تعريف وأعراض اضطراب الهوية التفارقي وتعدد الشخصيات

هل انفصام الشخصية نفسه تعدد الشخصيات! تعرف إلى أعراض اضطراب الهوية التفارقي أو تعدد الشخصيات وطرق علاجه
تعريف وأعراض اضطراب الهوية التفارقي وتعدد الشخصيات
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

غالباً ما يتم الخلط بين اضطراب الفصام أو انفصام الشخصية وأعراض اضطراب الهوية التفارقي، وعلى الرغم أن حالة الاضطراب التفارقي أكثر ندرة من الفصام، إلّا أن معظم الناس يخلطون بين المرضين بشكل كبير بسبب الصورة النمطية لانفصام الشخصية في السينما والدراما بالدرجة الأولى، لنتعرف إلى حقيقة أعراض اضطراب الهوية التفارقي وتعدد الشخصيات والفرق بينه وبين الفصام.

اضطراب الهوية التفارقي أو تعدد الشخصيات (بالإنجليزية: Dissociative Identity Disorder) هو اضطراب عقلي نفسي ينتمي للاضطرابات الانشقاقية، يتجلى بتصرف المريض وكأنه شخصية أخرى متمايزة عن شخصيته الاعتيادية، ويعيش بشخصيتين أو أكثر، وكل شخصية تتحكم بشكل مستقل بالسلوك والتصرفات والقرارات المتخذة في أوقات معينة، أي أن كل شخصية لها طباع وتفكير وتاريخ وسمات ورأي منفصل عن الشخصية الأخرى.

ويمكن أن يترافق اضطراب الشخصية التفارقي مع فقدان في الذاكرة وفجوات في التركيز وهلوسة، كما تشمل أعراض هذا الاضطراب صداع ونوبات من الصراخ والغضب وتجارب الخروج من الجسد، ولا يكون المريض واع لتصرفات الشخصيات فيقوم بأفعال لم يعتد عليها كجرائم السرقة أو القيادة المتهورة أو القتل، ولا يتذكر أنه قام بأي من هذه الأعمال.[1]

animate

السمة الأساسية لاضطراب الشخصية التفارقية هو وجود أكثر من شخصية متمايزة للمريض إلى جانب شخصيته الأساسية، وعادةً ما تتباين شخصيات المصاب بهذا الاضطراب بشكل كبير وقد تكون من أعراق مختلفة وثقافات وطبقات اجتماعية متنوعة، ويمكن أن يعيش المريض بشخصية واحدة غير شخصيته أو أكثر، وصلت عند بعض المرضى إلى 100 شخصية متغايرة.

أهم أعراض تعدد الشخصيات واضطراب الهوية التفارقي:

  • وجود شخصية واحدة على الأقل يعيشها المريض غير شخصيته الأساسية.
  • القلق.
  • الأوهام والهيؤات.
  • الاكتئاب والتقلبات المزاجية.
  • ضعف التركيز والارتباك الإدراكي.
  • فجوات كبيرة في الذاكرة وفقدان لذكريات الشخصية الأساسية.
  • الأفكار الانتحارية أو الإقدام على إيذاء الذات.
  • تعاطي المخدرات أو الكحول.

لا يوجد اختبار محدد لاكتشاف اضطراب الهوية التفارقي، لذلك يلجأ بعض الأطباء النفسيين إلى طرح عدة أسئلة على المريض تساعد في تشخيص الحالة وتحديد نوع الاضطراب ووجوده:

  1. هل لاحظت وجود فجوات في حياتك؟ كما ذكرنا سابقاً أن المريض لا يتذكر ما تفعله شخصياته في كل الأوقات فتكون لديه ذاكرة متقطعة عن حياته اليومية وقد يلاحظ أنها مقسمة أو أن بعض أعماله قد تمت بطريقة مختلفة، كما أنهم قد يشعرون بعدم استمرارية الوعي وكل هذه أدلة على تعدد الشخصيات.
  2. هل نسيت حدثاً مهماً في حياتك؟ يترافق مع هذا الاضطراب فقدان ذاكرة يدعى فقدان الذاكرة الانفصامي ويتمثل بفقدان الذاكرة حول حدث مهم ومؤلم قد مر به الشخص كحادث سيارة أو عملية جراحية قد دخل بها إلى المستشفى أي أنه لا يملك أي فكرة عن هذا الحدث المؤلم والمجهد الذي مر به.
  3. هل نسيت أحد من أقاربك؟ في حال كانت الإجابة نعم فالشخص قد يكون مصاباً بأحد أنواع اضطراب الشخصية حيث أن الانفصال عن الوعي يولد فجوات تبعد الشخص عن الواقع وتمحي من ذكرياته بعض الأشخاص.
  4. هل وجدت نفسك تتحدث في غرفة فارغة لوحدك فجأة؟ في بعض الحالات تسيطر الهلوسة على المريض فيتخيل أحد شخصياته أمامه ويدور نقاش أو حديث بينهما فيتغيب العقل عن الوعي وفي لحظة ما يعود العقل إلى وعيه لتسيطر شخصية واحدة على المريض فيجد نفسه يتحدث كلام غير مفهوم لوحده في الغرفة أو أنه يصرخ أو يبكي بلا سبب.
  5. هل وجدت نفسك في ملابس لا تتذكر ارتدائها؟ تحدث فجوات في الذاكرة بين الشخصيات الغير متكافئة، فقد يرتدي الشخص ملابسه أو يشتري شيء ما وهو في شخصية من شخصياته الانفصامية وفي لحظة ما تتملكه شخصية أخرى لكي يتفاجأ بملابسه وبالمشتريات الجديدة دون قدرته على تذكر وقت ارتدائه أو شرائه لها.

لا نوجد أسباب حاسمة لتعدد الشخصيات واضطراب الهوية التفارقي، المرجح أن الاضطراب ينشأ عن تلازم عوامل عصبية عقلية ونفسية مع عوامل وراثية أو بيئية، ومن الأسباب المحتملة للإصابة بتعدد الشخصيات:

  1. اعتداءات في الطفولة: تتكون شخصية الإنسان أثناء مرحلة الطفولة مقتدياً بالأفكار والتجارب التي يمر بها في هذه المرحلة، فإذا تعرض الطفل إلى أي اعتداء جسدي أو لفظي أو جنسي متكرر ولأوقات طويلة فيلجأ إلى حذف هذه الذكريات من الوعي وتكوين شخصية جديدة لنسيانها فينتج عن ذلك عدة شخصيات تتملكه وتتحكم به حسب الموقف الذي يمر به وتكون هذه بداية للاضطراب.
  2. سبب وراثي: لم يؤكد هذا السبب بكونه سبباً رئيسياً لهذا الاضطراب، ولكن أغلب الحالات وجدت وتكررت ضمن العائلة الواحدة، فبعض الحالات كانت ضمن عائلة تشاركت الظروف والبيئة المحيطة وحالات أخرى ضمن عائلات عاشت في أجواء وظروف مختلفة.
  3. بيئة منزلية قاسية: في أغلب حالات مرضى اضطراب الهوية التفارقي تكون العائلة لها يد في حدوثه من ناحية ما، فيكون المريض قد عاش طفولة قاسية تعرض بها للضرب أو الأذى الجسدي من أحد والديه أو تعرض للتنمر من أحد أفراد عائلته أو عاش في جو مشحون مليء بالمشاكل الأسرية كالطلاق وحرم من الحب والحنان والاهتمام.
  4. الشهود على الكوارث: وينتشر هذا السبب عند أطفال الحروب والمجاعات فبعض الأطفال يتعرضون أقصى أشكال الاضطهاد والمعاملة القاسية والأذى الجسدي والفقر فيهرب الطفل من هذا الواقع ويصنع شخصية تناسبه ليتناسى الألم الذي يمر به.
  5. ضعف الشخصية: في حال كان الطفل ضعيف الشخصية وغير قادراً على إثبات نفسه ويعتريه شعور الخجل والخوف من كل شيء قد تسيطر عليه شخصية أخرى ليظهر نفسه بشكل آخر على أنه طفل قوي متناسياً حقيقته الضعيفة وتكبر معه هذه الشخصيات ومثل هذه النوعية من الأشخاص يكبر لديهم احتمال حدوث هذا الاضطراب.

