أسباب التعاسة الزوجية وعلاج الزواج التعيس

ما هي الأسباب التي تؤدي إلى التعاسة في الحياة الزوجية؟ وما هي العوامل التي ترفع احتمال الكآبة في زواجك؟ هل حقاً.. يؤثر الزواج غير السعيد على الصحة؟
أسباب التعاسة الزوجية وعلاج الزواج التعيس

أسباب التعاسة الزوجية وعلاج الزواج التعيس

تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

من الطبيعي أن يؤثر الزواج السعيد في صحتك.. بينما الاستمرار في زواج غير سعيد له تأثيرات طويلة الأمد على صحتك العقلية والعاطفية والجسدية أيضاً، (انتبه.. هذا ليس تشجيعاً على الانفصال عن الشريك، إنه تحذير من جسدك على أن العلاقة الزوجية بحاجة للإنقاذ قبل فوات الأوان).

في البداية دعنا نتعمق في أسباب التعاسة الزوجية وما يرافقها من اكتئاب الزوجين، بالتالي ازدياد شكاوى الزوجة وتذمر الزوج وما يحمله من تأثير على الأطفال والمنزل ككل حتى في أدق التفاصيل.
 

ضغوطات الحياة تقود الزواج في طريق التعاسة
سعادة العلاقة الزوجية هو جزء ضروري للحياة الصحية والناجحة، لذا يخفي الكثير من الناس عواطفهم ومشاعرهم المؤلمة ويخشون أن يُكشف أنهم يعيشون حياة زوجية غير سعيدة.
مع ذلك لا يمكن معرفة فيما إذا كان الزواج سعيداً أم كئيباً وتعيساً إلا من خلال مؤشرات عديدة وتفاصيل (تحدثنا عنها في مقال سابق) تلاحظها لديك أو لدى الشريك، لكن ما هي الأسباب والضغوطات الحياتية اليومية التي تسبب تعاسة الزوجين؟ إنها تتلخص بالتالي:

أولاً: الاستهتار بالعلاقة الزوجية وسوء الفهم بين الشريكين يسبب التعاسة:
يتطلب بناء علاقة زوجية متوازنة جهوداً كبيرة من كلا طرفيها، والسبب الرئيسي في جعل زواج غير سعيد؛ عدم قبولك لشريك حياتك كما هو/ هي بل تحاول تغيره بما يتوافق مع شخصيتك ونمط حياتك، والتوافق في العلاقة ليس وصفة جاهزة بل هي عملية تتطور باستمرار، فلا بد أن تتكيف مع الحياة الزوجية على هذا الأساس لا يمكن أن تعتبر نفسك محور الكون، كما أن سوء الفهم في القضايا والتفاصيل الصغيرة يتحول إلى مشكلات كبيرة قد تقود إلى الطلاق.

ثانياً: عدم وجود الاهتمام بين الزوجين:
لطالما شكل الاهتمام بين شخصين متحابين؛ عنصراً أساسياً في رومانسية علاقتهما والحميمية والألفة (Intimacy) التي تنمو وتكبر مع الأيام، بالتالي الافتقار للاهتمام بين الزوجين يسبب مع الأيام تعاسة الزواج.

ثالثاً: ارتكاب الخيانة الزوجية:
إنها من أفظع أخطاء المتزوجين؛ سبب واضح يقود إلى زواج غير سعيد، إذ أنك لن تثق بشريكك بعد الآن، حتى ولو سامحته على خيانة زواجكما.
الصدق هو أحد العوامل التي ترسم مستقبلكما معاً، فمن واجب كِلا الزوجين الحفاظ على الجدارة بالثقة والصدق لبعضها البعض، إذا بدأت أنت أو شريكك في فقدان الثقة بالآخر، فمن المؤكد أن ذلك سيؤدي إلى حياة زواج غير سعيدة. 

رابعاً: رفع التوقعات حول الحياة الزوجية وشريك الحياة:
"لا ترفع آمالك عالياً".. لئلا تصدمك واقعية الحياة بعد الزواج فتتحول توقعاتك لسبب كآبة وحزن وتعاسة، حيث تكون لديك توقعات كبيرة قبل الزواج وتبدأ بوضع الخطط على أساسها؛ طبعاً لا مشكلة في وجود التوقعات والآمال والخطط، لكن لا يمكنك أن تفصّل الشريك على مقاس ما يرسم عقلك، لا يجوز أن تستهتر به كما ذكرنا في بداية الحديث عن أسباب التعاسة في الحياة الزوجية.

