقد أنك بحاجة لمن يسمع تجربتك ويقدم لك النصيحة يمكنك دائماً طرح مشكلتك أو سؤالك عبر هذا الرابط، كما يمكنكم الحصول على استشارات متخصصة وسرية من خلال خدمة ألو حلوها.