سؤال السعادة.. متى آخر مرة قمت فيها بشيء لأول مرة؟

ما هي فوائد تجربة وتعلم أشياء جديدة في الحياة؟ وكيف يمكن للإنسان الخروج من منطقة الراحة؟ ما هي الأمور الجديدة التي يمكن تجربتها والانتفاع بها؟
سؤال السعادة.. متى آخر مرة قمت فيها بشيء لأول مرة؟

سؤال السعادة.. متى آخر مرة قمت فيها بشيء لأول مرة؟

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

ليست هذه الدعوة إلى استكشاف الجديد مجرد اقتراح أو شعار للمتحدثين في التحفيز الذاتي، وإنما توصية من علماء الأعصاب الذين توصلوا إلى أن القيام بأشياء جديدة يحافظ على النشاط الذهني، ويحمي الصحة العقلية والبدنية.
تذكر أول مرة قمت فيها بأشياء جديدة، أول يوم في المدرسة، أول يوم زواج، أول يوم في العمل، أول يوم تعلمت فيه رياضة جديدة، أول مرة ركبت طائرة أو باخرة أو بالون، سيسري في نفسك شعور بالفخر والسعادة عندما تتذكر هذه الأمور، ولكن هل مر وقت طويل على قيامك بشيء جديد في حياتك؟
 

animate

محتويات المقال

  1. الخروج من منطقة الراحة
  2. فوائد تجربة وتعلم أشياء جديدة
  3. مقترحات لتجارب جديدة وممتعة
  4. كيفية تجربة شيء جديد
  5. المراجع والمصادر

الخروج من منطقة الراحة

متى كانت آخر مرة قمت فيها بشيء لأول مرة؟ هذا السؤال المقتبس عن خبير القيادة العالمي "جون سي ماكسويل" [1] يفتح الآفاق أمام العقل لتجربة أشياء جديدة، ويذكر الإنسان بالحاجة للتعلم والمغامرة، والخروج من منطقة الراحة والمألوفات Comfort zone ليس فقط لينقذ نفسه من الملل، ولكن ليطور ويكتشف حجم إمكاناته وقدراته، ويتوصل لشغفه وأهدافه في الحياة.

كيف تخرج من منطقة الراحة؟
ليس عليك أن تستيقظ فتقرر أنك تريد تجربة القفز من الطائرة بالبالون على ارتفاع آلاف الأقدام، وعلى الرغم من أن المغامرات الكبيرة لها تأثير رائع على الحالة النفسية والشعور بالقوة والانطلاق، إلا أنه يمكنك التدرج في الخروج من منطقة الراحة، فتجربة أشياء جديدة يمكن أن تثير بعض المخاوف ومشاعر القلق، فعندما نغادر ما تعودنا عليه عليها تنهال علينا العديد من الأسئلة:
هل علي حقًا أن أقوم بهذا الأمر؟
هل يمكنني فعله؟
هل سأبدوا غبيًا؟
ماذا سيقول الناس عني؟
ماذا لو فشلت؟

هذا شعور طبيعي، فالإنسان عدو ما يجهل، والخوف هو العائق الأول أمام التغيير، ولكن عندما تدفع نفسك خارج دائرة الاعتياد، وتُدخل في حياتك مكونات جديدة صحية وممتعة فإنك تطلق العنان لروحك وعقلك لتوسيع آفاقك وخبراتك ومشاعرك.
ويؤكد عالم النفس الشهير ريتش ووكر على أن الأشخاص الذين يشاركون في مجموعة متنوعة من التجارب يكونون أكثر احتفاظا بالمشاعر الإيجابية، وتقليل المشاعر السلبية إلى أقصى حد، بالمقارنة مع غيرهم ممن لديهم تجارب أقل.


فوائد تجربة وتعلم أشياء جديدة

توصل العلماء إلى أن الدماغ توّاق للاستمتاع بالجديد والتحديات[2]، فالتجارب الجديدة تحفز إنتاج الدوبامين، وهو مادة كيميائية موجودة بشكل طبيعي في الجسم وتعمل كناقل عصبي يؤثر على الدوافع والنشاط والشعور بالمتعة، ويتحكم في تدفق المعلومات إلى أجزاء من الدماغ.
وقد ثبت أن الاكتئاب الشديد يرتبط بحالة انخفاض الدوبامين، كما يؤدي نقصه إلى ضعف الذاكرة والوظائف المعرفية والشعور العام بالحيوية.
وكتب عالم النفس المعرفي غاري ماركوس في مقال لشبكة CNN عن فوائد التعلم وتجربة أشياء جديدة قائلا[3]:
كما أدرك أرسطو فإن هناك فرقًا بين الملذات اللحظية العابرة، وبين الرضا الذي يأتي من التطور المستمر لعيش حياة ذات مغزى ومليئة بالازدهار، وتوصلت الأبحاث في السنوات الأخيرة إلى أن الإحساس بالهدف والتطور والنمو الشخصي له العديد من الفوائد الصحية مثل انخفاض هرمون الكورتيزول، وتقوية المناعة، والنوم الجيد.
ولا شك أن استقرار الحياة، والحفاظ على روتين جيد أمر هام، ولكنه قد يكون مملًا، إذا تكررت الأحداث وتشابهت الأيام، لذا فإن تجربة شيء جديد ولو كان بسيطا يساعد على الإلهام والتحفيز، فالتعرف على أشخاص جدد مثلا، أو تعلم مهارات جديدة، والذهاب إلى مغامرات، يوسع آفاقك ويعطي روحك دفعة.