خامساً: تدخل الأهل في عملية اتخاذ القرارات:
ينبغي أن تبقى القرارات الخاصة بين الزوجين فقط ولا ينبغي وضعها في إطار القرارات العائلية مع أهل الزوجين مثل: إنجاب الأطفال أو قرار شراء منزل؛ هذه الأمور تعمّق سوء الفهم بين الشريكين وتظهرهما في صورة أنهما غير متفقين ويبدأ أهلهما بالتدخل في أبسط المسائل مما يزيد الفجوة بين الشريكين، بالتالي يشكل سبباً من أسباب عدم الرضا في الحياة الزوجية. 

سادساً: التعنّت واتخاذ المواقف المسبقة:
لأن أحد الشريكين لا يفهم الآخر فإنه قد يتخذ منه موقفاً متعنتاً، مما يسبب ازدياد الفجوة بينهما وفقدان تقبلهما للحوار أو محاولة الوصول إلى صيغة ليعبّر كل منهما عن شخصيته وطبيعته أمام الشريك بكامل الحرية، وغالباً ما يظهر هذا السبب لتعاسة الزوجين عند بداية الحياة الزوجية، فلا بد من إيجاد حلّ لمشكلة التعنّت واتخاذ موقف دون أن تفهم الشريك، فإنه ربما يحتاج لمساحة ووقت خاص به ليأتي إليك بعد ذلك ويتحدث بأريحية كاملة عما كان يزعجه.  

سابعاً: الملل في الحياة الزوجية:
إنه من أكثر الأسباب التي يمكن أن تنتج زواجاً غير سعيد ويبدو الملل في الكثير من تصرفات الشريك، وعلى الآخر أن ينتبه جيداً لعلامات هذا الملل بل من مسؤوليات أن يهتم ويسأل لمحاولة إيجاد الحل قبل تفاقم المشكلة، ومن أهم العلامات على ملل الشريك:

  • لا أحاديث في السرير قبل الخلود إلى النوم.
  • العلاقة الجنسية باتت روتينية، أو أن أحد الشريكين يسعى لإشباع رغبته فقط.
  • عدم الاهتمام بلفت نظر الشريك وإثارة رغبته الجنسية من خلال الثياب مثلاً.
  • فتور اللهفة والمشاعر، على الرغم من وجود الحب بين الشريكين.
  • اختفاء الجدال والمشاحنة بين الشريكين.
  • تفضيل التفاصيل المملة (كمشاهدة التلفاز) على التحادث أو الخروج من المنزل معاً.
  • التحمس لقضاء الوقت مع الأصدقاء والأهل أكثر من الشريك.
  • نسيان تفاصيل فترة الخطوبة والتعارف.
  • نسيان المناسبات الخاصة بين الشريكين مثل: ذكرى الزواج وعيد الميلاد.
  • أخيراً... انجذاب الزوجة إلى رجال آخرين والزوج إلى نساء أخريات، وهذا ردّ فعل طبيعي على حالة الملل التي يعيشانها.
     
animate

مؤشرات تعني أن الكآبة تسكن الحياة الزوجية
هناك علامات تسبب الكآبة في الحياة الزوجية؛ حالة مزاجية غاضبة تترافق مع الثقل والتعب وعدم اهتمامك بالأنشطة التي كنت تستمتع بها عادة، كما أن الاكتئاب يتسبب في أفكار سلبية عن نفسك والآخرين والمستقبل، فإذا كنت غير سعيد في زواجك.. فانتبه قد تكون لديك أو لدى الشريك واحدة أو أكثر من هذه التصرفات والعلامات التي يمكن أن تولد الاكتئاب؟

أولاً: لديك شعور بأن الشريك هو المسيطر والمهيمن في علاقتكما:
يمكن أن يظهر الاكتئاب عندما تشعر بأنك أقل مكانة وقوة من شريكك، ولا نستطيع قياس مستوى الهيمنة والسيطرة بضرورة خلق حالة الاكتئاب، فالحالة التي تحدث في الحياة الزوجية ليست كما هيمنة الوالدين على تربية أطفالهم خوفاً عليهم ولرعايتهم أو كما أصحاب العمل في سيطرتهم على الموظفين؛ في علاقات الحب بين شخصين راشدين فإن السيطرة والقوة المشتركة هي الأكثر صحة من اختلال التوازن والهيمنة من الأعلى إلى الأسفل والتي تسبب كآبة الطرف المهَيمن عليه وقد لا تكون مريحة بالضرورة للطرف المهيمن.