لعلاج أي مرض نفسي يجب إدخال عدة علاجات وعدة طرق لتتكامل وتعطي نتيجة جيدة وواضحة، وفي اضطراب الهوية التفارقي سيكون الطريق طويل وشاق للوصول إلى الشفاء التام، لأنه من الصعب توحيد الشخصيات وإعادة العقل إلى الوعي وعلى الرغم من ذلك الشفاء منه ليس مستحيل، ويكون عن طريق ما يلي:

  1. العلاج بالكلام: وهو نوع من العلاج النفسي يجلس به المريض مع المعالج في بيئة سرية وآمنة ويطرح المعالج على المرض عدة أسئلة لاكتشاف ما يجول بخاطره ولمعرفه توجهات شخصياته الأخرى وسلوكها ويحاول مناقشته في مواضيع تمس تجاربه السابقة ليعرف السبب الكامن وراء شخصياته المتعددة وجذبه نحو الواقع.
  2. العلاج السلوكي المعرفي: ويعتمد على إعادة هيكلة المعتقدات والسلوكيات الخاطئة للمريض وتوضيح الأفكار الصحيحة وتعديل السلوك لأن بعض هذه المعتقدات تكون مدمرة للذات وبسببها تنشأ الشخصيات، حيث يحاول المعالج تصحيح الأفكار المغلوطة كفكرة " لا أستطع فعل ذلك" وتعديلها لتصبح " أستطيع فعل ذلك" فيؤدي ذلك إلى تقوية الشخصية الضعيفة ومحي الشخصية المصطنعة والمهيمنة.
  3. دمج الشخصيات: يسعى المعالج إلى توحيد الشخصيات الانفصامية في قالب واحد وتبديد الأفكار المشتتة والتركيز على تجميع الحقائق والمعارف في شخصية المريض وفهم كل شخصية والمسبب الرئيسي خلف ظهورها وإيجاد الحل المناسب لحذفها من كيان المريض.
  4. التنويم المغناطيسي أو الإيحائي: يتيح التنويم المغناطيسي للمعالج دخوله إلى باطن المريض والعودة إلى ذكرياته الدفينة ومواجهته بها لأنه في حالة التنويم المغناطيسي يكون العقل الباطني مسترخياً وقابلاً لاستقبال الاقتراحات فتترسخ الحلول بسهولة وبذلك يمكن للمعالج حل المشاكل القديمة التي مر بها المريض والتي تكون مسبباً رئيسياً للاضطراب.
  5. الأدوية: يمكن استخدام أدوية الاكتئاب ومضادات القلق والمهدئات لعلاج الأعراض التي ترافق هذا الاضطراب، ولكن لا يوجد دواء لحل المشكلة الأساسية إلى هذه اللحظة بل إن الأدوية تخفف من الاكتئاب والتشنجات والآثار الجانبية فقط. [4]

الحد الفاصل بين الفصام واضطراب الهوية التفارقي أرفع من الخيط، حيث أن التشابه الكبير بين كليهما يدفع العديد من الناس للخلط بينهما، لذلك في هذه الفقرة سنقدم الاختلافات الدقيقة التي تفرق بين هذين الاضطرابين:

  1. الانفصام هو انقسام الدماغ إلى حدين مختلفين يترافق مع حالة من التشويش الذهني والانفعالات وعلى خلاف اضطراب الهوية التفارقي فإن الفصام لا يعني وجود شخصيات مختلفة أو متعددة، بل يتعرض المريض إلى نوبات مفاجئة من الهلوسة فقط.
  2. تختلف أعراض كلا المرضين حيث أن أهم أعراض الفصام هي الهلوسة السمعية والبصرية رؤية أشياء غير حقيقية أو موجودة والتي تصل إلى مراحل متقدمة وخطيرة كما أن المريض يفقد قدرته على العمل بصورة صحيحة على عكس مريض اضطراب الهوية حيث يقوم بعمله بدقة ولا يهمل أي جزء في حياته ولكن العرض المميز عنده هو فقدان الذاكرة الانفصامي.
  3. من الممكن أن تكون أسباب الفصام خلل في تراكيب الدماغ الكيميائية أو كنتيجة على تعاطي المخدرات ولكن هذه الأسباب لا تؤدي لحدوث اضطراب الهوية التفارقي بل إن الذكريات المؤلمة هي المسبب الرئيسي له.
  4. يمكن علاج الفصام بالأدوية غالباً ويتفاعل المريض ويتحسن معها ولكن في حال مرضى اضطراب الهوية التفارقي فإن العلاج الدوائي لا يسهم بعلاج المرض بل إنه يخفف من الأعراض فقط.
  5. كلا المرضين يتشاركان بالخطورة حيث أن إهمالهما سيزيد من خطورة الموقف، ولكن مرضى الفصام يميلون للانتحار بنسبة أكبر بكثير من مرضى اضطراب الهوية التفارقي كما أن الحياة الاجتماعية لديهم تصبح معدومة ويتجهون للإدمان على الكحول والمخدرات. [5]

المراجع