أزمة الهوية في مرحلة المراهقة وتشكل هوية المراهق

ما هي أزمة الهوية عند المراهقين وما أسبابها؟ كيف تسهم العائلة في أزمة الهوية في المراهقة؟ كيف تساعد العائلة ابنها المراهق لتجاوز أزمة الهوية؟
أزمة الهوية في مرحلة المراهقة وتشكل هوية المراهق

أزمة الهوية في مرحلة المراهقة وتشكل هوية المراهق

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

لعلها الشكوى الأكثر ظهوراً لدى الوالدين تلك المرتبطة بجدليات عمر المراهقة لدى الابن والابنة؛ لما تحفل به هذه المرحلة العمرية من مشاكل شتى أهمها أزمة هوية المراهق، التي تُربِك المراهق والمراهقة على السواء، كما الوالدين.
إن كان ابنكِ المراهق أو ابنتكِ المراهِقة يعانيان من مشاكل عدة أبرزها أزمة هوية المراهق، فلعلنا نقدّم لكِ إجابات شافية في هذا المقال، لنضمن لكِ عبوراً يسيراً من هذه المرحلة الحرجة في حياة الأبناء. 

متى أعرف أن ابني يعاني أزمة هوية المراهق؟
كثر هم في هذا العالم من يعانون من أزمة الهوية، ولعل على رأسهم المراهق الذي يمرّ بأعراض عدة في مرات يمكن توصيفها بأزمة هوية المراهق، حين لا يملك هو نفسه معرفة خياراته بشكل جيد ولا توجهاته ولا اهتماماته ولا حتى هواياته. [1]
يعاني المراهق الذي يقاسي أزمة هوية المراهق من تقلّبات فكرية حادة؛ إذ قد تجده في مرحلة ما منجرفاً نحو أقصى اليمين في أفكاره، فلا يلبث أن يذهب لأقصى اليسار، وهكذا. أي أن المراهق الذي يعاني من أزمة الهوية لا يعرف هو نفسه أي الانتماءات بوسعه أن يُصنّف ذاته ضمنها. سياسياً وفكرياً ودينياً.
تعدّ مرحلة المراهقة مليئة بالتخبط، وأزمة هوية المراهق من أشهر مظاهر هذا التخبط، لكن ثمة عوامل عدة تُسهِم في حدوث هذا وظهوره بشكل لافت، لعل أهمها الاضطرابات النفسية والمتاعب الصحية والانحرافات السلوكية والمشاكل العائلية. [2]
لذا، يُنصَح دوماً بالتنشئة السليمة للطفل، ضمن هوية جنسية ودينية وحضارية محدّدة، ومن دون تغييب الآخر في الوقت ذاته، أي إفهام الطفل أنه ينتمي لكذا، وأن هنالك أيضاً كذا وكذا من أطياف غيره، وأن أحداً لا يلغي الآخر. لكن الهوية الضبابية في الطفولة ولدى العائلة هي المسبّب الرئيس لأزمة هوية المراهق في مراحل لاحقة.
بوسعكِ معرفة أن ابنك أو ابنتك في عمر المراهقة يعانيان من أزمة هوية المراهقة من خلال أمور عدة منها ما يتعلّق بالمظهر؛ إذ قد ترتدي ابنتكِ في عمر المراهقة الحجاب واللباس الديني لفترة ما، فتذهب لنزعه والذهاب للنقيض في فترة لاحقة، كذلك الحال مع ابنكِ الذي قد ينادي بأقصى مبادئ اليمين في فترة ما، وسرعان ما يذهب لأقصى طروحات اليسار في فترات أخرى.
كما بوسعكِ ملاحظة أزمة هوية المراهق لدى ابنكِ أو ابنتكِ من خلال الدخول في حالات اكتئاب غير مبرّرة في مرات، وحيرة، وكذب على الأهل والرفاق في المدرسة بشأن أمور كثيرة لا مبرّر لها. وكثيراً ما يعاني المراهق الذي يمرّ بأزمة هوية المراهقة من الانطواء والنكوص والتراجع الدراسي والخجل غير المبرّر، أو على النقيض من ذلك، التنمّر والاستقواء على الآخرين. [3]

animate

ما هي الأسباب التي تؤدي لأزمة الهوية لدى المراهق؟
ما سبق، يجعل من مهمة تعداد الأسباب التي تفضي لأزمة هوية المراهق، مهمة سهلة إلى حد ما؛ ذلك أنه بالوسع تلخيص أسباب أزمة الهوية لدى المراهق بما يلي: [2,3]