ثانياً: لديك شعور بأنك مُنتقَد بشكل دائم: 
إن عبارات مثل: "لقد اكتسبتِ وزناً خلال هذه العطلة".. "لا أحب تصفيف شعركِ بهذه الطريقة".. "لا أحب هذه السترة عليك أبداً"... الخ؛ هذه الانتقادات بطريقتها المُحبِطة هي المشكلة وليست ردود الفعل، التي تتيح لك التفكير وبطريقة لطيفة بأن الشريك يقصد: "إن جسدك يبدو مثيراً لأنه اكتسب بعض الصحة وهو ما يثير غيرتي".. "تصفيف شعركِ هكذا سيجذب نظر الرجال إليكِ".. "هذه السترة تبدو جميلة عليك وستجعل النساء الأخريات يحسدونني".. وهكذا، لكن الانتقاد بطريقة مُحبِطة كما قلنا وبنبرة صوت قاطعة هو ما يسبب المشكلة بالتالي الاكتئاب.

ثالثاً: الشريك يملي عليك ما يجب فعله وما لا يجب:
التسلط يسبب الإحباط حتى لو كان بطريقة لطيفة مثل قولكِ: "انهض.. وقلّم أزهار الحديقة.. حبيبي" أو.. قول الزوج "احضري الأولاد من المدرسة سأتأخر في عملي عزيزتي"، إذ يمكن أن تسبب هذه الطريقة الكآبة لدى الشريك ويشعر بأنه غير مستقل في قراراته ووقته.
إن إخبار شريكك بما يجب القيام به ينقل إليه شعوراً يوحي بأنك أنت السيد في المنزل وعليه أن يتبع أوامرك في أداء واجباته، بالمقابل بإمكانك أن تسأله أي طلب تريده بطريقة تتيح له أن يجبك بنعم أو لا أستطيع مثل: "هل بإمكانك أن تحضري لي كوباً من الماء؟" .. "عزيزي.. هل يمكنك تقليم أزهار الحديقة بعد أن تنتهي من مشاهدة الأخبار؟".. الخ.

رابعاً: شريكك يحاول السيطرة على شؤونك الشخصية:
سواء محاولة السيطرة على ما يمكنك القيام به في وقتك الخاص أو دخلك المالي أو خياراتك في الصداقة و عدد مرّات زيارتك لعائلتك، تستدعي كل هذه السلوكيات في المحصلة مشاعر الاكتئاب لديك، فتشعر بالغضب لأن شريكك يحاول فرض سيطرته عليك بدلا من الاهتمام بشؤونه الخاصة.
وتذكر: أن الاكتئاب هو اضطراب في السلطة، عندما يسلبك شريكك القدرة على اتخاذ قراراتك الشخصية أو على الأقل المساهمة في اتخاذ قرارات مشتركة، فمن المرجح أن يقع الاكتئاب في حياتك الزوجية.

خامساً: شريكك دائماً يكون على حق:
من الجيد أن يكون أحد أفراد الأسرة على حق، طالما لا يردد وباستمرار أنه على حق دائماً، فإذا كان شريكك على صواب؛ يعني أنه لا يوجد أي قدرة لديه على الاعتراف بالأخطاء وهذه مشكلة، كما أنه إذا كان شريكك على حق دائماً؛ يعني أنك على خطأ بشكل دائم أيضاً، لذا انتبه ستكون مكتئباً.

سادساً: شريك حياتك يضعك أمام خيار إما العيش بطريقته أو الرحيل:
الإصغاء هو دليل المحبة في العلاقات الصحية، حيث يمكنكما الاعتماد على آراء بعضكما البعض للاهتمام بحياتكما الزوجية، فمن أبسط الأمور خياراتك لوجبة العشاء حتى أكثرها أهمية مثل اختيار مكان العيش إذ لم تجد آذاناً صاغية لدى الشريك؛ هذا خطر ويسبب لك شعورَ العجز والكآبة.

سابعاً:  شريكك شخص كئيب:
الاكتئاب معدي.. وعندما يكون شريكك مكتئباً، فإنه يميل إلى رؤية العالم من حوله (بما فيه أنت) من خلال نظارات سوداء؛ إذا تبنيّت وجهة نظر شريكك هذه، فسوف تنزلق عواطفك حتماً نحو حضيض الكآبة.

ثامناً: شريكك سريع الانفعال:
الانفعال هو درجة أقل كثافة عن الغضب، بالتالي ينشر الطاقة السلبية السامة التي تحفز الاكتئاب لتلقّي الغضب القادم، إنه شعور مزعج ومضرّ بالمحيطين وبالشخص المنفعل على حدّ سواء.

تاسعاً: شريكك شخص مسيء:
السيطرة من قبل طرف واحد في العلاقة الزوجية هي نوع من الإساءة العاطفية، فضلاً عن الإساءة البدنية مثل دفع الشريك بعيداً أو رمي وتحطيم الأشياء وضربها، كل هذه الأشكال من سوء المعاملة لا تتوافق مع الحب وهي دافع للإيذاء، بالتالي شكل من أشكال توليد حالة الاكتئاب لديك؛ الأمر بسيط الإساءات تقتل كل أشكال التقدير والحنو والرعاية التي تزيد المشاعر الطيبة.

