مراحل انتكاسة الإدمان وعلامات انتكاس المدمن وعلاجه

الانتكاسة في الإدمان، مراحل وعلامات انتكاسة الإدمان وأسباب العودة لتعاطي المخدرات بعد التعافي والإقلاع، علاج انتكاسة الإدمان وطرق الوقاية من انتكاسة المخدرات
مراحل انتكاسة الإدمان وعلامات انتكاس المدمن وعلاجه
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

بمجرد أن تبدأ رحلة العلاج من إدمان المخدرات أو الكحوليات أو حتى التدخين؛ سيكون المدمن على موعد مع أيام قاسية حتى يتعافى من آثار الإدمان الصحية والنفسية، ويعود لحياته الطبيعية ويحقق الاندماج الاجتماعي، لكن وللأسف فإن نسبة ليست قليلة من المدمنين يواجهون انتكاسة الإدمان بعد الإقلاع والتعافي، والتي قد تجعل الإقلاع عن المخدرات مرة ثانية أكثر صعوبة.

ما هي إذاً الانتكاسة في الإدمان؟ وما هي أسباب انتكاسة الإدمان والعودة للمخدرات بعد التعافي والشفاء؟ كيف يمكن علاج انتكاسة الإدمان وكيف يجب أن يحمي المعافى من المخدرات نفسه من انتكاسة الإدمان؟ هذه الأسئلة وغيرها نجيب عنها في هذا المقال.

الانتكاس في الإدمان مصطلح يشير إلى عودة الشخص إلى تعاطي المخدرات -أو موضوع الإدمان مهما كان- بعد فترة من التعافي والإقلاع، كما أن الانتكاس Relapse مصطلح عام في الطب يستخدم أيضاً لوصف عودة المرض بعد الشفاء منه مثل ما يحصل مع بعض مرضى السرطان أو السكري من النوع الأول وغيرهم.
يعتبر الانتكاس حالة شائعة بين المتعافين من الإدمان، حيث يعتقد أن نسبة من يعانون من الانتكاس بعد الإقلاع عن المخدرات تتراوح بين 40% و60%، وقد يختبرون انتكاسة الإدمان أكثر من مرة بعد العلاج، وتعتبر الشهور الثلاثة الأولى هي الأخطر لحصول انتكاسة، غير أن احتمال الانتكاس في الإدمان قد يظل قائماً مدى الحياة!، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مرور سنة كاملة على الإقلاع التام عن المخدرات يقلل بنسبة كبيرة جداً فرصة الانتكاس. [1،2]

animate

تتراوح أسباب انتكاسة الإدمان بين أسباب عاطفية وجدانية أو نفسية، وأسباب موضوعية تتعلق بسلوك الفرد بعد الإقلاع عن المخدرات أو بطريقة متابعة العلاج بعد التعافي، ونذكر أهم أسباب انتكاسة الإدمان على المخدرات كالآتي:

  1. المحفزات على العودة للمخدرات: محفزات الانتكاسة تتعلق بمشاعر الشخص التي تتولد نتيجة مواقف معينة، مثل المرور بأزمة عاطفية أو حالة من الحزن والكآبة، أو موقف ما يدفعه إلى العودة لتعاطي المخدرات، أو حتى المرور بمكان مألوف يرتبط لديه بتعاطي المخدرات أو الكحول... وعادةً ما تخلق هذه المحفزات رغبة شديدة بالتعاطي لدى المعافى من الإدمان، وفي حال لم يتمكن من السيطرة على هذه الرغبة سيقع بانتكاسة الإدمان.
  2. استعادة التواصل مع أشخاص يتعاطون المخدرات: من أبرز النصائح التي يقدمها المعالجون للمدمن هو الابتعاد عن أوساط تعاطي المخدرات وعن المدمنين وشركاء التجربة القاسية، حيث يعتبر التواصل مع الأصدقاء أو المعارف المدمنين على المخدرات سبباً رئيسياً لانتكاسة الإدمان.
  3. غياب الرعاية التخصصية بعد الإقلاع: حيث تبيّن الأبحاث أن الأشخاص الذين لا يحصلون على الرعاية المناسبة بعد الإقلاع عن المخدرات والتعافي من الإدمان؛ أكثر عرضةً للانتكاسة والعودة لتعاطي المخدرات، خاصًّة عندما لا يمتلك المعافى من الإدمان وسيلة فعالة وسريعة للتواصل مع المعالجين عند تولّد رغبة العودة إلى التعاطي، حيث تتعامل بعض مؤسسات علاج الإدمان مع المدمنين فقط وليس مع من هم على حافة العودة للإدمان!.
  4. الإجهاد والقلق والرغبة بالراحة والاسترخاء: حيث تشير دراسة استهدفت متابعة المقلعين عن التدخين إلى أن الإجهاد والتوتر من أبرز أسباب الانتكاسة، كما بيّنت الدراسة أن الحاجة لإعادة تجربة المتعة المرتبطة بالتدخين وتأثيره على الاسترخاء؛ تعتبر أيضاً من أسباب الانتكاسة وهذا ما يمكن تعميمه على مختلف أنواع الإدمان.
  5. المرض والألم الجسدي: أيضاً يلعب الألم الجسدي دوراً في تحفيز انتكاسة الإدمان على المخدرات، حيث يميل المعافى من الإدمان إلى العودة لتعاطي المخدرات في سبيل تسكين الألم في حال المعاناة مع مرض أو حتى لتخفيف آلام الانسحاب إذا كان في المرحلة الأولى من التعافي.
  6. عدم التسامح الاجتماعي: بلا شك يعتبر التسامح الاجتماعي شرطاً ضرورياً للإقلاع التام والنهائي عن المخدرات، لكن للأسف يواجه العديد من المقلعين والمتعافين من الإدمان حالة الرفض الاجتماعي، وأحياناً يكون الرفض من أقرب الناس لهم؛ ما قد يقودهم إلى الانتكاسة والعودة للتعاطي.
  7. البطالة سبب لانتكاسة الإدمان: على وجه العموم يعتقد الباحثون أن الإدمان على المخدرات والكحول والتدخين أكثر انتشاراً بين العاطلين عن العمل، كما أشارت دراسة عام 2011 إلى أن البطالة تزيد من فرص انتكاسة الإدمان بعد العلاج والإقلاع عن المخدرات والعلاقة بين البطالة والإدمان تدور في حلقة مفرغة؛ كلّما غرق الفرد بالإدمان والتعاطي كلّما قلّت فرصته بإيجاد عمل، وغرق أكثر في الإدمان. [3،4]

تمر انتكاسة الإدمان على المخدرات بعد التعافي بثلاث مراحل أساسية، تتدرج بالترتيب -غالباً- لتنقل الفرد من الإقلاع التام إلى الإدمان مرة أخرى، ومراحل الانتكاسة هي:

  1. الانتكاس العاطفي في الإدمان: الانتكاسة العاطفية للمدمن عادةً ما تكون المرحلة الأولى، وقد تكون قريبة جداً من مرحلة التعافي، ويتمثل الانتكاس العاطفي بمشاعر الحزن والقلق والكآبة والمشاعر السلبية، وعدم الإيمان بفاعلية العلاج.
  2. الانتكاس النفسي والذهني: وفي هذه المرحلة من انتكاسة الإدمان يبدأ صراع نفسي وعقلي بين الالتزام بالعلاج والإقلاع التام، وبين العودة إلى التعاطي، وعندما يكون المعافى مدركاً لخطورة هذا الصراع الفكري سيلجأ لوسائل ترجح كفة الإقلاع والمضي قدماً في الحياة الطبيعية، وإلا سيتورط ثانيةً بالتعاطي والإدمان.
  3. الانتكاسة الجسدية للمدمن: وهي آخر مراحل الانتكاسة وأول مراحل الإدمان مجدداً، حيث يتعاطى المعافى من الإدمان المخدرات للمرة الأولى بعد العلاج، والتي تعتبر كافيةً جداً للاستمرار بالتعاطي والانزلاق إلى الإدمان. [5]

ما هي العلامات المبكرة على انتكاسة المدمن؟ على الأهل والأصدقاء أن يكونوا على معرفة مسبقة بعلامات وأعراض انتكاسة المدمن بعد انتهاء العلاج، كما على المعافى من الإدمان أن يمتلك مفاتيح الرقابة الذاتية لطلب المساعدة في حال ظهرت عليه أعراض وعلامات انتكاسة الإدمان على المخدرات.
وهذه أبرز علامات الانتكاسة المبكرة والتي يجب النظر إليها بجديَّة باعتبارها مؤشرات خطيرة على انتكاس المدمن:

  1. استرجاع ذكريات الإدمان والتعاطي بطريقة رومانسية: حيث يبدأ المعافى من الإدمان بالحديث عن فترة الإدمان بشكل إيجابي، يتحدث عن ذكريات التعاطي والأصدقاء والمواقف المضحكة وكأنه يحنّ إلى تلك الفترة، هذه الرومانسية من العلامات المبكرة والخطيرة لانتكاسة الإدمان.
  2. يعتقد المعافى من الإدمان أنّه لن يعود للإدمان وإن عاد للتعاطي: ربما يتحدث عن هذا الشعور بشكل مباشر واصفاً الخبرات التي اكتسبها خلال فترة العلاج والتي ستساعده على عدم الإدمان وإن عاد للتعاطي أو على الخروج من الإدمان بشكل أسرع، هذا الاعتقاد خاطئ تماماً ويعتبر مؤشراً خطيراً على الانتكاس.
  3. علامات سلوكية لانتكاسة الإدمان: مراقبة سلوك المعافى من الإدمان واحدة من أهم الوسائل وأكثرها فعالية في الوقاية من الانتكاسة، وعادةً ما يميل المنتكس إلى المزيدة من العزلة والابتعاد الاجتماعي، وقد تظهر عليه أعراض القلق والحزن والكآبة، كما قد يبدأ باستعادة الأنشطة التي تعلم ممارستها أثناء فترة العلاج.
  4. الشك في فعالية العلاج: كما أن استرجاع ذكريات الإدمان برومانسية يعتبر من علامات الانتكاس؛ كذلك النظر بسلبية للعلاج والتشكيك بفاعليته أو الشعور أن الإدمان لا يمكن علاجه... كل ذلك من العلامات الخطيرة على انتكاس المدمن. كما يترافق الشك بفاعلية العلاج مع عدم رغبة المعافى بالتواصل مع المعالجين أو الالتزام بجلسات العلاج الجماعي، وهذا مؤشر قوي على الانتكاسة، راجع سؤال إحدى الأمهات من مجتمع حِلّوها حول سلوك ابنها بعد خروجه من المصح وظهور علامات الانتكاس عليه، انقر هنا.
  5. العلامات المتأخرة على الانتكاس: جميع الأعراض التي ذكرناها تعتبر علامات مبكرة على انتكاسة المدمن، أي قبل تورطه في التعاطي أو شروعه، لكن بمجرد عودته إلى التعاطي ستظهر عليه أعراض تعاطي المخدرات، وسيعود لأصدقائه المدمنين أو يكوّن صداقات جديدة مشبوهة، عندها سيكون مدمناً مرة أخرى وليس على حافة الإدمان. [5]

ماذا أفعل بعد الانتكاسة؟ يتوقف علاج انتكاسة المدمن على مرحلة الانتكاسة، وكل ما بدأ علاج الانتكاسة بوقت أبكر كلما كان العلاج أكثر فاعلية وسهولة، فعلاج الانتكاسة في المرحلة العاطفية والعقلية أسهل بكثير من علاج الانتكاسة الجسدية أو الانتكاسة الكاملة.

  • الاستجابة المبكرة لأعراض الانتكاسة هي مفتاح علاج انتكاسة الإدمان قبل أن تتطور إلى مراحل خطيرة.
  • الخطوة الأولى في علاج الانتكاس التأكد أن الحالة لا تستدعي العودة إلى مصح علاج الإدمان، يمكن للمعافى ومَن حوله نقاش الأمر بناء على شدة الأعراض التي ذكرناها سابقاً، والأفضل بكل تأكيد زيارة الطبيب المعالج المختص لتقدير مدى خطورة الانتكاسة وكيفية التعامل معها. [6]
  • في حال كانت الانتكاسة متقدمة ووصل الأمر إلى تجربة تعاطي المواد المخدرة مجدداً؛ لا مفر آن ذاك من العودة إلى المعالج المختص والبدء بتعديل برنامج المتابعة والعلاج، وربما يضطر المدمن إلى الإقامة في المصح لعلاج الانتكاسة.
  • تعتبر تقنيات وفنيات العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الجماعي من التجارب الأكثر نجاحاً في دعم المدمنين على التعافي من الانتكاسة وفي الوقاية من الانتكاس بعد العلاج.
  • دور العائلة والأصدقاء محوري جداً في علاج الانتكاسة، ويمكن تقسيم هذا الدور لمرحلتين
    • المرحلة الأولى هي مراقبة سلوك المعافى من الإدمان بشكل حثيث ودائم دون إشعاره بالسوء، وذلك لاكتشاف أعراض الانتكاسة بشكل مبكر، ويجب أن يعلم الأهل والأصدقاء أن الانتكاسة تكاد تكون تجربة إجبارية في رحلة الإقلاع عن المخدرات.
    • المرحلة الثانية هي تقديم الدعم المستمر للمعافى من الإدمان سواء كان على أعتاب انتكاسة الإدمان أم لا، وذلك من خلال الاستماع إليه دائماً، والتواصل مع جهات الرعاية المتخصصة برعاية المتعافين من الإدمان.