وتذكر أنه من السهل دائمًا الالتزام بروتينك القديم الممل، ولكن كن منفتحًا ومستعدًا لتجربة أشياء جديدة. فيما يلي بعض الأسباب المهمة لتجربة أشياء جديدة بانتظام:
1- مقابلة أشخاص جدد مع ما يحمله هذا من خبرات ومشاعر وفرص.
2- التعرف على نفسك، عندما تعطيها الحرية والفرصة لاختبار مساحات جديدة في الحياة.
3-  تجديد الأفكار، واختبار مدى فاعلية أساليبك وقناعاتك.
4- المزيد من الأشياء للتحدث عنها، فكلما زادت تجاربك، واتسعت خبراتك ستجد العديد من الأشياء المميزة للحديث عنها، وإلهامك للكتابة والتواصل.
5- الشعور بالرضا العام والثقة بالنفس، عندما تجد أنك قادر على القيام بأمور جديدة ومختلفة لم يخطر ببالك أنك قادر على القيام بها من قبل.
6- زيادة جاذبيتك، ورفع مستوى ذكاءك العاطفي، ستصبح أكثر إثارة للاهتمام، وأكثر قدرة على فهم الآخرين وتقبل اختلافاتهم.
7- توسيع وجهة نظرك للحياة مما يباعد عنك شبح الاكتئاب والانغلاق، ويجدد طاقة الأمل بداخلك.
8- قد تتحول مغامرتك اليومية إلى عمل تجاري، فتنشيء مدونة أو قناة تعليمية أو ترفيهية لتسجيل ومشاركة تجاربك.


مقترحات لتجارب جديدة وممتعة

1- زر مكانًا جديدًا
السفر من أكثر الأشياء التي توسع آفاقك، وزيارة البلاد المختلفة تجعلك مطلعًا على ثقافات وعادات جديدة، وإذا لم تتمكن من السفر، فزر أماكن جديدة ولو ضاحية في مدينتك لم تزرها من قبل.

2- تعلم لغة جديدة
الأشخاص الذين يتحدثون أكثر من لغة يتمتعون بذاكرة أفضل، وقدرة أعلى على حل المشكلات، والتفكير النقدي، والتركيز وتعدد المهام.
وهناك الكثير من الوسائل العصرية المساعدة على تعلم اللغات بطريقة مشوقة، مثل القنوات الإلكترونية والتطبيقات، وحتى لو تعلمت بعض الجمل والعبارات الهامة من بعض اللغات فهذا يعد إنجازا.

3- غيّر في عملك
العمل يحتل جزءًا هامًا من اليوم، ماذا لو جربت عملًا جديدًا لم تقم به من قبل؟، هل تقوم بعمل ذهني؟.. جرب أن تمارس عملًا يدويًا، هل تقوم بعمل مكتبي؟.. جرب ولو ليوم أن تقوم بعمل حركي، يمكنك أيضًا أن تغير طريقة ذهابك لعملك، فتذهب بالدراجة أو القطار، أو سيرًا على الأقدام، أو أن تغير في شكل مكتبك ومكان عملك.

4- رياضة لم تمارسها من قبل
من الممكن أن تكون الجري في ماراثون، أو سباق الدراجات، أو أية رياضة أخرى.

5- قم بمغامرة : هل تسلقت جبلًا من قبل؟، هل ركبت بالونًا؟، هل قمت بالغوص أو الغطس؟، هل قمت برحلة برية؟، هل نمت تحت النجوم؟، هناك الكثير من المغامرات التي لم تجربها بعد، وقد تبدو لك للوهلة الأولى غير ملائمة، ولكن قد يتغير رأيك بعد أن تجربها.

6- تذوق أكلة جديدة
الطعام ليس احتياجًا فقط، بل يمكنك التعرف على جانب من ثقافات الشعوب عبر تذوق وصفات طعامهم، اذهب إلى مطعم يقدم وصفات جديدة أو أعدها بنفسك. 

7- عبر عن مشاعرك/ اتصل بصديق أو معلم قديم
الحياة المعاصرة فرضت الكثير من العزلة على نمط حياتنا، وأصبح التواصل حتى بين المقربين غالبًا ما يتم عبر الشاشات، ولكن ماذا لو كسرت هذا الروتين، واتصلت بصديق قديم، أو معلم لم تره منذ سنوات بعيدة، وذكرته بنفسك وعبرت عن تقديرك وامتنانك.

8- فاجيء شخصا ما مفاجأة سارة
بدون انتظار مقابل، ولا رد جميل، أعد مفاجأة رائعة لأحد الناس وفاجئه، إنها أسرع وصفة للسرور أن تدخله على غيرك.