عاشراً: شريكك لا يفهم مبدأ الشراكة:
الشريك الذي يأخذ دوره في الحياة الزوجية تصبح الحياة معه ممتعة مثلاً: يقوم بتفقد الثلاجة كل صباح أو يسألك ما الذي ينقص المنزل حتى يحضره في طريق العودة من العمل أو يقوم بمساعدتك في رتيب المنزل عندما يتصل ضيف قادم فجأة للزيارة.. الخ.
على النقيض من ذلك هو الشريك الذي لا يقوم بدوره يشكل استفزازاً سلبياً لمشاعر الغضب والاكتئاب لديك ويجعل حياتك الزوجية عبئاً عليك؛ لأنك لم ترتبط بشخص مسؤول ويحترم هذه الشراكة من أبسط الأمور إلى أعقدها.
 

تأثير الزواج غير السعيد على الصحة
هل يؤثر الزواج على الصحة؟ نعم بالتأكيد وله العديد من المنافع على الشريكين مقارنة بالأشخاص غير المتزوجين وفق ما أثبت العلم، لذلك فإن تراكم المشكلات الصحية التي تخلّفها الحياة غير السعيدة في الزواج؛ يرتبط بارتفاع نسبة الأمراض ومخاطر الوفاة كما أثبتت دراسة حول تأثير التناغم بين الزوجين على صحة القلب ودور النزاع بين الأزواج في زيادة أمراض القلب، 
كما تُظهر الأبحاث باستمرار أن الأشخاص المتزوجين بسعادة لديهم مستويات أقل للإصابة بمرض القلب التاجي (القاتل رقم واحد في العالم).

إلا أن هذه البحوث تتحدث بمنطقية حول علاقة الحياة الزوجية بأمراض القلب وتناقش بإسهاب كيف يمكن أن يساهم الشجار المتواصل في تعميق المشاكل الصحية، التي قد تكون موجودة في الأصل لدى أحد الزوجين أو كليهما، كذلك تناقش أهمية الابتعاد عن القلق والتوتر فضلاً عن دور النوم وقضاء أوقات العطلات والراحة في مزاج جيد.

لذلك لا تخشَ أن تسبب لك مشكلة واحدة أو شجار  واحد أزمة لقلبك، فحاول أن تجعل من حياتك الزوجية مؤسسة قائمة على التفاهم والمحبة قدر الإمكان ثم أننا لا يمكن أن نصل إلى المثالية؛ عندها ستمّل الرتابة والروتين، ألا يُقال باللهجة المحكية :"القتال ملح الحياة".

يؤثر الزواج التعيس على صحة الرجل أكثر من المرأة!
العلاقة غير المستقرة تسبب ارتفاع ضغط الدم ونسبة الكولسترول السيئ والوزن أيضاً، خاصة بالنسبة للرجال في العلاقات الزوجية غير السعيدة مقارنة بتلك العلاقات المستقرة التي تكون جيدة لصحة الرجال وتؤثر في ارتفاع متوسط أعمارهم المتوقع.
بينما لا تتأثر النساء إلى هذا الحدّ بالتعاسة الزوجية لأنهن أقدر على الحديث عن المشاكل كما يستطعن شغل أنفسهن عن حياتهن الزوجية المتدهورة من خلال الاهتمام والمسؤوليات اتجاه الأولاد والأهل والأصدقاء.
إلا أننا بعد أن وصلنا في موضوعنا إلى خواتمه صارت لدينا قناعة بأن التعاسة والزواج غير السعيد يؤثر على صحة الرجل والمرأة كليهما، ثم أن الموضوع يحتاج للمزيد من الدراسات والبحوث السريرية الدقيقة، ويحتاج أكثر ما يحتاج للحديث عن مشكل الحياة الزوجية العميقة بصراحة وبدون إغفال وجهة نظر الطرف الآخر، هذا ما نفعله معاً من خلال موقعنا.

في النهاية.. قد تؤدي الزيجات غير السعيدة إلى تغييرات يمكن أن يكون لها تأثير دائم على صحة الشخص النفسية والجسدية.. لذلك فإن تقديم المشورة للأزواج ذوي العلاقات المتدهورة قد يكون له فوائد إضافية على الصحة الجسدية كما هي الفوائد من الناحية النفسية، على الرغم من أنه في بعض الحالات يكون إنهاء العلاقة هو أفضل حلّ ونتيجة.