  • العائلة التي تعاني من أزمة هوية، هي نفسها، تسهم في حدوث أزمة هوية المراهق لدى الابن أو الابنة المراهقين.
  • عدم إفهام الابن أو الابنة المراهقين هويتهما الواضحة منذ الطفولة، جنسياً ودينياً وحضارياً، أي ترك الأمور تأتي كيفما اتفق بلا توعية. يُسهم هذا في حدوث أزمة هوية المراهقة في عمر لاحق.
  • المشاكل العائلية التي تنشب بين الوالدين هي المسبّب الرئيس لأزمة هوية المراهق، والتي تغذي القلق والتوتر والشعور باللا استقرار.
  • التغيرات الهرمونية والجسدية المتسارعة تسهم في حدوث كثير من التقلّبات المزاجية والعاطفية الحادة لدى المراهق، ولعل أكثر ما يظهر من هذه الاضطرابات تلك المرتبطة بأزمة هوية المراهق لاحقاً.
  • تعرّض المراهق للسخرية من آخرين أو التنمّر والاستقواء من قِبل البعض في العائلة أو المدرسة، يسهم في تحوّله من تيار لآخر؛ رغبة منه في محاولة استرضاء الآخرين، وهو ما ينتج عنه في مرات كثيرة أزمة هوية المراهق.

حاولت الخبيرة النفسية والمختصة بتربية الطفل في موقع حِلّوها الإجابة عن سؤال سابق عبر موقع حلّوها، حول كيفية تعويض الابن المراهق عمّا لحق به من أذى في طفولته، وهو ما انعكس على سوية مراهقته لاحقاً، فظهرت مشكلات عدة من بينها أزمة الهوية لدى المراهق، وكانت الإجابة تركّز أكثر ما تركّز على ضرورة الحوار الإيجابي والسعي لمسح الآثار العالقة منذ مرحلة الطفولة من خلال التعامل الحسن والهدوء وضبط الأعصاب مهما كانت الاستفزازات. (السؤال بالتفصيل على الرابط)

كيف تسهم العائلة في حدوث أزمة الهوية لدى المراهق؟
للعائلة الدور الأكبر في حدوث أزمة هوية المراهق، ويكون هذا من خلال تراكمات عدة حدثت منذ الطفولة، من قبيل سوء المعاملة والمشاكل الأسرية التي تسهم في منح الطفل كثير من مشاعر اللا-استقرار واللا-أمان.
إضافة إلى ذلك، فإن العائلة قد تسهم في تشكيل أزمة هوية المراهق من خلال التربية التي لا تضع أسساً سليمة من نواحٍ نفسية ودينية وأخلاقية. لذا، فإن المراهق الذي ينشأ في عائلة لا تعطيه الأسس الواضحة لهويته، سيعاني هو لاحقاً من أزمة هوية المراهق التي تظهر من خلال أمور شتى أهمها تأرجح التفكير والتنقّل بين التيارات المتناقضة، إلى جانب الميل للنكوص والاكتئاب والانطواء والخجل من مكاشفة الآخرين بالتغيّرات التي تحدث لديه؛ مخافة الملامة، وهو ما يفضي كذلك لحالات كذب كثيرة على العائلة والأقران.
لذا، فإن العائلة تكون في الأغلب هي المسبّب الرئيس لأزمة هوية المراهق، سواءً كان هذا منذ تنشئة الطفل أو لاحقاً من خلال التعامل غير القويم مع الابن والابنة المراهقين حين يصابا بأزمة هوية المراهق. [2]

لماذا يلجأ المراهق للعاطفة خلال أزمة الهوية؟
لعل من نافلة القول إن المراهق أكثر ما يحتمي في هذه المرحلة العمرية الحرجة بالعلاقات العاطفية؛ رغبة منه بالاحتماء بالعلاقة من الحرج الاجتماعي والضيق من قيود العائلة والمجتمع، بالإضافة لكون العلاقة العاطفية خلال أزمة هوية المراهق ترمز لديه للجنس على مستوى أو آخر، لا سيما إن كان في عائلة ومجتمع يفرضان كثيراً من التشنّج والحدّة في التعاطي مع الجنس الآخر.
كانت الأخصائية النفسية ميساء النحلاوي قد أجابت على السؤال الآنف، حول مدى صحة قرار الارتباط خلال أزمة الهوية لدى المراهق، بقولها إن المرحلة العمرية الحرجة هذه تحول دون أخذ قرار ارتباط صحيح وناضج، ما يُحتّم تأجيل الخطوة إلى حين النضج ومعرفة حقيقة الموقف والعاطفة ومدى أهلية الشخص نفسه والطرف الذي يهمّ بالارتباط به. (السؤال بالتفصيل على الرابط)

استعرض موقع حلّوها سابقاً عدداُ من النصائح لتنشئة سليمة للمراهقين وطريقة تعامل قويمة من شأنها عبور المرحلة بسلام، ولعلّ الأهم في هذا السياق هو التفهّم، أي تفهّم الحاجات والدوافع والتغيرات الجسدية والنفسية والهرمونية التي يمرّ بها المراهق، والتي تفضي لكثير من المتاعب ما لم يدرك الوالدان كيفية التعامل السليمة معها. (المادة بالتفصيل على الرابط).