العلاج من الإدمان ثم الانتكاسة! قد يبدو الانتكاس بالنسبة للمدمن المعافى ومن حوله وكأنه فشل في علاج الإدمان، لكن الحقيقة أن انتكاسة الإدمان تعتبر مرحلة من العلاج ولا يمكن التعامل معها كمؤشر على فشل العلاج من الإدمان.
بل أن مرحلة العلاج القصيرة التي يقضيها المدمن في المصح لإزالة السموم من جسده هي الأسهل؛ فيما تعتبر مواجهة الانتكاسة وتعديل السلوك والتحكم بالأفكار هي التحديات الحقيقية في علاج الإدمان.

إذاً وعلى الرغم من خطورة الانتكاسة؛ إلّا أنها حدث يتوقعه المعالجون مسبقاً، ويجب أن يستعد له المعافى من الإدمان وكل من حوله من العائلة والأصدقاء، كما يجب أن يحرص المعافى من الإدمان على التواصل المستمر مع المعالجين المتخصصين وبشكل كثيف خاصة في الفترة الأولى من الشفاء، وعليه أن يلجأ فوراً للمشورة بمجرد أن تظهر لديه محفزات الانتكاسة أو الرغبة القوية بإعادة التجربة والحنين لفترة الإدمان. [7]

من الواجب على الأطباء والمعالجين المتخصصين بعلاج الإدمان منح المعافى مجموعة النصائح والتعليمات الوقائية للوقاية من الانتكاسة، ويجب على المحيطين بالمعافى من الإدمان أن يسألوا عن هذه النصائح وطرق الوقاية من انتكاسة المدمن، ونذكر لكم المفاتيح الأربعة الرئيسية للوقاية من انتكاسة الإدمان:

  1. فهم أسباب الانتكاسة وطبيعتها: أهم مفاتيح الوقاية من الانتكاسة هو إدراك المعافى من الإدمان ومن حوله أن الانتكاسة ليست فشلاً بالعلاج وإنما مرحلة من مراحل الإقلاع والعودة إلى الحياة الطبيعية، كما على المدمن ومن حوله أن يفهموا أسباب الانتكاسة بعد علاج الإدمان ومراحلها، والتعامل مع هذه الأسباب بالطريقة الأنسب بالتنسيق مع الطبيب المعالج.
  2. السيطرة على محفزات الإدمان قدر الممكن: يجب أن يمتلك المعافى من الإدمان إدراكاً عميقاً لمحفزات الإدمان، فحتى وإن شعر أن أغنيةً ما تعيد إليه ذكرى تتعلق بالمخدرات ومرحلة الإدمان؛ يجب عليه الابتعاد عنها تماماً، وكذلك الأمر مع جميع الأدوات والأماكن والأشخاص وكل ما له صلة بمرحلة ما قبل الإقلاع وكل ما يبدو أنه يثير لديه حنيناً أو رغبة بالتعاطي.
  3. الاندماج أكثر بالحياة العادية: كما ذكرنا فإن الميل للعزلة والابتعاد من أعراض الانتكاسة، لذلك يعتبر الاندماج أكثر بالحياة الطبيعية والأوساط الاجتماعية المناسبة إجراءً مهماً لمواجهة انتكاسة الإدمان.
  4. لا للفراغ لا للبطالة: واحد من المفاتيح الرئيسية لتجنب انتكاسة الإدمان أو الخروج منها في مراحل مبكرة هو القضاء تماماً على الفراغ، قد يواجه المعافى من الإدمان صعوبة في العودة لسوق العمل، لكن البطالة لا يجب أن تكون أمراً واقعاً، يجب أن يعمل المدمن بأقصى طاقة لديه لتطوير مهاراته الشخصية والعودة لسوق العمل، كما يجب أن ينخرط في أنشطة اجتماعية مفيدة للقضاء على وقت الفراغ مثل الأعمال التطوعية والتطوع لمساعدة المدمنين على الإقلاع.

المراجع