9- قم بعمل تطوعي
هناك الكثير من الأعمال التطوعية لا يقتصر أثرها على استخراج طاقات الرحمة والعطاء، بل وتنشيط الإبداع أيضًا، وعندما تقترب من العمل التطوعي ستكتشف احتياجات وأفكار ربما لم تخطر ببالك يومًا، سواء في التعامل مع الأطفال، أو المسنين، أو تعليم الآخرين، أو سد احتياجاتهم، أو الدعم النفسي للمرضى... إلخ

10- تعلم مهارة جديدة: مثل الزراعة، أو الطهي، أو التصميم، أو العزف على آلة موسيقية.


كيفية تجربة شيء جديد

والآن بعد أن تعرفنا على أهمية وفوائد التجربة، وضربنا العديد من الأمثلة للأنشطة الجديدة والمهارات التي يمكنك القيام بها، يأتي السؤال عن الكيفية، وإليك هذه الخطوات الهامة لتجربة ممتعة وناجحة:
1- لا تتردد و تقبل نفسك كمبتدئ
عندما كنا أطفالا نحاول المشي لأول مرة كان من حولنا يشجعوننا باستمرار على المحاولة، قيامنا بخطوة واحدة كان يستحق التصفيق والثناء حتى لو سقطنا بعدها مباشرة، هكذا هي البدايات، لا يمكن أن يتحول الطفل فورًا من رضيع لا يقوى على الحركة إلى طفل نشيط يجري ويقفز بعفوية وسرعة، لا بد أن يتدرج في بيئة مشجعة.
ولكن الكبار لديهم خوف من الفشل، ورغبة في الإنجاز السريع والإتقان الفوري، وهذا يضاد طبيعة الحياة، ويدعو إلى الإحباط والتردد في التجربة، لذا فعليك أن تتحلى بعقلية المبتدئ أولًا عندما تقرر تجربة أشياء جديدة، وتسعد بمحاولاتك، وتستمتع بمتعة التجربة في حد ذاتها، وتفخر بنفسك على قرارك وسعيك للتجديد.

2- البحث الجيد والاختيار
قبل البدء قم ببحث على الإنترنت حول الشيء الذي تود تجربته، تعرف على فوائده وآراء الآخرين، واختر بحرية ولكن بعقل واعٍ، فالتجربة المفيدة يجب أن تكون لأشياء صحية وجيدة، أما تجربة ما يضر فهي إهلاك للنفس والطاقة وتضييع للعمر.

3ـ اختر المكان الصحيح
إذا قررت القيام بنشاط ما فعليك اختيار المكان المناسب لذلك، قد يكون أكاديمية، أو ناديًا، أو مركزًا تعليميًا أو تدريبيًا، أو منصة تعلم وتواصل عبر الإنترنت.

4ـ أشعل حماسك
الحماس والسعادة أساسيان للبدء والاستمرار، لا تختر هواية لا تميل إليها، ولا تتعلم عزف آلة لا تحبها، اختر ما يثير حماستك، وتخيل نفسك وأنت ماهر في تعلمها، واستمتع بالتعلم والأداء.

5ـ أعد تنظيم حياتك
كن سلسًا في إعادة ترتيب حياتك، ومواعيدك، وأولوياتك، قد تحتاج بعض المغامرات للاستيقاظ المبكر والحصول على نوم كافٍ بالليل، هذا جيد، وقد تحتاج بعض المهارات إلى تعديل نظامك الغذائي، اترك نفسك للتغيير الإيجابي، واسمح للتجربة الجديدة الجيدة بتشكيل حياتك للأفضل.

6ـ أحط نفسك بالأشخاص الداعمين
يتأثر الإنسان بالصحبة إلى حد كبير، فالسخرية والانتقاص يضعفان العزيمة، لذا لا تشارك تجربتك الجديدة مع المحبطين، واختر الأصدقاء الداعمين الذين يتقبلون الجديد ويثقون بقدراتك.

وختامًا فإنه كما يُقال: ""كل إنسان يموت، ولكن ليس كل إنسان يعيش حقا"، قد يعيش الإنسان سنوات عديدة متشابهة بلا تعلم ولا خبرة، وفي المقابل قد يقضي أيامًا قليلة ولكنها أكثر فائدة ومتعة، لا تخف من الخروج عن مألوفاتك وعاداتك اليومية الثابتة وتجرب أشياء تجدد بها حياتك.


المراجع والمصادر:

[1] اقتباس.للكاتب جون سي. ماكسويل من كتاب ٢١ قانوناً لا يقبل الجدل في القيادة (2007)، تمت مراجعته في 22/5/2019، www.goodreads.com.
[2] مقال.للكاتبة سوزان توليس، "متى آخر مرة جربت فيها شيئاً جديداً للمرة الأولى؟" منشور عبر موقع www.txconferenceforwomen.org تمت مراجعته 22/5/2019
[3] مقال.للكاتب جاري ماركوس حول فوائد تعلم أشياء جديدة، منشور عبر موقع www.thechart.clogs.cnn.com تمت مراجعته 22/5/2019