شروط تعدد الزوجات في الإسلام وأثره على الأسرة والمجتمع

أحكام وشروط تعدد الزوجات في الإسلام وأسباب إباحة تعدد الزوجات للرجل
شروط تعدد الزوجات في الإسلام وأثره على الأسرة والمجتمع

شروط تعدد الزوجات في الإسلام وأثره على الأسرة والمجتمع

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

تعدد الزوجات يعني تزوج الرجل بأكثر من امرأة في آن واحد، ولا بعتبر تعدد الزوجات تقليداً حديثاً بل عرفته الكثير من الثقافات وأباحته ديانات كثيرة فيما حرّمته مذاهب وديانات أخرى، كما أن القوانين الوضعية لبعض الدول منعت تعدد الزواج حتى لأتباع الديانات التي تبيح تعدد الزوجات مثل الإسلام.

لم يستحدث الإسلام تعدد الزوجات فتعدد الزوجات موجود من قبل الإسلام من العادات التي كانت سائدة بين العديد من الشعوب وكانت دياناتهم وعقائدهم تبيح لهم التعدد، ولا يعرف بشكل دقيق إلى أي عصر وأي زمن تعود فكرة تعدد الزوجات، ولكن الإسلام لم يبتكر هذه المسألة حيث كان تعدد الزوجات من العادات السائدة في المجتمع العربي في ذلك الوقت وجاء الإسلام لينظم تعدد الزوجات ويضع لها سقفاً محدداً وشروطاً معقولة.
ففي بلاد مصر القديمة ذكر أن أحد الفراعنة والذي يدعى "رمسيس الثاني" كان لديه ثمان زوجات فضلاً عن عشرات الجواري، اللواتي أنجبن له مئة وخمسين ولداً وبنتاً، وكان قد عُرِفَ تعدد الزوجات في عهد أبو الأنبياء "النبي أبراهيم عليه السلام" كما جمع نبي الله يعقوب عليه السلام بين -ابنتي خالة- وزوجتين غيرهما فأنجب منهن أحد عشر ولداً من الأسباط، والنبي سليمان عليه السلام، ورسول الله محمد صلى الله علية وسلم، كلهم كان لديهم أكثر من زوجة.
ملخص الكلام أن تعدد الزوجات كان سائداً ومعروفاً بشكل كبير في شبه الجزيرة العربية وبلدان أخرى قبل الإسلام وبعده. [2]

animate

تعدد الزوجات مباح في الدين الإسلامي وهي رخصة للرجل أي أنه ليس ملزماً بالتعدد وليس عليه حرج إن يلتزم بزيجة واحدة، ويوجد الكثير من الآيات القرآنية التي جاءت بدليل على تشريع تعدد الزوجات فقد رخّص الله تعالى للمسلم أن يتزوج كحد أقصى أربع نساء، وقد ورد الدليل في سورة النساء الآية الكريمة: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ" صدق الله العظيم.
ورغم أن الإسلام أعطى الرخصة للرجل المسلم بتعدد الزوجات إلا أن الله عز وجل قد أقرن هذا الزواج بشروط أولها العدل إضافة إلى شروط الزواج المعروفة وهي الباءة، فقد ورد في سورة النساء قوله تعالى: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً".
كما يجوز للرجل الزواج من دون سبب إذا كان له قدرة على امرأة ثانية بالنفقة والمعاشرة، وذلك شريطة العدل بين زوجاته، بحيث لا يشترط في الزواج المتعدد أن يكون زواج الرجل من أجل سبب صريح يدعوه إلى تعدد الزوجات.
وبشكل عام ربط الإسلام تعدد الزوجات بفكرة العدل بينهن في الإنفاق والمعاشرة والمبيت، فهذه الأمور حقوقٌ حفظها الإسلام للزوجة سواء كانت منفردة أو في الزواج المتعدد، ويجب على المسلم أن يراعي هذه الشروط.

برر علماء الإسلام تعدد الزوجات بالعديد من المبررات التي تنقسم إلى مبررات شرعية عامّة تتعلق بتنظيم المجتمع الإسلامي، ومبررات خاصة تتعلق بعض الحالات المميزة، وأبرز هذه الأسباب أو المببرات:

  1. تنظيم التعدد في المجتمع: أول ما يبرر إباحة تعدد الزوجات في الإسلام هو تنظيم التعدد ومنع حالات التعدد المفتوحة بالعدد والشروط، فالإسلام أعطى الرخصة لمن أراد التعدد أن يكون ذلك محكوماً بشروط الباءة والقدرة، وأن يكون تعدّده شرعياً فلا تسمى نساؤه إلّا زوجاتٍ لهن حقوقٌ متساوية.
  2. عصمة الرجال من الشهوة الزائدة: فبعض الرجال قد يعانون من الشهوة الزائدة وقد لا يكتفي الرجل بامرأة واحدة، فإذا لم تعفّه امرأة واحدة فجعل الله اثنتين وإن لم تعفه الاثنتين فجعل الله له ثلاث وإذا لم تعفه ثلاث جعل له أربعة، وذلك بغية تهذيب نفوس الرجال المسلمين وعفتهم عن الحرام بالحلال عن طريق ترك للرجل الحرية بتزوج أربع نساء.
  3. تجنب وقوع الطلاق: في كثير من الحالات يكون تعدد الزوجات حلّاً لتجنب الطلاق، سواء كانت العلاقة بين الزوجين متوترة وغير مستقرة، أو كان ذلك بسبب عدم قدرة المرأة على الإنجاب أو مرضها أو غير ذلك، فتعدد الزوجات يصون حق الزوجة الأولى أو السابقة ويحافظ على الزواج قائماً.
  4. التكافل الاجتماعي: لا ينظر إلى تعدد الزوجات في الإسلام باعتباره تلبية لحاجة الرجل الجنسية فقط، بل من منظور اجتماعي شامل، فتعدد الزوجات أيضاً من أوجه التكامل الاجتماعي لكفالة اليتيم ورعاية النساء المطلقات والأرامل أو النساء اللواتي فاتهنّ وقت الزواج.
  5. الفجوة بين تعداد الرجال والنساء: يرى البعض أن من أسباب إباحة تعدد الزوجات في الإسلام الموازنة بين أعداد الرجال والنساء، ولإعفاف المرأة عن المحرمات بتزويجها من أجل أن يكون لديها رجل ينفق عليها ويعف نفسها عن الحرام ويصونها.
  6. الحاجة لإنجاب عدد أكبر من الأولاد: قال الرسول صلى الله عليه وسلم "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة " ويرى البعض أن من أهداف التعدد في الإسلام إكثار النسل وتوسيع الذرية.
  1. حدود الجمع بين الزوجات في وقتٍ واحد: لا يجوز الجمع بين أكثر من أربع زوجات في وقتٍ واحد، فالتعدد ينتهي عند اجتماع أربع زوجات على عصمة الرجل في نفس الفترة، فإن خرجت إحداهن من عصمته جاز له أن يتزوج غيرها.
  2. قدرة الرجل على الإنفاق بالعدل: فقد اشترط الإسلام على الرجل أن يكون قادراً على الإنفاق على أكثر من زوجة والعدل بينهن، فلا يجوز للرجل أن يميل لأحد نساءه دوناً عن الأخرى في الحقوق الزوجية، وإن مال لها قلبه، "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً".
  3. توفر القدرة البدنية للرجل على أكثر من زوجة: فقد اشترط الإسلام أيضاً القدرة البدنية للرجل على الجمع بين أكثر من زوجة، حيث يجب أن يعدل الرجل بين زوجاته في الفراش أيضاً، ويكون قادر على تلبية حاجات زوجاته الجنسية.
  4. لا يجوز الجمع بين أختين: نهى الإسلام عن الجمع بين أختين على ذمة الرجل، بل ونهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، من حديث أبو هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُجْمَعُ بَيْنَ المَرْأةِ وَعَمَّتِهَا، وَلا بَيْنَ المَرْأةِ وَخَالَتِهَا"
  5. تحقيق شرط العدل بين الزوجات: لقد حلل الله عز وجل للمسلم أن يتزوج بأكثر من زوجة لكن اشترط عليه شرط العدل وفسره أهل العلم بالعدل في الفراش والإنفاق والمعاملة، وقال تعالى: "وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ" وفي هذه الآية تقديرٌ لطبيعة النفس البشرية والميل القلبي الذي قد يكون عند الرجل لإحدى زوجاته دون الأخرى، وفي تتمة الآية "فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ" فلا يجوز للرجل أن يترك إحدى زوجاته معلّقةً وإن مال لغيرها من زوجاته.
    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " ويقصد ميل قلبه لإحداهن.
  6. لا يجوز الجمع بين زوجتين في السرير: من أحكام التعدد في الإسلام أن الجمع بين الزوجتين في الفراش ومعاشرتهما معاً غير جائز، واتفق أهل العلم أن التعدد لا يبيح للرجل جمع الزوجتين في العلاقة الحميمة أو معاشرة إحداهن أمام الأخرى، بل مكروهٌ أن تسمع إحداهن من أصوات جماع زوجها مع ضرتها.