منوط بالعائلة، بشكل رئيس، مساعدة الابن أو الابنة حين يعانيان من أزمة هوية المراهق، من خلال إجراءات عدة أهمها [3،4]:

  • الحوار الإيجابي البنّاء والهادف هو العامل الرئيس في عبور المراهق أو المراهقة نحو برّ الأمان، وهو صمّام الأمان الوحيد الذي قد يحول دون تفاقم أزمة هوية المراهق.
  • التعامل بحسم وفي الوقت ذاته بتفهّم مع الابن والابنة المراهقين، ما يُسهم بدوره في وضع حدود لبعض الانجراف الذي يسم أزمة هوية المراهق، كما يحول دون خسارة الابن أو الابنة بسبب القسوة التي قد تظهر في سلوك بعض الأهالي.
  • قد يحتاج الأب والأم للجوء لطبيب نفسي أو مرشد تربوي على قدر من الكفاءة والخبرة؛ للتعامل مع أزمة هوية المراهق لدى الابن أو الابنة، لا سيما إن وصلت لمراحلٍ باتت فيها ممجوجة او محرجة اجتماعياً أو مسبّبة للمتاعب للمراهق وللعائلة على حد سواء.
  • مناقشة الخيارات كلها مع الابن أو الابنة المراهقين، وتقبل ما يفكران به وما يطرحانه من أفكار، حتى وإن عكست مقدار أزمة هوية المراهق التي يعانيان منها، لكن الصدر الرحب في سماع هذه الأفكار والإجابة على التساؤلات ومحاولة اقتراح حلول وخيارات، سيسهم بدوره في حلّ هذه الأزمة.
  • تقديم نموذج صالح من الوالدين للابن أو الابنة، أي مطلوب من كلا الوالدين أن يكونا على قدر جيد من المسؤولية والتفهم والتفاني وتقديم نموذج متصالح مع هويتهما هما، قبل مطالبة الابن أو الابنة اللذان يعانيان من أزمة هوية المراهق بذلك.
  • محاولة إيجاد بدائل إيجابية للابن الذي يعاني من أزمة هواية المراهق، أي من خلال توفير أنشطة رياضية واجتماعية وترفيهية مأمونة، بالإضافة لخلق أجواء اجتماعية سليمة للتواصل مع الآخرين والاكتشاف الاجتماعي والحديث والتعامل، عوضاً عن العزلة والانطواء والتقوقع على الذات، وهي من العلامات التي تعكس بقوة وجود أزمة هوية لدى المراهق، لا سيما إن صاحبها تنقّل حاد بين التيارات.  
  • عدم الجزع عند حدوث علامات أزمة هوية عند المراهق، سواءً كان هذا الجزع من قِبل المراهق نفسه أو من قِبل والديه. فلتتذكر الأطراف كلها أن ما من عمر يكون فيه المرء بمنأى عن أزمة الهوية، بل هي لطالما واجهت أربعينيين أو خمسينيين، فكيف هو الحال بالابن أو الابنة المراهقين، ما يستلزم بالتالي التعاطي مع الأمور بهدوء لتجاوز أزمة هوية المراهق.

إن شعرت بأنك تعاني من أزمة هوية المراهق، أو إن شعرتِ أن ابنكِ أو ابنتكِ المراهقين يعانيان من أزمة هوية المراهق، فإن الثبات في التعامل مع الموقف وإحاطة المراهق بكثير من الودّ والتفهّم والتوجيهات غير المباشرة، من شأنه إعادة الأمور لنصابها السليم. إن كانت لديكِ أي استفسارات حول طرق التعامل المثلى مع الابن الذي يعاني من أزمة هوية المراهق، فبوسعك مراسلتنا عبر موقع حلّوها.

في هذا الفيديو تشارك المدربة هيلينا الصايغ مع مجتمع حِلّوها ومتابعي موقع حِلّوها أهم التطورات التي يمر بها المراهق على مستوى تطورات الدماغ في المراهقة والتطورات الهرمونية والنفسية، وكيفية إدارة هذه التطورات والتغيرات التي تتميز بها مرحلة المراهقة، شاهد الفيديو من خلال النقر على علامة التشغيل أو من خلال الانتقال إلى حِلّوها tv عبر هذا الرابط:

المراجع