فضلاً عن أن تعدد الزوجات حق من حقوق الرجل في الدين، تعود هذه المسـألة بعدة فوائد على الأسرة والمجتمع، فمن أهم هذه الفوائد ما يلي: [1]

  • المحافظة على أخلاقيات وعادات المجتمع: الزواج بشكل عام يقلل حالات الانحراف أو إشباع الرغبات بطرق غير شرعية، مما يحافظ على عادات وتقاليد المجتمع ويحسن أخلاقيات الأفراد ويبعدهم عن الوقوع بالحرام وخاصة الأزواج اللذين لديهم رغبة جنسية كبيرة.
  • تقليل ظاهرة العنوسة في المجتمع: فقد حلل الإسلام تعدد الزوجات لتخفيف ظاهرة العنوسة في المجتمع وتقليل نسبة النساء المطلقات والأرامل فيه، وذلك لأن عدد النساء يفوق عدد الرجال في بعض المجتمعات.
  • الحفاظ على نسل الرجل: فبعض النساء عقيمة لا تنجب أطفال أو تمتنع عن إنجاب الأطفال لأغراض شخصية أو مرضية ومعظم الرجال يحبون كثرة الأطفال بالفطرة، فيلجأ للزواج بامرأة أخرى بدلاً من القيام بطلاق زوجته، ويعد زيادة نسل الرجل من أهم فوائد تعدد الزوجات.
  • ضمان اجتماعي لبعض النساء: فبعض النساء بحاجة لمعيل لها وخاصة المطلقات والأرامل فيحتاجون من ينفق عليهم ويعفهم عن سؤال الناس عن حاجتهم هذه.
  • زيادة المتطلبات والمسؤوليات: زواج الرجل من امرأة ثانية أو ثالثة أو رابعة يزيد الضغوط المادية عليه وعلى الأسرة لتأمين متطلباتها ما يسبب تقليل حصة الفرد في الأسرة من الرعاية المادية والعاطفية وربما الدراسية.
  • انتشار العداء والمشاكل بين الزوجين: بعض الزوجات ترى في زواج الرجل بامرأة أخرى إهانة لكرامتها ما يجعلها عدائية تجاه زوجها، فتكثر المشاكل بينهم مما يعكر صفو الحياة الزوجية، وقد يؤدي هذا الأمر أيضاً إلى نفور الزوجين من بعضهما وممكن أن تطلب الزوجة الطلاق من زوجها، أو قد يحدث مشاكل بين الزوجتين فتصبح الحياة الزوجية كتلة من المشاكل التي تعود بالضرر على جميع الأطراف.
  • انتقال المشاكل إلى الأطفال والتأثير عليهم: لا تقتصر المشاكل التي يسببها تعدد الزوجات على الأزواج فقط بل قد تنتقل هذه المشاكل إلى الأطفال، حيث يكون لهذه المشاكل آثار نفسية وجسدية، فغالباً مع وجود المشاكل الأسرية ينشأ أطفال عدوانيين أو انطوائيين ويعانون من مشاكل صحية ونفسية، كما قد تؤثر هذه المشاكل على تحصيل الأطفال العلمي ويسبب لهم كثير من المشاكل الصحية بسبب عدم استقرار الأسرة ومشاكلها.
  • غياب الشعور بالأمان والاستقرار: المشاكل المستمرة بين أفراد الأسرة تؤدي لغياب شعور الاستقرار والأمان بين أفرادها، ما يجعل الأسرة مفككة ويجعل أفرادها معرضين للأمراض النفسية، وتعدد الزوجات يسبب هذا النوع من المشاكل بسبب كبر حجم الأسرة وعدم الاتفاق بين أفرادها والشعور بالظلم لدى بعضهم.
  • خلل وتفكك توازن المجتمع: الأسرة هي أصغر وحدة بنائية في المجتمع ومن الطبيعي عند حدوث أي خلل في هذه الوحدة أن يتأثر المجتمع بهذا الخلل وبالتالي يؤدي إلى خلل في توازن المجتمع وتفككه، ومسألة تعدد الزوجات في وقتنا الحاضر لم تعد مرغوبة بين معظم المجتمعات أو مقبولة لدى الفئة الأكبر من النساء.
  • عدم عدل الرجل بين زوجاته: غالباً ما يميل الرجل لزوجته الجديدة، وهذا الأمر يخل بأحد الشروط الأساسية في تعدد الزوجات التي فرضها الإسلام، فإن عدم عدل الزوج بين الزوجات السبب الرئيسي للمشاكل الأسرية بينه وبين زوجاته.

في هذا الفيديو الدكتور هاني الغامدي أخصائي الاستشارات الأسرية وعلم النفس يتحدث عن موقف الزوجة الأولى من زواج زوجها عليها، وكيف يمكن للزوجة الأولى أن تقيس استفادة زوجها من الرخصة الشرعية في تعدد الزوجات بما يحافظ على أسرتها ويكون فيه المصلحة لها ولأسرتها، شاهد الفيديو من خلال النقر على علامة  التشغيل، أو من خلال الانتقال إلى حلوها tv عبر هذا الرابط.

المراجع